كلام الناس
*لم أصدق عيناي حين لمحت كتاب الروائي السوداني عبد العزيز بركة ساكن "مسيح دارفور" في صالة قاعة الصداقة عندما ذهبت لحضور حفل تكريم "البلابل".
*هذه ليست المرة الاولى التي أقرأ له فيها.قرأت له أول ما قرأت" الجنقو مسامير الارض" عندما كنت في استراليا،لكن قرأتها من النت،أما"مخيلة الخندريس" فقد قرأتها مطبوعة، تشدني في كتاباته واقعيته وهو يتناول أوضاع المسحوقين برومانسية وجرأة مشوقة.
*قراءتي لهذه المؤلفات ليست بغرض النقد الادبي، أتوقف فقط عند بعض المشاهد الانسانية التي يجسدها قلم عبد العزيز بركة ساكن ضمن السرد الواقعي، بغض النظر عن الأسماء والأماكن.
*في روايته "مسيح دارفور" يشخص بركة ساكن أزمة دارفور التي ما زالت تتفاقم حتي وسط الذين أُُستغلوا من قبل لزرع الفتنة وسط أهل دارفورالذين كانوا يعيشون في أمن وسلام قبل ان تفتنهم التصنيفات المصطنعة بين "عرب وزرقة"!!!.
*أتوقف في هذه الرواية عند قرية خربتي الجبل عندما جاءها بعض شيوخ الأعراب وطلبوا من اهل كىالقرية السماح لهم باستقطاع جزء من اراضيهم للزراعة،وبعد التشاور مع أعيان القرية وافقوا، وجاء شيوخ بني حسن وذبحوا الكثير من الإبل وأدوا القسم على حسن الجوار.
*كي يثبت شيخ بني حسن حُسن النية،وكانت في صحبته إبنته الصغرى وعشرةأخريات من بنات العمد والمشايخ، طلب تزويجهن في الحال لأعيان خربتي، وبالمقابل قام اهالي خربتي بتعيين إثنتي عشرة فتاة من بناتهم وتزويجهن لأعيان بني حسن.
*بعد عشرين عاماً من هذه المصاهرة الجماعية أتى" نفر" للذين هم من أصلاب بني حسن ليحدثوهم عن مخاطر"الزرقة"عليهم!!،التبس الأمر عليهم لأن كل المواصفات التي للزرقة تنطبق على كل فرد من افرادهم.
*لا داعي لوجعكم بالذي حدث بعد ذلك لأنه معروف لديكم، وما النزاعات التي مازالت قائمة في دارفور الا امتداد لما حدث في قرية خربتي،وحتي ما حدث ويحدث حول ابيي لايخرج من تداعيات هذه الفتن القبلية.
*أنتقل الى خاتمة "مسيح دارفور" لأقرأ معكم : لم يقل عيسى أنه نبي أو رسول أوأن احداً بعثه بمهمة ما،أو أنه قام بابتعاث نفسه.. وعندما شكا البعض من ظلمة المكان قال لهم : لاتتضجروا من الظلام، بل أضيئوا المكان، ومن أقواله أيضا:ان الكلمة هي أن تعي الواقع وتعيشه ولا تنفصل عنه وتعمل من أجل الأحياء والأشياء.
*الموكب الي بشر به مسيح دارفور في الرواية هو السلام الذي عندما يمر على الأراضي المحروقة تنهض البيوت من رمادها،تتطهر ابارها من السم،تنموا الأشجار التي قطعت، الاواني المهشمة تقوم من حطامها، تصير كما كانت،الماشية والطيور،والأرانب البرية، المدارس، الحدائق، الجوامع، الشوارع، الصحاب، كل شئ يعود كما كان.
*ربنا يحقق السلام في كل ربوع السودان ويسترد عافيته الديمقراطية والإنسانية ويعود كما كان وطناً للجميع يعيش تتحقق فيه تطلعات السودانيين المشروعة في حياة حرة كريمة بعيداً عن الظلم والقهر والوصاية والهيمنة الاحادية.
//////////////////