سلام علي الشهداء ومجدا للوطن

 


 

محمد بدوي
18 May, 2019

 

 

كتائب الظل أو " كتائب البارود " تُعد امتدادا لسيرة الموت التي شكلت ملمح علاقة الإسلاميين السودانيين والسلطة في السودان, صفحتيّ الإهداء والخاتمة تشاركتا لفظة الهدر الإنساني باستهداف فئة الشباب, فشكّلوا قوام المقاتلين في الحرب الأهلية بالجنوب بعد تعميدها سياسيا " بالجهاد " مما قاد إلي استعار وتأجيج لعلعة الرصاص، فسقط الشباب من الجانبين داخل حدود المليون ميل " سابقا ", إمتد الحال لحملات التجنيد في الشوارع العامة ليرغموهم علي قتال يرفضونه ضميراً. طائرات الأنتوف تحمل آخرين على حين غرةٍ إلي المطار الحربي لتشرق الشمس وعجلاتها تُلامس مدرج الهبوط بمطار جوبا، فتسربت أحلام كثيرين باللحاق بالدراسة الجامعية. منسقيات الخدمة الإلزامية تخلف الدفاع الشعبي وليستمر الدفع قسراً للقتال فيفجع الوطن بأحداث معسكر العيلفون الذي بكت المآقي ضحاياه الذين لم يترك لهم خيار بين الموت بالرصاص أو الغرق. الدبابين ومقاتلو الميل أربعين جُلهم جمع بينهم عمر الشباب وصدق المحمول. قتلة قرانفيل والمقبوض عليهم في خلية الدندر والذين التحقوا بالمجموعات المتطرفة في الصومال هل بينهم من بلغ العقد الرابع ؟

عبر مطار الخرطوم يخرج طلاب جامعيون وحديثو التخرج حفزتهم التعبئة التي صاحبت المشروع الحضاري الذي تحطمت مجاديفه في محيط صراعات السلطة ونهب الموارد، فتوقفوا بمطارات دبي وإستانبول في رحلة البحث عن ما فشل فيه أخوان السودان لينضموا إلي تنظيمات الدولة الإسلامية بالعراق وسوريا وأخيراً ليبيا. أغلب سيرهم تُشير إلي إقتراب إكمال دراستهم الجامعية فأغلبهم كان يدرس في كليات علمية ليفقد الوطن جيشاً من الأطباء وأطباء المختبرات والصيادلة وغيرهم، فقبرت أحلام وُولد أطفالٌ عمّدهم اليتم بقتل ذويهم في بلاد أجنبية وبفعل غاراتٍ لم تمهل، ودون أن تحظي بدفن يليق بالموت أو أن تحظى مدافنهم بمعرفة أماكنها فالشواهد لها في الذاكرة مقام و مزار.

فئة الشباب أيضاً يلتحقون بالحركات المسلحة المعارضة حين اشتعلت القري حرقاً وطائرات الأنتوف لا تقصف عدوا خارجياً لكن قري شيدت من أعواد الدخن, الإغتصاب للنساء والقتل للرجال والشباب, والنزوح واللجوء للجميع, قلت الخيارات فسارع من يستطيعون الفرار من المحارق إلى البحث عن سبب كل ذاك الموت المجاني. إلتصقت بهم لفظة جنا جيش وهم يحمون أوجههم من الهجير والغبار بالكدمول علي ظهر سيارات الدفع الرباعي, آخرين عبروا الحدود بحثاً عن لجوء آمن فوصلوا إلي حدود دولة تشاد في أول رحلة عكسية في سلطنة الفور التي كان أهل تلك البلاد يتجهون نحوها في رحلات يممت وجهها شكر أداء فريضة الحج, الإستهداف علي العنصر والإخضاع للإعتقال والتعذيب والموت داخل مراكز الإعتقال ضيق الوطن علي الشباب ممن جمع بينهم العنصر والحركات المسلحة في سيناريو يُمكن وصفه " بالعقاب الجماعي " بل شمل ذلك الطلاب الجامعيين سواء ممن تحت إنتماء للحركات أو الأحزاب المعارضة، فتعددت خطط الإستهداف فمن لم يُعتقل تناوبته المليشيات الطلابية للموت ضرباً أو طعناً أو رمياً برصاصٍ مغدور.

ثلاثون عاما كدس قادة التنظيم مقابل كل ما حواه باطن الأرض السودانية من بترول وذهب وموارد. استحوذوا علي كل مصادره بل إختلسوا دون خشية المساعدات والقروض. حتي يُخال إليك أن الرئيس المخلوع كان ينام علي فرش من الدولارات ويتوسد اليورو ويتغطي بالريال السعودي والشارع يشهد الموت بأشكالٍ مختلفة. حين ارتفعت وتيرة الإحتجاجات مستندة علي السلمية وممارسة التعبير استهدف الرصاص في قنص غادر الشباب كقوامٍ غالبٍ إنه تكرار لسيناريو لما ظل يحدث في إقليم دارفور بشكلٍ مكرر منذ 2004 وما حدث في سبتمبر 2013 ، فسطر التاريخ إرتقاء أرواحٍ إلي بارئها كإمتداد لمسيرة صدق فئة الشباب الذين بادلهم الاسلاميون حسن الظن بالقتل.
كان العشم بعد صعود المجلس العسكري الإنتقالي أن يعتزل الرصاص الإستهداف، لكن رغم ذلك جاء الوجع يُقالد القلب المنهك الذي يلتقط أنفاسه ليشعل الفرح إنتصاراً بزوال النظام الفاسد ليسقط شهداء الإعتصام ولولا تصدي بعض ضباط وضباط صف وجنود الجيش لكان الحال قد مضي إلي ما أمر به الرئيس المخلوع بفض الإعتصام وإن بلغ الضحايا ثلث سكان السودان، فليس للإنسان تكريم في فلسفة الإسلام السياسي فهي للسلطة والجاه.

إنها المتاريس التي وقفت إلي جانب الجيش لحماية الأرواح، إنها المتاريس التي حمت من الغدر والبارود.

وجع القلب وسلطة العسكر صنوان ... هذا ما يمكن أن يلخص خطاب رئيس المجلس العسكري في 15 مايو 2019م. والموت للشباب هو اهداء الاسلامين حين صعودهم وإجبارهم علي التنحي.
السلام عليك يا وطني.
الرحمة لشهداء وطني.
الخلود لل يا وطني.
و الخلاص لك وطني .
و السلام و الصبر لأمهات الشهداء... لأمهاتي.. لإخواتي وإخواني وسائر بني وطني.


badawi0050@gmail.com

 

آراء