إن للأخطبوط الطائفي ثلاثة أرجل (وستة طواقي يسئل عنها) ظل يتمدد بها دوما ويتحرك دونما كلل أو ملل في محاولة لإعاقة الحراك الثوري. هو الكادر السِّري الإخواني الذي تعمّد تدمير الحزب الطائفي الكبير الذي اجتمعت لديه يوماً خيوط المشهد السياسي، هو القرين العسكري الذي كان من وراء كل الانقلابات، سلم سلطته طواعية دون أدنى مقاومة مما يثير تهمة التواطؤ لأنه شعر بأنّ الديمقراطية الدينية وصلت إلى حدودها المنطقية، أو اعتقد في قرارة نفسه بأن الترابي قادر على دحر اليسار والتصدي لقوى الريف السوداني الصاعدة، الأمر الذي لم يكن يجرؤ على فعله. فالترابي رغم خبثه كان شجاعاً وجريئاً وقد عرف بدهائه منذ فترة غير قريبة بؤس هذا "الفتى الطائفي" وقلة حيلته رغم تمظهره بالبسالة والدهاء.
لا تنسى الرِجْل الثالثة للأخطبوط بعد كونه كادر سري وقرين عسكري فهو الأب الروحي للجانجويد لأنه أوّل من سير المراحيل وقد أعانه في ذلك برمة ناصر، فاستخدم المواطنين وأبناء المنطقة الواحدة بعضهم ضد بعض لدحر "قوى الشرك والألحاد" في حرب الجنوب، ولما قامت حرب دارفور لم يبد تعاطفاً مع أرحامه وأتباعه الذين لم يدخروا جهداً في دعمه شخصياً ودعم أسرته تاريخياً.
لا يفوت علي القارئ أنه استخدم الكيانات تلك في منازعاته الوهمية مع نخب المركز وتمثيلياته الدينية (الهجرة الأولى الى الحبشة والثانية الي ليبيا) التي ما إن اكتشفها الأتباع حتى تجاوزه وعتوا على سلطته في السمسرة.
لقد فعل الكهنوت كل ذلك بدوافع عديدة منها:
الأوهام الأيديولوجية التي جعلته في تنافس دائم مع الترابي، وقد دفع السودان ثمناً غالياً لهذه المنافسة غير المجيدة وغير المثمرة فكرياً أو روحياً؛ النرجسية التي جعلته يغلب مصلحته المادية والشخصية في كل شيء على مصلحة الوطن؛ النجومية التي جعلته يطلق مبادرات وهمية ذات توقيتات هلامية كي لا ينخفض بريقه ولا يتصورنّ أحد أن هناك من بإمكانه أن يحل محله كمبعوث للعناية الإلهية. باختصار نحن أمام حالة مرضية، تحديداً انفصام الشخصية، وجب إهمالها أو وضعها تحت الإقامة الجبرية.
هو يحثنا كشعب على التعقل بعني التمهل في محاولة لتصنُّع الحكمة، ويدعونا كي نحسن الظن بالعصابة الإجرامية علماً بأنها لم تسع لدفع مستحقات ومطلوبات المرحلة المعنوية، ولم تتصرف منذ مجيئها بما يوحي بأن لديها دوافع وطنية أو همّة حضارية تلهمها الالتزام بمفهوم المؤسسية: هذا تحالف بين مجموعة إسلاموية اختطفت منصة الجماعة الأصل ومجموعات قبلية ليس لديها أي جذور تاريخية أو أواصر اجتماعية مع القبيلة الأصل ومجموعة انتهازية تشكلت من مناحي حزبية ومؤسسية شتي.
إن مجلساً لا يحترم الحريات المدنية، يحظر إقامة الندوات ويمنع سبل التواصل الأثيري لن تحكمه أو تضبطه مراسيم دستورية.
هؤلاء لا يرون أن الشعب السوداني يستحق أي إجلال أو إكرام ولذا فقد رأوا أن مستحقاته ومدفوعاته لا تتعد إذلاله الذي شمل ضرب الرجال بالسياط، عفصهم بالسيارات، التحرش بالموظفات، قتل وسحل وخرق واغتصاب ورمي للجثث في الأنهر والمستنقعات.
أخيراً، لابد من التصعيد والذي اختارته العصابة الإجرامية بنفسها جراء صلفها وتجبرها وإنكارها للحقوق فنزالهم وجمع الحشود لمواجهتم مدنياً وميدانياً يوم ٣٠ يونيو واجب وطني وفعل بطولي لا يقوم الحق الا به، وليكن السودانيون على ثقة بأن الله لن يجمع عليهم حُزْنَين (قتل ذويهم وضياع مراميهم)، وسيعوضهم بإذنه الفرحة فرحتين:
فرحة الأضحى وفرحة التخلص من رموز الرجعية والامبريالية الاسلامية، هذه المرة الي الأبد!