شويه سيكولوجي (9)

 


 

 


فراق الحبايب .. الفصام
الشيزوفرانيا (Schizophrenia) السكيزوفرنيا
من نعم الله عز وجل على عباده أنه ومنذ بدء الخليقة قد أوجد علاقة حب وتعاطف وتآزر ما بين العقل Reason والعاطفة Affect ، وإلى الآن ما زالا يحبان بعضهما البعض حباً شديداً رغم التشاكس أحياناً ، يعني بس مهند وهناية ديك .. وقد أصبح هذا الحب عنواناً ومعياراُ لاتزان وتوازن واتساق الشخصية الإنسانية. العقل مسؤول عن أخذ المعلومات الواردة من مختلف الأعضاء الحسية وتصنيفها وتحليلها ، واتخاذ القرارات ، ومن ثم تخزينها لاستعادتها مرة أخرى حين الحاجة إليها ، وأحياناً يتناساها عمداً .. المشكلة هنا إنو العقل سمته الأساسية هي الجفاف .. ناشف شديد ياخي ، وما بعرف إلا واحد زائد واحد يساوى اثنين .. من غيرو ما نسواش حاجة ، لكن لو حياتنا بقت عليهو براهو حتبقى ناشفة نشاف الجن .. أما صديقتنا "العاطفة" فهذه تحمل في داخلها كمية لا نهائية من المتناقضات : الفرح والحزن ؛ الحنية والتشدد ؛ الاهتمام والتجاهل ؛ التقبل والرفض ؛ الرقة والقسوة .. وتطول القائمة .. وأيضاً إذا تركت حياتنا لها وحدها فإن من صفاتها القابلية للجموح وانفلات العيار ، وبالتالي تتحول الحياة إلى سلسلة من الزوابع والعواصف .. لذلك ، يصبح التعاون والتوازن ما بين هذين النظامين لازماً لاتزان واعتدال الشخصية .. العاطفة تخفف من غلواء العقل وجفافه ، والعقل يخفف من جموح العاطفة وانفلاتها .. يعني باختصار كده العقل للتدبر والتقرير ، والعاطفة لإضافة حبيبات السكر أو الملح ؛ حسب الموضوع ، ليصبح القرار طاعماً .. وطبعاً ما ننسي أن هذا التوزان تختلف درجته من شخص لآخر .. بعض يميل تجاه العقل أكثر ، وبعض أكثر عاطفية (الفروق الفردية).
وتأتي بنا كل هذه المقدمة الطويلة إلى موضوعنا وهو اضطراب فصام الشخصية أو الشيزوفرانيا ، والذي من أهم وأظهر سماته تأرجح أو إختلال العلاقة أو الطلاق أو الانفصال ما بين العقل والعاطفة.
والشيزوفرانيا اضطراب عقلي مزمن يشوه الحقيقة والواقع المحيط ، وتصاحبه غالبا الهلاوس والضلالات Delusions and Hallucinations. وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة ، إلا أن عدد المصابين به في العالم يقدر بما يساوى 1% .. ويصيب الرجال والنساء ، وفي الغالب تظهر أعراضه لدى الذكور في نهايات المراهقة وبدايات العشرينيات ، بينما تظهر الأعراض لدى الإناث في نهايات العشرينيات وبدايات الثلاثينيات.
وفيما يتعلق بأعراض هذا الاضطراب ، فإنها تقسم إلى : أعراض إيجابية وأعراض سلبية. وتشمل الأعراض الإيجابية (وما تغشك حكاية إيجابية دي) الهلاوس والضلالات ، وتشتت ولخبطة الأفكار ، واضطراب حركة الجسم. أما ما يشار إليها بالأعراض السلبية فإنها تؤثر سلباً على مشاعر وسلوكيات وقدرات الفرد .. وتشمل عدم انتظام عمليتي التفكير والكلام واستخدام كلمات لا معنى لها Nonsense Syllables ؛ عدم القدرة على السيطرة على الانفعالات ؛ استجابات سلوكية او عاطفية لا تتناسب مع مواقفها ؛ فقدان الاهتمام او الاستمتاع بالحياة ؛ عدم القدرة على الشعور بالسرور والفرح ؛ عدم القدرة على التخطيط وإكمال الأعمال اليومية العادية ؛ والـتأثر السلبي لكل ما يندرج تحت القدرات المعرفية. وبالنسبة لأسباب الشيزوفرانيا ، فيعتقد أنها بيولوجية (أظهرت بعض الدراسات التي استخدمت الاشعة المقطعية CT Scans اختلالات في كيمياء المخ وشذوذ بعض المكونات التركيبية للمخ Abnormality in some brain structures ) ؛ وأسباب وراثية ترتبط بتواجده في بعض العائلات ؛ وأسباب بيئية من بينها التلوث البيئي . ونشير هنا أيضاً إلى أن العديد من الدراسات قد توصلت إلى أن الأطفال الذين ينشأون في اسر بها أحد الأبوين أو كلاهما مصاب بالفصام يظهرون السلوكيات الفصامية ، وأيضا أن التعرض أو الأبخرة السامة أو تناول العقاقير المخدرة أو المهلوسة ينتج عنها الفصام أو أعراضه.
بقي لنا أن نقول إن تشخيص اضطراب الشيزوفرانيا ليس أمراً سهلاً لعدم وجود اختبار Test واحد للتشخيص ، ولذا لابد من اختبارات جسمانية وسايكاترية متكاملة ، إلى جانب الأشعات المقطعية. وحيث أن البعض قد يخلط ما بين الفصام والاضطرابات الانفصالية Dissociative disorders فان إجراءات التشخيص الفارق Differential Diagnosis تصبح لازمة للتحقق من التشخيص بالفصام .. والله أعلم.
وأخيراً .. ما في أخيراً وكفاية كدة.
د. طيفور البيلي
--
Dr. Tayfour S. Albeely
talbeely@gmail.com

 

آراء