بعض الذين صنعوا الثورة يهرِبون من السودان، مُجبرين!

 


 

 

* قالوا قوى حرية وتغيير، قالوا!
عن أي حرية وعن أي تغيير يتحدثون بينما الزَنِيْمُون، الذين خذلوا الثوار طويلاً، هم الذين (يكابسون) اليوم لصناعة التغيير بمزاجهم، بينما بعض من صنعوا الثورة يهرِبون من السودان، مُجبرين.. وكلُّ "... مَنَّاعٍ لِلخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيم، عُتُلٍّ بَعْدَ ذلكَ زَنِيمٍ. " يحتفل بالمنصب الذي سقط من عليائه فالتقطه ومشى يختال في (كل الدروب الواسعة ديك).. وهي نفس الدروب التي ضُيِّقت وغُلِّقت بالمتاريس أمام الشباب..؟

* لا غرو في أن يتكدس الشباب في مبنى جوازات أم درمان، في صفوف لا أطول منها سوى الشقاء المرسوم على وجوههم المتطلعة للحياة الكريمة في الخارج.. حياة إشتطت بعداً عنهم، في الداخل، بعد ثورة ديسمبر المجيدة..

* أيها الناس، لا تحسبوا أن شيئاً تغيّر بعد سقوط النظام المنحل، فالتغيير الذي يحدث على نار (ملتهبة) الآن ليس التغيير الذي مات من اجله الشهداء، إنه تغيير انتهازيٌّ بامتياز؛ فخائبو الرجاء من العملاء والانتهازيين يرسمونه في جلسات تحالف دَنِس لتوظيف الثورة توظيفاً يفرض أجندتهم بعد انتهاء الفترة الانتقالية..

* لكنهم أساؤوا التقدير إذ أتوا بحكومة من (حفرتهم) تجيد الحَفْر وصناعة البيئة الطاردة.. وتجبر أفعالُها الشعبَ على فقدان الثقة في كل مفاصلها.. ورغم (الغتغتة والدسديس) إلا أن نواياها تأبى إلا أن تكون مكشوفة للشارع، داعيةً الثوار الفعليين للارفضاض من حول حكومة التمكين والتكويش، من جهة، والتسكين والتهميش من أخرى..

* أيها الناس، هل سألتم أنفسكم عن ما يعنيه تعيين مدير للمواصفات والمقاييس معروف بارتباطه بحزب الأمة المهادن، وعن خلق وظيفة ترضية لنائب ذاك المدير وخلق وظائف دستورية إعاشية لمن لا مهنة لهم سوى امتهان السياسة؟

* هل أتاكم نبأ ما حدث في وزارة الخارجية من تعيينات (خاصة)، وفضيحة الوزارة في تعيينات سواقط امتحان السكرتيرين الثوالث وإبعاد الناجحين في كل مواد الامتحان؟

* وحكايات التمكين والمحاصصات تتجلى في قرار إعفاء المراجع العام، وتكليف أفندي (مُحَاصَّصْ) لتسيير مهام المراجع العام حكايات.. كما تتجلى في قرار تعيين أربعة مستشارين، دفعة واحدة، لرئيس الوزراء: مستشار سياس، ومستشار شؤون النوع الاجتماعي، ومستشار الحوكمة والإصلاح المؤسسي، ومستشار السلام.. وكلها وظائف ممعنة في العطالة المقنعة..

* أيها ااناس، إذا أمعنتم النظر في جميع التعيينات التي تمت مؤخراً للدستوريين وقيادات الخدمة المدنية لوجدتموها تعيينات محاصصات إتفق عليها الموقِّعِون على اتفاقية سلام جوبا.. وإذا حلَّلتم ما يجري بعمق وجدتم التمهيد للتواجد في المراكز المتقدمة لاكتساح الانتخابات القادمة عبر تقوية نفوذ أحزاب المحاصصات في الخدمة العامة..
* إن هذه الحكومة لا يهمها التغيير كما أراده الثوار ولا يهمها تساقط أهداف الثورة هدفاً وراء هدف؛ ولا يهمها تكدس الشباب بالآلاف، يومياً، داخل مبنى الجوازات، وكل شاب يعِّد حقببته لهروب يحكي قصة السقوط الداوي لأهداف ثورة ديسمبر المجيدة..

__________________________

حاشية:-
* جاء في الأنباء أن (21) الف مسافر سوداني يغادرون الى مصر شهرياً، بمعدل 700 مسافر في اليوم، ويعود من المغادرين 150 مسافر يومياً؛ أي أن نسبة الذين يغادرون دون عودة إلى نسبة العائدين تبلغ حوالي ٧٩%.. بما يؤشر إلى أن السودان سوف يصبح أرضاً بلا جمهور من الشباب، عما قريب!

osmanabuasad@gmail.com

 

آراء