يموت المواطن ويحيا الطاغية، سياسة الإذلال والتطويع لصناعة مواطن على مقاس الانقلاب!.

 


 

 

بـهدوووء-
صار هذا النظام الانقلابي، نظام الخامس والعشرين من اكتوبر، يؤسس ويمارس مجموعة من الاستراتيجيات تمكنه من صناعة مواطن على مقاسه ضمن استراتيجيات عدة يمارسها، من خلال مؤسساته المختلفة التي اختطفها لينفذ بها سياساته التي تحافظ عليه وعلى استمرارية بطشه وطغيانه.. استراتيجية التخويف والترويع، واستراتيجية الإفقار والتجويع، واستراتيجية الإذلال والتطويع؛ حيث يهدف من كل هذه الاستراتيجيات أن يوطن لمفهومه حول (مواطنة القطيع)، مكرسا علاقة السيد بالعبد، ضمن ممارسات تجعل من المواطن أسيرا في حظيرة الاستبداد والاستعباد.
وهو إذ يتبع هذه الاستراتيجيات الثلاث يستخدم آليات متعددة في هذا المقام ربما لا نرى لها مثيلا؛ من جراء عددها المتكاثر والطرق التي ينفذ بها بشكل غير مسبوق وبلا أي سقوف. الأمر هنا لم يعد يأخذ في اعتباره الطفل الصغير ولا الشيخ الكبير ولا المرأة أو البنت، ولكنه صار يمارس كل ذلك حتى على تلك المستويات بلا شرط أو قيد وبلا حدود، فصار هذا النظام بحق نظاما فاشيا بامتياز، بوليسيا في أدائه، يمارس التلفيق والافتراء في كل اتهاماته لكل من يتصوره معارضا حتى وإن لم يهمس بكلمة، يكفي فقط أن يضعه هو في هذه الخانة حتى يمطره بوابل من الاتهامات وسيل من التلفيقات، ولا بأس بالمطاردات والاعتقالات، بل الاختطاف والاغتصاب والقتل والإخفاء القسري بات من الأمور المعتادة في هذا السياق.
قلت إن هذا النظام الفاشي استحدث آليات غير مسبوقة وبلا سقوف. إحدى هذه الآليات صناعة المواطنة في أشكال تتعلق بمواطن تحت التهديد المستمر والابتزاز المستقر بآليات مختلفة؛ أدناها تتعلق بالاغتيال المعنوي وأعلاها، حتى الآن، تتعلق - إن لم تطله وقد عارض أو اتخذ موقفا أو وضع في هذه الخانة - أن يلفقوا قضايا.
إنها محاولة منهم لترويعه وتخويفه من خلال ضغوط تتعلق بتهديده بأهله واعتقالهم، واعتبارهم رهائن لدى تلك المنظومة الانقلابية الفاشية حتى يطوعون هؤلاء فيجعلونهم يصمتون ضمن متوالية من التهديد بتصعيد الأمور حيال مزيد من أهله أو ذويه، من دون أي اعتبار لقيمة هذا الشخص أو سنه أو مرضه أو مكانته، أو حتى أنه عازف عن السياسة لا يمارسها من قريب أو بعيد. بعبارة أدق، إن كثيرا من هؤلاء لا ناقة لهم ولا جمل في الممارسة السياسية أو أي أمر يتعلق بها. إنه ببساطة يمارس حياته بعيدا عن كل ذلك، إلا أن السلطة الفاشية قد قررت ومن خلال أجهزتها أنه بات محل اتهام ورهينة تهدد به ومن خلاله، حتى تجعل الجميع في حالة من الإذعان والانصياع، وهي إذ تلوح بذلك لا تجعل منه إلا أسلوبا لترويع وتفزيع الآخرين ضمن سياسة الإذلال والتطويع.
في هذا الشأن نحن لا نتحدث عن مثال أو اثنين، أو عن نموذج هنا أو هناك، ولكن نتحدث عن حالة متكررة صارت من أهم الآليات لتلك المنظومة ضمن عمليات الترويع والتخويف، وصار هذا الأسلوب كما يتصوره هؤلاء ومؤسساتهم الأمنية أنجع طريق لتوصيل رسالة لأي مواطن تحدثه نفسه بالمعارضة؛ بأن أيديهم (طايلة) يستطيعون من خلالها أن يصلون إلى أهله وذويه، فيروعونهم ويعتبرون أن ذلك حقا لهم، ويأخذون هذا بجريرة ذاك، رغم أن من حقوق المواطن أن يعبر عن رأيه أو ينتقد سياسة أو يتحفظ على موقف أو يعرض سلطتهم المسروقة بالسلاح، فهذه من الحقوق الأساسية والسياسية اللصيقة بالمواطن وممارسته.
يحاسب هذا المواطن من خلال أهله وذويه، فيتم اتخاذهم رهائن لدى هذا النظام الفاجر ومؤسساته، ويتم اعتقال هذا المواطن وسجنه من دون مراعاة لأي أمر يتعلق بالاهتمام بأحواله وحياته. فبعض هؤلاء الذين أخذوا بلا جريرة قضوا في سجون النظام؛ لا لشيء سوى أن هذا النظام لم يعد يطيق أن يستمع حتى ولو لمجرد كلمة معارضة لسياساته أو لشخوصه، وباتت تلك المواطنة التي في حالة الأسر أو في حالة النفي ضمن قدرات ذلك النظام يمارسها عن بعد ضد هؤلاء الذين يعارضون من الخارج، فإذا لم يستطع أن يطال فإنه قد طال أهله، واعتقلهم وروّعهم وقام بكل فعل ليصنع مجتمعات الخوف واستجلاء نمط يتعلق بحكم القطيع.. ليس من ذنب أي من هؤلاء سوى أنه يقع تحت لافتة (مواطن سوداني)، مواطن سوداني في هذا الاعتبار ليس إلا عبدا يتصرفون حياله من غير أي اعتبار لكرامة إنسانية أو حياة بشرية، ولكنهم يجعلونه متحكما به، ملكا لهم، يفعلون به أنى شاءوا وكيفما أرادوا.
وفي ظل الأجهزة المختطفة، فإن وكلاء النيابات العامة تقوم بأدوار دنيئة في تمرير هذا الظلم المركب وفي اتهام هؤلاء بلا جريرة بل النائب العام نفسه يشارك في هذه الجرائم وهذا الظلم لأنه جزء من هذه المنظومة الانقلابية الحاكمة ، ولا يتردد في (البصم) على كل ما تريده سلطات الانقلاب في هذا المقام؛ من تلفيق الاتهامات وتحويلها إلى قضايا، وتمرير الحبس الاحتياطي إلى ما لا نهاية ربما (حتى الموت). ومن المؤسف حقا أن كافة الأجهزة الأخرى على تنوعها، مما تسمى بالأمن الوطني أو النيابات الأخرى أو الأجهزة القضائية بأسرها، اعتيادية كانت أو عسكرية، تقوم بذات الأدوار الدنيئة ضمن عمليات تمكن لشبكة الظلم والجور تحت غطاء قضائي، مستغلة غياب الأجهزة التشريعية ممثلة في البرلمان الذي بات يسكنه الجن، تفصل مشاريع قانونية واحدا تلو الآخر لتمرر مثل هذه الأمور الظالمة ضمن مشروعات تجعل من الحبس الاحتياطي أمرا إداريا لا باعتباره شأنا قضائيا، بل وعقوبة تعسفية من غير حكم في حد ذاته.
هذا نمط مستحدث من المواطنة (المواطن المبتز تحت التهديد). نظن أن الأمر قد تخطى الاتهامات بالجنون أو اتهامات أخرى؛ إلا أن يكون المواطن تحت سطوة سلطة فاشية لا تقيم للإنسان وزنا ولا لحريته مقاما ولا لحياته قيمة، فإن قضى وهو في حبسه الاحتياطي فقد مات احتياطيا، وعُوقب من تجرأ فاعترض حتى يشعر بالذنب حيال أهله وذويه.
ما هذا العقاب الظالم الدنيء، تتفنن فيه سلطة ظالمة لتستخدم كل الوسائل لتمكين سلطانها وظلمها، فلا تجعل للمواطن حقا، وتجعل لسلطان الطاغية كل الحق في التصرف به وكأنه في ملكيته يفعل به ما شاء حتى القتل، فصار من حق هذه السلطة الطاغية من غير حساب، وصار كل ذلك القتل وفقا للقانون الزائف الذي تصدره سلطة فاشية زائفة في خدمة الطاغية، وسلطة قضائية جائرة تحت أرجل المستبد، (يموت المواطن) و(يحيا الطاغية)؛ ثم يتحدثون عن (يحيا الوطن)؟!

أخر الهدوووء:
مهنة المعلم هي المهنة الأكثر قداسة ومعنىً وأكثرها خلداً في تاريخ البشرية، لأنها تتعامل بشكل أساسي مع العقل الإنساني، الذي يُعتبر أشرف وأكبر النعم التي وهبها الله إياها. فإن مهنة المعلم وسيلة التي يكون منتجها إنسان وتقودنا إلى هدفنا الأسمى. هناك العديد من المهن في المجتمع، ولكن المعلم من بينهم هو الأكثر قداسة وأقدرهم.. الأطباء والمهندسين والقضاة والمدعين العامين والمعمارين وكل المهن الاخرى يخرجون من بين يد معلم، فبدون المعلم لا يمكن وضع أسس متينة لتعليم المجتمع. المعلم مثل المعماري، فالمعماري يرفع المبنى ببطء، وكذلك المعلم يرفع طالبه ببطء، فيبدأ برمي أساس طالبه ثم يزيده تدريجياً، يحول طالبه من نيء إلى ناضج.
مهما فعلتم معه ايها الكلاب سيبقى المعلم أنموذجا للعطاء المثمر، وإيقونة إشعاع في كل المجتمعات، فهو الواسطة التي تنتقل بواسطتها العلوم والمعارف من جيل إلى جيل ولا يمكن لأمة تهين وتذل وتمتهن المعلمين أن ترقى إلى مصاف الأمم الإنسانية، وقد يكون الحال المزري الذي نعيشه اليوم دليلا على ذلك لأنه لا توجد في الكون أمة استهانت بالمعلم مثل أمة الغجر العسكر.

mido34067@gmail.com
////////////////////////////

 

آراء