بلطجة الجهاز المصرفي، إما أن نحكم أو نحرق السودان بكامله!. بقلم: مـحمد أحمـد الجـاك

 


 

 

بـهدوووء:

بالرغم من انه ربما من المجدي محاولة توظيف مناهج للتفكير العقلاني في تحليل السياسات الاقتصادية من سعر صرف و كيفية إدارة الجهاز المصرفي للانقلابيين، إلا أن تطبيق نماذج تفكير عقلانية صممت وفق ملاحظات تربط بين الفعل و النتيجة سواء باثبات السببية بين متغيرين او بإيجاد علاقة ما بينهما علي واقع سياساتي يتم على شاكلة التنجيم و دق الرمل لهو امر في غاية الصعوبة و لا يُفضي الي نتائج مفيدة معرفيا.
وبالرغم من إنه يمكن تفسير التخبط الممنهج من قبل الانقلابيين بسبب الجهل أو قلة الحيلة أو الأرجح انهم لا يكترثون لما يحدث للاقتصاد و لحياة الناس، فكما قلنا في اكثر من محفل أن هذه شرزمة من العصابات التي قامت باختطاف جهاز الدولة لاكتساب شرعية سياسية و اجتماعية و قانونية و تدير اقتصاد لاعلاقة له بالسياسات الرسمية للدولة التي يطبقونها علي الآخرين. اما الأهم فهو انهم ليسوا من الراغبين في الحكم، اي إدارة و تصريف الشؤون العامة بل هم من الوالغين في الحكم بقوة السلاح، اي التسلط و البقاء في السلطة بأي شكل و بأي تكلفة.
بالرغم من علمنا بذلك إلا أن ما يتم تطبيقة من سياسات اقتصادية بشكل عام في حقيبة المالية و بالاخص في الجهاز المصرفي بواسطة الانقلابيين لهو جريمة متكاملة الاركان و سيدفع ثمنها اقتصاد و مستقبل البلاد حتي بعد هزيمة الانقلاب الحتمية. فكرة البنك بشكل خاص و الجهاز المصرفي بشكل عام تقوم علي مبدأ الثقة حيث يقوم العميل بايداع مدخراته في حسابات جارية و حسابات ادخار، و يمكن للدولة ان تحدد سقوف للسحب يومي علي أن لا تكون عشوائية و دراكونية، اما أن يقوم البنك بتحويل أرصدة من عملات اجنبية ووضعها في ما يسمي بحساب صادر أو غيره لا يستطيع العميل التصرف فيه و من ثم تحويل قيمة هذه المدخرات الي عملة محلية بسعر صرف سابق فهذا هو نهاية الثقة في الجهاز المصرفي الذي اصلا ظل يعاني علي الدوام من ازمة ثقة، إذ لا غرابة في أن يكون اكثر من ٩٠% من حجم الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي حسب بعض التكهنات.
ما يقوم به الانقلابيون من مصادرة الأموال و سرقة الحسابات سوف ينهي ما تبقي من محاولات الانتاج الخجولة التي ظلت تحاول الاستمرار، اما اوهام استثمارات خارجية في مثل هذا الوضع من عدم الاستقرار السياسي و التدهور الأمني و تدهور و بلطجة الجهاز المصرفي و غياب لكافة اشكال الحياة المدنية فهو لعمري أدني درجة من دق الرمل. هذا الانقلاب قد اكمل حفر قبره و السؤال الوحيد هل بينهم من سجنّبون البلاد و العباد كلفة الانهيار التام و الفوضي الشاملة و يعترفون بفشلهم ام سيدفعون البلاد الي محرقة؟ الثورة ماضية حتي وإن دفعوا بالبلاد الي فوضي كوسيلة للقول اما أن نحكم او نحرق السودان بكامله. في ظل توهان الجنرال هل يحوّل السودان الانقلاب إلى ثورة جديدة حاسمة ؟
كل عزاي طمبوري ..
الفن يحاول أن يجعل المتناهي واللامتناهي/الدنيوي واللا ورائي مرئيًّا في هيئة فنون تتبنى مؤثرات جماليّة هدفها التأثير في الرائي لإدراك أبعاد كانت غائبة عنه. بالتالي، الفن هنا ليس مستقلاًّ بدوره؛ بل يكمل الإطارات، العلم والفلسفة؛ حيث ينصهر الثلاثة في بوتقة واحدة للإجابة عن سؤال واحد: (ما الحقيقة؟) السؤال الذي سعت كل نشاطات الإنسان مِن فجر التاريخ للإجابة عليه. هنا يمكن جذر المعالجة الدولوزية.
لا اظن أن احساسي الداخلي (بالطبور )سينعدم يوما ؛ ولا تأثيره سيغيب عن كل إنفعالاتي الداخلية او طريقة التعبير العاطفية التي من خلالها اعبر إتجاه ماهو يومي ، إن هذه الآلة بمثابة وقع مختلف تماما عما هو يحضر في لحظة الألم و الحزن ، قد أسميه آله الحزن في داخلي المعبر و الناطق الرسمي بكل ماهو أليم ويحدث لي بإستمرار.
إن الإنتماء الذي أشعر به للطمبور ليس لأن خلفيتي الثقافية وجذورها تعود ( للشايقية ) ؛ لا أبدا، ولكن هو الألم الذي يتحدث به و يعبر عنه وبالتأكيد.لا يمكنني قطعا أن أنفي تأثير الانتماء الثقافي علي هذا الحس . هذا الشعور شعور فردي تماما لا يمكن لأحد أن يعبّر عنه ولا يمكنني أن أعبّر عن أحد من خلاله . فهو عندي ليس محدد ثقافي إنما انفعال وجداني يخرج خالصا ونقيا من غير زيف أو تعقيد كما انفعل مع كمنجات قداس الموت لعربيد الموسيقي الأوربية ( موزارت ). )
هذا التعقيد ناجم عن الشعور الذي يرسمه الطمبور ( فعابرة ) ماهي الا تجيسد لحالة الوداع والبحث المستمر عن المحبوبة التي تشبه ( وزين الجزاير ) ؛ التي تشبه تمر ( الكُرُش ) الذي يقف شامخا علي جداول المياه منسابة تروى ظمأ المحب ( يا عيني يا طماعة ما شفتيهو قبال ساعة)
قد يعبر الطمبور عن صنوف عديدة لحالة الانسان ولكن اظن إن الحالة التي تعتريني عند سماعه تختلف فهي مزيج بين الشعور و الوعي و الألم ، قد لا أجد تفسيرا نفسيا ولكن كما يعرفها أهل التصوف ( بالانجذاب ) يرتكز الطمبور علي الألم فالخمس أوتار لكل وتر منها ارتباط بحاسة ما ( عينيك يا اعز الناس ) و أكثرها تعبيرا هي العيون ؛ لا أدري ولكن أكثر ما برع فيه الطمبور هو التعبير عن العيون فعليا المناظر التي شكلت وجدان آلة الطمبور هي المناظر وقد أرتبك خطأ ما هنا بنعتي للآلة وتركي للمدلول الثقافي ولكن ما ذكرته آنفا يوضح ماذا أقصد بالطمبور و كيفية الآداء الذي تتم به الأغاني.
قد يمثل الطمبور للكثيرين وجه محدد مرتبط بالأشخاص وبالقبيلة ولكن الشعور به متجاوز لذلك كله ( يا رمال حلتنا زولا كان بعزك يا حليلو يا حليلو ) . قد يحاول البعض امثال (خالد الصحافة) إدخال ايقاعه و تحديثه ولكن الطمبور يظل مقاوما للتحديث بنمطه الاستعماري الذي غالبا ما يفشل فيه أمثاله فعندما غني وردي ( القمر بوبا ) بالطمبور و غنى مصطفى سيد احمد( يامطر عز الحريق ) كلاهما استخدمه كما هو لم يغير في ايقاع ( سلكه ) بل ارتكز اللحن عليه وكذلك الايقاعات المصاحبة من بقية الآلات.

أخـر الهدوووء:-
- الإنفلات الأمني في الدولة المفتعل والمرتب له بإمتياز امراً خطيرا. أصبح السلاح منتشرا و تقريبا لا يمر اسبوع او اسبوعين دون سماع أنباء عن اشتباكات مسلحة او اقتتال قبلي. و لكن الجديد هو أن قبضة الدولة تراخت بقصد حتى وصل هذا الانفلات إلى قلب العاصمة تلك سياسة الإذلال وتركيع الناس لفرض سياسة الأمر الواقع.
عندما تنهار الدولة فهي تنهار على رؤوس الجميع، و بالتالي فإن تحمل مسئولية انفراط عقد أمن البلاد من ناحية قانونية تقع على عاتق السلطات الانقلابية ومغلوب على أمره الشعب السوداني ، لأنه المتضرر الأول و الأخير. متى تنتهي هذه العذابات؟
- المتابع للشأن السوداني يلحظ الموجة الكثيفة للناس التي تعرض بيوتها وعقاراتها التجارية للبيع؟!هل هنالك بوادر لإخلاء العاصمة والمدن الكبرى والهجرة نحو الريف؟، خصوصا وإن المدن فقدت ميزات تقديمها لخدمات التعليم والصحة وأصبحت لا تختلف عن الريف في شئ. أم هجرة الناس لخارج السودان هذه مظهر من مظاهر لما قبل اللجوء الجماعي .. (ولا الناس دي بتبيع عشان يادوب تاكل وتشرب)؟!
‏- الحرب الأوكرانية نعمة مؤقتة للأنظمة العربية التي تواجه أزمات داخلية خطيرة.لم يعد الإعلام حتى العربي مهتماً لا بتونس ولا بليبيا ولا العراق ولا لبنان ولا سوريا ولا السودان ولا الجزائر.لكن النعمة الاوكرانية ستتحول الى نقمة، لأن الأوضاع في العالم العربي ستتفاقم اقتصاديا ومعيشيا قريبا وستكون له تداعيات كبيرة وقوية وخطرالجوع سينتشر ويعم دولا عديدة.

/////////////////////////

 

آراء