محمد المكي ابراهيم أمسح دموعك يا شجرة التبلدي

 


 

 

صحيح تدفقت دموعي وأنا من البعد المكاني أتابع الاديب المبدع شاعر الاكتوبريات وهو يحل بأرض مطار الخرطوم بعد غيبة طويلة ولم يتمالك مشاعره وهو يخاطب معجبيه ومستقبليه من ذرف الدموع .. غالبها وكفكفها بمناديله .. ولا يعلم ان دموعه غالية هي ذاتها بطعم ووهج ذلك الزمان وثورة اكتوبر التي عطرها بأشعاره الملهمة والتي تحولت لأغاني ما ان تذاع إلا وتهيج الشجون .. أين كنا وأين نحن اليوم .. يا ايها المتدثر بحب الوطن .. يا شعلة ألهبت الشباب وأضاءت الشموع لمسارات وطن اليوم يتوجع ويتوجع .. ويتراجع ..
كفكف دموعك يا شجرة التبلدي.. فما زال الوطن الكالح يحتاجك وما زال الشباب يرنوا لاشعاركم الملهمة ..
أتذكر يا شاعر أكتوبر حينما عملت معكم بالمكتب السري بوزارة الخارجية شارع النيل وقتها كنت فقط ألملم قصاصات الاوراق التي تكتب عليها افتتاحية قصيد او بعض اذيالها وحينما يرن هاتفكم يناديكم لاجتماع هام للدبلوماسيين فقط كنت الملم هذه القصاصات .. وأحشرها بدرج مكتبكم.. أصدقكم القول لم أكن استوعب عمق معانيها وإن رصصتها جوار بعضها …
أتذكر حينما كنتم و صديقكم جلال عتباني وبسيارته الفلوكسواجن زرقاء اللون توصلوني لدارنا المتواضعة بحي الختمية في طريقكم لحلة حمد .. اثناء الطريق كنتم دائما ما تطلقون ضحكة مازحة في منعرج حديقة عبود " الذهبية حاليا " يا عتباني شوف الشباب بقوا يمدوا روؤسهم وانظارهم للكنبة الخلفية .. وما عاد أحد منهم يعبرني …
ويوم ان جاء الشاب الدكتور منصور خالد وهو يعتمل قميص ملون والعطر الباريسي يسبقه عرفتني عليه وطلبت مني ان استضيفه بمكتبنا .. ولأسبوعين كان ضيفنا يتناول فنجان قهوة حتى ياتيه الساعي بان وكيل الوزارة الاديب جمال محمد احمد او سعادة وزير الخارجية بابكر عوض الله يطلبه..
هل تذكر يوم تجمع أنضر شباب الخارجية بمكتبنا هاشم التني وجلال عتباني وشخصكم وأخرين سقطوا من رزنامة ذاكرتي وتحلقنا ببلكونة الطابق الثاني المقابل لشارع النيل ولم تمنع أشجار المانجو الظليلة إطلالة سيارة د. منصور خالد وقد أعتمل كرفته باريسية وبدلة سوداء لامعة وعيون بارقة تحدث الاصدقاء بأن الغد قد أشرق .. صافحه الجميع بحرارة وحممية وشدوا علي أياديه الخضراء التي يفوح من جوانبها قسم الولاء الذي اداءه بالقصر الجمهوري أمام أبو عاج أخوي .. جعفر محمد نميري رئيس ثورة مايو ١٩٦٩م .. ووقتها كنت موظفة يافعة مخزوني الفكري متواضع وسط عمالقة أدباء وشعراء دبلوماسيي الزمن الجميل .. قلت لمنصور برغم قدراتي المتواضعة أتمنى أن أساهم معكم في تأسيس وبناء وزارة الشباب والرياضة والشؤون الاجتماعية والدينية كوزارة مستحدثه جيء بصديقكم د منصور ليبحر بها لأجل وطن بأهي وقد كان حيث انتقلت بعد اقل من شهر حينما هاتف منصور وكيل الخارحية لنقلي لوزارة الشباب ..
أنتم الان يا شاعر الأكتوبريات المخضب بالفال الحسن فالسودان يحتاجكم .. والشباب يتعطش لمن ينير لهم الطرقات ويشعل لهم الشموع .. أمسح دموعك يا مكي فشجرة التبلدي لا تنحني فهما تصحرت الأرض فمياؤها لا تجف ولا تنضب .. وجيتن جيتوا .. حبابكم عشرة ..
عواطف عبداللطيف
اعلامية مقيمة بقطر
Awatifderar1@gmail.com

 

آراء