على هامش كلمة المبعوث الأممي، مبعوثو الأمم المتحدة لماذا يفشلون؟!
مـحمد أحمد الجــاك
30 March, 2022
30 March, 2022
بــهدوووء-
ما مِن مبعوث أرسلته الأمم المتحدة إلى دول الأزمات في المنطقة إلا وانتهت مهمته بالفشل. الوحيدة التي ما تزال تتعلق بأذيال الخيبة هي مبعوثة الأمين العام إلى ليبيا ستيفاني ويليامز. وعلى الرغم من أنها عنيدة، لكنها صارت تواجه تحديا يضعها في دائرة الفشل حتى وإن لم تعترف به.
وهناك سبب يحيط جهود المبعوثين الدوليين بالفشل، هو أنهم يتعاملون مع قضايا البلدان التي يتم إيفادهم إليها مثلما يتعامل الشيوعيون مع بلدانهم. أي أن لديهم محفوظات ونصوصا جاهزة، يؤمنون بها، ويحفظونها عن ظهر قلب، ويعتقدون أنها كفيلة بحل أي معضلة. أنظر في الجُمل التي يدلي بها هؤلاء المبعوثون، وسرعان ما ستكتشف أنهم يحاولون أن يلعبوا دور الحكيم الذي يقدم النصائح للناس.
هم يؤمنون بأن (الانتخابات هي الحل). وأن (الديمقراطية هي أول الطريق لتحقيق السلام)، وأن (الحرب ليست هي الحل)، وأنهم يعملون على (بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة)، و(أن الحوار هو أقصر الطرق للتوصل إلى تسوية)، وهكذا، جمل فارغة تتبعها جمل فارغة.
أرسلت الأمم المتحدة إلى اليمن أربعة مبعوثين لم يتقدم أحد منهم بخطوة واحدة إلى الأمام، هم المغربي جمال بن عمر، والموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والبريطاني مارتن غريفيث والسويدي هانس غروندبرغ. وأرسلت الأمم المتحدة إلى سوريا الغاني كوفي عنان، والجزائري الأخضر الإبراهيمي، والسويدي – الإيطالي ستيفان دي ميستورا، والنرويجي غير بيدرسون.
وأرسلت إلى ليبيا الأردني عبدالإله الخطيب، والبريطاني إيان مارتن، واللبناني طارق متري، والإسباني برناردينو ليون، والألماني مارتن كوبلر، واللبناني غسان سلامة، وأخيرا الأميركية ستيفاني ويليامز.
وأخيراً أرسلت الألماني السيد فولكر بيرتس ويمثل تعيين بيرتس، بعد إقراره، نهاية للخلافات بين الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي، بشأن اختيار رئيس البعثة في السودان، التي أُعلن عن تأسيسها بقرار من مجلس الأمن، وذلك بالتزامن مع قرار للمجلس بإنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي بدارفور (يوناميد)، والتي قضت 13 عاماً في الإقليم المنهك بالحرب الأهلية.
كان متوقعا أن بحسابات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ان يحسم تعيين بيرتس خلافات أخرى بين المكون المدني والمكون العسكري في السلطة الانتقالية السودانية، حيث رفض الأخير تعيين الدبلوماسي الفرنسي، جان كريستوف بليار، وهو المرشح الذي رفضته كذلك كل من روسيا والصين، فيما تحمس له المكون المدني في الحكومة، وتحديداً رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك.
واضح أن هؤلاء المبعوثين يأتون من ثقافات مختلفة، ويصدرون عن خبرات دبلوماسية وسياسية وأكاديمية كبيرة أحيانا. ولكنهم يفشلون ليس لأن محفوظاتهم غير صحيحة، بل لأن مقارباتهم للأزمات لا علاقة لها بمعرفة الواقع، ولا تتخذ الموقف السياسي الصحيح منه.
هم بالنسبة إلى هذه الأزمات مجرد أدوات خارجية، تعتبر أن هدفها الرئيسي هو (تحقيق المصالحة بين الأطراف المتنازعة). ويتحركون وفقا لمنظومة مفاهيم مسبقة. وعادة ما يبدأون عملهم بإثارة أجواء من التفاؤل، معتقدين أن هذه الأجواء تساعد في تخفيف الاحتقان. ويذهبون إلى وسائل الإعلام ليقولوا إنهم حققوا تقدما، ولكن (الطريق ما يزال طويلا)، وإن الأطراف المختلفة تؤمن بأن (الطريق إلى الحل يبدأ من تقديم تنازلات). وأن (الاتفاق على أسس مشتركة أمر ممكن من خلال تحييد بعض الخلافات).
غير فولكر هذا الآن هو أحد أكبر أمثلة الفشل. فقد اقترح السير وفقا لنظرية (الخطوة مقابل خطوة) لتحقيق التوازن بين رغبة النظام الانقلابي في تخفيف العقوبات عنه وإعادة الدعم الدولي له، في مقابل تحريك عجلة الحوار والتوافق. وحاول، بعبارة أخرى، أن يقدم إغراءات اقتصادية تحفر نفقا من تحت عصاء العقوبات الأميركية، لعله يمكن التوصل إلى صيغة مقبولة من الأطراف لإعداد إعلان دستوري جديد يؤدي إلى أجراء انتخابات حرة وشفافة تحت إشراف الأمم المتحدة، وتحدث في كلمته قائلا:(أن البرهان سيقوم بإصدار إجراءات الثقة) !!)
فولكر لم يفهم أبدا أنه يتعامل مع نظام انقلابي غير قابل للإصلاح وغير جدير بالثقة، ولا يستطيع أن يقدم أي تنازل. وسبقه في الخطأ أول مبعوث دولي إلة سوريا الذي كان يتوجب عليه أن يطلب تطبيق قرار دولي صارم لإنهاء الأزمة بموجب الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، أي بالقوة. وأن يُغذي العزيمة الدولية على التدخل المباشر لإزاحة هذا النظام بالقوة، بدلا من التفاوض معه.
صحيح أن فولكر بيرتيس بدأ مهمته بالسعي للحوار مع كل طرف على حدة لحل الأزمة السودانية. فهو عندما وجد أن طرفي الأزمة لا يريدان التحاور مع بعضهما، اخترع طريقا يقضي بالتحاور مع الأمم المتحدة على الأقل. فحصد فشلا ذريعا بأن أصبح وجود بعثة الأمم المتحدة نفسه غير مرغوب فيه من كلا الطرفين. لم يتفقا على شيء، ولكنهما اتفقا على رفض الحوار معه.
فولكر لم يفهم أبدا أن الجيش استولى على السلطة من دون وجه حق، وقفز من فوق اتفاقات السلام والوثيقة الدستورية، واحتجز رئيس الوزراء واعتقل وزراء حكومته،وبرغم أن البيانات الرسمية للأمم المتحدة ظلت تطالب بعودة الحكومة المدنية، فقد بقي بيرتيس يتخلف بخطوات حتى عن تلك البيانات. وبدلا من أن يسعى لإيجاد تسوية لاقتسام السلطة، فقد كان الواجب يقتضي منه الوقوف إلى جانب المتظاهرين، وأن يدعو مجلس الأمن إلى رفض التعامل مع الانقلابيين، لو فعل ذلك، لكانت بعثته في موقف سياسي وأخلاقي أفضل مما انتهت إليه. فصار الرجل جزءا من الأزمة !!
ستيفاني ويليامز تقف الآن على رأس الدوافع وراء استمرار دعم الأمم المتحدة لحكومة عبدالحميد الدبيبة. ولسوف ترى أنها، بدلا من أن تكون جزءا من الحل، صارت جزءا من المشكلة هي الأخرى كذلك !!
سوف ترى بأم عينيها، وهي في طرابلس، أن الدبيبة يتسلح بميليشيات ومرتزقة، وأنه كان يلعب دور رئيس (حكومة وحدة وطنية) كمجرد ممثل على مسرح عبث. وقد انتهت ولايته على أي حال، وفشل في إنجاز المهمة الوحيدة التي تكلفت بها حكومته، وهي إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي. وبرغم أن الاتفاق الذي جاء به إلى رئاسة الحكومة يقضي بعدم الترشح لأي منصب في سلطة ما بعد الانتخابات، فقد ترشح لمنصب الرئيس تعبيرا عن استخفافه بالاتفاق. وهذا ما سيحدث مع فولكر بالسودان إن توصل لأي تسوية بالسودان تجعل البرهان أو حميدتي متواجدان في أي مشهد مستقبلي.
سوف يحق للسودانيين أن يسألوا فولكر: ومن أنت؟ بل ومن هي الأمم المتحدة، لكي تقف في وجه الشرعية الثورية وتجعل صانع الأزمة جزءا من أي مشهد سياسي في المستقبل؟، يتعين على فولكر ومن بعثوه أن يدركوا بأن البرهان أو حميدتي أو العسكر ليس هم القيمة الأهم. بل الإجماع الثوري والشرعية الثورية هي القيمة. الخلاصة هى إن الجهل، والمساومة على الحق، والسعي للمصالحة مع الباطل، هي السبب وراء فشل الأمم المتحدة.
___________________________
من (جهة أخرى) .. هزيمتهم من أفواههم
تدور الآن أحاديث حول سيناريوهات السادس من أبريل على المستوى السياسي ، (وليس الحراك ) ، ويبدو أن المؤشرات السياسية تشير إلى وجود تقاربات بين القوى السياسية منفردة ، على حد تعبير المبعوث الاممي الذي قدم تقريره أمام مجلس الأمن قبل يوم من الآن ، التقرير الذي نشر على موقع البعثة قد يبدو مقتطفا بعناية ، ليعطي وجه مقبول سياسيا ، الا أنه في حقيقة الأمر مختلف عن هذا ، حيث اخفى التقرير بعض من الخطوات التي قام بها المبعوث و التي تحدث عنها أمام مجلس الأمن و التي تتمثل في وعود من المؤسسة العسكرية بتقديم ضمانات لاجراء خطوات سياسية.
داخليا ومنذ اعادة هيكلة لجنة التعامل مع البعثة الاممية ، تحت اشراف مجلس السيادة ، تواجه هذه البعثة بعض الضغوطات وهذا ما ظهر في كلمة ممثل السودان والتي عبّر فيها عن خيمة امل السودان من آداء البعثة ، وقد تكون هذه الخطوة قد كسرت (الدُش) في يد الامم المتحدة و مجلس الأمن الدولي.
قام البرهان بعدد من الخطوات التي يمكن ان نقول بأنها سياسية بحتة ، فزياراته المكثفة خارجيا قد انعكست على مواقف داخلية عدة وهو ما ظهر خلال لقاءه بصحيفة الشرق الاوسط ومن خلال تصريحاته
على مستوى آخر حجم البرهان دور حميدتي في شرق السودان من خلال إحالة ملف الحدود البحرية إلى وزارة الدفاع ، الأمر الذي يعني أن المنشآت البحرية تعود إلى وزارة الدفاع بل حتى جزء من مدينة بورتسودان (نصف كيلو ) باعتبارها منطقة ميناء تكون تحت تصرف الوزارة هذا حسب التوصيفات التي ذكرت.
تبقت لبرهان زيارة خارجية واحدة ، وهي إلى القاهرة ، الزيارة الطبيعية التي يمكن لنا أن نقرأ الخطوات التي ستليها. ويبدو ظاهريا أن هناك خطوة تلوح في الأفق خصوصا أن البرهان قد عين ولاة مكلفين لبعض الولايات المهمة ، وليس هذا وحسب بل أن تصريح حميدتي حول مسألة الفساد وإشارته إلى( أولادنا ) هو اعتراف ضمني من حميدتي بوجود فساد في منظومته ، هذا ما يجعل حميدتي في موقف ضعيف نوعا ما.
قد يبدو المشهد السياسي معقد بكثافة إلا أنه مع السادس من أبريل سينكشف الستار عن بعض الخطوات ، خصوصا وإن قوى اعلان الحرية و التغيير لم تقدم أي افق سياسي سوى اعلانها لضرورة وحدة القوى الثورية وربما تقتل قوى اعلان الحرية و التغيير باعلانها الدستوري القادم الحراك الحالي بصورة كلية نسبة إلى الخلافات التي دائما ما تحدث في مثل هذه الظروف.
الخروج بهدوووء أكثر :-
هنالك فئة مجرمة من الناس تعادي الشعب السوداني وتطلعاته وتعمل بخبث شديد لتثبيت دعائم الانقلاب بالبلاد ..
سألني صديق عزيز ليلة أمس كيف نقضي عليهم؟ ما هو قصدك؟
قلت:
عملاء الداخل هم أخطر علينا من العدو الخارجي الواضح ..
هم من ينطق بلساننا ويحفظ الآيات والأحاديث ..
هم من يتلونون بحسب الظرف ويعيشون بين ظهرانينا ..
هم من يطعن في الظهر خلسة وبجبن .. هم جزء من منظومة الانقلاب ..
هم ليسوا أفراداً فقط ...
منهم مؤسسات وقيادات وحركات باعت نفسها وتحولت للعمالة المطلقة ولصف أعداء الشعوب
القضاء عليهم ليس بحرب عسكرية أو بالبندقية ولكن هذا ما سنكتب عنه لاحقاً.
mido34067@gmail.com
/////////////////////
ما مِن مبعوث أرسلته الأمم المتحدة إلى دول الأزمات في المنطقة إلا وانتهت مهمته بالفشل. الوحيدة التي ما تزال تتعلق بأذيال الخيبة هي مبعوثة الأمين العام إلى ليبيا ستيفاني ويليامز. وعلى الرغم من أنها عنيدة، لكنها صارت تواجه تحديا يضعها في دائرة الفشل حتى وإن لم تعترف به.
وهناك سبب يحيط جهود المبعوثين الدوليين بالفشل، هو أنهم يتعاملون مع قضايا البلدان التي يتم إيفادهم إليها مثلما يتعامل الشيوعيون مع بلدانهم. أي أن لديهم محفوظات ونصوصا جاهزة، يؤمنون بها، ويحفظونها عن ظهر قلب، ويعتقدون أنها كفيلة بحل أي معضلة. أنظر في الجُمل التي يدلي بها هؤلاء المبعوثون، وسرعان ما ستكتشف أنهم يحاولون أن يلعبوا دور الحكيم الذي يقدم النصائح للناس.
هم يؤمنون بأن (الانتخابات هي الحل). وأن (الديمقراطية هي أول الطريق لتحقيق السلام)، وأن (الحرب ليست هي الحل)، وأنهم يعملون على (بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة)، و(أن الحوار هو أقصر الطرق للتوصل إلى تسوية)، وهكذا، جمل فارغة تتبعها جمل فارغة.
أرسلت الأمم المتحدة إلى اليمن أربعة مبعوثين لم يتقدم أحد منهم بخطوة واحدة إلى الأمام، هم المغربي جمال بن عمر، والموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والبريطاني مارتن غريفيث والسويدي هانس غروندبرغ. وأرسلت الأمم المتحدة إلى سوريا الغاني كوفي عنان، والجزائري الأخضر الإبراهيمي، والسويدي – الإيطالي ستيفان دي ميستورا، والنرويجي غير بيدرسون.
وأرسلت إلى ليبيا الأردني عبدالإله الخطيب، والبريطاني إيان مارتن، واللبناني طارق متري، والإسباني برناردينو ليون، والألماني مارتن كوبلر، واللبناني غسان سلامة، وأخيرا الأميركية ستيفاني ويليامز.
وأخيراً أرسلت الألماني السيد فولكر بيرتس ويمثل تعيين بيرتس، بعد إقراره، نهاية للخلافات بين الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي، بشأن اختيار رئيس البعثة في السودان، التي أُعلن عن تأسيسها بقرار من مجلس الأمن، وذلك بالتزامن مع قرار للمجلس بإنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي بدارفور (يوناميد)، والتي قضت 13 عاماً في الإقليم المنهك بالحرب الأهلية.
كان متوقعا أن بحسابات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ان يحسم تعيين بيرتس خلافات أخرى بين المكون المدني والمكون العسكري في السلطة الانتقالية السودانية، حيث رفض الأخير تعيين الدبلوماسي الفرنسي، جان كريستوف بليار، وهو المرشح الذي رفضته كذلك كل من روسيا والصين، فيما تحمس له المكون المدني في الحكومة، وتحديداً رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك.
واضح أن هؤلاء المبعوثين يأتون من ثقافات مختلفة، ويصدرون عن خبرات دبلوماسية وسياسية وأكاديمية كبيرة أحيانا. ولكنهم يفشلون ليس لأن محفوظاتهم غير صحيحة، بل لأن مقارباتهم للأزمات لا علاقة لها بمعرفة الواقع، ولا تتخذ الموقف السياسي الصحيح منه.
هم بالنسبة إلى هذه الأزمات مجرد أدوات خارجية، تعتبر أن هدفها الرئيسي هو (تحقيق المصالحة بين الأطراف المتنازعة). ويتحركون وفقا لمنظومة مفاهيم مسبقة. وعادة ما يبدأون عملهم بإثارة أجواء من التفاؤل، معتقدين أن هذه الأجواء تساعد في تخفيف الاحتقان. ويذهبون إلى وسائل الإعلام ليقولوا إنهم حققوا تقدما، ولكن (الطريق ما يزال طويلا)، وإن الأطراف المختلفة تؤمن بأن (الطريق إلى الحل يبدأ من تقديم تنازلات). وأن (الاتفاق على أسس مشتركة أمر ممكن من خلال تحييد بعض الخلافات).
غير فولكر هذا الآن هو أحد أكبر أمثلة الفشل. فقد اقترح السير وفقا لنظرية (الخطوة مقابل خطوة) لتحقيق التوازن بين رغبة النظام الانقلابي في تخفيف العقوبات عنه وإعادة الدعم الدولي له، في مقابل تحريك عجلة الحوار والتوافق. وحاول، بعبارة أخرى، أن يقدم إغراءات اقتصادية تحفر نفقا من تحت عصاء العقوبات الأميركية، لعله يمكن التوصل إلى صيغة مقبولة من الأطراف لإعداد إعلان دستوري جديد يؤدي إلى أجراء انتخابات حرة وشفافة تحت إشراف الأمم المتحدة، وتحدث في كلمته قائلا:(أن البرهان سيقوم بإصدار إجراءات الثقة) !!)
فولكر لم يفهم أبدا أنه يتعامل مع نظام انقلابي غير قابل للإصلاح وغير جدير بالثقة، ولا يستطيع أن يقدم أي تنازل. وسبقه في الخطأ أول مبعوث دولي إلة سوريا الذي كان يتوجب عليه أن يطلب تطبيق قرار دولي صارم لإنهاء الأزمة بموجب الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، أي بالقوة. وأن يُغذي العزيمة الدولية على التدخل المباشر لإزاحة هذا النظام بالقوة، بدلا من التفاوض معه.
صحيح أن فولكر بيرتيس بدأ مهمته بالسعي للحوار مع كل طرف على حدة لحل الأزمة السودانية. فهو عندما وجد أن طرفي الأزمة لا يريدان التحاور مع بعضهما، اخترع طريقا يقضي بالتحاور مع الأمم المتحدة على الأقل. فحصد فشلا ذريعا بأن أصبح وجود بعثة الأمم المتحدة نفسه غير مرغوب فيه من كلا الطرفين. لم يتفقا على شيء، ولكنهما اتفقا على رفض الحوار معه.
فولكر لم يفهم أبدا أن الجيش استولى على السلطة من دون وجه حق، وقفز من فوق اتفاقات السلام والوثيقة الدستورية، واحتجز رئيس الوزراء واعتقل وزراء حكومته،وبرغم أن البيانات الرسمية للأمم المتحدة ظلت تطالب بعودة الحكومة المدنية، فقد بقي بيرتيس يتخلف بخطوات حتى عن تلك البيانات. وبدلا من أن يسعى لإيجاد تسوية لاقتسام السلطة، فقد كان الواجب يقتضي منه الوقوف إلى جانب المتظاهرين، وأن يدعو مجلس الأمن إلى رفض التعامل مع الانقلابيين، لو فعل ذلك، لكانت بعثته في موقف سياسي وأخلاقي أفضل مما انتهت إليه. فصار الرجل جزءا من الأزمة !!
ستيفاني ويليامز تقف الآن على رأس الدوافع وراء استمرار دعم الأمم المتحدة لحكومة عبدالحميد الدبيبة. ولسوف ترى أنها، بدلا من أن تكون جزءا من الحل، صارت جزءا من المشكلة هي الأخرى كذلك !!
سوف ترى بأم عينيها، وهي في طرابلس، أن الدبيبة يتسلح بميليشيات ومرتزقة، وأنه كان يلعب دور رئيس (حكومة وحدة وطنية) كمجرد ممثل على مسرح عبث. وقد انتهت ولايته على أي حال، وفشل في إنجاز المهمة الوحيدة التي تكلفت بها حكومته، وهي إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي. وبرغم أن الاتفاق الذي جاء به إلى رئاسة الحكومة يقضي بعدم الترشح لأي منصب في سلطة ما بعد الانتخابات، فقد ترشح لمنصب الرئيس تعبيرا عن استخفافه بالاتفاق. وهذا ما سيحدث مع فولكر بالسودان إن توصل لأي تسوية بالسودان تجعل البرهان أو حميدتي متواجدان في أي مشهد مستقبلي.
سوف يحق للسودانيين أن يسألوا فولكر: ومن أنت؟ بل ومن هي الأمم المتحدة، لكي تقف في وجه الشرعية الثورية وتجعل صانع الأزمة جزءا من أي مشهد سياسي في المستقبل؟، يتعين على فولكر ومن بعثوه أن يدركوا بأن البرهان أو حميدتي أو العسكر ليس هم القيمة الأهم. بل الإجماع الثوري والشرعية الثورية هي القيمة. الخلاصة هى إن الجهل، والمساومة على الحق، والسعي للمصالحة مع الباطل، هي السبب وراء فشل الأمم المتحدة.
___________________________
من (جهة أخرى) .. هزيمتهم من أفواههم
تدور الآن أحاديث حول سيناريوهات السادس من أبريل على المستوى السياسي ، (وليس الحراك ) ، ويبدو أن المؤشرات السياسية تشير إلى وجود تقاربات بين القوى السياسية منفردة ، على حد تعبير المبعوث الاممي الذي قدم تقريره أمام مجلس الأمن قبل يوم من الآن ، التقرير الذي نشر على موقع البعثة قد يبدو مقتطفا بعناية ، ليعطي وجه مقبول سياسيا ، الا أنه في حقيقة الأمر مختلف عن هذا ، حيث اخفى التقرير بعض من الخطوات التي قام بها المبعوث و التي تحدث عنها أمام مجلس الأمن و التي تتمثل في وعود من المؤسسة العسكرية بتقديم ضمانات لاجراء خطوات سياسية.
داخليا ومنذ اعادة هيكلة لجنة التعامل مع البعثة الاممية ، تحت اشراف مجلس السيادة ، تواجه هذه البعثة بعض الضغوطات وهذا ما ظهر في كلمة ممثل السودان والتي عبّر فيها عن خيمة امل السودان من آداء البعثة ، وقد تكون هذه الخطوة قد كسرت (الدُش) في يد الامم المتحدة و مجلس الأمن الدولي.
قام البرهان بعدد من الخطوات التي يمكن ان نقول بأنها سياسية بحتة ، فزياراته المكثفة خارجيا قد انعكست على مواقف داخلية عدة وهو ما ظهر خلال لقاءه بصحيفة الشرق الاوسط ومن خلال تصريحاته
على مستوى آخر حجم البرهان دور حميدتي في شرق السودان من خلال إحالة ملف الحدود البحرية إلى وزارة الدفاع ، الأمر الذي يعني أن المنشآت البحرية تعود إلى وزارة الدفاع بل حتى جزء من مدينة بورتسودان (نصف كيلو ) باعتبارها منطقة ميناء تكون تحت تصرف الوزارة هذا حسب التوصيفات التي ذكرت.
تبقت لبرهان زيارة خارجية واحدة ، وهي إلى القاهرة ، الزيارة الطبيعية التي يمكن لنا أن نقرأ الخطوات التي ستليها. ويبدو ظاهريا أن هناك خطوة تلوح في الأفق خصوصا أن البرهان قد عين ولاة مكلفين لبعض الولايات المهمة ، وليس هذا وحسب بل أن تصريح حميدتي حول مسألة الفساد وإشارته إلى( أولادنا ) هو اعتراف ضمني من حميدتي بوجود فساد في منظومته ، هذا ما يجعل حميدتي في موقف ضعيف نوعا ما.
قد يبدو المشهد السياسي معقد بكثافة إلا أنه مع السادس من أبريل سينكشف الستار عن بعض الخطوات ، خصوصا وإن قوى اعلان الحرية و التغيير لم تقدم أي افق سياسي سوى اعلانها لضرورة وحدة القوى الثورية وربما تقتل قوى اعلان الحرية و التغيير باعلانها الدستوري القادم الحراك الحالي بصورة كلية نسبة إلى الخلافات التي دائما ما تحدث في مثل هذه الظروف.
الخروج بهدوووء أكثر :-
هنالك فئة مجرمة من الناس تعادي الشعب السوداني وتطلعاته وتعمل بخبث شديد لتثبيت دعائم الانقلاب بالبلاد ..
سألني صديق عزيز ليلة أمس كيف نقضي عليهم؟ ما هو قصدك؟
قلت:
عملاء الداخل هم أخطر علينا من العدو الخارجي الواضح ..
هم من ينطق بلساننا ويحفظ الآيات والأحاديث ..
هم من يتلونون بحسب الظرف ويعيشون بين ظهرانينا ..
هم من يطعن في الظهر خلسة وبجبن .. هم جزء من منظومة الانقلاب ..
هم ليسوا أفراداً فقط ...
منهم مؤسسات وقيادات وحركات باعت نفسها وتحولت للعمالة المطلقة ولصف أعداء الشعوب
القضاء عليهم ليس بحرب عسكرية أو بالبندقية ولكن هذا ما سنكتب عنه لاحقاً.
mido34067@gmail.com
/////////////////////