أصماغ السودان: الجهود المبذولة والفرص المهدرة لتعزيز المناعة فى زمن الكورونا

 


 

 

د. أحمد آدم حسن
هندسة الكيمياء البيولوجية للأصماغ - الجامعة العالمية بماليزيا - كوالالمبور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

°° يوم ٣٠ يناير ٢٠٢٠م !!، لم يبدأ برجليه اليمنى على العالم ، وجدنا بمطار بولى الدولى بإثيوبيا بصحبة زوجتى حفظها الله ، عائدين من زيارة إستغرقت شهراً وسط الأهل والأحباب بعد مشاركتنا فى مؤتمر التنمية المستدامة الذى عقد من أجل مساعدة الحكومة الانتقالية وقتها ، الحلم الذى تبخر . بمجرد ما وطئت أقدامنا أرض المطار لتغيير الطائرة التى تقلنا الى ماليزيا وجدنا الذعر قد سكّن عميقاً فى نفوس المسافرين الذين تجمعوا من جهات متعددة وكان معظمهم من أرض ظهور فيروس كورونا (الصين) . أصبح أهم شئ لدينا هو الحصول على كمامة ، لأن منظمة الصحة العالمية أعلنت حالة الطوارئ وأن الفيروس تم إعلانه جائحة عالمية. توجهت مسرعاً الى مستشفى طوارئ المطار كان أملى الحصول على كمامة ، ولكن للأسف ، عدت بخفى حنين رُغم توفر الكمامات عندهم ، عندها أدراكت فظاعة الأمر وصعوبة الموقف ، ومما زاد الطين بلة إتصل علينا أحد الأحباب من بريطانيا - كان له علم مسبق بمواعيد سفرنا - لقد حذرنا الرجل بضرورة إرتداء الكمامة ، وقتها إختلطت عندى مشاعر القلق بالحزن العميق وكنت قلقاً على زوجتى أكثر مِنى لأننى يمكن إستخدام أي شئ (كدمول) لتقليل خطر الإصابة. بعد فشل كل الجهود للحصول على كمامة مع إقتراب زمن الصعود إلى الطائره المتوجهة الى كوالالمبور ، تذكرتُ المقولة الشهيرة للراحل المقيم والمفكر الدكتور مصطفى محمود رحمة الله علية:
"لو إنتشر فيروس قاتل في العالم وأغلقت الدول حدودها وإنعزلت خوفاً من الموت المتنقل، ستنقسم الأُمم بالغالب إلى فئتين فئة تمتلك أدوات المعرفة تعمل ليلاً ونهاراً لإكتشاف العلاج والفئة الأخرى تنتظر مصيرها المحتوم ، فوقتها ستفهم المجتمعات أن العلم ليس أداة للترفيه بل وسيلة للنجاة". أنتهي.
° من هنا خطر ببالى يجب أن أساهم بشئ ما يكون له أثر على المجتمع ومقبول علمياً بالرغم من أن علم الفيروسات لم يكن من صميم تخصصي كل ما أعرفه عنها هي دراسات أساسية تلقيناها فى مرحلة البكالوريوس ، وبعد همهمات وتلعثم تصدرُ منى بين الحين والآخر ، ونحن على متن الطائره أتتنى فكرة عمل أفضل تركيبة
( Optimum Formula)
هذه التركيبة يجب ان تكون من منتجات سودانية ومن ثم إستخدامها فى مرض الكورونا . الجهود المبذولة مني تمخضت فى نشر ورقة أولى هدفها الأساسي تعزيز جهاز المناعة لأنه يمنع الجسم من الإصابة بالكائنات المسببة للأمراض ، بما في ذلك الفيروسات والبكتيريا والطفيليات والفطريات وبالتالى يمكن زيادة آلية الدفاع هذه (المناعة في الجسم) عن طريق زيادة مستوى الأيض
(metabolism )
أو هضم الطعام ، والذي يتطلب مصادر الطاقة والركائز المشتقة من المواد الغنية منها، وذات مصدر طبيعى كالمنتجات السودانية بما فيها الأصماغ وبدرة التبلدي . ولذلك كان الهدف من الدراسة الرائدة في كونها درست القيمة الغذائية للتركيبة المثلى ( ٢ : ٣ : ٥ جرام) لكل من بدرة التبلدى السودانية، وصمغي الطلح والهشاب على التوالى. بهدف معرفة إمكانية الجهود التى يمكن أن تساهم فى الحد من معاناة مرضى الكورونا، وبالذات مرضى متلازمة الأيض
(metabolic syndrome )
، أو التمثيل الغذائي، كالسكرى والضغط ، وأمراض القلب وزيادة الوزن الحاد.
° الهدف الرئيسي للدراسة هو تطوير تركيبة مثالية بإستخدام مزيج محدد من الأصماغ و بدرة التبلدى بناء على الخصائص الفيزيوكيميائية
(physicochemical )
لكل منهم على حده ومجتمعين. شملت التحاليل كل من الرطوبة (moisture ) ، والرماد (Ash ) ، والمعادن (minerals ) ، والبروتين (protein ) ، والأحماض الأمينية ( amino acids) ، و الكربوهيدرات (carbohydrate) ، والسكريات و البريبايوتك (prebiotic) والطاقة (dietary fibres ) ، والألياف الغذائية ، والمعادن .
° أوضحت نتائج الدراسة أن المستوى المعدني للتركيبة المثلى (3in1)، الذي يتألف من صمغى الهشاب والطلح وبدرة التبلدى له فروقات محسوسة. بينما تركيز المعادن كان ترتيبها كالتالى: البوتاسيوم ، الكالسيوم ، الصوديوم ، الماغنزيوم ، الزنك ، الحديد ، النحاس والسلينيوم . أما الاحماض الامينية كان الهيدروكسي برولين. هو الأعلى فى التركيبة المثلى مقارنة بالأصماغ ، أو بدرة التبلدى منفردة ، أما بخصوص السكريات المختزلة كان سكر الأرابينوز هو الأعلى فى التركيبة المثلى مقارنة ببقية العينات قيد الدراسة . من المثير للأهتمام كانت نسبة الكاربوهيدريتات المحسوبة على أساس أنها غذاءاً حيوياً ، والطاقة ، والألياف الذائبة ، وغير الذائبة ، كلها كانت بنفس النهج الذي تميزت به الخصائص الأخري.
° هذا يبين جلياً أهمية الصناعات التحويلية بإستخدام المنتجات المحلية وفقاً لحوجة الناس والطلب العالمى الذي يناسب المواصافات والمقايس العالمية . والجدير بالذكر تمت مناقشة مخرجات الورقة بطريقة علمية بربطها بتعريز المناعة
( Innate Immune System )
وفقاً للأدب المنشور ذو الصلة لإثبات أو ربط العلاقة العلمية بين مكونات المنتجات السودانية ودورها الإيجابى فى مكافحة الفيروسات بإتخاذ فيروس كورونا أنموذجاً ، لأن قناعتنا هى فيروس كورونا لن يكون آخر الواصيلن إلى محيطنا المجتمعى ومازلنا محتكين بأماكن تواجده بغض النظر عن مايدور من مؤتمرات أصبحت حديث المجالس.

° ° الفرص المهدرة لتعزيز المناعة فى زمن الكرونا، تتمثل فى الكثير ويمكن مجملاً ذكر بعضها فى :
١. غياب الرؤية الوطنية فى الإستفادة من الفرص فى الصناعات التحويلية ،
٢. القائمين على الأمر فى كافة المؤسسات ذات الصلة بقطاع الأصماغ أما غائبين أو مغيبين ،
٣. إستهداف ومضايقة الشركات الوطنية إما بوضع العراقيل فى طريقها، وأما تهميش رأي من يتولى زمام أمرها،
٤. المؤسسات الإستراتيجية ذات الصلة والتى تبنّت تصنيع الأصماغ والمنتجات الطبيعية الأخري لا تمتلك أدنى معيار لتنفيذ ما تبنته من تصنيع ، وذلك ربما يعزى لغياب المعرفة بأبجديات التصنيع لأن الجامعات ووزراة الصناعة تقع على عاتقهم المسئولية الأولى بوضع أساسيات التصنيع ،
٥. غياب هذا الدور أدى إلى أن مجلس الصمغ العربى يتبنى دوراً ليس دوره ، وهو البحث العلمى البحت فهذا مسئولية الجامعات ومراكز البحث المتخصص ، لأن دور المجلس فيها هو الترويج لها مستخدماً نتائجها فى جلب الدعم الخارجى والترويج لسلعة الصمغ والاصماغ الاخري،
٦. إنعدام الحس الوطنى أدى إلى جشع لاحدود له ، وبالتالى مصلحة الأشخاص أصبحت على حساب المصلحة العامة.
٧. وفى تقديرى إن أهم الفرص التى تم إهدارها هو هجرة الكفاءات ومضايقة الكثير منهم مما أدى إلى عدم الإعتراف أو الأخذ برايهم إلا بعد أن تتبنى دول عظمى نتائج أبحاثهم ..
° وبإختصار ضياع الفُرص وإهدارها على السودان لخصته السيد هند بنت النعمان زوجة الحجاج عندما كانت تجلس أمام مرآءتها تندب حظها بزواجها منه قائلة:
وما هند إلا مهرة عربية ..
سليلة أفراس تحللها بغلُ
فإن ولدت فحلا فلله درها ..
وإن ولدت بغلا فجاء به البغلُ

وما يُهمنا هو دور أصماغ السودان فى الجهود المبذولة والفرص المهدرة لتعزيز المناعة فى زمن الكورونا.
تم نشر الورقة بالمجلة العلمية المتخصصة :

Acta Scientific NUTRITIONAL HEALTH (ISSN:2582-1423)
Volume 6 Issue 4 April 2022

تحت عنوان :
Acacia gums and Adansonia digitata pulp Nutritional Value: Formulation Potential
from Biotechnological Approach

د. أحمد آدم حسن
E-mail :
ahmedrashma@gmail.com
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

آراء