من السودانيين رجالًا صدقوا ما عاهدوا الشعب عليه وجدي صالح أنموذجا
عبير المجمر(سويكت)
28 April, 2022
28 April, 2022
راقبنا عن كثب تطورات أوضاع المعتقلين فى السودان، و نود ان نهنئ الأسرة الصغيرة للمطلق سراحه الأستاذ محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة الانتقالي والرئيس المناوب للجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو و إسترداد الأموال العامة.
كما نهنئ أسرته الكبيرة بالتجمع الاتحادي لإطلاق سراحه بالضمان الشخصي.
و أود فى هذه المناسبة ان أسرد موقف حصل لى خلال جولتي المهنية و الإجتماعية فى السودان، و أظن أن من حق مواطنى الشعب السودانى ان يعرفوا هذه الحقيقة، كما أن الساكت عن الحق شيطان اخرس.
السيد الأستاذ المحامى وجدى صالح و عضو لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو و استرداد الأموال لم أكن أعرفه على الصعيد المهنى نسبةً للبعد الجغرافى ، و لكن من خلال المؤتمرات التى كنت حريصة على حضورها فى وكالة السودان للأنباء سونا، لفت نظرى دماثة الأخلاق التى يتحلى بها هذا الرجل السودانى ذو المعدن الأصيل، و تعامله المهنى الراقى مع الإعلاميين و الصحفيين، و سعة صدره فى تقبل الاسئلة الصعبة، المحرجة، و حتى المستفزة برحابة صدر.
كما انه كان شديد الحرص على التواصل مع الاعلام، و فتح الأبواب عريضة لحضور جميع الاعلاميين بلا فرزٍ و لا تمييز بهدف تمليك المعلومة ، و كان يُتيح الفرص بعدالة حتى لأشرس المعارضين له و لاداء لجنة تفكيك التمكين، كذلك أعجبني إيمان الرجل بالحرية و العدالة و المساواة له و لغيره.
آنذاك بعد إنجلاء ظلام الاستبدادية و بزوغ شمس المدنية، و فى حضرة هذا الرجل يعطيك شعور بانه سيولد سودان جديد حيث بسط الحريات للجميع، و المواطنة بلا تمييز، وطن يجد فيه الجميع نفسه و ذاته و فرصته فى الحياة و العيش الكريم، وطن يسعى الجميع، وطن لا يظلم فيه ضعيف و لا يسرق قوته، و لا يحرم فيه اى شخص من فرصته، وطن محبة و سلام و امان، وطن يحتضن الإبداع و المبدعين و المبتكرين، و يعمل على تطوير إبداعهم و افكارهم و يحفظها و يصونها لا يسرقها و يختطفها لصالح "صاحب و صاحبة الولاء السياسي و الفكرى العقائدي"، بينما يبقى المبدع و المبدعة من ذوى الدخل المحدود ينظرون لابداعهم و افكارهم و ابتكاراتهم تسرق و تختطف و تطبق امام اعينهم و لكن لصالح آخرين.
وطن للجميع دون إقصاء و لا تمييز، وطن ليس حصرًا على الموالين، و حارقى البخور و ضاربى الطبول، و طن الغد، أن البعض يراه حلما بعيدا، و الأغلبية العظمى الكادحه المظلومة، المغلوبة على أمرها تراه قريبا.
ان الله يميز و يخص كل من عباده بصفات و ميزات لحكمة يعلمها وحده، و العاقل هو من يعى ان ما خصه الله به من هبات و سمات و صفات ليست لذاته الشخصية، و لكن هى لخدمة العالم و الإنسانية، فنجد وجدى صالح يتميز بقبول جماهيرى كبير خصاه الله به، و بسمات و صفات القيادة لم يطلبها لكنها تجلت فيه دون جهدٍ و لا عناء، بلاغة و طلاقة لسان، و ذكاء فائق.
تتجلى فى ابن السودان الأنسان وجدى طيبة النفس و بساطتها،
و فى كل زيارة لى للسودان تجدنى بكل حنين أبحث عن سودان العصر الجميل ، سودان الأصالة و الطيبة، سودان المحنة و البساطة، سودان يسعى الجميع، سودان فيه الدين لله و الوطن للجميع، معالم و تعاليم هذا السودان من يوتوبيا المدينة الفضلى التى سوف تتحقق لا شك، طالما يحمل أمانتها فرسان شجعان أمثال وجدى و غيرهم من رجال صدقوا الشعب السودانى ما عاهدوه عليه، لا يلهيهم و لا يحيدهم عن هذا الهدف النبيل لا سجن و لا حبس، فهم أحرار فى قفصهم يتغنون و يرقصون على أنغام الحرية مرددين : الثورة عائدة و منتصرة.
خلال فترة تواجدى فى السودان سمعت بخبر وفاة والدة الأستاذ وجدى، و مع انى لا أعرف شوارع السودان جيدا، إلا أنى حاولت الاستفسار عن العنوان و طلبت ترحال، ثم سارعت للقيام بواجب العزاء فى منطقة الاحتياطى المركزى على ما أعتقد، و كان المشوار طويلا و الرحلة طويلة شاقة متعبة .
و اضافة لذلك أنا لم أكن أعرف بيتهم، و لم ازرهم قط فى حياتي، و لكن من لا يعرف وجدى فى الاحتياطى المركزى !!! و من لا يعرف وجدى صالح فى السودان بصفة عامة !!!!، فما أن سالنا فى الشوارع حتى وجدنا الجميع يتهافتون و يسرعون يريدون ان يدلونا و يرافقونا لمنزل وجدى لاداء واجب العزاء، فجميعهم يحب وجدى صالح، " أنهم يحبونك يا وجدى"، و المحبة التى تأتى من المظلوم و الضعيف، و مكسور الجناح لا ينالها و لا يستحقها إلا امثالك من ناصروا الحق و ساندوا المظلوم، و كانوا ظهره و حصنه المتين.
لقد كان وجدى للجميع بلا تمييز، لذلك جميعهم يمدحون وجدى صالح، جميعهم يعلقون عليه الآمال، لذا عندما فقدت قحت شعبيتها و مصداقيتها، لم يفقد وجدى صالح و لجنة تفكيك التمكين المصداقية و الشعبية ، ظل الإجماع قائمًا على لجنة تفكيك التمكين لم يتزعزع.
عندما وصلت المنزل و رفعت الفاتحة للأستاذ وجدى صالح، بعدها رافقونى لاقوم بواجب العزاء مع النساء أيضا فسلمت عليهن ، و قرات الفاتحة، و حينها وجدت شخصيات عدة من المجتمع المدنى هناك فى دارهم العامرة ، و بعد ان انتهيت، و قبل ان أغادر، و بما ان الوالدة وصتني بان اقوم "بالواجب " كما يسمونه فى السودان، أنها عادات سودانية أصيلة فى الفرح و الترح، الناس تساند بعضها البعض ماديًا انها إنسانيات السودان تظل راسخة برغم الاختلاف و الخلاف .
و لكن المدهش أن زوجت الأستاذ وجدى صالح التى قابلتني بترحاب دون ان تعرفنى، و بنفس طيبة، و بكرم و طيبة و أصالة السودانيين رفضت ان تاخذ منى المبلغ المادى المقدر كنوع من الواجب، و قالت لى بطيبة نفس : جيتك تكفى، فحاولت ان اصر عليها، و لكنها فى كل مرة كانت ترفض و تقول لى كلمات طيبات فيما معناها ان مجئ و مشاطرتى لهم الحزن كافى جدا، و تطلب منى ان اجلس، و تفسح لى المكان بجانبها.
فقد استضافونى خير استضافة، و أكرمونى خير اكرام، لم اجد له مثيل إلا فى فى أم در، فى ود نوباوى بالتحديد حيث بيت الأمير نقدالله رحمة الله عليه، و كما يقول الوالد آلف تعظيم سلام لآل نقدالله، و علها هى هكذا دائمًا الأنفس الصادقة المناضلة من اجل الحق تتشابه فيما بينها، في قيمها و صفاتها و سماتها و إنسانيتها ، لذلك الجانب المرهف منا كبشرى يستشعر أمثال هؤلاء بكل سهولة، حتى نميز الطيب من الخبيث.
و قبل ان أغادرهم كنت أسرح و أتأمل فى أوجه أهلنا الحلفاويين السودانيين، و طيبتهم و بساطتهم، تلك الثقافة السودانية الأصيلة التى أنجبت وجدى صالح، و تعلم منها البساطة و طيبة النفس و الإنسانية، و علمته ثقافته نبذ الكراهية و العنصرية، و كيف يكون شجاعًا لا يخاف فى الحق لومة لائم.
حقًا كذب من أدعى و زعم ان وجدى صالح خائن للأمانة انها شهادتى لله ، ما يحدث له الآن هى ضريبة شعبيته الواسعة، و محبة الناس له، محاولة تشويه صورته و النيل منه تعبر عن توجسات من ارتابهم الخوف من لجنة تفكيك التمكين ، و خافوا من مستقبل شعبية وجدى، و سماته و صفاته القيادية التى لم يدرسها فى أكاديميات و لكنها هبة الله لمن اجتباهم من عباده، يصطفى من عباده من يشاء، و له فى ذلك حكمة و شأن عظيم .
نواصل للحديث بقية.
عبير المجمر(سويكت)
باريس/فرنسا
٢٧/٠٤/٢٠٢٢
elmugaa@yahoo.com