تقِرُّ بملكيّتِها للمُخَدّرات وإصْبَعُها في عين أتْخَن تَخين

 


 

 

مدخَل مؤلم
(يُصَوَّبُ السّلاح ثُمّ يُطْلَق دونَ أن يَطْرِفُ لِمُطلِقِهِ جَفْن .. ماذا يَهُم ما دامَ التصويبُ ثُمّ القَتل مُوَجّهان إلى مواكبٍ سِلميّه تُطالبُ بحقوقِها ثُمّ ألَيسَ مَن أصابِعُهُم على الزّناد مَحميين بأمرِ السُلطه؟ .. وفي الجانِبِ الآخَر حَرَكةٍ مُسَلّحه تُعلِنُ ملكيّتِها لمخدّرات مجهولَة الصاحِب مُختَصِرَةً الطريق لِكميّاتٍ من التّحري والتحقيق ولا نَسمَعُ للرُصاصِ صوتاً .. رُصاصِ إنفاذ القانون ؛ وعندما نبحثُ عنهُ نجدهُ قد توارى خَجَلاً فهو رصاص ككُلّ الرصاص لكنّهُ لم يُصْرَف للأيدي الصحيحَه).
بعد نجاح ثورة ديسمبر مباشرةً كانت هنالك مواقع تقوم على حراستها المليشيات مثل الكباري والأماكن الاستراتيجيه هذه الحراسات اتخذت أشكال عربات تاتشر تكتظُّ بالجنود. لاحظنا في خلال جولاتٍ كنا نقومُ بها ان روائح ( البنقو ) كانت تنبعثُ بصورةٍ كثيفه من هذه العربات مما يعني انّ هنالك تَدخينٌ كثيف لهذا المخدّر في هذه المواقع وسط العاصمه القوميه. ومما يعني أنّ كُلّ هذه الأيدي التي تُطبِقُ على سلاحٍ مُميت تخضَع لعقولٍ مشوّهه مُغيّبَه عن الواقع.
على طول المساحه امام نادي التنس من مدخل مطار الخرطوم وحتى صينية المركز الطبي الحديث أي قلب قلب الخرطوم اصبحت هذه المنطقه منطقه مخيفه بمعنى الكلمه. لا توجد إضاءه وكل المنطقه عباره عن كراسي وستات شاي وظلام وممارسات ضمنها المخدرات بشكلٍ علَني شكى منها الكثيرون ويقال انها تحت حراسة بعض الحركات المسلحه.
قرأنا كثيراً وسمعنا كثيراً عن ضبط افراد من الحركات المسلحه وهم يتاجرون في المخدرات أو يتبين عند الضبط انهم يتبعون لحركةٍ مسلّحةٍ ما وهنالك أيضاً الكثير عن ( الجنبات ) وهي لمن لا يعرفونها عباره عن منازل يتم إستئجارها في الاحياء الراقيه مثل العمارات والخرطوم ٢ والرياض .. الخ ككفتيريات ثم تتم فيها ممارسات اخرى اقلاها المخدرات والدعاره ويقالُ أيضاً ان كل ذلك يتم تحت حماية بعض أفراد من الحركات المسلحه.
لم أكُن أتَصَوّر أن يأتِيَ يومٌ نشهَدُ فيهِ شخصٌ أو مَجموعَه تُقِرُّ في العَلَن بمِلكيّتِها لضبطيّة مُخَدّرات دخلت البلاد بل وتُطالِب على رؤوس الأشهاد وبدون مُداراه او خَوف أو خجل بتسليمِها المُخَدّرات المضبوطه لأنّها حَقٌّ لها وفي الأثناء لم ينبِسُ مسؤولٌ ببنت شفه من مُنطلق مسؤوليّتِه الرسميه التي يتقاضى عليها أجراً او مسؤوليتهِ الوطنيه ولم نسمَعُ أنّ مسؤولاً قد تقدّمَ باستقالَتِهِ إستِنكاراً لما يَحدُث.
إنّ عدم مَقدِرَة الموظف العام على تنفيذ القانون الذي تمّ توظيفهُ من أجلِ تنفيذِهِ وبالتالي كفّ الأذى الذي يلحق بالمجتمع وتمثيل يَد السُلطه التي يجب ان تكونَ مُهابَه وقويه وحازمه وباطشه وحاسِمَه ، عدم المقدره هذا ، يُنبئُ عن شَرٍّ مُستطير فهو يَحدُثُ لاول مرّه ولم نسمع به من قبل. فأمام قوّة العين لهذه الحركه/ات المُسَلّحه يبدو أنّ الحمايه آتيه من قمّة السُلطه ومع هذا فإنّ صمت الجهات المعنيه يعني إشتراكاً في جريمةِ إدخال اطنانٍ من المخدّرات وبالتالي ضياع الآلاف من أبناء الوطن وكأضعَفِ الإيمان أتساءل عن ما الذي يربطُ إدارةً عاجِزه عن مُجَرّد الرّد على مُطالبة هذه الحركه بحقّها في مخدّرات ما الذي يربِطها بكراسي هذه الإداره ويعلم الجميع أنّ في الإستقالَةِ أداءٌ للواجب لِمَرّةٍ أخيره تحفظ كرامة المستقيل وتُرسي ثقافة الواجب الذي لا حَيدَة عنه.
لَنا أن نَتَصوّر أن ما تُطالبُ به هذه الحركه المُسَلّحه في العَلَن وبقوّة عين وليس على استِحياء ليس اسبيرات او سيارات او مواد تموينيه دخلت عن طريق التهريب ولكنها مخدّرات تُدَمّرُ كُلَّ شيئٍ في طريقها وتورثُنا وطَناً مُقْعَداً لا حيلَةَ لَهُ ولا حيلَةَ لنا تجاههُ.
نعلَمُ جميعاً أنّ السلطات لديها معرفه وخِبرَه في إلقاء القبض على المتّهمين وذلك عبر طُرُقٍ كثيره منها الكمين وهو تَتَبُّع البضاعه عن بُعد دون أثارة الشُبُهات حتى يتم تحديد المتهم او المتهمين وبالتالي إلقاء القبض عليهم.
المخدّرات قفَزت الى صدارة الجرائم بعدما صارت الدوله شريكًا فاعلاً فيها وحامياً للمُتاحِرينَ فيها منذ الانقاذ وحتى اليوم. ولأنها انعكست سلباً على المجتمع فقد صارت قضية رأيٍّ عام تهُمُّ كل بيت وكلّ أسره وبالتالي كل المجتمع في غياب الجهات العلاجيّه الفعّاله والمُكافَحه الأمينه التي يُركَنُ إليها.
يبقى السؤال الهام هو ماذا فَعَلَت السُلطات حيال إعتراف حركه مُسلّحه بنسبة هذه المخدرات اليها؟ هل تم ألقاء القبض على أحد؟ ماذا نَجَمَ عن التحرّي عن دوَل المَنشأ ودول العبور وحتى الوصول؟ من الذي أرسلها ؟ ماذا تمّ في شأن هذه المخدرات هل أُبيدَت وبأمرِ مَن؟ ام انها ما زالت تحت أيدي السلطات ولماذا؟ ام هل تمّ تسليمها للحركة المسلحه التي ادّعت ملكيتها وكفى اللهُ المؤمنين القتال؟
كل التساؤلات اعلاه تخُصّ كل فرد في هذا البلد المنكوب. لم يُكلّف اي مسؤول نفسهُ عناء الخروج في مؤتمرٍ صحفي او مجرّد تصريح للاجابةِ على هذه التساؤلات.. فنَحنُ شَعبٌ لا نَستَحِقُّ أن نجِد أيّ تعامُلٍ مِن أيّ مسؤول سوى الضرب بالبُنبان او الرّش بالمياه مجهولَة المَصدَر او الضرب بالرُصاص.. ومَن يَتَبَقوا مِنّا يُرمَون على ظهور الشاحِنات ثمّ الى الزنازين.
إنّنا نَفهَم التعامُل الشّرِس للقوات النظاميه مع المواكب السلميه ( نحنُ نَشهَدُ على سلميتِها ) وقمعِها والتّنكيل بها وإيرَادِ مُكَوّنيها موارِد الهلاك وبعد ذلك اعتقالِهِم والتنكيل بهم ولكننا لا نَفهَم التعامل الرخو مع حركات تُخالف القانون وتُعيثُ في الدولَةِ فساداً وإفساداً ليسَ بالسُتره ولكن عَلَناً وإصبَعُها في عين ( أتخَن تَخين ). إذا كانوا حريصين على سلامة الإنقلاب وحُمايتِهِ من الشّعب وأذا كانوا مؤيدين لأن تحكُمُنا الشموليات والمليشيات المسلحه فإنّ هنالِكَ قَدْرٌ مِن الرُّجوله والنّخوه عُرِفَ بهما شعب السودان رَضِعَهُما الأبناء والبنات منذ الولاده ولا يحتاج أحدٌ لدراسَتِهِما في الكليات النظاميه .. فأينَ اختفى ( بعض ) مَن رَضِعوا؟
من اخذ الأجر حاسبهُ الله بالعمل. نفهم أنّهُ من مصلحة السلطه الحاكمه الان ، كما في زمن الإنقاذ ، إغراق الشباب في المخدرات كجزءٍ من مخطط البقاء في الحكم. في الأزمان السابقه كان يوجد في أيّ مجتمع بعض الصالحين الذين يخافون الله وضمائرَهُم وكانوا يحفظون التوازن ويكُفّون أيدي من لا ضمائر لهُم فأينَ ذهبَ هؤلاء ؟ ومِن أينَ أتى هؤلاء ؟

melsayigh@gmail.com

 

آراء