دعاوى حماية الحقوق الدستورية
حسين ابراهيم علي جادين
24 October, 2022
24 October, 2022
المقصود بالحق الدستوري موضوع دعوى حماية الحق الدستوري هو أي حق وارد النص عليه في الدستور كالحق في الحياة، إذ لا يجوز مصادرة حق الإنسان في الحياة وتعرضه لعقوبة الإعدام الا بنص في القانون وامام محاكمة عادلة تتاح له فيها كل سبل الدفاع وحق التملك والا تصادر املاكه بقرارات إدارية يحرم فيها من الحق للجوء للمحاكم والحق في المحاكمة العادلة والحق بعدم رجعية القوانين الا ان كانت في صالح المتهم، الا أن الدائرة الدستورية في المحكمة العليا السودانية في عام 1986 قد قررت أن ذلك ينطبق على القوانين العقابية وليس على القوانين الإجرائية التي يجوز تطبيقها بأثر رجعي على ما سنرى في السابقة القضائية أبو القاسم محمد إبراهيم وآخرين ضد حكومة السودان، ومن الحقوق الدستورية الحق في عدم تعرض المدانين لعقوبات وحشية أو عقوبات تحط من الكرامة الإنسانية، وغير ذلك من الحقوق الدستورية التي تنص عليها الدستور والعهود والمواثيق الدولية.
ففي عام 1977 أصدرت المحكمة العليا الأمريكية في دعوى Ingraham V. Wright وهي دعوى حماية حق دستوري أقامها طلاب مدرسة ثانوية في ولاية فلوريدا الأمريكية يدعون فيها أن العقوبات التي يوقعها عليهم المعلمون بالضرب بالمجداف عند ارتكاب الطلاب لأخطاء أو عند وقوع سلوك غير منضبط منهم في المدرسة
يخالف التعديل الثامن للدستور الأمريكي الذي ينص على تحريم توقيع العقوبات الوحشية وغير العادية cruel and unusual punishment وطالبوا بوقفها الا أن المحكمة العليا الأمريكية قررت أن المقصود بهذه المادة هي العقوبات التي تطبقها المحاكم في القضايا الجنائية المطروحة أمامها وليس ما تطبقه المؤسسات التربوية على سبيل حمل الطلاب على الالتزام بالانضباط وتقويم السلوك.
كما تعتبر سابقة أبو القاسم محمد إبراهيم وآخرين ضد حكومة السودان، والمشار اليها آنفاً، من أهم السوابق القضائية السودانية من حيث التمييز بين القوانين العقابية والقوانين الإجرائية في الأثر الرجعي لتطبيق القوانين وأن تطبيق القانون بأثر رجعي لا يهدر حقوق المتهم في القوانين الإجرائية، والى السابقة:
المحكمة العليا
الدائرة الدستورية
القضاة:
سعادة السيد/ مهدى محمد أحمد رئيس القضاة بالإنابة رئيساً
سعادة السيد/ هنري رياض سكلا قاضى المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ فاروق أحمد إبراهيم قاضى المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ محمد محمود أبو قصيصة قاضى المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ زكى عبد الرحمن قاضى المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ محمد حمزة الصديق قاضى المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ محمد عبد الرحيم على قاضى المحكمة العليا عضواً
أبو القاسم محمد إبراهيم وآخرين / ضد / حكومة السودان
م ع / ع د/ 7/1407هـ
المبادئ:
إجراءات مدنية – عدم جواز رفع دعوى بحماية حق إلا بعد استنفاذ وسائل التظلم المقررة قانوناً.
الدستور – الانتقالي لعام 1985 – المساواة في الحقوق – المساواة نسبية وليست مطلقة – والنصوص العامة المجردة لا تنطوي على إخلال بالمساواة المادة 17 من الدستور الانتقالي لسنة 1985م.
تشريع – جواز النص على الإجراءات في قانون عقابي – الأصل مبدأ فورية الإجراءات – سريان الإجراءات على الدعاوى القائمة من قبل أو الجديدة.
1- لا يجوز قبول دعوى حماية حق دستوري متى كان المشرع قد أبان سبل التظلم التي تكفل حماية الحقوق الدستورية أو ضمانات الحقوق الدستورية علماً بأن من المسلم به أن حكم محكمة أول درجة الذي لم يصدر بعد في مواجهة المتهمين يخضع للتأييد بواسطة المحكمة العليا.
2- لما كانت الإجراءات التي يخضع لها المتهمون في المحاكمة تدور وجوداً وعدماً مع الأحكام المنصوص عليها في البنود أ/ ب/ ج من المادة 31 من قانون أمن الدولة ، لمحاكمة الجرائم الواردة في القسم التاسع والعاشر والحادي عشر من قانون العقوبات سنة 1925 والقسم الخامس من قانون قوات الشعب المسلحة لسنة 1975م ، ولما كانت النصوص والقواعد الإجرائية نصوصاً وقواعد إجرائية عامة ومجردة وليست متعلقة بأشخاص بأعينهم ، بل لكل من تقلد مناصب قيادية لأفراد القوات النظامية ابتداء من رئيس مجلس قيادة الثورة وانتهاء بأصحاب المراكز السياسية فإنه لا يكون هناك إخلال بحق المساواة المنصوص عليه في المادة 17 من دستور السودان- الانتقالي لسنة 1985م.
3- 3- من المسلم به قانوناً وقضاءً وفقهاً، أنه ليس هناك ما يحول دون أن يتضمن القانون نصوصاً عقابية ونصوصاً إجرائية في ذلك الوقت وكما أن القاعدة الأصولية هي أن تسري القوانين أو النصوص الإجرائية بأثر فوري على الدعاوى الجديدة وعلى الدعاوى التي لا تزال قائمة لم يفصل فيها إلا في حالات استثنائية نادرة.
المحامون: ..................... عبد الباسط سبدرات
الحكم
القاضي/ محمد عبد الرحيم على
التاريخ: 9/12/1986م
يطعن الأستاذ عبد الباسط سبدرات المحامي عن المتهمين أبو القاسم محمد إبراهيم وآخرين وفق المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية والمادة 26، 32 من دستور السودان الانتقالي لسنة 1985 وقد بنى الطعن على الأسباب الآتية:
أولاً: الطاعنون تم تقديمهم للمحاكمة وما تزال الإجراءات مستمرة أمام محكمة أمن الدولة وفق أمر التشكيل الصادر في 13 جمادى الآخر 1406هـ الموافق 22 فبراير 1986م من الفريق أول عبد الرحمن محمد حسن سوار الدهب رئيس المجلس العسكري الانتقالي وفق أحكام البندين (2) و (3) من المادة (31) من قانون أمن الدولة لسنة 1973 لتتم محاكمتهم تحت المواد 96 و109 من قانون العقوبات لسنة 1925 والمادة 21 من قانون القوات المسلحة لسنة 1957م.
ثانياً: الاتهام الذي يواجه الطاعنون عن فعل وقع في 25 مايو 1969م وأمر التشكيل يستند إلى البندين (2) و (3) من المادة 31 من قانون أمن الدولة لسنة 1973م أي أن الطاعنين يقدمون وفق قانون لم يكن معمولاً به وقت ارتكاب الفعل مما يتنافى مع المبدأ الراسخ لعدم رجعية القوانين ويتعارض مع المادة 27 من دستور السودان الانتقالي لعام 1985م.
ثالثاً: تقديم الطاعنين وفق قانون أمن الدولة في جريمة وقعت قبل سريان هذا القانون مع الحقوق الأساسية ويجعلهم يواجهون إجراءات وفق أمر التشكيل تنتقص من فرص العدالة بل يوصد أمامهم باب نيل محاكمة عادلة وذلك بعد الاطلاع على المواد 4، 5، 12، 24 من أمر التشكيل ويتعارض مع المادة 17 من الدستور.
ويطالب محامي الطاعنين بالحكم ببطلان هذه الإجراءات.
ولقد مثل محامي الطاعنين أمام هذه الدائرة بجلسة 4/12/1986 وقام بالرد على الاستفسارات التي وجهت إليه طبقاً لما هو ثابت بالمحضر.
وباستقراء قانون أمن الدولة لسنة 1973 نجده متضمناً خمسة أقسام تضمن القسم الأول أحكاماً تمهيدية وتضمن القسم الثاني الجرائم التي تمس أمن الدولة والقسم الثالث الجرائم التي تمس النظام السياسي للدولة أو الاقتصاد الوطني والقسم الرابع إجراءات منع الجريمة وتضمن القسم الخامس والأخير على أحكام عامة ومن بينها المادة 31 التي تتعلق بإجراءات محاكمة الجرائم المنصوص عليها في القانون المشار إليه وقوانين أخرى طبقاً لما هو وارد بالفقرات أ، ب، ج.
وعليه إننا نرى أن قانون أمن الدولة لسنة 1973 اشتمل على جرائم معينة ثم أفرد لها عقوبات في القسمين الثاني والثالث كما اشتمل على تحديد النمط الذي يمكن اتباعه في المحاكمة وهذا النمط له شقان، الشق الأول هو أن يقدم الشخص أمام المحاكم العادية بشرط الحصول على إذن مكتوب من رئيس الجمهورية أو من يفوضه طبقاً للفقرة (1) من المادة 31. وأما الشق الثاني أن يحاكم المتهم أمام محكمة أمن دولة إذا ما وجه إليه الاتهام بمقتضى الجرائم التي ذكرت في الفقرات (أ) و (ب) و (ج). ولقد تضمنت الفقرة (أ) الجرائم الواردة في القسم التاسع والعاشر والحادي عشر من قانون العقوبات والقسم الخامس من قانون قوات الشعب المسلحة والتي من بينها الجرائم موضوع الاتهام.
يتضح من كل ذلك أن قانون أمن الدولة اشتمل على مواد عقابية ومواد إجرائية ما نحي في محاكمة الطاعنين هو المنحى المضمن في الفقرة (2) من المادة 31 المتعلقة بنمط إجراءات المحاكمة الخاصة. ولما كان كذلك فإنه لا مكان للدفع بمخالفة المادة 27 من الدستور والتي تنصب على تحريم وتوقيع العقوبة حيث ورد النص على النحو التالي: -
(لا يجرم أي فعل ولا توقع أي عقوبة إلا بمقتضى قانون معمول به وقت ارتكاب الجريمة).
ولما ما أثاره السيد محامي الطاعنين من اشتمال قانون أمن الدولة لنصوص إجرائية فإننا لا نرى ما يمنع ذلك من الزوايا التشريعية.
وإنه لمن المسلمات الفقهية والقانونية أن تسري قوانين الإجراءات بأثر فورى فيما عدا ما يستثنى في قوانين الإجراءات المدنية والتي، على سبيل المثال، تضمنتها المادة الرابعة من قانوني الإجراءات المدنية لسنة 1974، 1983.
وأما بالنسبة للمادة 17 من الدستور فالواضح أن محامي الطاعنين، كما جاء بعريضته وما أدلى به عندما استفسر أمام هذه الدائرة، يرى أن ما اتبع من نمط خاص لمحاكمة المتهمين على نحو ما فصلناه أعلاه يشكل ضرباً من ضروب عدم المساواة لكون أن المحاكمة خرجت عن القناة العادية المضمنة في قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم يجعل المتهمين يواجهون إجراءات خاصة تنقص من فرص العدالة وتوصد الباب أمامهم وتحرمهم من نيل محاكمة عادلة.
نقول إن هذا النمط الاستثنائي في المحاكمة، كما فصلناه أعلاه جاء مرتبطاً بالأفعال بصورة مجردة وليس بأشخاص بأعينهم يمكن القول معه بأن هناك تمييزاً لفئة دون أخرى. إن الخضوع لهذا النمط من المحاكمات يدور وجوداً وعدماً مع الجرائم التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة 31 البنود (أ) و (ب) و (ج). ونحيل في هذا الصدد لما جاء في قرار الدائرة في الطعن / م ع/ ع د/ 22/ 1406 خالد حسن عباس وآخرين والتي رفعت من قبل الأستاذ عبد الباسط سبدرات نفسه – راجع مذكرة القاضي العالم محمد محمود أبو قصيصة عن معنى المساواة طبقاً للمادة 17 من الدستور.
نقول ما قلناه دون حاجة للتعرض لما جاء في المدة 32 الفقرة الثانية من الدستور الانتقالي لسنة 1985.
وعليه أرى أن ترفض عريضة الطعن بمقتضى المادة 327/ ج من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983.
القاضي / هنري رياض سكلا.
أوافق على ما جاء بالمذكرة الأولي وأضيف ما يلي: -
ولما كان يبين مما سبق ذكره أن عريضة الدعوى لا تتضمن بيان قانوني أو نص تشريعي باعتبار أنه مخالف للدستور، فإن العريضة تكون عبارة عن طلب لحماية حق دستوري أو حقوق دستورية تحت المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية وفق ما جاء في صدر العريضة.
ولما كانت العريضة قد جاءت خلوا من الوقائع التي أدت إلى إهدار الحقوق الدستورية، فيما عدا الادعاء العام بمخالفة مبدأ عدم رجعية القوانين والادعاءات المجردة المبهمة المرتكزة على مخالفة بعض بنود أمر تشكيل المحاكمة لأحكام المادة 17 من الدستور، فإنه يتعين عدم قبول العريضة وفقاً لأحكام البند (1) من المادة 326 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه يتعين شطب العريضة أيضاً لما يلي من أسباب: -
1- للإقرار بأن مقدمي الطلب خضعوا ولا يزالون يخضعون لإجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة التي لم تصدر حكماً بعد ، وإنه يبين مما جاء في العريضة وفي الإقرار المشفوع باليمين أن مقدمي الطلب لم يستخدموا كل سبل التظلم المتاحة لهم، ولا أمام محكمة أول درجة ولا أمام محكمة ثاني درجة ، فيما إذا صدر حكم لغير صالحهم ، ذلك أنه لا يجوز قبول دعوى حماية حق دستوري ، متى كان المشرع قد أبان سبل التظلم التي تكفل حماية الحقوق الدستورية أو ضمانات الحقوق الدستورية ، علماً بأن من المسلم به أن حكم محكمة أول درجة يخضع للتأييد بواسطة المحكمة العليا.
2- رغم أن صياغة هذه العريضة تخالف إلى حد ما صياغة العريضة رقم 22/1406هـ التي سبق أن تقدم بها ذات الأطراف قبل بدء المحاكمة طاعنين في دستورية التعديل الذي أجري على المادة (2) من قانون الإعفاءات لسنة 1977م (تعديل لسنة 1405هـ) وهو التعديل الذي حرمهم من التمسك بالحماية القانونية التي قررتها تلك المادة قبل تعديلها، إلا أن الأسباب التي ترتكز عليها العريضتان واحدة في جوهرها، وهي مخالفة مبدأ المساواة (المادة 17) ويخالفه مبدأ عدم رجعية القوانين (م27).
ولذلك فإنه يمكن الرد على الادعاءات الواردة في هذه العريضة بما سبق به الرد على العريضة الأولي، وهو أنه ليس هناك إخلال بعدم المساواة، ذلك لأن التمييز في معاملة مقدمي الطلب عن غيرهم ممن شاركوا في ثورة أو انقلاب مايو، لم يكن بسبب الرأي السياسي بل لأسباب أخرى هي تقلد مناصب قيادية لأفراد القوات النظامية ابتداءً من رئيس مجلس قيادة الثورة وانتهاءً بأصحاب المراكز السياسية.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، فإن المجلس العسكري الانتقالي لما أصدر دستور السودان الانتقالي لسنة 1985، أراد صراحة أن يحرم مقدمي الطلب من اللجوء إلى المحكمة العليا للطعن في دستورية أي قانون أو لائحة – يسلبهم بعض حقوقهم المنصوص عليها في البند (2) من المادة 32 من الدستور. ومن بينهما المادة 27 التي تتعلق بمبدأ الشرعية ومبدأ عدم رجعية القانون ، متى كان هناك قرار من قاض بأن هناك تهمةً أو تهماً موجهة ضد المتهمين ، وكان من الثابت فتح بلاغ جنائي بتاريخ 27/7/1985 بواسطة قاضى مختص ضد مقدمي الطلب ، مما أدى إلى تقديمهم وخضوعهم لمحاكمة استغرقت الأشهر الطوال وجهت التهم فيما إليهم منذ بداية المحاكمة وتم الرد عليها ، ويؤدى ذلك الحرمان من الطعن في دستورية القوانين الحرمان أيضاً من التمسك بحماية بعض الحقوق الدستورية أمام المحكمة العليا ، وذلك كله تجنباً لتعطيل أو تعويق إجراءات المحاكمة لفئة من الأشخاص ، أراد المشرع الدستوري لاعتبارات سياسية قدرها معاملتها على النحو الوارد في المادة 32 من دستور السودان الانتقالي.
وعلى سبيل المناقشة العرضية يمكن القول بأن الادعاء بأن تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قانون أمن الدولة الصادر في 1973، على وقائع سابقة حدثت في 1969 مشوب بالخطأ أو البطلان أو عدم الدستورية، لا سند له في القانون، إذ الأصل أن القوانين الجديدة، المتعلقة بالإجراءات تطبق فور العمل بها على الدعاوى الجديدة وعلى الدعاوى التي لا تزال قائمة لم يفصل فيها وعلى الإجراءات التي بدأت ولم تتم، استناداً إلى المبدأ المسلم به قانوناً وفقهاً وقضاء وهو مبدأ الأثر الفوري للقوانين الإجرائية. وهو مبدأ مسلم به في نطاق قانون الإجراءات المدنية ونطاق الإجراءات الجنائية أيضاً.
صحيح أن هذا المبدأ يخضع لحالات استثنائية مثل التعديل في اختصاص المحكمة أو المواعيد أو طرق الطعن، بيد أن هذه الحالات الاستثنائية هي في حقيقتها وجوهرها غير مجافية أو معارضة لمبدأ الفورية، لأن المراد منها كفالة استقرار الإجراءات، وجعل الحكم خاضعاً لطرق الطعن المقررة في القانون الذي صدر الحكم في ظله.
لكل ذلك يتعين عدم قبول عريضة الدعوى.
محمد محمود أبو قصيصة زكى عبد الرحمن
قاضى المحكمة العليا قاضى المحكمة العليا
عضو الدائرة الدستورية عضو الدائرة الدستورية
محمد حمزة الصديق
قاضى المحكمة العليا
عضو الدائرة الدستورية
الأمر النهائي:
شطب العريضة
صدر تحت توقيعنا في اليوم السابع من ربيع ثاني 1407هـ الموافق التاسع من شهر ديسمبر 1986م.
مهدى محمد أحمد
هنرى رياض سكلا
فاروق أحمد إبراهيم
محمد محمود أبو قصيصة
زكى عبد الرحمن
محمد حمزة الصديق
محمد عبد الرحيم على
كاتب المقال
حسين ابراهيم علي جادين
مستشار قانوني
alaaggean@outlook.com
////////////////////////
ففي عام 1977 أصدرت المحكمة العليا الأمريكية في دعوى Ingraham V. Wright وهي دعوى حماية حق دستوري أقامها طلاب مدرسة ثانوية في ولاية فلوريدا الأمريكية يدعون فيها أن العقوبات التي يوقعها عليهم المعلمون بالضرب بالمجداف عند ارتكاب الطلاب لأخطاء أو عند وقوع سلوك غير منضبط منهم في المدرسة
يخالف التعديل الثامن للدستور الأمريكي الذي ينص على تحريم توقيع العقوبات الوحشية وغير العادية cruel and unusual punishment وطالبوا بوقفها الا أن المحكمة العليا الأمريكية قررت أن المقصود بهذه المادة هي العقوبات التي تطبقها المحاكم في القضايا الجنائية المطروحة أمامها وليس ما تطبقه المؤسسات التربوية على سبيل حمل الطلاب على الالتزام بالانضباط وتقويم السلوك.
كما تعتبر سابقة أبو القاسم محمد إبراهيم وآخرين ضد حكومة السودان، والمشار اليها آنفاً، من أهم السوابق القضائية السودانية من حيث التمييز بين القوانين العقابية والقوانين الإجرائية في الأثر الرجعي لتطبيق القوانين وأن تطبيق القانون بأثر رجعي لا يهدر حقوق المتهم في القوانين الإجرائية، والى السابقة:
المحكمة العليا
الدائرة الدستورية
القضاة:
سعادة السيد/ مهدى محمد أحمد رئيس القضاة بالإنابة رئيساً
سعادة السيد/ هنري رياض سكلا قاضى المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ فاروق أحمد إبراهيم قاضى المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ محمد محمود أبو قصيصة قاضى المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ زكى عبد الرحمن قاضى المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ محمد حمزة الصديق قاضى المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ محمد عبد الرحيم على قاضى المحكمة العليا عضواً
أبو القاسم محمد إبراهيم وآخرين / ضد / حكومة السودان
م ع / ع د/ 7/1407هـ
المبادئ:
إجراءات مدنية – عدم جواز رفع دعوى بحماية حق إلا بعد استنفاذ وسائل التظلم المقررة قانوناً.
الدستور – الانتقالي لعام 1985 – المساواة في الحقوق – المساواة نسبية وليست مطلقة – والنصوص العامة المجردة لا تنطوي على إخلال بالمساواة المادة 17 من الدستور الانتقالي لسنة 1985م.
تشريع – جواز النص على الإجراءات في قانون عقابي – الأصل مبدأ فورية الإجراءات – سريان الإجراءات على الدعاوى القائمة من قبل أو الجديدة.
1- لا يجوز قبول دعوى حماية حق دستوري متى كان المشرع قد أبان سبل التظلم التي تكفل حماية الحقوق الدستورية أو ضمانات الحقوق الدستورية علماً بأن من المسلم به أن حكم محكمة أول درجة الذي لم يصدر بعد في مواجهة المتهمين يخضع للتأييد بواسطة المحكمة العليا.
2- لما كانت الإجراءات التي يخضع لها المتهمون في المحاكمة تدور وجوداً وعدماً مع الأحكام المنصوص عليها في البنود أ/ ب/ ج من المادة 31 من قانون أمن الدولة ، لمحاكمة الجرائم الواردة في القسم التاسع والعاشر والحادي عشر من قانون العقوبات سنة 1925 والقسم الخامس من قانون قوات الشعب المسلحة لسنة 1975م ، ولما كانت النصوص والقواعد الإجرائية نصوصاً وقواعد إجرائية عامة ومجردة وليست متعلقة بأشخاص بأعينهم ، بل لكل من تقلد مناصب قيادية لأفراد القوات النظامية ابتداء من رئيس مجلس قيادة الثورة وانتهاء بأصحاب المراكز السياسية فإنه لا يكون هناك إخلال بحق المساواة المنصوص عليه في المادة 17 من دستور السودان- الانتقالي لسنة 1985م.
3- 3- من المسلم به قانوناً وقضاءً وفقهاً، أنه ليس هناك ما يحول دون أن يتضمن القانون نصوصاً عقابية ونصوصاً إجرائية في ذلك الوقت وكما أن القاعدة الأصولية هي أن تسري القوانين أو النصوص الإجرائية بأثر فوري على الدعاوى الجديدة وعلى الدعاوى التي لا تزال قائمة لم يفصل فيها إلا في حالات استثنائية نادرة.
المحامون: ..................... عبد الباسط سبدرات
الحكم
القاضي/ محمد عبد الرحيم على
التاريخ: 9/12/1986م
يطعن الأستاذ عبد الباسط سبدرات المحامي عن المتهمين أبو القاسم محمد إبراهيم وآخرين وفق المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية والمادة 26، 32 من دستور السودان الانتقالي لسنة 1985 وقد بنى الطعن على الأسباب الآتية:
أولاً: الطاعنون تم تقديمهم للمحاكمة وما تزال الإجراءات مستمرة أمام محكمة أمن الدولة وفق أمر التشكيل الصادر في 13 جمادى الآخر 1406هـ الموافق 22 فبراير 1986م من الفريق أول عبد الرحمن محمد حسن سوار الدهب رئيس المجلس العسكري الانتقالي وفق أحكام البندين (2) و (3) من المادة (31) من قانون أمن الدولة لسنة 1973 لتتم محاكمتهم تحت المواد 96 و109 من قانون العقوبات لسنة 1925 والمادة 21 من قانون القوات المسلحة لسنة 1957م.
ثانياً: الاتهام الذي يواجه الطاعنون عن فعل وقع في 25 مايو 1969م وأمر التشكيل يستند إلى البندين (2) و (3) من المادة 31 من قانون أمن الدولة لسنة 1973م أي أن الطاعنين يقدمون وفق قانون لم يكن معمولاً به وقت ارتكاب الفعل مما يتنافى مع المبدأ الراسخ لعدم رجعية القوانين ويتعارض مع المادة 27 من دستور السودان الانتقالي لعام 1985م.
ثالثاً: تقديم الطاعنين وفق قانون أمن الدولة في جريمة وقعت قبل سريان هذا القانون مع الحقوق الأساسية ويجعلهم يواجهون إجراءات وفق أمر التشكيل تنتقص من فرص العدالة بل يوصد أمامهم باب نيل محاكمة عادلة وذلك بعد الاطلاع على المواد 4، 5، 12، 24 من أمر التشكيل ويتعارض مع المادة 17 من الدستور.
ويطالب محامي الطاعنين بالحكم ببطلان هذه الإجراءات.
ولقد مثل محامي الطاعنين أمام هذه الدائرة بجلسة 4/12/1986 وقام بالرد على الاستفسارات التي وجهت إليه طبقاً لما هو ثابت بالمحضر.
وباستقراء قانون أمن الدولة لسنة 1973 نجده متضمناً خمسة أقسام تضمن القسم الأول أحكاماً تمهيدية وتضمن القسم الثاني الجرائم التي تمس أمن الدولة والقسم الثالث الجرائم التي تمس النظام السياسي للدولة أو الاقتصاد الوطني والقسم الرابع إجراءات منع الجريمة وتضمن القسم الخامس والأخير على أحكام عامة ومن بينها المادة 31 التي تتعلق بإجراءات محاكمة الجرائم المنصوص عليها في القانون المشار إليه وقوانين أخرى طبقاً لما هو وارد بالفقرات أ، ب، ج.
وعليه إننا نرى أن قانون أمن الدولة لسنة 1973 اشتمل على جرائم معينة ثم أفرد لها عقوبات في القسمين الثاني والثالث كما اشتمل على تحديد النمط الذي يمكن اتباعه في المحاكمة وهذا النمط له شقان، الشق الأول هو أن يقدم الشخص أمام المحاكم العادية بشرط الحصول على إذن مكتوب من رئيس الجمهورية أو من يفوضه طبقاً للفقرة (1) من المادة 31. وأما الشق الثاني أن يحاكم المتهم أمام محكمة أمن دولة إذا ما وجه إليه الاتهام بمقتضى الجرائم التي ذكرت في الفقرات (أ) و (ب) و (ج). ولقد تضمنت الفقرة (أ) الجرائم الواردة في القسم التاسع والعاشر والحادي عشر من قانون العقوبات والقسم الخامس من قانون قوات الشعب المسلحة والتي من بينها الجرائم موضوع الاتهام.
يتضح من كل ذلك أن قانون أمن الدولة اشتمل على مواد عقابية ومواد إجرائية ما نحي في محاكمة الطاعنين هو المنحى المضمن في الفقرة (2) من المادة 31 المتعلقة بنمط إجراءات المحاكمة الخاصة. ولما كان كذلك فإنه لا مكان للدفع بمخالفة المادة 27 من الدستور والتي تنصب على تحريم وتوقيع العقوبة حيث ورد النص على النحو التالي: -
(لا يجرم أي فعل ولا توقع أي عقوبة إلا بمقتضى قانون معمول به وقت ارتكاب الجريمة).
ولما ما أثاره السيد محامي الطاعنين من اشتمال قانون أمن الدولة لنصوص إجرائية فإننا لا نرى ما يمنع ذلك من الزوايا التشريعية.
وإنه لمن المسلمات الفقهية والقانونية أن تسري قوانين الإجراءات بأثر فورى فيما عدا ما يستثنى في قوانين الإجراءات المدنية والتي، على سبيل المثال، تضمنتها المادة الرابعة من قانوني الإجراءات المدنية لسنة 1974، 1983.
وأما بالنسبة للمادة 17 من الدستور فالواضح أن محامي الطاعنين، كما جاء بعريضته وما أدلى به عندما استفسر أمام هذه الدائرة، يرى أن ما اتبع من نمط خاص لمحاكمة المتهمين على نحو ما فصلناه أعلاه يشكل ضرباً من ضروب عدم المساواة لكون أن المحاكمة خرجت عن القناة العادية المضمنة في قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم يجعل المتهمين يواجهون إجراءات خاصة تنقص من فرص العدالة وتوصد الباب أمامهم وتحرمهم من نيل محاكمة عادلة.
نقول إن هذا النمط الاستثنائي في المحاكمة، كما فصلناه أعلاه جاء مرتبطاً بالأفعال بصورة مجردة وليس بأشخاص بأعينهم يمكن القول معه بأن هناك تمييزاً لفئة دون أخرى. إن الخضوع لهذا النمط من المحاكمات يدور وجوداً وعدماً مع الجرائم التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة 31 البنود (أ) و (ب) و (ج). ونحيل في هذا الصدد لما جاء في قرار الدائرة في الطعن / م ع/ ع د/ 22/ 1406 خالد حسن عباس وآخرين والتي رفعت من قبل الأستاذ عبد الباسط سبدرات نفسه – راجع مذكرة القاضي العالم محمد محمود أبو قصيصة عن معنى المساواة طبقاً للمادة 17 من الدستور.
نقول ما قلناه دون حاجة للتعرض لما جاء في المدة 32 الفقرة الثانية من الدستور الانتقالي لسنة 1985.
وعليه أرى أن ترفض عريضة الطعن بمقتضى المادة 327/ ج من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983.
القاضي / هنري رياض سكلا.
أوافق على ما جاء بالمذكرة الأولي وأضيف ما يلي: -
ولما كان يبين مما سبق ذكره أن عريضة الدعوى لا تتضمن بيان قانوني أو نص تشريعي باعتبار أنه مخالف للدستور، فإن العريضة تكون عبارة عن طلب لحماية حق دستوري أو حقوق دستورية تحت المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية وفق ما جاء في صدر العريضة.
ولما كانت العريضة قد جاءت خلوا من الوقائع التي أدت إلى إهدار الحقوق الدستورية، فيما عدا الادعاء العام بمخالفة مبدأ عدم رجعية القوانين والادعاءات المجردة المبهمة المرتكزة على مخالفة بعض بنود أمر تشكيل المحاكمة لأحكام المادة 17 من الدستور، فإنه يتعين عدم قبول العريضة وفقاً لأحكام البند (1) من المادة 326 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه يتعين شطب العريضة أيضاً لما يلي من أسباب: -
1- للإقرار بأن مقدمي الطلب خضعوا ولا يزالون يخضعون لإجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة التي لم تصدر حكماً بعد ، وإنه يبين مما جاء في العريضة وفي الإقرار المشفوع باليمين أن مقدمي الطلب لم يستخدموا كل سبل التظلم المتاحة لهم، ولا أمام محكمة أول درجة ولا أمام محكمة ثاني درجة ، فيما إذا صدر حكم لغير صالحهم ، ذلك أنه لا يجوز قبول دعوى حماية حق دستوري ، متى كان المشرع قد أبان سبل التظلم التي تكفل حماية الحقوق الدستورية أو ضمانات الحقوق الدستورية ، علماً بأن من المسلم به أن حكم محكمة أول درجة يخضع للتأييد بواسطة المحكمة العليا.
2- رغم أن صياغة هذه العريضة تخالف إلى حد ما صياغة العريضة رقم 22/1406هـ التي سبق أن تقدم بها ذات الأطراف قبل بدء المحاكمة طاعنين في دستورية التعديل الذي أجري على المادة (2) من قانون الإعفاءات لسنة 1977م (تعديل لسنة 1405هـ) وهو التعديل الذي حرمهم من التمسك بالحماية القانونية التي قررتها تلك المادة قبل تعديلها، إلا أن الأسباب التي ترتكز عليها العريضتان واحدة في جوهرها، وهي مخالفة مبدأ المساواة (المادة 17) ويخالفه مبدأ عدم رجعية القوانين (م27).
ولذلك فإنه يمكن الرد على الادعاءات الواردة في هذه العريضة بما سبق به الرد على العريضة الأولي، وهو أنه ليس هناك إخلال بعدم المساواة، ذلك لأن التمييز في معاملة مقدمي الطلب عن غيرهم ممن شاركوا في ثورة أو انقلاب مايو، لم يكن بسبب الرأي السياسي بل لأسباب أخرى هي تقلد مناصب قيادية لأفراد القوات النظامية ابتداءً من رئيس مجلس قيادة الثورة وانتهاءً بأصحاب المراكز السياسية.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، فإن المجلس العسكري الانتقالي لما أصدر دستور السودان الانتقالي لسنة 1985، أراد صراحة أن يحرم مقدمي الطلب من اللجوء إلى المحكمة العليا للطعن في دستورية أي قانون أو لائحة – يسلبهم بعض حقوقهم المنصوص عليها في البند (2) من المادة 32 من الدستور. ومن بينهما المادة 27 التي تتعلق بمبدأ الشرعية ومبدأ عدم رجعية القانون ، متى كان هناك قرار من قاض بأن هناك تهمةً أو تهماً موجهة ضد المتهمين ، وكان من الثابت فتح بلاغ جنائي بتاريخ 27/7/1985 بواسطة قاضى مختص ضد مقدمي الطلب ، مما أدى إلى تقديمهم وخضوعهم لمحاكمة استغرقت الأشهر الطوال وجهت التهم فيما إليهم منذ بداية المحاكمة وتم الرد عليها ، ويؤدى ذلك الحرمان من الطعن في دستورية القوانين الحرمان أيضاً من التمسك بحماية بعض الحقوق الدستورية أمام المحكمة العليا ، وذلك كله تجنباً لتعطيل أو تعويق إجراءات المحاكمة لفئة من الأشخاص ، أراد المشرع الدستوري لاعتبارات سياسية قدرها معاملتها على النحو الوارد في المادة 32 من دستور السودان الانتقالي.
وعلى سبيل المناقشة العرضية يمكن القول بأن الادعاء بأن تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قانون أمن الدولة الصادر في 1973، على وقائع سابقة حدثت في 1969 مشوب بالخطأ أو البطلان أو عدم الدستورية، لا سند له في القانون، إذ الأصل أن القوانين الجديدة، المتعلقة بالإجراءات تطبق فور العمل بها على الدعاوى الجديدة وعلى الدعاوى التي لا تزال قائمة لم يفصل فيها وعلى الإجراءات التي بدأت ولم تتم، استناداً إلى المبدأ المسلم به قانوناً وفقهاً وقضاء وهو مبدأ الأثر الفوري للقوانين الإجرائية. وهو مبدأ مسلم به في نطاق قانون الإجراءات المدنية ونطاق الإجراءات الجنائية أيضاً.
صحيح أن هذا المبدأ يخضع لحالات استثنائية مثل التعديل في اختصاص المحكمة أو المواعيد أو طرق الطعن، بيد أن هذه الحالات الاستثنائية هي في حقيقتها وجوهرها غير مجافية أو معارضة لمبدأ الفورية، لأن المراد منها كفالة استقرار الإجراءات، وجعل الحكم خاضعاً لطرق الطعن المقررة في القانون الذي صدر الحكم في ظله.
لكل ذلك يتعين عدم قبول عريضة الدعوى.
محمد محمود أبو قصيصة زكى عبد الرحمن
قاضى المحكمة العليا قاضى المحكمة العليا
عضو الدائرة الدستورية عضو الدائرة الدستورية
محمد حمزة الصديق
قاضى المحكمة العليا
عضو الدائرة الدستورية
الأمر النهائي:
شطب العريضة
صدر تحت توقيعنا في اليوم السابع من ربيع ثاني 1407هـ الموافق التاسع من شهر ديسمبر 1986م.
مهدى محمد أحمد
هنرى رياض سكلا
فاروق أحمد إبراهيم
محمد محمود أبو قصيصة
زكى عبد الرحمن
محمد حمزة الصديق
محمد عبد الرحيم على
كاتب المقال
حسين ابراهيم علي جادين
مستشار قانوني
alaaggean@outlook.com
////////////////////////