“عودة” نجمة الصباح

 


 

 

كلام الناس
noradin@msn.com
*استوقفتني كتاباتها في صحيفة "أجراس الحرية" التي كانت تصدر قي الخرطوم، وشدني أسلوبها السردي بواقعيته الرومانسية التي تحس فيه بأنها تكتب بصدق وحب عن شخوص قصصها، للدرجة التي تجعلك تشعر بهم يتنفسون من حولك.
*لم ألتق بها إلا في قاعة الصداقة عند الاحتفال بجائزة الطيب صالح للابداع الكتابي في عام مضى، وقد خاطبت الاحتفال بكلمة مؤثرة عن تجربتها في الكتابة مزجتها بذات الحب الصوفي للانسان السوداني الذي يطغى على أسلوبها في السرد.
*أهدتني قبل فترة كتابيها "زهور ذابلة" الطبعة الثانية و"العودة" الطبعة الأولى في دار " رفيقي للطباعة النشر" بجوبا، فبدأت بقراءة "العودة" لأنني أردت معرفة أثر تجربة الرحيل الجغرافي من دولة السودان إلى دولة جنوب السودان على أسلوبها السردي.
*كتاب العودة يحتوي على مجموعة قصصية توقفت عن قصد عند ثلاثة منها هي "عبق مهن" و"العودة"و "كوستي"، في قصة "عبق مهن" جسدت الكاتبة حياة بعض أبناء السودان من مختلف المهن البسيطة - قبل الانفصال - وهم داخل بص ركاب والبص يترنح بقعقعة وزفير أعلى الجسر الذي يفصل بينهم وبين المدينة وبين الطين والأسمنت وبين النور والظلام، والسائق غارق في القيادة يسوق أحلام الجميع وأحزانهم.
*تعمدت الكاتبة إيراد حادثة" موت الزعيم المفاجئ" - في إشارة واضحة لموت الزعيم جون قرنق - قبل أن تعلن لنا أن البص الذي كان يقل الركاب بدأ يترنح يمنة ويسرى، وهم لايعلمون أن السائق قد توقف قلبه اثر نوبة قلبية مفاجئة، والبص يجري وحده إلى ان قفز بهم في البحر.
* في قصة "العودة" تحكي الكاتبة عن مجموعة من المواطنين الذين يعيشون في ظروف صعبة في جوبا،أغلبهم من العائدين من الخرطوم، كثيروا الشكوى والجدل والمقارنة والنقد، عطالى ينتظرون الفرج، وعندما اشتعلت الحرب في الجنوب عاد كثير منهم إلى السودان، فيما بقي جارهم اليوغندي الجنسية " قاعد يعمل بزنس كويس" على حد قوله في إشارة لها دلالاتها أيضاً.
*في قصة "كوستي" تحكي الكاتبة عن تجربة الرحيل من السودان إلى دولة جنوب السودان في سرد درامي يجسد حياة أسرة عرفنا فيها أن اسم الأم تريزا، وكيف تقلبت بهم الأحوال في فترة الانتظار، ووضعت تريزا طفلة أسموها "رحيل" كبرت وهم في انتظار الرحيل، وفقد الاولاد فرصتهم في التعليم .. إلى أن طارت هي واطفالها إلى جوبا ورحيل تتشاغب في حجرها، وكوستي مدينة في الذاكرة شاهدة في صمت.
* لعلكم عرفتم أنني أتحدث عن الكاتبة الروائية السودانية إستيلا قايتانو أو نجمة الصباح التي كانت متلألئة في السماء يوم ميلادها فسماها والدها عليها، إستيلا التي تقود منذ سنوات حملة ناجحة لجمع الكتب لإحياء ودعم عدد من المكتبات الولائية ضمن حراكها الثقافي الميداني الذي لم ينقطع حتى الان.

 

آراء