البعد الثقافي الاستعماري في النزاع السوداني
عثمان عطية
27 July, 2023
27 July, 2023
تمثل الثقافة الاستعمارية الموروثة في افريقيا بعد تحليلي مهم في طبيعة النزعات في الدول المستعمرة وتداخلاتها الاقتصادية، الاجتماعية، الاقتصادية، والثقافية. علي سبيل المثال الدولة السودانية:
اولاً: يمثل اقليم دارفور حدود ثقافية فاصلة بين نمط الثقافة الفرانكفوني والانجلو- مصري الاستعماري.
منذ اعادة احتلال السودان بواسطة اللورد كتشنر كان من ضمن اهم اسباب إعادة غزو السودان و التوغل والاطماع الفرنسية في السودان وحادثة فشودة المشهورة 1898م خير دليل علي ذلك.
التقاطعات الثقافية بين الثقافة الفرانكفونية و الثقافة الانجلو- مصرية عمقت من دموية الصراع وخلقت حواجز نفسية بين الاطراف المتصراعة وعلي كل المستويات من مستوي المجتمعات المحلية وحتي علاقات دول الجوار، فمثلا تداخال الحدود بين الدول التي تقع غرب السودان ذات الثقافة الفرانكفونية وكل ما تمثله من موروث ثقافي، اجتماعي، اقتصادي، وسياسي مثل تشاد، النيجر، و مالي ومثلت دارفور الحدود الثقافية بين نمطي الثقافة الفرانكفونية والثقافة الانجلو - مصري.
فاسلوب الادارة الاستعماري يختلف باختلف ثقافة المستعمر، بريطانية كانت تلتزم التزام صارم باتباع القوانيين والاعتماد الكبير علي القيادات الاهلية ووجهاء العشائر والزعامات الدينية في إدارة شئون مستعمراتها وهو عكس ما كانت تقوم به فرنسا التي كانت تعتمد نشر الثقافة الفرنسية والتركيز عليها اكثر من تطوير الكيانات المحلية. مناهج المستعمرين انعكست بدورها علي نمط الحياة المتبع في المستعمرات .واسلوب حياتها
ثانياً : طبيعة الصراع في إقليم شرق السودان و شمال شرق السودان، وهو الصراع بين مكون البني عامر، والذي يمثل ثقافة التغري ذات الثقل الثقافي الاريتري وهي امتداد طبيعي لروح ثاقفة المستعمر الايطالي والذي بدوره يمثل نمط الادارة والحكم والثقافة الايطالية، بخلاف مكون الهدندوة وباقي قبائل البداويت والتي بدورها تكون وعيها الحضري الحديث تحت ظل الدولة السودانية الانجلو- مصرية. فمدينة كسلا كانت تحت الادارة الايطالية ( 1894-1897م) واصبحت مدينة كسلا من تحت الادارة السودانية متمثلة في الدولة المهدية الي مدينة نزاع استعماري بين بريطانيا وايطاليا! وهو الامر الذي انعكس بدوره علي حياة السكان في شرق السودان وغرب اريتريا! النزاع الكامن بين مكون الهدندوة والبدواييت وبين التغري يظهر ويختفي بين فترة واخري، الا ان الاهمية الاستراتيجية للموقع الجغرافي للاقليم الشرقي والتكلفة المالية الباهظة لاي نزاع محتمل جعل الدولة السودانية تحد من الصراع المسلح بين المجموعتين، كما لعبت الطوائف الدينية و الادارة الاهلية وما لها من اثر في نفوس سكان الاقليم دورا ايجابياً من تقليل حدة النزاع في المنطقة، ولكن وفي ظل الظروف الراهنة الامر ليس مستبعد ان تشهد المنطقة نزاع مسلحاً دموية وذلك في ظل اطماع دول الجوار المتصاعدة مقابل ضعف الدولة السودانية المركزية.
ثالثاً : الصراع التاريخي الطويل في جنوب السودان وما مثله كاطول حرب اهلية في افريقيا بين اقليم جنوب السودان متمثل في الحركة الشعبية والجيش السوداني لم يشهد وعلي امتداد فتراته الطويلة مآسي انسانية و دموية كما يشهد السودان حالياً.
حروب جنوب السودان طوال فتراتها المختلفة لم تحمل اي مؤشر يشير لانهيار الدولة الأم السودانية و مع كل ما حملته من دمار وخراب عاني منه ابناء السودان عامة وابناء جنوب السودان خاصة، والذي انتهي بانفصال سلس احترم فيه رغبة ابناء الجنوب بقيام دولتهم الخاصة. وهو عكس ما نشاهده الان علي مسرح العاصمة القومية واقليم دارفور من دمار وخراب وماسئ انسانية يندي لها الجبين وفي فترة 100 يوم فقط تشير الي احتمال انهيار الدولة السودانية تماماً.
attiaosman@gmail.com
//////////////////////
اولاً: يمثل اقليم دارفور حدود ثقافية فاصلة بين نمط الثقافة الفرانكفوني والانجلو- مصري الاستعماري.
منذ اعادة احتلال السودان بواسطة اللورد كتشنر كان من ضمن اهم اسباب إعادة غزو السودان و التوغل والاطماع الفرنسية في السودان وحادثة فشودة المشهورة 1898م خير دليل علي ذلك.
التقاطعات الثقافية بين الثقافة الفرانكفونية و الثقافة الانجلو- مصرية عمقت من دموية الصراع وخلقت حواجز نفسية بين الاطراف المتصراعة وعلي كل المستويات من مستوي المجتمعات المحلية وحتي علاقات دول الجوار، فمثلا تداخال الحدود بين الدول التي تقع غرب السودان ذات الثقافة الفرانكفونية وكل ما تمثله من موروث ثقافي، اجتماعي، اقتصادي، وسياسي مثل تشاد، النيجر، و مالي ومثلت دارفور الحدود الثقافية بين نمطي الثقافة الفرانكفونية والثقافة الانجلو - مصري.
فاسلوب الادارة الاستعماري يختلف باختلف ثقافة المستعمر، بريطانية كانت تلتزم التزام صارم باتباع القوانيين والاعتماد الكبير علي القيادات الاهلية ووجهاء العشائر والزعامات الدينية في إدارة شئون مستعمراتها وهو عكس ما كانت تقوم به فرنسا التي كانت تعتمد نشر الثقافة الفرنسية والتركيز عليها اكثر من تطوير الكيانات المحلية. مناهج المستعمرين انعكست بدورها علي نمط الحياة المتبع في المستعمرات .واسلوب حياتها
ثانياً : طبيعة الصراع في إقليم شرق السودان و شمال شرق السودان، وهو الصراع بين مكون البني عامر، والذي يمثل ثقافة التغري ذات الثقل الثقافي الاريتري وهي امتداد طبيعي لروح ثاقفة المستعمر الايطالي والذي بدوره يمثل نمط الادارة والحكم والثقافة الايطالية، بخلاف مكون الهدندوة وباقي قبائل البداويت والتي بدورها تكون وعيها الحضري الحديث تحت ظل الدولة السودانية الانجلو- مصرية. فمدينة كسلا كانت تحت الادارة الايطالية ( 1894-1897م) واصبحت مدينة كسلا من تحت الادارة السودانية متمثلة في الدولة المهدية الي مدينة نزاع استعماري بين بريطانيا وايطاليا! وهو الامر الذي انعكس بدوره علي حياة السكان في شرق السودان وغرب اريتريا! النزاع الكامن بين مكون الهدندوة والبدواييت وبين التغري يظهر ويختفي بين فترة واخري، الا ان الاهمية الاستراتيجية للموقع الجغرافي للاقليم الشرقي والتكلفة المالية الباهظة لاي نزاع محتمل جعل الدولة السودانية تحد من الصراع المسلح بين المجموعتين، كما لعبت الطوائف الدينية و الادارة الاهلية وما لها من اثر في نفوس سكان الاقليم دورا ايجابياً من تقليل حدة النزاع في المنطقة، ولكن وفي ظل الظروف الراهنة الامر ليس مستبعد ان تشهد المنطقة نزاع مسلحاً دموية وذلك في ظل اطماع دول الجوار المتصاعدة مقابل ضعف الدولة السودانية المركزية.
ثالثاً : الصراع التاريخي الطويل في جنوب السودان وما مثله كاطول حرب اهلية في افريقيا بين اقليم جنوب السودان متمثل في الحركة الشعبية والجيش السوداني لم يشهد وعلي امتداد فتراته الطويلة مآسي انسانية و دموية كما يشهد السودان حالياً.
حروب جنوب السودان طوال فتراتها المختلفة لم تحمل اي مؤشر يشير لانهيار الدولة الأم السودانية و مع كل ما حملته من دمار وخراب عاني منه ابناء السودان عامة وابناء جنوب السودان خاصة، والذي انتهي بانفصال سلس احترم فيه رغبة ابناء الجنوب بقيام دولتهم الخاصة. وهو عكس ما نشاهده الان علي مسرح العاصمة القومية واقليم دارفور من دمار وخراب وماسئ انسانية يندي لها الجبين وفي فترة 100 يوم فقط تشير الي احتمال انهيار الدولة السودانية تماماً.
attiaosman@gmail.com
//////////////////////