فشل المشروع (الإسلاموي) وتحديات تأسيس الدولة المدنية بالسودان (2)
موسى المكي
11 September, 2023
11 September, 2023
الحلقة رقم (2)
الجبهة المدنية للسلم وحوافز إنهاء القتال:
كنا قد اشرنا في الحلقة رقم (1) إلى الانتهاكات الخطيرة في حق السودانيين التي ارتكبتها الجماعة المتأسلمة باسم القوات المسلحة وكل اجهزة الدولة الأخرى بما في ذلك الدعم السريع والذي هو كما اشرنا سابقاً هو صنيعة الجماعة وتتحمل كل جرائمة المتقدمة واللاحقة وهو لم يأت بالفظائع الأخيرة من خياله، بل نتيجة التدريب والممارسة اليومية وفق ما أتاحته له قوانين الدولة المُجَيَّرة مسبقاً لصالح تأسيسه واستمراريته، وبناءً على ذلك فقد بات ضرورياً التأكيد على ما يلي:
(أولاً) إن جماعة المتأسلمين الإرهابية هي التي صنعت مليشيات الدعم السريع والجنجويد الإرهابية وأن أوجه الشبه بينهما أكبر من أوجه الإختلاف وما كان ذلك إلا نتاج سفاح ملعون لوحش المتاسلمين الشيطاني الذي يتقلب في وحل الخبث وسوء الظن العريض وتعفن السريرة والحقد على المجتمع السوداني الذي نبذ حكمهم وتقدمهم لقيادة نفسه في ثورة شهد العالم بسلميتها طيلة الخمسة أشهر الأولى من عمرها منذ تفجرها في ديسمبر 2018 وحتى انتصارها المسروق في أبريل 2019 ثم وبعد ذلك حتى إنقلابهم على الوثيقة الدستورية في 25 أكتوبر 2021 وحتى يومنا هذا، ومتوقع في أي سانحة أن تلتقي مصالح المتأسلمين والدعم السريع مرات ومرات طالما تجمعهم كراهية هذا الشعب ورفضهم الأبدي لدولة العدالة والحرية والسلام متى ما أتاح هامش المناورة للإفلات من العقاب أو سنحت فرصة لتأمين خروج (الجمل بما حمل) إلى حيث الاستمتاع بالصيد الثمين.
(ثانياً) إن قيادة الجيش ومليشياته الحالية مستلبة الإرادة وقد حال بينهما وبين الشعب السوداني إسفين المتأسلمين بجانب تدخل المخابرات الإقليمية والدولية وكلا الأمرين قد جعلا من هذه القيادات :
أ) تجار أزمات لا حماة وطن، تمدد نشاطهم التجاري بعيداً ليشمل المتاجرة بقوت الشعب وموارده (80% من الإقتصاد السوداني تتحكم فيه القوات المسلحة)،
بل تعداه وللأسف ليشمل حتى المخدرات والسموم بغية تغييب شباب السودان مفجر ثورة ديسمبر العظيمة والرافض لمشروعهم الفاشل.
ب) عملاء للمخابرات الأجنبية لا وطنيين أحرار يتلقون تعليماتهم مباشرة من المخابرات الأجنبية بدلاً من الرجوع لممثلي الشعب ومؤسساته المؤتمنة على سلامة أراضيه وأمنه القومي كالبرلمان المنتخب والجامعات ومراكز البحث الوطنية الموثوقة ونحوها.
ت) مرتزقة حروب لا جند مهنيين حين اُستأجروا للقتال خارج أرض الوطن (اليمن، ليبيا، افريقيا الوسطى ....) وفي قضايا لاتمت لشعب السودان بأية صلة إنما طمعاً في الإرتزاق والتكسب ضاربين بسمعة الشعب السوداني الزاهية عرض الحائط.
ث) طلاب سلطة لا حماة دستور مثلهم مثل اي حزب سياسي لا يمثلون قومية الوطن وعهد التأسيس وعقيدة الجيش المدعاة وقسم ولائه المزعوم (انقلابات متكررة منذ الإستقلال وحتى آخرها في 25 أكتوبر 2021).
ج) خونة عهود لا يرعون إلاًّ ولا ذمة، فكلما وقَّعُوا عهداً مع ممثلي الشعب، نقضُوه طالما لم يُرضي ذلك جماعة المتأسلمين (....... الوثيقة الدستورية الإتفاق الإطاري، .........).
د) سقف طموحاتهم الرغائبية لا تحده حدود حتى لو لامس تخوم السلم الأهلي وتجاوزه إلى حيث مهددات الوحدة الوطنية أوتسارع فلكياً نحو الحرب الأهلية، لا يشكمهم حتى الاستقواء بالمحاور الإقليمية والصهيونية العالمية (اتفاقيات التطبيع بين قائد الجيش وإسرائيل) والاستقواء بقدامى المستعمرين والاستعداد حتى لخوض الحروب الإقليمية نيابة عنهم.
ه) لا تربطهم بشعب السودان روابط الولاء والإحترام ويشهد بذلك تاريخهم في التعاطي العنيف والمدمر مع انتفاضات الشعب السوداني المتلاحقة والمتكررة في كافة اصقاع الوطن ومركزه وذلك بولوغهم في سحق الشعب في الخرطوم وبورتسودان وكجبار وكافة هوامش السودان الدامية والمترامية الأطراف (مجازر هيبان وكادقلي ولقاوة وغيرها من جبال النوبة والعديد من مدن وقرى دارفور)
وعلى إستعداد للتمادي في تقبل انقسامات الجيش على أسس عرقية وجهوية وقبلية حتى إن أوصل ذلك كل الوطن إلى لُجَّة الحرب الأهلية طالما السلطة بيدهم.
(ثالثاً) ضرورة إيقاف الحرب الدائرة فوراً وتفكيك خطاب الاستنفار القبلي والأهلي والعنصري والجهوي المتطرف وتجريمه وهذا يستوجب:
:(I)
تأسيس وتعزيز وتوسيع جبهة السلم المدني العريضة الداعية للسلام والرافضة للحرب من عموم شعب السودان وذلك بافساح المجال لإجماع الفاعلين المدنيين السلميين بالتواصل مع الحركات السياسية في مناطق الحرب (المناطق الثلاث خارج سلام جوبا) والتأكيد على ضرورة انتظامها في المشاركة بإيجاد مخرج سياسي سلمي يحقق إجماع غير مسبوق للمضى نحو تأسيسٍ ثانٍ للدولة السودانية على هدي الإجماع الوطني وإحترام حقوق الإنسان.
:(II)
الدفع للأمام بمجهودات المبادرة السعودية- الأمريكية والإفريقية واستمالة جوار السودان الأقرب لدعمها بما يطمن مخاوف الجوار الأمنية والإقتصادية.
:(III)
استعجال معالجة الوضع الإنساني القاهر والمرير في مختلف ميادين القتال وإدانة كافة أشكال الإنتهاكات من طرفي القتال.
:(IV)
كشف وإيقاف وتجريم جميع محاولات التدخل الخارجي في شئون السودان وفي الحرب الدائرة فيه واستباق التدخل الأممي بقبول الحل السلمي والسياسي.
(رابعاً) استئناف العملية السياسية تحت رعاية المبادرة الجارية ( منبر جدة) بمبدأ جديد هو تأسيس دولة مدنية محترمة قابلة للاستمرار تستوجب إقامة العدالة والمحاسبة بإشراك كل اقاليم البلاد وجبهاتها المستعرة في شأن التأسيس هذا باستثناء المجموعات الإرهابية والإجرامية التي لم تثبت حتى اللحظة تبرئتهم بالقانون طالما عرقلت القيادة الانقلابية محاكماتهم طيلة سنوات الانتقال المتعثرة ولا زالت معظم القضايا الجنائية المرفوعة ضدهم طي أضابير المكاتب عند المدعي العام داخل السودان وخارجه .
إن شعار نعم للسلام ولا للحرب هو موقف مبدئي نابع من إختيار طريق الحوار لحل كافة القضايا الخلافية في السودان بغية الحفاظ على الإنتقال الديمقراطي ووصولاً لإنتخابات حرة نزيهة ومعترف بها داخلياً ودولياً ومن ثم قيام جمعية تأسيسية مكتملة ولأول مرة من كافة ممثلي الشعب السوداني، تستطيع أن تتناول كافة قضايا وهموم الشعب السوداني وتؤسس لتداول سلمي للسلطة ودستور دائم لحكم السودان.
وقد كان سهلاً على مجموعة الإنقلابيين أن يدمغوا دعاة نعم للسلام ولا للحرب بالانحياز لطرف دون الآخر، لأنهم يرون في استمرار الحرب خلاصهم من المشانق لا خلاص الوطن من آثامهم وإجرامهم وقيودهم. فكأن من يحاصرون الانقلابيين بالسلمية ومبدأ الحوار يعرقلون الخطة الأخيرة للجماعة المتأسلمة في الفرار من المحاكمات الحتمية جراء ما اغترفوا من جرائم لا توفيها الكتابة كامل حقيقتها، وستكشف للعالم بؤس الجماعة وإرهابهم وخيانتهم وعمالتهم وخيباتهم المتأصلة.
إن تردد بعض القوى السياسية المدنية في تشكيل الجبهة المدنية العريضة للسلم والتحول الديمقراطي قد أضر كثيراً بالشعب السوداني وسمح للدعاية الإخوانية بإختراق بعض المجموعات السكانية في المدن والأرياف وتجييشهم للحرب إلى جانب فصيل مليشيات المتأسلمين وفي المقابل سمح للدعم السريع بالتحرك داخل التشكيلات القبلية على إمتداد تواجد الحواضن العرقية لقادتهم داخل وخارج السودان بإذكاء نار الاصطفاف وتسعير الحرب الأمر الذي فاقم من معاناة سكان الخرطوم والجنينة والأبيض وبعض مدن وبلدات السودان التي كانت مسرحاً للقتال كما وفاقم الوضع المعيشي لمعظم الشعب السوداني في المدن والقرى التي استجارت النازحين من ويلات الحرب.
وقد بات من الضروري تجريم كل من ساهم في استمرار الحرب واستمرار معاناة المدنيين في كافة جبهات القتال.
وعلى القوى المدنية والسياسية ذات المصلحة في توقف الحرب أن تجعل كل قواعدها منصات لانطلاق حملات متنوعة وواسعة داخل وخارج السودان بالدعوة لايقاف الحرب وتفعيل شعار نعم للسلام ولا للحرب وذلك بتبني الفعاليات التالية:
1) تسيير المواكب الرافضة للحرب في المدن والقرى البعيدة من جبهات القتال وفي أماكن تواجد السودانيين بالخارج وكشف معاناة المدنيين في هذه الحرب وحث العالم على القيام بدوره في المساعدة والضغط على الاطراف المتحاربة لإيقاف الحرب والجلوس للتفاوض بغية إيجاد مخرج لانقاذ المدنيين من ويلات الحرب الكارثية.
2) الإسراع بتكوين جماعات ضغط سياسية ونقابية وأهلية داخل وخارج السودان تتبنى شعار إقامة السلام وإيقاف الحرب.
3) على القوى المدنية أن تدعم المبادرة السعودية الأميركية ومنبر جدة لوقف اطلاق النار وإعداد مشروع متكامل للتدخل الانساني يعقبه مشروع متقدم وجامع يمهد للعملية السياسية يُقَدَّم لرعاة المنبر.
4) وعليهم أيضاً ارسال وفود لجوار السودان والمنظمات الإقليمية كالإيقاد والإتحاد الإفريقي والمنظمات الأممية كمجلس الأمن والمحكمة الجنائية لشرح وجهة نظر الشعب السوداني الرافض لحل القضايا الخلافية عبر البندقية ورغبته في الحرية والعدالة والسلم.
5) محاصرة المجموعات المتأسلمة الإرهابية والمليشيات العابرة للحدود باستصدار قوانين دولية تجرم الإرهاب وإرتكاب الجرائم ذات الطابع الجنائي وجرائم الإبادة بحق المدنيين وتجنيد الاطفال واحتلال المساكن ودور العلاج والجامعات ودور العلم والعبادة ومحاصرة المدن.
6) كشف دور المجموعات التي ساندت الانقلاب على الانتقال من قوى مسلحة أو مدنية بجانب المتأسلمين ومليشياتهم وفضح دورها في استمرار الحرب وعلاقاتها بالمحاور الإقليمية والمخابرات الأجنبية والعمل على عزلها داخلياً ومحاكمتها بالقوانين وتجفيف مصادر تمويلها وذلك بسن قوانين مكافحة الإرهاب والتخابر مع الأجانب والتجسس والتورط في جرائم الحرب والفساد المالي والإداري والكسب غير المشروع.
7) الإسراع بإعداد خطة برنامج إسعافي إنساني متكامل بالتعاون مع المنظمات الدولية وتحديد ساعة صفر صادقة تتزامن مع نجاح المبادرة السعودية الأميركية بجدة من أجل التدخل والوصول للمتضررين بأقصى سرعة لتدارك الموقف الكارثي على الأرض،
8) في حال تشكيل الجبهة المدنية العريضة للسلم من غالب أهل السودان وقواه الرافضة للمشروع الإسلاموي المقبور ، فإن عليها الجلوس للبحث في مستقبل الوطن السياسي وتقديم الحوافز المناسبة لكل من تثبت رغبته في الحوار والسلم، من أجل المصالحة الوطنية الشاملة لكافة أبناء السودان سواء في المدن والأرياف التي انتفضت على نظام الكيزان في ديسمبر المجيد أو في مناطق الكفاح المسلح في جبال النوبة والنيل الأزرق وجبل مرة على أن يكون للأخيرة دور رئيس في صياغة اهداف الجبهة المدنية للسلم والمشاركة في اعداد المشروع السياسي القادم والذي سيعقب نجاح منبر جدة لوقف اطلاق النار الدائم.
الجبهة المدنية للسلم وحوافز إنهاء القتال:
كنا قد اشرنا في الحلقة رقم (1) إلى الانتهاكات الخطيرة في حق السودانيين التي ارتكبتها الجماعة المتأسلمة باسم القوات المسلحة وكل اجهزة الدولة الأخرى بما في ذلك الدعم السريع والذي هو كما اشرنا سابقاً هو صنيعة الجماعة وتتحمل كل جرائمة المتقدمة واللاحقة وهو لم يأت بالفظائع الأخيرة من خياله، بل نتيجة التدريب والممارسة اليومية وفق ما أتاحته له قوانين الدولة المُجَيَّرة مسبقاً لصالح تأسيسه واستمراريته، وبناءً على ذلك فقد بات ضرورياً التأكيد على ما يلي:
(أولاً) إن جماعة المتأسلمين الإرهابية هي التي صنعت مليشيات الدعم السريع والجنجويد الإرهابية وأن أوجه الشبه بينهما أكبر من أوجه الإختلاف وما كان ذلك إلا نتاج سفاح ملعون لوحش المتاسلمين الشيطاني الذي يتقلب في وحل الخبث وسوء الظن العريض وتعفن السريرة والحقد على المجتمع السوداني الذي نبذ حكمهم وتقدمهم لقيادة نفسه في ثورة شهد العالم بسلميتها طيلة الخمسة أشهر الأولى من عمرها منذ تفجرها في ديسمبر 2018 وحتى انتصارها المسروق في أبريل 2019 ثم وبعد ذلك حتى إنقلابهم على الوثيقة الدستورية في 25 أكتوبر 2021 وحتى يومنا هذا، ومتوقع في أي سانحة أن تلتقي مصالح المتأسلمين والدعم السريع مرات ومرات طالما تجمعهم كراهية هذا الشعب ورفضهم الأبدي لدولة العدالة والحرية والسلام متى ما أتاح هامش المناورة للإفلات من العقاب أو سنحت فرصة لتأمين خروج (الجمل بما حمل) إلى حيث الاستمتاع بالصيد الثمين.
(ثانياً) إن قيادة الجيش ومليشياته الحالية مستلبة الإرادة وقد حال بينهما وبين الشعب السوداني إسفين المتأسلمين بجانب تدخل المخابرات الإقليمية والدولية وكلا الأمرين قد جعلا من هذه القيادات :
أ) تجار أزمات لا حماة وطن، تمدد نشاطهم التجاري بعيداً ليشمل المتاجرة بقوت الشعب وموارده (80% من الإقتصاد السوداني تتحكم فيه القوات المسلحة)،
بل تعداه وللأسف ليشمل حتى المخدرات والسموم بغية تغييب شباب السودان مفجر ثورة ديسمبر العظيمة والرافض لمشروعهم الفاشل.
ب) عملاء للمخابرات الأجنبية لا وطنيين أحرار يتلقون تعليماتهم مباشرة من المخابرات الأجنبية بدلاً من الرجوع لممثلي الشعب ومؤسساته المؤتمنة على سلامة أراضيه وأمنه القومي كالبرلمان المنتخب والجامعات ومراكز البحث الوطنية الموثوقة ونحوها.
ت) مرتزقة حروب لا جند مهنيين حين اُستأجروا للقتال خارج أرض الوطن (اليمن، ليبيا، افريقيا الوسطى ....) وفي قضايا لاتمت لشعب السودان بأية صلة إنما طمعاً في الإرتزاق والتكسب ضاربين بسمعة الشعب السوداني الزاهية عرض الحائط.
ث) طلاب سلطة لا حماة دستور مثلهم مثل اي حزب سياسي لا يمثلون قومية الوطن وعهد التأسيس وعقيدة الجيش المدعاة وقسم ولائه المزعوم (انقلابات متكررة منذ الإستقلال وحتى آخرها في 25 أكتوبر 2021).
ج) خونة عهود لا يرعون إلاًّ ولا ذمة، فكلما وقَّعُوا عهداً مع ممثلي الشعب، نقضُوه طالما لم يُرضي ذلك جماعة المتأسلمين (....... الوثيقة الدستورية الإتفاق الإطاري، .........).
د) سقف طموحاتهم الرغائبية لا تحده حدود حتى لو لامس تخوم السلم الأهلي وتجاوزه إلى حيث مهددات الوحدة الوطنية أوتسارع فلكياً نحو الحرب الأهلية، لا يشكمهم حتى الاستقواء بالمحاور الإقليمية والصهيونية العالمية (اتفاقيات التطبيع بين قائد الجيش وإسرائيل) والاستقواء بقدامى المستعمرين والاستعداد حتى لخوض الحروب الإقليمية نيابة عنهم.
ه) لا تربطهم بشعب السودان روابط الولاء والإحترام ويشهد بذلك تاريخهم في التعاطي العنيف والمدمر مع انتفاضات الشعب السوداني المتلاحقة والمتكررة في كافة اصقاع الوطن ومركزه وذلك بولوغهم في سحق الشعب في الخرطوم وبورتسودان وكجبار وكافة هوامش السودان الدامية والمترامية الأطراف (مجازر هيبان وكادقلي ولقاوة وغيرها من جبال النوبة والعديد من مدن وقرى دارفور)
وعلى إستعداد للتمادي في تقبل انقسامات الجيش على أسس عرقية وجهوية وقبلية حتى إن أوصل ذلك كل الوطن إلى لُجَّة الحرب الأهلية طالما السلطة بيدهم.
(ثالثاً) ضرورة إيقاف الحرب الدائرة فوراً وتفكيك خطاب الاستنفار القبلي والأهلي والعنصري والجهوي المتطرف وتجريمه وهذا يستوجب:
:(I)
تأسيس وتعزيز وتوسيع جبهة السلم المدني العريضة الداعية للسلام والرافضة للحرب من عموم شعب السودان وذلك بافساح المجال لإجماع الفاعلين المدنيين السلميين بالتواصل مع الحركات السياسية في مناطق الحرب (المناطق الثلاث خارج سلام جوبا) والتأكيد على ضرورة انتظامها في المشاركة بإيجاد مخرج سياسي سلمي يحقق إجماع غير مسبوق للمضى نحو تأسيسٍ ثانٍ للدولة السودانية على هدي الإجماع الوطني وإحترام حقوق الإنسان.
:(II)
الدفع للأمام بمجهودات المبادرة السعودية- الأمريكية والإفريقية واستمالة جوار السودان الأقرب لدعمها بما يطمن مخاوف الجوار الأمنية والإقتصادية.
:(III)
استعجال معالجة الوضع الإنساني القاهر والمرير في مختلف ميادين القتال وإدانة كافة أشكال الإنتهاكات من طرفي القتال.
:(IV)
كشف وإيقاف وتجريم جميع محاولات التدخل الخارجي في شئون السودان وفي الحرب الدائرة فيه واستباق التدخل الأممي بقبول الحل السلمي والسياسي.
(رابعاً) استئناف العملية السياسية تحت رعاية المبادرة الجارية ( منبر جدة) بمبدأ جديد هو تأسيس دولة مدنية محترمة قابلة للاستمرار تستوجب إقامة العدالة والمحاسبة بإشراك كل اقاليم البلاد وجبهاتها المستعرة في شأن التأسيس هذا باستثناء المجموعات الإرهابية والإجرامية التي لم تثبت حتى اللحظة تبرئتهم بالقانون طالما عرقلت القيادة الانقلابية محاكماتهم طيلة سنوات الانتقال المتعثرة ولا زالت معظم القضايا الجنائية المرفوعة ضدهم طي أضابير المكاتب عند المدعي العام داخل السودان وخارجه .
إن شعار نعم للسلام ولا للحرب هو موقف مبدئي نابع من إختيار طريق الحوار لحل كافة القضايا الخلافية في السودان بغية الحفاظ على الإنتقال الديمقراطي ووصولاً لإنتخابات حرة نزيهة ومعترف بها داخلياً ودولياً ومن ثم قيام جمعية تأسيسية مكتملة ولأول مرة من كافة ممثلي الشعب السوداني، تستطيع أن تتناول كافة قضايا وهموم الشعب السوداني وتؤسس لتداول سلمي للسلطة ودستور دائم لحكم السودان.
وقد كان سهلاً على مجموعة الإنقلابيين أن يدمغوا دعاة نعم للسلام ولا للحرب بالانحياز لطرف دون الآخر، لأنهم يرون في استمرار الحرب خلاصهم من المشانق لا خلاص الوطن من آثامهم وإجرامهم وقيودهم. فكأن من يحاصرون الانقلابيين بالسلمية ومبدأ الحوار يعرقلون الخطة الأخيرة للجماعة المتأسلمة في الفرار من المحاكمات الحتمية جراء ما اغترفوا من جرائم لا توفيها الكتابة كامل حقيقتها، وستكشف للعالم بؤس الجماعة وإرهابهم وخيانتهم وعمالتهم وخيباتهم المتأصلة.
إن تردد بعض القوى السياسية المدنية في تشكيل الجبهة المدنية العريضة للسلم والتحول الديمقراطي قد أضر كثيراً بالشعب السوداني وسمح للدعاية الإخوانية بإختراق بعض المجموعات السكانية في المدن والأرياف وتجييشهم للحرب إلى جانب فصيل مليشيات المتأسلمين وفي المقابل سمح للدعم السريع بالتحرك داخل التشكيلات القبلية على إمتداد تواجد الحواضن العرقية لقادتهم داخل وخارج السودان بإذكاء نار الاصطفاف وتسعير الحرب الأمر الذي فاقم من معاناة سكان الخرطوم والجنينة والأبيض وبعض مدن وبلدات السودان التي كانت مسرحاً للقتال كما وفاقم الوضع المعيشي لمعظم الشعب السوداني في المدن والقرى التي استجارت النازحين من ويلات الحرب.
وقد بات من الضروري تجريم كل من ساهم في استمرار الحرب واستمرار معاناة المدنيين في كافة جبهات القتال.
وعلى القوى المدنية والسياسية ذات المصلحة في توقف الحرب أن تجعل كل قواعدها منصات لانطلاق حملات متنوعة وواسعة داخل وخارج السودان بالدعوة لايقاف الحرب وتفعيل شعار نعم للسلام ولا للحرب وذلك بتبني الفعاليات التالية:
1) تسيير المواكب الرافضة للحرب في المدن والقرى البعيدة من جبهات القتال وفي أماكن تواجد السودانيين بالخارج وكشف معاناة المدنيين في هذه الحرب وحث العالم على القيام بدوره في المساعدة والضغط على الاطراف المتحاربة لإيقاف الحرب والجلوس للتفاوض بغية إيجاد مخرج لانقاذ المدنيين من ويلات الحرب الكارثية.
2) الإسراع بتكوين جماعات ضغط سياسية ونقابية وأهلية داخل وخارج السودان تتبنى شعار إقامة السلام وإيقاف الحرب.
3) على القوى المدنية أن تدعم المبادرة السعودية الأميركية ومنبر جدة لوقف اطلاق النار وإعداد مشروع متكامل للتدخل الانساني يعقبه مشروع متقدم وجامع يمهد للعملية السياسية يُقَدَّم لرعاة المنبر.
4) وعليهم أيضاً ارسال وفود لجوار السودان والمنظمات الإقليمية كالإيقاد والإتحاد الإفريقي والمنظمات الأممية كمجلس الأمن والمحكمة الجنائية لشرح وجهة نظر الشعب السوداني الرافض لحل القضايا الخلافية عبر البندقية ورغبته في الحرية والعدالة والسلم.
5) محاصرة المجموعات المتأسلمة الإرهابية والمليشيات العابرة للحدود باستصدار قوانين دولية تجرم الإرهاب وإرتكاب الجرائم ذات الطابع الجنائي وجرائم الإبادة بحق المدنيين وتجنيد الاطفال واحتلال المساكن ودور العلاج والجامعات ودور العلم والعبادة ومحاصرة المدن.
6) كشف دور المجموعات التي ساندت الانقلاب على الانتقال من قوى مسلحة أو مدنية بجانب المتأسلمين ومليشياتهم وفضح دورها في استمرار الحرب وعلاقاتها بالمحاور الإقليمية والمخابرات الأجنبية والعمل على عزلها داخلياً ومحاكمتها بالقوانين وتجفيف مصادر تمويلها وذلك بسن قوانين مكافحة الإرهاب والتخابر مع الأجانب والتجسس والتورط في جرائم الحرب والفساد المالي والإداري والكسب غير المشروع.
7) الإسراع بإعداد خطة برنامج إسعافي إنساني متكامل بالتعاون مع المنظمات الدولية وتحديد ساعة صفر صادقة تتزامن مع نجاح المبادرة السعودية الأميركية بجدة من أجل التدخل والوصول للمتضررين بأقصى سرعة لتدارك الموقف الكارثي على الأرض،
8) في حال تشكيل الجبهة المدنية العريضة للسلم من غالب أهل السودان وقواه الرافضة للمشروع الإسلاموي المقبور ، فإن عليها الجلوس للبحث في مستقبل الوطن السياسي وتقديم الحوافز المناسبة لكل من تثبت رغبته في الحوار والسلم، من أجل المصالحة الوطنية الشاملة لكافة أبناء السودان سواء في المدن والأرياف التي انتفضت على نظام الكيزان في ديسمبر المجيد أو في مناطق الكفاح المسلح في جبال النوبة والنيل الأزرق وجبل مرة على أن يكون للأخيرة دور رئيس في صياغة اهداف الجبهة المدنية للسلم والمشاركة في اعداد المشروع السياسي القادم والذي سيعقب نجاح منبر جدة لوقف اطلاق النار الدائم.