هل العودة الى الوثيقة الدستورية لعام ٢٠١٩ يمكن أن يوقف الحرب في السودان
نجم الدين كرم الله جيب الله
11 February, 2024
11 February, 2024
د. نجم الدين كرم الله جيب الله
مع استمرار الحرب في السودان منذ نحو عشرة أشهر، والتي تسببت في انهيار تمام لمؤسسات الدولة وادّت إلى مقتل الآلاف من السودانيين، وتشريد الملايين منهم، إلى جانب انتهاكات جسمية في حق الشعب السوداني، لا توجد في الأفق الآن أي بادرة أمل لوقف هذه الحرب العبثية أو التوصل إلى أي اتفاق كان لوقفها أو حتى إمكانية فتح ممرات إنسانية لمساعدة المدنيين.
يرجع هذا الانسداد التمام في الأفق وغياب الحلول العقلانية لازمة السودان هذه، إلى عدم وجود شرعية دستورية نافذة يمكن الاعتماد عليها لإيجاد حلول عملية عاجلة وضرورية لإنهاء هذه الحرب الدائرة الان في السودان، وإيقاف نزيف الدم وذبح المدنيين وتشريد الملايين وهدم منازلهم وسرقة أموالهم وممتلكاتهم، مع تدمير كامل للبنى التحتية ومؤسسات الدولة الخدمية من مستشفيات ومدارس ومتاحف وجسور ومصانع وغيرها.
إذن في ظل هذا الانسداد السياسي الذي تسبب في تلك الحرب وإطالة أمدها وعدم وجود أي شرعية دستورية راسخة، يمكن في تقديري محاولة العودة مرة أخرى الى الوثيقة الدستورية التي تم التوقيع عليها في العام 2019 بين الشقين العسكري والمدني. وبالرغم من علاتها ومعارضة العديد من الأطراف السودانية لبعض بنودها، الا انه يمكن ان تصبح المرجع الدستوري الوحيد المناسب لحالة السودان، بشرط ان يتم ذلك بعد اجراء بعض التعديلات في جوهرها، واهم تلك التعديلات في تقديري هي إبعاد الشق العسكري تماماً من الوثيقة الدستورية، واعتباره لم يكن موجوداً، واستبداله بشق آخر مدني متوافق عليه.
على هذا الأساس يمكن عودة بعض أعضاء مجلس السيادة المدنيين الى مناصبهم وتطعيمهم بمدنيين أخريين، وان يتولى مجلس السيادة المدني الجديد التحكم في السلطات العسكرية وتعيين المسؤولين العسكريين واللجان الأمنية المنوط بها حفظ الامن وفض النزاعات وإعادة هيبة الدولة. يمكن أيضاً الشروع فوراً في تشكيل البرلمان المعين كما نصت علية الوثيقة الدستورية.
يجب أيضاً تشكيل حكومة كفاءات وطنية كما نصت عليه الوثيقة الدستورية بعيداً عن المحاصصات السياسية، والاهم من ذلك كله تشكيل لجنة محاسبة ومصالحة وطنية للنظر في جميع انتهاكات الحروب في السودان دون استثناء، على ان تكون هذه اللجنة مستقلة ومهنية فعلياً، تحت اشراف ومحاسبة البرلمان المؤقت ومن ثم البرلمان المنتخب لاحقاً، وكذلك الشروع في التحضير للانتخابات التشريعية.
إن العودة الى الوثيقة الدستورية ونقل جميع صلاحيات الشق العسكري الى شق مدني متفق عليه يمكن ان يكون هو الحل المؤقت والعملي لا يقاف نزيف الحرب والعودة الى الوضع الطبيعي، ويرجع ذلك لعدة أسباب هي التالية:
أولاً هذه الوثيقة هي آخر المرجعيات الدستورية المتفق عليها خلال الثورة الشعبية (دستورية ثورية)، وأعتبر الانقلاب عليها في اكتوبر ٢٠٢١ هو انقلاب عسكري على الدستور الانتقالي أي الوثيقة الدستورية،
ثانياً اي مفوضات جديدة قد تستغرق وقتاً طويلاً وقد تنشأ خلافات أكثر،
ثالثاً هناك إمكانية أكبر في تقديري ان تحظى الوثيقة الدستورية المعدلة بقبول الغالبية الكبيرة من الأطراف السودانية، ولاسيما انها نتاج للثورة السودانية التي فجرها الشعب السودان نفسه وحظيت بقبول محلي وإقليمي دولي وعالمي،
رابعاً ان تعديل الوثيقة الدستورية والاعتماد عليها كمرجعيّة دستورية قد يساعد في إبعاد أو على الأقل تقليل التدخلات الخارجية في الشأن السوداني، كما قد تساعد على الإجماع الوطني أكثر من فتح حوار جديد،
خامساً والاهم في ذلك هو ان العودة للوثيقة الدستورية قد تلجم الأطراف العسكرية المتحاربة الآن والتي تدعي أنها لا ترغب في السلطة والحكم وتريد تسليمها للمدنيين وتريد اعادة الديمقراطية للشق المدني،
إذن هذا الخيار يمكن يكون طوق نجاة لنجدة الشعب السوداني من براثن الحرب اللعينة والتي قضت على الأخضر واليابس في هذ البلد العظيم.
karamalla@gmail.com
مع استمرار الحرب في السودان منذ نحو عشرة أشهر، والتي تسببت في انهيار تمام لمؤسسات الدولة وادّت إلى مقتل الآلاف من السودانيين، وتشريد الملايين منهم، إلى جانب انتهاكات جسمية في حق الشعب السوداني، لا توجد في الأفق الآن أي بادرة أمل لوقف هذه الحرب العبثية أو التوصل إلى أي اتفاق كان لوقفها أو حتى إمكانية فتح ممرات إنسانية لمساعدة المدنيين.
يرجع هذا الانسداد التمام في الأفق وغياب الحلول العقلانية لازمة السودان هذه، إلى عدم وجود شرعية دستورية نافذة يمكن الاعتماد عليها لإيجاد حلول عملية عاجلة وضرورية لإنهاء هذه الحرب الدائرة الان في السودان، وإيقاف نزيف الدم وذبح المدنيين وتشريد الملايين وهدم منازلهم وسرقة أموالهم وممتلكاتهم، مع تدمير كامل للبنى التحتية ومؤسسات الدولة الخدمية من مستشفيات ومدارس ومتاحف وجسور ومصانع وغيرها.
إذن في ظل هذا الانسداد السياسي الذي تسبب في تلك الحرب وإطالة أمدها وعدم وجود أي شرعية دستورية راسخة، يمكن في تقديري محاولة العودة مرة أخرى الى الوثيقة الدستورية التي تم التوقيع عليها في العام 2019 بين الشقين العسكري والمدني. وبالرغم من علاتها ومعارضة العديد من الأطراف السودانية لبعض بنودها، الا انه يمكن ان تصبح المرجع الدستوري الوحيد المناسب لحالة السودان، بشرط ان يتم ذلك بعد اجراء بعض التعديلات في جوهرها، واهم تلك التعديلات في تقديري هي إبعاد الشق العسكري تماماً من الوثيقة الدستورية، واعتباره لم يكن موجوداً، واستبداله بشق آخر مدني متوافق عليه.
على هذا الأساس يمكن عودة بعض أعضاء مجلس السيادة المدنيين الى مناصبهم وتطعيمهم بمدنيين أخريين، وان يتولى مجلس السيادة المدني الجديد التحكم في السلطات العسكرية وتعيين المسؤولين العسكريين واللجان الأمنية المنوط بها حفظ الامن وفض النزاعات وإعادة هيبة الدولة. يمكن أيضاً الشروع فوراً في تشكيل البرلمان المعين كما نصت علية الوثيقة الدستورية.
يجب أيضاً تشكيل حكومة كفاءات وطنية كما نصت عليه الوثيقة الدستورية بعيداً عن المحاصصات السياسية، والاهم من ذلك كله تشكيل لجنة محاسبة ومصالحة وطنية للنظر في جميع انتهاكات الحروب في السودان دون استثناء، على ان تكون هذه اللجنة مستقلة ومهنية فعلياً، تحت اشراف ومحاسبة البرلمان المؤقت ومن ثم البرلمان المنتخب لاحقاً، وكذلك الشروع في التحضير للانتخابات التشريعية.
إن العودة الى الوثيقة الدستورية ونقل جميع صلاحيات الشق العسكري الى شق مدني متفق عليه يمكن ان يكون هو الحل المؤقت والعملي لا يقاف نزيف الحرب والعودة الى الوضع الطبيعي، ويرجع ذلك لعدة أسباب هي التالية:
أولاً هذه الوثيقة هي آخر المرجعيات الدستورية المتفق عليها خلال الثورة الشعبية (دستورية ثورية)، وأعتبر الانقلاب عليها في اكتوبر ٢٠٢١ هو انقلاب عسكري على الدستور الانتقالي أي الوثيقة الدستورية،
ثانياً اي مفوضات جديدة قد تستغرق وقتاً طويلاً وقد تنشأ خلافات أكثر،
ثالثاً هناك إمكانية أكبر في تقديري ان تحظى الوثيقة الدستورية المعدلة بقبول الغالبية الكبيرة من الأطراف السودانية، ولاسيما انها نتاج للثورة السودانية التي فجرها الشعب السودان نفسه وحظيت بقبول محلي وإقليمي دولي وعالمي،
رابعاً ان تعديل الوثيقة الدستورية والاعتماد عليها كمرجعيّة دستورية قد يساعد في إبعاد أو على الأقل تقليل التدخلات الخارجية في الشأن السوداني، كما قد تساعد على الإجماع الوطني أكثر من فتح حوار جديد،
خامساً والاهم في ذلك هو ان العودة للوثيقة الدستورية قد تلجم الأطراف العسكرية المتحاربة الآن والتي تدعي أنها لا ترغب في السلطة والحكم وتريد تسليمها للمدنيين وتريد اعادة الديمقراطية للشق المدني،
إذن هذا الخيار يمكن يكون طوق نجاة لنجدة الشعب السوداني من براثن الحرب اللعينة والتي قضت على الأخضر واليابس في هذ البلد العظيم.
karamalla@gmail.com