مُذَكِّرَات مُغتَرِب في دُوَلِ الخَلِيجِ العَرَبي (١٨)

 


 

 

الهَيئَةُ المَلَكِيّة للجُبيل ويَنبُع ، وما أدْراكَ ما الهَيئةُ المَلكِية ! مَبنَىً فَخمٌ ذو هُندَسةٍ فَرِيدةٍ يَتوَسَّطُ حي " الفَنَاتِير " ولا يَبعُد كثيراً عن الوَاجِهةِ البَحرِية وبينه وبين البَحرٍ تَقَعُ كُليِّةُ الجبيل الصناعية. ومن داخلِ الهيئةِ المَلكِية وإدَارَتِها خَرَجَتْ المَنطِقة السَّكَنِيّة كائِناً لا يُشبِه الآخَرِين جَمالاً وبَهاءاً ونَضَارةً مِثلَ عَرُوسٍ في ليلةِ زَفافِها ولو قُلتَ مِثلَ حُورِيةِ البحرِ لصَدَقْتَ! نَضَارةُ المَنطِقة السَّكنِية تَكمُنُ في أنَّها أُنشِئتْ بعيدةً عن المِنطِقة الصَّناعِية فاحْتَفظَتْ بِنقَائِها خاليةً من تَلَوُّثِ المَصَانِع . أمّا عن الجَمَالِ والبَهاءِ فَحَدِّثْ ولنْ تَمَلْ! تَتَكَوَّنُ من عِدّةِ أحَياءٍ تَتناثَرُ على مِساحَاتٍ واسِعةٍ يَتزَعَمُها حَي " الفناتير " بواجِهَتِه البَحْرِية الفَاتِنة. وهو الحَيُ الذي يَضُمُّ مُعظَمَ المُؤسَساتِ الخَدَمِيّة والبُنُوك والمُستَشفَياتِ الكَبِيرةِ والشَّهيرَةِ مِثل مُستَشفى المانِع العَام ومُستَشفى الهَيئة المَلكِية ومُستَشفى المُواساة . وتتَوزعُ المدارِسُ سواءاً أكانتْ حُكُومِيةً أو أهْلِيةً على أحْياءِ المنطقة السكنية ، وأشهرُها مَدارِسُ الحُصان العالمية التي يَضُمُّها حي الفناتير . وطبيعةُ المنطقة السكنية طبيعةٌ خَلاَّبةٌ تَلفِتُ الأنْظارَ في كُلِّ الأحْياء فالخُضرَةُ وِشاحُ الشَّوارِع الرَّئيسةِ وعلى جانِبَيها وفي وَسَطِها تَنتظِمُ صُفُوفُ الأشْجارِ الضَّخمةِ والوُرودُ والأزهارُ بألوانِها المُتعَدِدة التي تُسُرُّ النَّفسَ وتُبهِج الخَاطِر .
أمّا المَساكِنُ في هذه المنطقة المُترَامِيةِ الأطرَاف فهي في أغلَبِها عِبارةٌ عن فِلل villas بِأحجامٍ وتَصامِيمَ مُختلفةٍ ومُتعَددةٍ يَغلُبُ عليها الطَّابَعُ الهندسي الحَدِيث ذو التَّصامِيم والواجِهاتِ الجَميلةِ . وتَلفتُ كَثْرةُ الأشْجارِ وخُضرَتُها في كُلِّ الأحياءِ الأنظارَ ، هذا عدا عن المُتنَزهاتِ الفَسِيحةِ والحَدائِق المُنتَشرِة في أحياءِ المنطقة السكنية ومنها على سبيلِ المِثالِ لا الحَصْر " غابةُ الدُّفِّي " . إن أنسى لا أنسى ال " الكورنيش " أو ال " beach " الذي يَمتَدُّ على طُولِ السَّاحلِ الذي يَحتَضنُ المنطقة السكنية ويُغازِلُ سُكّانَّها وزُوَّارَها أنْ هَلُمُّوا فَهُنا البَحرُ " في أحْشائِه الدُّر كامِنُ " وهنا بِساطُ النَّجِيلِ الأخْضَرِ مَفرُوشٌ بِكَثَافةٍ وهنا مَلاعِبُ أطْفالِكُم بِمَراجِيحِها ذاتِ الألوانِ الزَّاهِيةِ ولَكُم في المَطاعِم و" الكافتيريات " والمَقاهي مَأكَلٌ ومَشرَب ، وللدَّرَّاجاتِ مسارٌ كَمَا للمُشاةِ مَسَاراتٌ مُخَصَّصَة . ويأتي الحِفاظُ على مَظاهِر الجَمالِ والنَّظَافةِ ضِمنَ أولَوِياتِ الإدارةِ في الهيئة الملكية، فالشَّوارِعُ نظيفةٌ وخَالِيةٌ من الغُبارِ والمُخَلَّفاتِ ، وحتى في مَوسِم الأمْطارِ لنْ تَجِدَ بِركَةَ ماءٍ أو مُستَنقَعٍ باقٍ على حالِهِ لأكثَرَ من ساعةٍ أو ساعَتَين فًنِظامُ التَّصرِيف يَقومُ بالواجِبِ على أكملِ وَجهٍ مَدعُوماً بِعُمّالِ بعضِ الشَّرِكاتِ التي تعملُ على تَنظِيفِ الشَّوارعٍ وتَجفِيفٍ المِياهِ الرَّاكِدة التي لمْ يَجرِفها التَّصرِيفُ إلى باطِنِ الأرْضِ .

-------------------------

محمد عمر الشريف عبد الوهاب

m.omeralshrif114@gmail.com

 

آراء