البرهان في متاهته الأخيرة
يوسف عيسى عبدالكريم
27 November, 2024
27 November, 2024
يوسف عيسى عبدالكريم
كنت وما زلت مولعا بالأدب العالمي وأكن ودا خاصا للأدب الروسي ولكن الأدب اللاتيني يستهويني وأجد فيه فسحة ومقدرة على التعبير عن الحالة المأسوية التي تعتري الشعوب التي ترزح تحت حكم الدكتاتوريات قد لا تتوفر لغيره من جواهر الادب في هذه البسيطة التي اوشكت أيامنا فيها على الانقضاء و مازال بعضنا فيها لم يبلغ الرشد بعد . في رائعته الجنرال في متاهته الأخيرة يشير ماركيز الى الجنرال وهو يقوم برحلته الأخيرة اسفل النهر كان كمن يستعيد النظر في مشاهد مجده السابق ويتأسف على حلمه الضائع و بينما كان يتجول في متاهة سلطاته الفاشلة يصل إلى موته المحتوم .
و في روايته أنا الأعلى يقول روا باستوس (يؤسس الحاكم سلطته على جهل الناس وسذاجتهم فأساس القوة يكمن في الضعف ويا له من أساس) وعندما تجول ببصرك وتلقي الانتباه لمجريات الاحداث تعرف تماما ان السلطة التي جعلتك تغضب من كيكل وتدعوا عليه عندما اقتحم مدينة سنجة وقتل فيها الأمنين بالأمس و هي نفسها التي تدعوك اليوم للاحتفال مع كيكل فرحا بتحرير سنجة من يد العدو و كيكل هو هو . فإنما تؤسس سلطتها على جهلك و سذاجتك
في روايته حفلة التيس يقول فرغاس يوسا ( ان الدكتاتور لا يأتي الا اذا استدعيناه) . تماما كما استدعى بعضنا يوما ما الجنرال وهتف على مسمعه الليلة ما بنرجع الا البيان يطلع ومازالوا يحرقون له البخور و يروجون له باننا اليوم و بالرغم من الدماء الناضحة في الأرض افضل من الأمس الذي كانت تسير فيه الظعينة من كسلا الى الخرطوم لا تغشى أي ارتكاز ولا تخشى حتى الذئب على اغنامها .لقد قال ماركيز يوما ان الدكتاتور هو الشخصية الأسطورية الوحيدة التي انتجتها القارة اللاتينية و ربما كان يعني بلدا يقع في قلب افريقيا لم يعرف من الاساطير الا من يريه ما يرى ومن يهديه سبل الرشاد .
عزيز القارئ تمعن هذا النص بعقلك وانظر الى نفسك في المرآة وأسألها أليست هذه هي اللحظة التي نعيشها.( ليس هناك أمل في الحرية، يا أصدقاء، نحن محكومون بتحمل هذا إلى ما شاء الله المواطنون الذين يتطلعون إلى سعادة الوطن بعيدون جدا بعضهم يتسولون الصدقة في أرض غريبة، والآخرون يتعفنون في مقابر جماعية. يوما ما ستنغلق الشوارع من الرعب، ولن تعطي الأشجار ثمارا كالسابق، الذرة لن تغذينا، والماء لن يروينا، وقريبا يأتي زلزال ليسحق كل شيء فليأت، لأننا شعب ملعون. - رواية السيد الرئيس لـ ميغيل أنخيل أستورياس
ربما كان أولافو دي كارفالو يعني الإسلاميين في السودان حين علق على حكومة بول سنارو قائلا« لم يختر مئتي جنرال. اختاره مئتي جنرال. هؤلاء يريدون إعادة نظام 1964 في إطار ديمقراطي. إنهم يحكمون ويستخدمون بول سونارو كواقٍ. لا أقول أن هذا هو الواقع، بل هذا ما يريدونه. إنهم سيعودون إلى السلطة بشكل ديمقراطي. إذا لم يكن انقلابًا، فهو عقلية انقلابية».
yousufeissa79@gmail.com
كنت وما زلت مولعا بالأدب العالمي وأكن ودا خاصا للأدب الروسي ولكن الأدب اللاتيني يستهويني وأجد فيه فسحة ومقدرة على التعبير عن الحالة المأسوية التي تعتري الشعوب التي ترزح تحت حكم الدكتاتوريات قد لا تتوفر لغيره من جواهر الادب في هذه البسيطة التي اوشكت أيامنا فيها على الانقضاء و مازال بعضنا فيها لم يبلغ الرشد بعد . في رائعته الجنرال في متاهته الأخيرة يشير ماركيز الى الجنرال وهو يقوم برحلته الأخيرة اسفل النهر كان كمن يستعيد النظر في مشاهد مجده السابق ويتأسف على حلمه الضائع و بينما كان يتجول في متاهة سلطاته الفاشلة يصل إلى موته المحتوم .
و في روايته أنا الأعلى يقول روا باستوس (يؤسس الحاكم سلطته على جهل الناس وسذاجتهم فأساس القوة يكمن في الضعف ويا له من أساس) وعندما تجول ببصرك وتلقي الانتباه لمجريات الاحداث تعرف تماما ان السلطة التي جعلتك تغضب من كيكل وتدعوا عليه عندما اقتحم مدينة سنجة وقتل فيها الأمنين بالأمس و هي نفسها التي تدعوك اليوم للاحتفال مع كيكل فرحا بتحرير سنجة من يد العدو و كيكل هو هو . فإنما تؤسس سلطتها على جهلك و سذاجتك
في روايته حفلة التيس يقول فرغاس يوسا ( ان الدكتاتور لا يأتي الا اذا استدعيناه) . تماما كما استدعى بعضنا يوما ما الجنرال وهتف على مسمعه الليلة ما بنرجع الا البيان يطلع ومازالوا يحرقون له البخور و يروجون له باننا اليوم و بالرغم من الدماء الناضحة في الأرض افضل من الأمس الذي كانت تسير فيه الظعينة من كسلا الى الخرطوم لا تغشى أي ارتكاز ولا تخشى حتى الذئب على اغنامها .لقد قال ماركيز يوما ان الدكتاتور هو الشخصية الأسطورية الوحيدة التي انتجتها القارة اللاتينية و ربما كان يعني بلدا يقع في قلب افريقيا لم يعرف من الاساطير الا من يريه ما يرى ومن يهديه سبل الرشاد .
عزيز القارئ تمعن هذا النص بعقلك وانظر الى نفسك في المرآة وأسألها أليست هذه هي اللحظة التي نعيشها.( ليس هناك أمل في الحرية، يا أصدقاء، نحن محكومون بتحمل هذا إلى ما شاء الله المواطنون الذين يتطلعون إلى سعادة الوطن بعيدون جدا بعضهم يتسولون الصدقة في أرض غريبة، والآخرون يتعفنون في مقابر جماعية. يوما ما ستنغلق الشوارع من الرعب، ولن تعطي الأشجار ثمارا كالسابق، الذرة لن تغذينا، والماء لن يروينا، وقريبا يأتي زلزال ليسحق كل شيء فليأت، لأننا شعب ملعون. - رواية السيد الرئيس لـ ميغيل أنخيل أستورياس
ربما كان أولافو دي كارفالو يعني الإسلاميين في السودان حين علق على حكومة بول سنارو قائلا« لم يختر مئتي جنرال. اختاره مئتي جنرال. هؤلاء يريدون إعادة نظام 1964 في إطار ديمقراطي. إنهم يحكمون ويستخدمون بول سونارو كواقٍ. لا أقول أن هذا هو الواقع، بل هذا ما يريدونه. إنهم سيعودون إلى السلطة بشكل ديمقراطي. إذا لم يكن انقلابًا، فهو عقلية انقلابية».
yousufeissa79@gmail.com