يا فتاح يا عليم.. يا زيدان يا كريم ! بقلم: حسن الجزولي

 


 

 

غياب أحد أعمدة اتحاد الشباب السوداني

  

هكذا كنت أناديه منذ مطالع معرفتي به كلما شاهدته في أروقة إتحاد الشباب السوداني الذي ولجنا له يفعآ وأعواد معارفنا طرية وكان الراحل عبد الفتاح زيدان حينها من القيادات التاريخية المؤسسة للاتحاد وتبوأ فيه عدة مسئوليات ومن الذين نافحوا عن حقه الديمقراطي في الوجود والنشاط الحر الطبيعي .. وقد حافظ زيدان مع جحافل من عضوية إتحاد الشباب على الاتحاد ونشاطه في ظل كافة ظروف المطاردة والمصادرة من قبل الأنظمة الديكتاتورية العسكرية الباطشة منذ انقلاب نوفمبر مرورآ بمايو وحتى الحالي في يونيو ..كما لعب دورآ بارزآ في الاحتفاظ بعلاقات اتحاد الشباب السوداني في جبهة العلاقات الخارجية واتصالاته وأنشطته ومساهماته في الفعاليات التضامنية مع حركات الشباب والطلاب العالمية، خاصة في أشكال التنسيق لمشاركات وفود الاتحاد في المهرجانات والمؤترات الدولية والاقليمية , فضلآ عن صلات اتحاد الشباب السوداني بالمنظمة الدولية للشباب (وفدي ) بحكم تمثيل الاتحاد في لجنته التنفيذية كنائب دائم للرئيس!..كما تصدى فتاح لمسئولية إصدارة الاتحاد الصحفية (مجلة الشبيبة ) التي تولاها بالرعاية وكان رئيس مجلس ادارتها حين تولى فقيدنا الآخر الخاتم عدلان مسئولية رئاسة التحرير بينما تولى صديقنا الصحفي العزيز ابراهيم  البخيت سكرتارية تحريرها في فترة الديمقراطية الثالثة .

 

يافتاح يا عليم يا رزاق يا كريم!

 

وهكذا ناديته وأنا أسجل له أول زيارة بشقته في قلب لندن التي وصلها متأخرا نوعا بعد أن كان المرض اللعين قد تمكن منه تمامآ ..وتوصل أطباؤه لتقدير حالته الميئوس منها للأسف الشديد!..هل كان فقيدنا العزيز يعلم ذلك ياربي?!..نعم كان يعلم ولكنه ظل شجاعا رابض الجأش طيلة فترة علاجه ببريطانيا كما عودنا دائما ..فقد ظل مشغولا بما كان يشغل باله طيلة حياته من قضايا العمل العام والبحث عن طرائق الحلول لمشاكل الناس الشائكة ..كنت أسلخ الوقت معه طيلة فترت معاوداتي له في مثل هذه الأمور التي كانت تشغله ..تحاور معي طويلآ عن الكيفية التي يمكن بها جعل مجلة الشبيبة مستقرة بصدورها أسبوعيآ دون أن تواجه الناس أي معيقات مالية ،تدارسنا الأمر وتوصلنا لبعض المعالجات ..وبخوص التوثيق وأرشيف الاتحاد الضخم إقترح علي أن أتولى معاونته لتصنيف الارشيف وتسليمه قيادة الاتحاد! وعندما لاحظ حزني على فقداننا لمقعدنا التاريخي في اللجنة التنفيذية في اتحاد الشباب العالمي (وفدي) أكد لي أن المقعد حالما سيعود باجراءات إدارية في متناول الناس الا أنها تحتاج ل (بعض همة)! ..وكلفني باعانته في قضية ينظر فيها مكتب المحاماة الذي يمتلكة والمتعلقة بتعويضات موكليه الذين تضرروا جراء ترحيلهم من منطقة الزاوية بليبيا عندما كانوا يعملون هناك كأجراء وجردوا من جميع ممتلكاتهم وأموالهم وتم ترحيلهم قسرآ للسودان !.. كان أيضاً مهموماً بقضايا منطقته وأهله في كجبار والمناصير وقد رتب للقاء بعض المنظمات الدولية والبريطانية في هذا الخصوص، وفي مرة استدعاني ليسلمني جزءآ من كتابات أنجزها بخصوص مذكراته التي الححت عليه باستغلال فترة وجوده بعيدآ عن زحمة العمل وارتباطات المحاكم ليتحفنا ببعض ما امتلك من تجارب وخبرات ,, كان فتاح مشغولآ بكل ذلك .. مما يوحي بأنه لم يكن يعلم بتقرير أطبائه ..فهل بالفعل كان كذلك ?! لا ..لقد كان يعلم!.

 

عندما سلمني جزءآ كبيرآ من تلك المذكرات قال لي وأنا أجلس بقربه على سرير المرض :- أوفيت بما وعدتك به وكتبت ماقدرت عليه (ثم بممازحة كان وقعها ثقيلآ جدآ علي قال لي بتلميح ):-

 

المرة دي داير أمليك وصيتي ياحسن ياولدي..فلكل أجل كتاب !.

 

يافتاح يا عليم يا رزاق يا كريم !

 

هذا ما قلته له ضحكآ وأنا أنهض مقررآ المغادرة حتى يبدو الأمر وكأنني فهمت حديثه كمزحة كما عودنا دائمآ ، فوعدتني كريمته التي حضرت معه كمرافقة بالاتصال هاتفيآ لتبليغي ما إذا كان سفرهم مؤكدآ بعد يومين للسودان بعد الاتصال بمكتب الحجز ..ودعته وغادرت .. كانت تلك آخر مرة أراه فيها..بعد يومين إتصلت لمعرفة مواعيد عودته للسودان ففوجئت بسفره انتابني لحظتها انقباض لم أكن أدري كنهه وأحسست بوحشة ثقيلة علي!.

 

يافتاح يا عليم .. يارزاق ياكريم !

  كان عليماً بحق وكريماً دون منً .. كان منافحاً عن قضايا الوطن والشعب وأولاد وبنات السودان البسطاء والبسيطات.. برحيلة تفتقد حركة الشباب السودانية والاقليمية والعلمية أحد الكوادر المقتدرة المتدربة العالمة ببواطن أمور كيفية ادارة مؤسسة تاريخية فذة كاتحاد الشباب السوداني

لعبد الفتاح زيدان الرحمة والمغفرة والعزاء لأسرته وأهله الكرام ولاتحاد الشباب السوداني الذي يترجل عن حياته فارسآ آخرآ من فرسانه الذين ظلوا يرتحلون خفافآ .. افتقدناك وسنفتقدك طويلاً .. ونم قرير العين يا رفيق .

 elgizuli@hotmail.com

 

آراء