مهلا سيدي الرئيس …. هذا هو كتاب إخفاقاتكم , فكيف ننتخبك؟ …. بقلم: د. زاهد زيد

 


 

د. زاهد زيد
8 February, 2010

 

 

zahdzaid@yahoo.com

 

     سيدي الرئيس عاتبني بعض مؤيديك ـ هدانا الله وإياهم ـ على ما كتبتُه عن انجازاتكم وغالى البعض منهم وخرج عن أدب الحوار لأنني قلتُ إن كتاب انجازاتكم لا يرقى لقامة الوطن ولا يُعد إلا كغثاء السيل مقارنة بحجم إخفاقاتكم التي جعلتْ البلد يتصدر دول العالم كافة في الفساد وانتهاك حقوق الإنسان والعجز عن الايفاء بأبسط متطلبات المواطن في التعليم والصحة وكافة الخدمات ناهيك عن الحرية والديمقراطية . و يحزنني أن يتعامى البعض عن  كل هذا ويتكلمون عن توفر الخبز والبترول فأرجو أن أسأل سؤالا بسيطا : لمَنْ توفرهذا الخبز والبترول ؟ وماذا غيَّر هذا في حياة الفقراء منا ؟ وهل نتمتع كلنا بالتساوي بهذه الوفرة ؟ وهل هذا هو طموحنا وغاية المُنى؟ ثم ماهو الثمن الذي دفعناه  ولازلنا ندفعة في المقابل ؟ أدعوهم دعوة صدق لمن هو معك سيدي الرئيس ولمن هو ضدك, أن نقرأ معا كتاب إخفاقاتكم وأن نقارن ذلك بإنجازاتكم قبل نحكم لك أو عليك.

     سيدي الرئيس لقد رفعتم يد الدولة عن الصحة وكل مشرعاتكم في التأمين الصحي والدواء الدائري والصيدليات الشعبية لم تقدم سوى المزيد منفرص الثراء غير المشروع لأكثرالقائمين على أمرها والدليل لجؤ المواطن للمستشفيات الخاصة والتي تحولت بسبب تهاون مسئوليكم إلي تجارة تمتص دم المرضى دون ان تقدم لهم العلاج اللازم ,وهل منكم ومن محسوبيكم من يتعالج فيها ناهيك عن الزيارة مجرد الزيارة لمستشفيات الحكومة ؟ لِمَ لا تقوم سيادتك بزيارة لمستشفي الخرطوم ليلا وتسأل عن الأخصائيين الذين يمرون مر الكرام إن مروا ليستقروا في عياداتهم الخاصة يجنون الملايين في شهور معدودات هل هذا مما يرضي الله؟ لم لا تسأل أخاك أو زوجته وهما طبيبان عن المستشفيات في السعودية ولِمَ لَمْ يطبقا نصف بل ربع ما عرفاه هناك؟ الم تولهما أرفع المناصب وتلحقهما بالمؤسسة الطبية العسكرية بعد أن منحتهما أرفع الرتب؟ أم أنهما نسيا المساكين وفقراء المرضى وانشغلا بحياة المترفين والسفر سياحة في مصايف الدنيا الجميلة بعيدا عن هَمِّ المساكين وامراضهم ؟ ألا تعلم ان الله سائلك يا عمر لم وليتهم هذه المناصب هل مسألة (وجاهات) أم حقوقا تُؤدى وندامة في يوم القيامة ؟ألم تسمع بـ (راؤول) الشيوعي أخ كاسترو ؟ ألم تسمع بما يفعل مع مرضي الفقراء من أهل كوبا ؟ لم كانت شيوعيته رحمة على أهله وإسلامكم محسوبية ومناصب وتفاخر وسفر وقصور وسيارات فارهة وتمتع في الدنيا الزائلة ؟

    الم تسأل نفسك يوما ماذا يفعل المريض الفقير؟ ألم تقرأ خبر العجوز الذي وُجِد ميتا في شوارع الخرطوم وفي جيبه الخاوي تذكرة طبية لدواء الملاريا لم يستطع شراءها؟ ألا تخاف أن يأتي هذا يوم القيامة متعلقا برقبتك ـ ومثله كثيرـ يسألك لِمَ لمْ توفر له الدواء؟ لِمَ أطلقتم سوق الدواء وجعلتموه تجارة حرة للجشعين والمتاجرين بصحة الناس؟ سيدي الرئيس نحن لم نطالبك أن تفعل في شأن الصحة ما فعله الشيوعي جافيز , ولا زميله في الشيوعية كاسترو . كما لا نطالبك بما يقوم به رئيس الشيطان الأكبرـ في نظركم ـ أوباماـ في الضمان الصحي فقط مطلب  بسيط  أن تعيد للمواطن حقه الذي سلبته حكومتكم في التداوي بالمجان للفقراء والمساكين علما بأن أكثر من80% من الشعب هم من للفقراء والمساكين وأن تشرف وزارتكم للصحة على المستشفيات الخاصة . وتخلصها من قبضة المتاجرين بأرواح الناس. فهل فعلت شيئا من هذا؟ أما علمت بأمر من باعوا كل ما يملكون حتى بيوتهم المتواضعة التي لا يملكون غيرها وذهبوا بحثا عن العلاج في الأردن وهي ما هي , لا دولة بترولية ولا يغني ملكها بأنه يطبق شرع الله؟ فلمَ تقدمت علينا مع منهجكم الإسلامي وإلتزامكم بأنها لله؟ ؟ وهي مملكة لا تدعي أنها وريثة الله في أرضه ؟

       سيدي الرئيس ماذا فعلتم بالتعليم ؟ هل دخلتَ يوما وخلسة أى مدرسة حكومية من مدارس الأساس ليس في دارفور الحبيبة ولكن في الحاج يوسف أو حلة كوكو التي لا تبعد كثيرا عن قصوركم في كافوري ورأيت ما فيها؟ ثم هل رأيت مدرسة خاصة في أي حي من أحيائكم الجديدة؟هل سألت نفسك لوأنك وإخوتك وفيهم الطبيب والمهندس نشأتم في هذا الزمان هل كان والدك عليه الرحمة قادراعلى تعليمكم بنفس ما حصلتم عليه في زمان غير زمانكم العجيب هذا؟ ألا يحق لأولادِ الفقراء المزارعين والموظفين والعمال أن يتعلموا بمثلما تعلمتَ أنت وأخوتك في مدارس الحكومة؟ لِمَ حرمتم النابهين بالفطرة من التفوق والانطلاق وفتحتم الباب على مصراعية لأولاد الأغنياء الأغبياء للدراسة ؟ أ لم تعلم أن من صنع المجتمع المتمدين الحديث في البلد هم أبناء الطبقة الوسطي التي كنتم منها وخرجتم منها بعد أن سويتموها بالأرض؟ وألحقتم أهلكم ومحسوبيكم بطبقة الأغنياء من غير حق ورثتموه ولا كان يحلم برُبعِه أجدادكم ولا حتى آبآؤكم الأقربون ؟

   سيدي الرئيس علام ننتخبك ؟ ماذا فعلتم في مشروع الجزيرة؟ وما مصير مشروع سندس الزراعي؟ سلمتم الأول للضياع حتى هجره المزارع وهاجر أبناؤه مشردين في العاصمة يبيعون الأقلام وسم الفئران وفرش الآسنان ؟ أما الثاني فقد سلمتموه لواحد من محسوبيكم (حلو لسان وقليل إحسان) لم ينبت شجرة ولم يحصد ثمرة إلا بالكلام وأضاع حقوق كثيرين , وأخذ حقوقا( حُمْرة عين) وأهلها لا يجدون مناصرا ولا شفيعا وأنت رئيسهم ورئيسه ؟ أين ذهبت عرائضهم لك ؟ أين ذهبت شكاويهم؟ ألا تعلم أن دعوات المظلومين ليس بينها وبين الله حجاب ؟

      سيدي الرئيس علام ننتخبك؟وأنت لم تعرف و لا تريد ان تعرف, ماذا حدث للمتأثرين بسد مروي ؟ هل يتطلب إنشاء السد قتل أهلنا العُزل؟ ألا تعلم تقاليد أهلك في الشمال وتمسكهم بالأرض ؟ لم لم تذهب إليهم وتجلس معهم على الأرض وتقنعهم ؟ لم لم ترسل لهم الوزاء والعماء ليقنعوهم بدلا من جحافل العسكريين ليحصدهم السلاح حصدا؟ أين ستجد من يقول لك نعم؟ أينما توجهت في السودان الواسع ستجد مظلمة وحربا وتشردا .

     سيدي الرئيس علام ننتخبك ؟ ورصيدكم في الخدمات صفر كبير وليتكم اكتفيتم ببعدكم عن خدمة المواطن لا بل اطلقتكم جباة الضرائب والعوائد والنفايات يجوبون الأحياء مهددين ومتوعدين لمن تسول له نفسه بالمحاكمة الفورية وببيع ممتلكاته ايفاء لحق دولة لا تفتح مجاري الأمطارالتي تغرق الناس كل عام ولا تجمع النفايات من الشواع التي حولت المدينة لمسودع كبير للقمامة . سيدي الرئيس إنه لما يحزن المرء أن مواطنا (زاهر جبريل ) أثقلته وضيقتْ عليه محليته بسبب إهمالها لخدماتهم لم يجد غير قلمي يستجير به ويرجوني رجاء اليائس أن أكتب ليس لسيادتكم بل لرئيس محليته "محلية جبل أولياء " لتزيل النفايات عن وجه منطقتهم فتيح العقليين السياحية أو كما قال . هذا مثال لواحد من رعاياك سيدي الرئيس ومن الذين ستعمد عليهم في التصويت لكم فهل من يفقد أبسط الخدمات تتوقع منه التأييد؟ كم وكم من منطقة مثل فتيح العقليين ؟ وكم كم ممن هم في معانات الأخ زاهر جبريل لا يجدون حتى من يشكون له سؤ الخدمات التي رفعت حكومتكم يدها عنها وظلت بلا خجل ولا حياء تطلب الضرائب والعوائد , فبأي حق تطلب منا أن ننتخبك؟

    سيدي الرئيس إذا كان ابن الخطاب المبشر بالجنة وصاحب رسول الله والشهيد يخاف من حساب الله له إن غفل أو قصرـ وحاشاه أن يفعل ـ في حق الناس فما بالك أنت ؟ أضمنتَ الجنة أم أمنتَ محاسبة الله؟ ألم تسمع بقول الخطاب "والله لو كانت إحدي رجلي في الجنة والأخرى خارجها ما ضمنتُ مكر الله!" ألا حسبتها بميذان حساب الله ؟ أم تنتظر حساب البشر؟

سيدي الرئيس إن كتاب اخفاقاتكم طويل لا نهاية له وإن كنت اليوم قد بدأته بما قدمت في التعليم والصحة والخدمات , فإن ما يبكي قادمٌ في مقالاتي الآتية حول الصفحات الدامية من كتاب اخفاقاتكم في دارفور, وكبت الحريات, ومحاربة الناس في أرزاقهم ,وتخريب علاقة البلد بالجيران وغير الجيران حتى غدا السوداني ارهابيا ومكروها -بسببكم وبسبب تأييدكم الساذج لصدام- في دول الخليج والسعودية ومشبوها في بلاد لم تعرفنا إلا أعزة كراما .

 Zahd Zaid [zahdzaid@yahoo.com]

 

آراء