الصحّافة أصغر وزيرة في العالم العربي .. مع حقنة كمال عبيد
ما يجب أن نذكره ، أن الحكومة التي شكلها حزب المؤتمر الوطني بعد الإنتخابات الأخيرة هي حكومة " خم الرماد " ، والسبب في ذلك أنها ضمت المحرومين من رجال ونساء الحزب الحاكم ، فالدباب علي كرتي وزيراً للخارجية ، أما حاج ماجد سوار الذي أشتهر بضرب أستاذه في جامعة الخرطوم فقد تولى وزارة الشباب والرياضة ، فهي حكومة الفرصة الأخيرة في السودان لأنها آخر حكومة تحكم سوداناً مُوحداً أستلمته الإنقاذ موحداً في عام 1989 ، فبعد الحادي عشر من يناير من عام 2011 سوف تتقلص مساحة السودان الحالية ، وإذا لم يستجب حزب المؤتمر الوطني لنداء العقل سوف تنقص مساحة السودان أكثر فأكثر ، ولن أستغرب إذا تناقصت هذه المساحة حتى تصبح مثل مساحة قطاع غزة الفلسطيني ، ولا أعتقد أن النسخة الاصلية من المشروع الحضاري قد تنبأت بهذا التناقص ، وكنت أتذكر المرحوم محمد طه محمد أحمد وهو يخطب في أركان النقاش في جامعة الخرطوم ، سأله أحد الطلاب بمناسبة الدفاع الشعبي : ما هي الحاجة لقوات الدفاع الشعبي بينما هناك في البلاد قوات مسلحة ؟؟؟
كانت إجابة المرحوم محمد طه واضحة : اننا نريد أن نغزو الحبشة !!!، فالمشروع الحضاري قام على تصدير الثورة وإعلام المجاهدين في العالم أن السودان هو بلد الرباط ، وكما قال المتنبيء ، لو كانت النفوس كباراً تعبت في كمالها الأجسام ، أنتهى المشروع الحضاري عندما لم يحمي صاحب ذلك القلم الذي كان يدافع عن الإنقاذ في محافل الطلاب ، وأنتهى المشروع الحضاري على سنابك خيل الدكتور خليل إبراهيم عندما دكت أرض أمدرمان ، وايقنت بنهاية المشروع الحضاري كلما نظرت إلى النظارة الطبية للسيد/غريشن ، فيعطيك الإنعكاس فضل الهدوء والثقة بالنفس عندما يقول : إن الإستفتاء في الجنوب سوف يجري في موعده ، عندها تسمع دجاجات حزب المؤتمر الوطني تصيح وهي تردد : نحن ملتزمون بإجراء الإستفتاء في موعده . أنهم لا يملكون ناصية أمرهم الآن ، وبيت القصيد هو حماية الرئيس البشير من ملاحقة الجنائية ، أما السودان ومصيره فقد تُرك للمجهول .
ما أكتبه اليوم هو بصدد ضيفة جديدة على قلمي ، ضيفة يصفها إعلام الحزب الحاكم بأنها أصغر وزيرة في العالم العربي ، لكن هل هناك وزيرات في العالم العربي حتى نتأكد من دقة المقارنة ؟؟ فيزعمون أنها في العقد الثلاثيني من العمر ، كل الناس تخاف من الأربعينات لأنها المرحلة الحاسمة في حياة الإنسان في صراعه مع الهرم وتقدم العمر ، لذلك يقولون النصف الأول من الثلاثينات أو النصف الثاني منها ، لكنهم لن يقولوا أنهم أوشكوا على حافة الأربعين .
ضيفتنا هي سناء حمد العوض ، وزيرة دولة بوزارة الإعلام ، ولنقل أنها اصغر وزيرة في العالم العربي ولنضع ذلك فوق هامات رؤوسنا ،ولنكتبه في دار الوثائق السودانية ، ومن حقنا أن نستعين بدليل دينز للأرقام القياسية ،وليأخذ كل ذي حقه حقه ، لكن يجب أن نربط ذلك بحجم الأصوات الذي كسبته هذه الوزيرة اليافعة في العمر ، أتمنى أن لا تكون قد حصدت أصواتها الإنتخابية " بالخج " ، فقد غني وردي وهو يصف المرحلة الغضة في غصن النساء ،وناغى بعمر الزهور وعمر الغرام وعمر الهناء وحددها الشاعر بتسعة عشر سنة ، ولن نسأل الوزيرة عن شهادة الميلاد أو عمرها الحقيقي ، فهي ليست محتاجة لزيادة عمرها الإفتراضي للهروب من الخدمة الوطنية ، فربما تكون قد أدت الخدمة الوطنية بين اخوات نسيبة في المرخيات ،أو زغردت في عرس الشهداء وخرجت في مواكب الشهيد لتهتف : مليون شهيد من أجل التوحيد . قريب لي تمت إحالته للتقاعد في دولة خليجية لأنه كتب في جواز السفر أنه من مواليد 1958 ، طبعاً لم يصدقوا أنه فعل ذلك من أجل الخروج من السودان ، وبعد هذا العمر المديد الذي كتبه كان ايضاً مطلوباً في قوائم الخدمة الوطنية ، وكان يدفع الإتاوة كلما قرر الخروج .
لكن وزيرتنا الهمامة كما قرات في اللقاء الذي أجراها معها موقع أفريقيا اليوم أنها تقف مع الدكتور كمال عبيد في تصريح الحقنة قلباً وقالباً ، ليس ذلك فحسب ، بل زعمت أن ما قاله هو قانوني واسائد في كل العالم ، والدليل على ذلك – كما تفضلت السيدة الوزيرة - أن السودان عندما أنفصل عن مصر ...حُرم السودانيين من الجنسية المصرية !!!! ، ولا أعلم هل صرح وزير الإعلام المصري وقتها بأنه سوف يحرم كل السودانيين من الحقنة ، لكن الثابت أن المرحوم سعد زغلول كان يقول أن السودان من مصر بمثابة اليد اليسرى من أختها اليمنى ،لكن من المحتمل أنه اغفل ذلك لأن الحقنة لم تكن معروفة في ذلك الزمن ، وزيرتنا الهمامة كما عرفت من اللقاء أنها تملك منزلاً في مصر وعاشت بياض سنينها في حاراتها وأزقتها على الرغم انها إنفصالية في القاموس المصري ، ولكن سؤالي للوزيرة الشابة : هل كنا بالفعل نملك الجنسية المصرية وسقطت منا بسبب إعلان الإستقلال ؟؟ لأن هذا السبب سوف يجعل المصريين يطالبون بالجنسية التركية لأنهم أنفصلوا عن الدولة العثمانية ، بل سوف يحدث هرج ومرج في كل العالم وفقاً لنبوءة الوزيرة العالمة ، لكن ما الذي يجعل " وعد " الدكتور كمال عبيد قانوني كما وصفته الوزيرة إذا علمنا أن الرئيس البشير بنفسه وعد بإحترام المواطنين الجنوبيين الذي يختارون البقاء في الشمال ، وهذا يعني تمكنهم من حق التمتع بالحقنة متى تيسرت ،لكن يبدو أن وزيرتنا الهمامة لا زالت تحتفظ بكارت الذاكرة القديم ، كما أن وزيرتنا الهمامة والتي تعيش في قاهرة المعز التي يرفرف في سمائها العلم الإسرائيلي تخاف من من مجاورة إسرائيل أخرى في جنوب السودان ، وهي ترى أن الحدود التي سوف تُرسم بين الشمال والجنوب هي حدود مع دولة إسرائيل وليست حدود مع دولة جنوب السودان ، لكن وزيرتنا الشابة نسيت – أنه وفقاً لهذا المعيار – فإن كل الجنوبيين الذين شاركوا في حكومات الوحدة الوطنية هم إسرائيليين حسب وصفها ، ومن هنا ليس غريباً أن تكون الحدود هي مع دولة إسرائيل ، لكن الطريف في الأمر كيف قبلت الأخت سناء بالمشاركة في حكومة صنعت إسرائيل جديدة في جنوب السودان ؟؟؟ وهل سوف تشاطر القادة المصريين مخاوفها وتطلب منهم طرد السفير الإسرائيلي ؟؟ وهي كوزيرة إعلام كيف سوف تعد الشباب لمحاربة دولة إسرائيل الوليدة في جنوب السودان ؟؟ وكم هي عدد المرات التي زارت فيها جنوب السودان ، عفواً قصدي إسرائيل .
سارة عيسي
sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]