ثورة الشباب في قسم الآثار بجامعة الخرطوم

 


 

 


ثورة الشباب في قسم الآثار بجامعة الخرطوم: سمنار البحوث والدراسات الآثارية الحديثة   1
  ahmed.elyas@gmail.com  
د. أحمد الياس حسين     
شهدت جامعة الخرطوم في نهاية هذا الاسبوع نشاطاً ثقافيّاً وأكاديميّاً مميزاً، فقد أقام قسم الآثار بكلية الآداب جامعة الخرطوم السمنار الدوري الأول تحت عنوان: "البحوث والدراسات الآثارية الجديدة" يومي الأربعاء والخميس 16 و 17 مارس 2011 بقاعتي ودعة والشارقة بجامعة الخرطوم، وأقام قسم الدراسات الاسلامية بكلية الآداب جامعة الخرطوم مؤتمره السنوي بعنوان: الإمام الغزالي وأثره على الفكر الانساني يومي الثلاثاء والأربعاء 15 و 16 مارس 2011 بقاعة الشارقة. وفي سلسلة  احتفالات كلية  التربية بيوبيلها الذهبي (1961 – 2011 م)  أحيت الكلية الذكري الأربعون للشاعر محمد محمد علي يوم الخميس 17 مارس 2011 م في قاعة البروفسور ابراهيم أحمد عمر بكلية التربية بعنوان: محمد محمد على اللحن والشجن.
وسأتناول هنا سمنار قسم الآثار لأهميته البالغة ولاتصاله المباشر بموضوعات الساعة المتعلقة بالهوية وإعادة قراءة وتفسير تاريخنا. لقد كان المؤتمر حقّاً ثورة شباب، الشباب الأساتذة في القسم الذين حملوا الرسالة وبرهنوا على جدارتهم المتميزة ليس في أعمال التنقيب وإدارة القسم فقط بل وفي إدارة كلية الآداب أيضاً، الشباب تمثل في طالبات وطلبة قسم الآثار الذين رعوا المؤتمر وكان نشاطهم واضحاً في كل المجالات التي ساهمت في إخراج السمنار بصورة متكاملة بين الأساتذة والطلاب بقيادة ربان السفينة الماهر بروفسور علي عثمان أو "عمِّ علي" كما يحلوا لأساتذة وطلبة القسم بمخاطبته.  
أود أولًا أن أحيي قسم الآثار لهذه الطفرة الهامة في العمل الآثاري، فقد كان جل العمل الآثاري في السابق يتم على أيدي البعثات الغربية بإمكانياتها المادية والأكاديمية الواسعة، أما الآن فقد دخل شباب السودان الحقل الآثاري بإمكانياتهم المحدودة و المتواضعة ففتحوا صفحة جديدة في هذا العمل الوطني البارز في الحقل الآثاري.
وهذا العمل الكبير والجاد والهام الذي يقوم به شباب قسم الآثار لا يتطلب الدعم المادي فقط بل يتطلب كذلك الدعم المعنوي الذي يمثل دفعة قوية للقائمين به، فوسائل الاعلام ينبغي أن تكون حاضرة في مثل هذه المناسبات بل وفي العمل الميداني أيضاً لعكس النشاط الواسع للعمل الآثاري، ومن جانب آخر فإن تغطية وسائل الاعلام لمثل هذه الأعمال يمثل مساهمة كبيرة في جانب هام يسعى القائمون بالعمل في حقل الآثار بضرورة الاهتمام به وهو توعية الجمهور بالوعي الآثاري.  
وأود ثانياً أن أشد على يد أساتذة القسم بطفرة أخرى أخرجت العمل الآثاري من حدوده التقليدية الضيقة والمتمركزة على مناطق النيل بين الخرطوم ووادي حلفا إلى آفاق ومساحات أوسع مثل شمال كردفان ومناطق الصحراء البعيدة عن النيل ومناطق النيلين الأبيض والأزرق. فمفاتيح تاريخنا القديم والمسيحي والاسلامي ينبغي البحث عنها في كل أنحاء وطننا الواسع.
كما أشيد بتوجه القسم إلي العناية بالجوانب الأخري المتعلقة بالثقافة المادية وغيرها من جوانب التراث. لكي ننتقل بالبحث التاريخي من الأساليب التقليدية واحدية المنهج إلى مجال أرحب وأوسع تتضافر فيه الأساليب المتعددة. ونشد على يد جيل الشباب بتوجهم إلى المصادر المتنوعة وبخاصة كل ما يتعلق بالتراث آملين أن يساهم كل ذلك في إزالة الغبار الكثيف العالق بكل حقب تاريخنا.    
والملاحظة الواضحة في هذا السمنار هي العدد الكبير الذي حضر وساهم في أعماله، فقد كان هنالك حضور واضح للرعيل الأول الذي قام بتأسيس ورعاية قسم الآثار بجامعة الخرطوم ووضع اللبنات المبكرة لنشاطه، كما حضر الكثير من أساتذة أقسام الآثار والتاريخ  في الجامعات الأخري والمشاركة في أعمال السمنار لا من داخل العاصمة فقط بل ومن الجامعات خارج العاصمة. وكان حضور الهيئة القومية للآثار واضحاً في تقديم الأبحاث وإثراء النقاش  والتوصيات. كما شمل الحضور خريجى القسم وطلبته والعاملين في سلك التعليم العام، وقطاع واسع من المهتمين بالحقل الآثاري والتاريخ مما يعكس الأهتمام الكبير بهذا الجانب الهام من جوانب ثراثنا.
ومرة إخرى نكرر تهانينا لقسم الآثار بكلية الآداب جامعة الخرطوم لما قدمه في مجال المعرفة وعلى كرم الضيافة رغم شح الامكانيات وعلى العرض الجيد الذي قدمته فرقة الفنون الشعبية في افتتاح السمنار. ونواصل الكتابة عن أعمال السمنار في مقال لاحق.
 

 

آراء