مضادات حيوية ضد الاحباط الثوري
أرموا لقدام ,, ولا تبالوا!
الثورة عبارة عن فعل، لتراكم كمي ونوعي، يتجمع نقطة نقطة وقطرة قطرة، حتى يتحول إلى موجات ضخمة، من حمم تتلاطم داخل مرجل يغلي، فتنفجر مرة وإلى الأبد، في شكل بركان فائر، لا قبل به على أي قوة لإخماده!.
تداعى الناس، شباب وشابات، وطلاب وطالبات، جلهم زي الورد المفتح، مع مؤازرة قوى حية في البلاد، من رموز وطنية ، أباء وأمهات، أعمام ، خيلان، حبوبات وجارات، تنادوا جميعهم وبكل حيويتهم في الأيام الماضية وقبلها لصنع الثورة على الشارع، وتنادوا بالفعل من كل فج عميق، مهتدين بربيع الثورات الذي إنداح في المنطقة، إهتداءاً بما تم في تونس الخضراء ومصر الكنانة، وما يجري إنجازه حالياً في كل من ليبيا واليمن والبحرين والجزائر وإيران، والسعودية ذات نفسها!، بوصلتهم فوق كل هذا وذاك، تلك التجارب المتراكمة لدى الشعوب، ومن بينها ولا بد شعب السودان، الذي استطاع أن يمرغ، أنف ديكتاتوريتين عسكريتين في التراب، ليلحقهما بمزبلة التاريخ في نهاية الأمر.. نكرر "إثنتين"!، وذلك قبل أن تعرف وتتعرف شعوب المنطقة، على ما جربته "شعوب السودان" من قدرة على تبديل الحال والأحوال!.
تداعوا، من أجل الـ21 من مارس، إنتظموا وحددوا ساعة الصفر، الشوارع، كيفية تسيير المواكب، أوصى بعض العارفين، بأهمية أن تنطلق المواكب داخل الأحياء، وأن تستمر طوال اليوم، وأن تكون في حدود تلك الأحياء! – خاصة بالنسبة للمواكب الليلية – ! وعدم الاعتماد في التجمهر على الميادين الفسيحة، لأن أجهزة القمع، يسهل عليها ضرب مثل هذا النوع من التجمعات، ولكنها (تدوخ) وتفقد البوصلة بالنسبة لتفجر المواكب داخل الأحياء!، وللناس أسوة حسنة في تجارب مواكب أبريل بالعاصمة المثلثة، حيث أن مواكب الأحياء الشعبية، جعلت حدث الانتفاضة حياً ومستمراً في أفئدة الجماهير، وبالتالي صعب الأمر، على أجهزة القمع إخماد الانتفاضة في أبريل عام 85، فخارت عزيمة الشر فيها!.
وقس على ذلك، ضرورة الانتباه لمكر أجهزة أمن النظام، كيفية التعامل مع البمبان والرصاص المطاطي ، بما فيه الحي، أماكن تجمعات المصابين لنقلهم سريعاً لتلقي الاسعافات، التجمهر، الهتافات، النداءات في المواقع الالكترونية، مواقع نشر أسماء الشهداء والجرحى والمعتقلين.
نعم ,, فقد حسبوا لكل شئ حسابه، عبر الوسائل التقنية الحديثة، عداً نقداً..عدا أمر بسيط نوعاً، ولكنه مؤثر أيم تأثير! ,, وهو أن النصر لا يكمن دائماً خلف الجبل!، وأن هناك قدر من إنحسار ما ، غالباً ما يوجد لأسباب متعددة ،، تماماً كما يوجد الإنتصار أيضاً!، وأن الثورات لا يتم إنجازها هكذا بضربة واحدة، وعلى الناس توقع مثل ذلك، حتى لا يواجهون بالاحباط والخذلان الدفين!. وهذا ما لم تتم الاشارة إليه!.
ومع اقتراب يوم 21 مارس، تاريخ الدعوة لانفجار الشارع السوداني بحق وحقيقة، لابد من التعامل مع هذا اليوم، باعتباره (بداية) الانتفاضة الجماهيرية، مع النظام القمعي للانقاذ، وليس الزمن النهائي، لتحديد مصير بقائه!.
الطرف الآخر، حسب حسابه في المعركة ، وحشد هو الآخر أدواته وعدته لمثل هذه المواجهة، ، وقد تراكمت لديه بشكل أو آخر، خبرات في كيفية فض التجمهر،( استماتة قوات القمع، في منع المتظاهرين من الوصول لمنطقة البرلمان، لتسليم مذكرة الاحتجاج على الخروقات، التي اعتورت مرحلة التسجيل الانتخابي، في مواكب الاثنينين الشهيرة فترة الانتخابات في أبريل قبل الماضي، فض موكب 30 يناير، الانقضاض على الموكب النسائي "لا لقهر النساء"، بميدان المدرسة الأهلية، فض موكب القوى السياسية بميدان أبو جنزير)، وهذا الطرف الآخر، هو نظام عسكري، مدجج بأسلحة فتاكة ومجنزرات، ومركبات تسد "عين الشمس" والشوارع والأزقة، وتحاصر المباني وتفرق في غمضة عين، المئات من المتجمهرين بواسطة أنبوبة صغيرة، ليست أكبر من حجم كفة اليد، ولكنها تفعل فعلها بحكم غازها الذي يشل الأعصاب والتفكير!، وأكد بعض العارفين، أن هذا الغاز، ليس غازاً مسيلاً للدموع على النحو المتعارف عليه، وفضلاً عن أنه جُلب من إيران، فإن له علاقة مباشرة بالغازات السامة والمحرم إستعمالها دولياً، لما فيه من خطورة على الحيوات!، وإن دعى الأمر، فلن يتردد مثل هكذا نظام، في القيام بمثل ما فعله (قذاف الدم) في شعبه!، وله أجهزة أمن بألاف المجندين، الذين برمجهم من أجل فض المواكب، وأطلق أياديهم الملطخة دائماً وأبداً، بيمين البيعة، لكل ديكتاتور جبار،بكف من جانب، وبالدماء العزيزة، لأبناء الوطن الأوفياء، بالكف الأخرى من الجنبة التانية!، وقد جلبهم من مناطق محددة في السودان، حيث أن جلهم من مناطق (الأحجار الكريمة)، كما أصبح شعبنا يتهكم عليهم، وعلى عقليات قادتهم، الذين يحاولون بذر بذور التعنصر البغيض، وأن هذا الطرف الآخر في المعركة، يتعامل معها بمثابة أنها حياة أو موت، ولا خيار ثالث بالنسبة له!,, وأن بقاءه في السلطة، بمثابة دفاع مستميت، عن نظام يشكل رئته التي يتنفس بواسطتها، وفقدان النظام والسلطة، يعني فقدانه الحياة، بانقطاع الأكسجين الذي يضخ الهواء لهذه الرئة، وعليه فليس من مساومة مطلقاً وهو يدافع عن هذه السلطه وهذا النظام!.
ولذا كان من المهم التنبيه إلى وضع كل ذلك في الاعتبار ، حتى لا ينجر القوم – مع هذه الشحنات الزائدة – للتفاؤل الزائد هو الآخر عن اللزوم! - . فيصابون - نتيجة لأسباب التراجع المحتملة - بداء الاحباط، وبالتالي الركون إلى الانزواء، ولطم الخدود!.
وكما قيل، فإن "ما يبدو صغيراً ومحدوداً، يتطور بالمثابرة إلى فعل أقوى، وحركة احتجاج أكبر. بالمنشور والندوة المغلقة والكتابة على الجدران، وغيرها من أساليب التحريض، التي تنتهي بالاعتصام والإضراب السياسي، والمظاهرات الهادرة، التي لا توقفها آلة النظام العسكرية.. ومهما كان توازن القوى في الوقت الراهن.. فإن قوة الجماهير، لا تعادلها قوة، وإرادتها لا تُهزم ,, فلتتحد الصفوف، ولتمضي الخطوات واثقة للأمام، فمشوار الألف ميل.. يبدأ بخطوة ومن الشرارة يندلع اللهيب. وياليت الناس تعي أن توازن القوي، يفرض أحيانا إتفاق حد أدني، أقل من طموح الجماهير، وياليت الناس تعي أن الرهان والفيصل، ليس هو في إتفاقات الحد الأدني، وإنما في قوة الجماهير لا تعادلها قوة، وإرادتها لا تُهزم، وأن طبيعة المرحلة، تتطلب شئيا من الصبر والثقة، ونظام الجرعات لا العجلة والتهور، والإفراط في التقديرات والحسابات، التي قد تفرز إحباط، فالثورة والتغير عملية طويلة ومعقدة، تقوم علي التراكم النضالي، لا القفزات الفجائية، إذاً فلتتحد الصفوف، ولتمضي الخطوات واثقة للأمام، فمشوار الألف ميل، يبدأ بخطوة ومن الشرارة يندلع اللهيب."
وعليه، فإن الانتصار، لا يتم بين ليلة وضحاها، بل بمجموعة من الخطوات، التي تبدأ صغيرة، ثم تتراكم رويداً رويداً، وعليه، ربما لن تنجح الخطوة القادمة، بخروج الجماهير للشوارع في 21 مارس!، وربما تنجح، الله أعلم!، وربما يخمدها النظام في مهدها!، ولكن ,, كل ذلك ليس نهاية المطاف!، فخذوا الحذر والحيطة منذ الآن، وسدوا كافة الأبواب التي يتسلل منها الاحباط الثوري .. وانتبهوا إلى أن هناك من تم تجنيدهم في وظيفة (تخذيلي)! وأُعطيت لهم رتب ومراتب ومرتبات! ، وتم بثهم عبر كل المواقع الالكترونية،، خاصة الفاعلة والحية!، فطفقوا يطلقون سموماً من شاكلة أنكم " علمانيين" و " حملان في الحيشان"! وهلم، وهي أسماء لنفر " تخذيليين وتخذيليات" من أولئك الذين يطرحون أنفسهم كمشايعيين للنظام دون مواربة، وفيهم من يدعون الحرص على قضايا الجماهير!، أسماء سنرصدها لاحقاً! وقد توفرت كافة المعلومات حول أصلها وفصلها! ،، ولات ساعة " ولولة " و" إنكار"!.
وعليه ،، سدوا كافة الأبواب التي يتسلل منها الاحباط ،، وارموا لقدام .. فإن يوم باكر أحلى!.
عن صحيفة الميدان
hassan elgizuli [elgizuli@hotmail.com]