ما وراء العدوان الاسرائيلى على السودان !؟.

 


 

أدم خاطر
9 April, 2011

 


السياسة الاسرائيلية المعلنة ضد السودان منذ قيام دولة صهيون هى جزء من استراتيجية كلية ترمى لاضعاف وتطويع الأنظمة العربية واستنزاف مواردها وتجييرها لمصلحة المشروع الصهيونى من النيل الى الفرات ، وجعلها تعمل تحت رقابة ودائرة الفلك والمصالح الاسرائيلية فى المنطقة ، والسودان ظل على رأس الأجندة الاسرائيلية منذ الستينات من القرن الماضى بتمرده على التوجهات الاسرائيلية ومنهاضة سياسة التطبيع والهرولة دون مواربة !. ولن تنسى القيادات الاسرائيلية قمة الخرطوم ولآءتها الثلاثة فى السبعينات ودولة الكيان الصهيونى تحاصر آنذاك  ، والمد العربى الاسلامى يمسك بتلابيبها باعلائه لمركزية القضية الفلسطينية والدعوة لعدم تمييعها ، وجذوة المقاومة تنطلق فى الثمانينات كلها محطات جعلت اليهود يركزون على ضرورة تحييد بعض الأنظمة فيما يعرف بدول المحور أو الطوق كما فى الاتفاقيات التى وقعت مع عدد من الدول أو ترويضها أو استهدافها فى حال تمنعت هذه الدول عن مسايرة العروض الاسرائيلية !.والسودان بموارده الطبيعية الوافرة ومساحاته الشاسعة وعدد سكانه هو امتداد داعم لهذا المد الطليعى فى نصرة القضية الفلسطينية واذكائها ، وشواهده فى ذلك كثيرة فى العلاقة الرسمية والشعبية التى ربطت القيادات الفلسطينية بجميع فصائلها مع الحكومات السودانية والنخب والأحزاب على اختلافها أمر مشهود ، بدعم معنوى ومادى ولوجستى ، بل كانت مساهمة السوان فى المصالحة الفلسطينية كبيرة الأثر ومحل احترام وتقدير جميع فصائل المقاومة وكان بامكانه أن يؤدى الى التئام البيت الفلسطينى باكرا لولا التقاطعات المصرية والأمريكية وقتها ومتلازمة العلاقة التى تربط بين الولايات المتحدة ومصر واسرائيل !. وما كشف عنه وزير الأمن الداخلى الاسرائيلى آفى دختر فى محاضرته عام 2009 م  من مخطط اسرائيلى لتفتيت السودان كانت ساعتها الاستراتيجية الاسرائيلية تجاه السودان قد قطعت شوطا بعيدا فى التنفيذ ، وهى قد تغلغت فى جنوب السودان من خلال ارتباطها الوثيق ودعمها للحركة الشعبية فى أكثر من محور وجبهة لم تقف عند المال والسلاح والعتاد والتدريب والخبرات ،ويجرى الاعداد الآن لتبادل العلاقات الرسمية والاعتراف المتبادل بعد اعلان دولة جنوب السودان فى يوليو المقبل كما يصرح قادتها !.  وأمتدت اليد الصهيونية لتطال الحركات المتمردة فى دارفور حيث نشطت المخابرات والمنظمات اليهودية فى تفجير الأوضاع هناك ، وتوج ذلك بتهجير مجموعات من أبناء دارفور الى تل أبيب وصولا الى اعلان فتح مكتب لعبد الواحد محمد نور باسرائيل !. لقد قررت اسرائل التدخل فى السودان منذ عهد قولدامايير ضمن سياسة انتقائية تستهدف لبنان – سوريا – العراق – مصر – ايران ، رغم علمها بانعدام قدرة السودان فى التأثيرعلى أوضاعها الداخلية أو اصابة سياساتها ازاء القضية الفلسطينية بشكل مباشر !. كان تركيزها أن لا يتمكن السودان من اقامة دولة قوية تفوق قدراتها مصر والسعودية والعراق ، وذلك عبر محاصرته من المركز وشده من الأطراف بمعضلات وحرائق يعصب عليه حلها أو اطفائها أو الفكاك منها على نحو سريع ، وقد نجح المخطط اليهودى الكنسى الغربى الى حد كبير فى اعاقة السودان من تبوء موقع ريادى على الصعيدين العربى والافريقى رغم امكاناته الهائلة ومؤهلاته الجغرافية ،  بسبب حرب الاضعاف المتطاولة فى الجنوب وامتداداتها فى الغرب ، الذى تسعى اسرائيل جاهدة لبتره هو الآخر كما وقع مع الجنوب ، وتمييز دورها فى خنق السودان عن الدور الأمريكى والأوربى باسناد خاص جرى على عهد شارون صاحب فكرة تفجير الأوضاع بدارفور وهو من وضع وسائلها وآلياتها التى تجرى على الأرض الآن !. وتبقى مؤامرة فصل الجنوب هى اتفاق بين اسرائيل والولايات المتحدة ومصر قبل أن يكون اتفاق السلام الشامل ، وذات الثلاثية هى من قررت فصل اقليم دارفور وتعمل بعناية وصبر لأجل هذه الغاية وشواهد السلام فيها تراوح مكانها بين باسولى والدوحة والحركات المسلحة وجيش المبعوثين الأمريكان الذين هم امتداد للسياسة الاسرائيلية وبعض برامجهم هى آليات تنفيذ هذ المخططات كما أثبتت الأيام !. وتعثرات مسيرة السلام فى بلادنا والشلل يصيبه فى كل جبهاته والحرب علينا مفتوحة ومقننة حتى وان خاطرنا بدعم أكذوبة مكافحة الارهاب ومصر واليمن خير دليل بما تشهد من حالة ماثلة للعيان والعبرة لمن يعتبر !؟!.      
ليس غريبا أن تقيم اسرائيل لنفسها منظومة من الشبكات والعملاء داخل هذه البلدان تخترق به جدار الأنظمة التى تهدد مصالحها وتمنع تنفيذ مخططاتها ، وهى لا تعرف قيمة ولا مبدأ فى تحقيق مصالحها عندما تسلك سبيل التفجيرات أو الاغتيالات والتصفية أو الانقلابات وخلق الأزمات واستخدام كافة الأساليب والمحرمات دون التزام بمعيار أو سقف طالما هى فى مأمن من أن تطالها القرارات الأممية والعقوبات الدولية وربيبتها أمريكا هى من توظف حق استخدام الفيتو حصريا لأجلها لمنحها حماية أبدية وغطاء لفعل ما تريده وتبرير ما تفعله وشواهد ذلك أكبر من أن يحيط بها مقال !.ورسل أمريكا للسودان بدءاً من دانفورث وزوليك وونتر وناتسيوس ووليامسون وغرايشون وحتى الأخير برينستون ليمان هم بعض عملائها من خلفهم اللوبيات الصهيونية ، بل هم جزء مكمل  لأدوات ادارة الصراعات الجارية فى بلادنا وتغذيتها بوجه أو آخر اذا ما أسترجعنا حقبة كل واحد منهم والأزمة التى صنعت على عهده والاسناد الاسرائيلى الذى وجده خلال فترة مهمته ولكن ذاكرتنا القومية ضعيفة للغاية ولا تسترجع خلفيات هؤلاء المبعوثين وحصيلة ما توافر لهم ، وهم يلهبون ظهر البلاد بالمؤمرات والفتن والحرائق عبر التفخيخ والمقترحات الفجة والحلول المبتسرة والمهينة لكرامتنا ، مقارنة الى حجم التنازلات التى نقدمها والقرابين التى ندفعها ، والسؤال المحير ما الذى جنيناه ونحن نستقبل المبعوث تلو الآخر ولا أحد من هذه الأسماء يخلو من ارتباط مباشر باسرائيل ومصالحها ، والكل يعلم عن تاريخهم وخلفياتهم وتعظيمهم لمصالح دولهم وتكريس سياسة الهيمنة والاستعلاء ، فكان حتما علينا أن نجد أثرهم فى اتفاق الجنوب ومهالكه وأبيى والحدود والجنسية والاهاب والجنائية والعقوبات وغيرها ، فيما تبقى وعودهم للخرطوم بانجاز أى من الملفات مجرد حبر على ورق وهمهمات للاستهلاك والتسلية حتى نعاود الكرة مع مبعوث جديد وهكذا ندور فى حلقة مفرغة دون أن نجنى شيئا أو نحقق مصلحة أو ندرأ خطرا ، لماذا الذى يجرى مع هؤلاء وكيف ولأجل من نفعل ذلك ؟ تلك أسئلة تحتاج الى اجابات وقد بح صوتنا فى عدم جدوى الانخراط والتعاطى مع أمريكا واسرائل بصفة غير مباشرة ، حينما يحط رسولها بالخرطوم وتقصف بورتسودان بالصواريخ الاسرائيلية فى وضح النهار وللمرة الثالثة او الرابعة اذا ما أضفنا مصنع الشفاء ، وبعض التفسيرات العسكرية تذهب الى تجارة السلاح والتهريب واتهام أفراد قبيلة بعينها فى الشرق ، ولكن المراد أكبر من ذلك والمفاوض الأمريكى الاسرائيلى ليمان لابد من أن يجد الغطاء والدعم فى بلوغ غايته من هذا التكليف الذى يجىء فى هذا التوقيت والجنوب ينفصل ودارفور قد عطلت مساراتها ، والالتزم الامريكى للسودان بدراسة العقوبات عليه والشروع فى رفعها يصطتدم بالعقبة التى وضعها غرايشون لخلفه فى أن تثبت الخرطوم خلال الأشهر الستة القادمة أن سجلها فى مكافحة الارهاب نظيفا وان تعاونها فى مكافحته سيظل مستمرا !. ليجد ليمان فى أول يوم يباشر فيه مهمته من الخرطوم أن السودان بالمفهوم الأمريكى الاسرائيلى ولجاجته ما يزال ضالع فى الارهاب ودعمه ورعايته وحادثة بورتسودان والجثامين المتفحمة والسيارة التى أصبحت كتلة من الحديد هى بعض شواهده عليه أن يطهر يده ويكتب براءته !. هكذا تريد اسرائيل وأمريكا صرف الأنظار عندما يتدفق السلاح منهم على ليبيا يريدون أن تلصق التهمة بالسودان لتمهد للتدخل واطالة أمد العقوبات التى انتفت زرائعها !. دعك عن الملفات العالقة فيما تبقى من اتفاق الجنوب بكل تعقيداتها والمشورة الشعبية فى جنوب كردفان والنيل الأزرق ، وسلام دارفور الذى يحارب ويحبس عن بلوغ أى اتفاق بمؤامرة أمريكية اسرائيلية مفضوحة باتت دولة قطر على عظم ما تقدم ظاهريا من اسناد ودعم مشاركة فيها علم أحمد بن عبد الله أم لم يعلم ، وأن باسولى الذى ظننا أنه وسيط مشترك للأمم المتحدة والاتحاد الافريقى بات لا يعرف غير نيويورك بكل رمزياتها وشفراتها ، ولا تأخذه عاصمة بمثل ما تأسره باريس وساركوزى وعبد الواحد وهو يرحل الآجال والمواقيت لما يقارب الثلاثة أعوام الى وثيقة موعودة أضحت أشبه بالغول والعنقاء والخل الوفى ، كل ذلك وخليل وعبد الواحد خارج فضاء أى تسوية ستجرى ان قدر لها النجاح ، أما مناوى فهو واتفاق  أبوجا ومآلاته فى ظل ما يحتويه الوسيط المشترك أمر أشبه بالطلاسم والألغاز!.
وليست هذه المرة الأولى التى تعتدى فيها اسرائيل على بلادنا عسكريا هكذا وباعتراف علنى وصحفها تكتب وتقر بالمسئولية ، وردودنا على مثل هذه الحوادث خجلى ولا ترقى للتبعات التى تخلفها البربرية الاسرائيلية على واقعنا المأزوم وكيف يمكن تجاوز اسقاطاتها !. واللغة التى نتداولها  بالشكوى الى مجلس الأمن أو الاحتفاظ بحق الرد هى بعض أكليشيهات دبلوماسية لا تأبه بها اسرائيل ولا تلتفت اليها أو تخيفها بقدر ما تساعدها فى الاستمرار فى الصلف والعنجهية !.  نحن فى حيرة لما نقرؤه ونسمعه عن فحوى لجان التحقيق الأمنية التى شكلت لحوادث مشابهة فى العام 2009 م وما انتهت اليه من توصيات لا ادرى ان كانت حبيسة أدراجها أم رأت النور ، وهل قمنا بالرد على اسرائيل وهل تتبعنا دفاعاتنا الجوية ووضعها وهل أجرينا من الاحتياطيات لاستباق مثل هذه الأعمال ، ولماذا عاودت اسرائيل الكرة مرة ثالثة وبالتزامن مع مبعوث أمريكا ليمان ، وهل بمقدورنا الرد عسكريا على اسرائيل الآن وفى عمقها أو الدعم الصريح والمباشر للمقاومة الفلسطينية واللبنانية بشقيها السنى والشيعى وسندهما الايرانى السورى فى تحالف جهير ، بحسبانها الكماشة التى استطاعت أن تكفكف اسرائيل وتمددها وهى تذيقها الهزائم المتتابعة وتجرعها المرارات ، لو قدر لنا فعل شىء من ذلك ما استطاعت اسراائيل أن تعبر فضاء غزة دعك عن مجالنا الجوى والأرضى دون أن نصيبها برد مناسب وتبقى أجهزتنا توالى التقصى والتحليل على نحو ما نفعل نحن !، وهذا بحق يرتب على قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية مسئولية كبيرة ، لأنه وبفهم بسيط أى عمل عسكرى من أى طرف داخلى أو خارجى هو عدوان على سيادتنا وأمننا واستقرارنا من حق اى دولة يقع عليها عدوان عسكرى أول ما تفكر فيه الرد العسكرى وهذا ما ننتظره من وزير دفاعنا وقيادتنا العامة !, لغة التعاطى مع اسرائيل وأمريكا لابد وان ترتقى وتتحول من هذا الحوار الجارح وغير الجاد ، المبهم المعالم وغير المفضى الى غاية ، وهو اهدار للوقت وتضييع للمصالح واستسلام للفشل وتكريس للانهزام لا تقبله فطرة شعبنا ولا عزيمة قيادتنا التى كم سمقت بالجهاد والشهداء !. نحن بحاجة الى خطاب عسكرى جاد تعلق بموجبه فوضى التعاطى والانخراط مع مبعوثى اسرائيل من أمريكا وليس آخرهم ليمان !. كيف لنا بالحوار فى الغرف المغلقة والمكاتب وقبول الشروط والوصفات الأمريكية ، والصواريخ تنهمر والارهاب يتهددنا ونحمل على التعاون فيما يسمى بمكافحة الارهاب !. من يرهب من ؟ سؤال على مبعوث أمريكا ليمان أن يجيب عليه ان أراد الحوار مع الخرطوم بعد أن يوفينا حقنا فيما أنتهينا اليه من حوارات سابقة !. ترى كم ربحنا بحوارتنا السابقة معهم وأى شىء حققناه وأى ملف طويناه والتسويف والمماطلة ظلت أسلحة تكتيكية يتأبطها رسل أمريكا وليمان هو لذات الغاية بين يدى اعلان الدولة الجديدة فى الجنوب ونسف سلام دارفور قبل بترها كلية فى مرحلة لاحقة !. سمعنا رد وزير الخارجية كرتى على ما تعتزمه وزارته من تحركات فى المحافل الاقليمية والدولية ، ويبقى الرد العملى على لسان ويد وزير الدفاع ان اردنا ايقاف هذا العبث والتطاول على حرماتنا وسيادتنا بمبررات والتفافات لم تعد مهضومة ولا يقبلها عقل !. لا يهمنا نوع الطائرة وأين صنعت والبعد الذى أنطلقت منه ونوعية الصواريخ والمقذوفات التى استخدمت بقدر ما نحن معنيون بمن هو العدو وآلية الرد السريع والموجع فى خطاب جهير يعلى من ارادتنا العسكرية وقدرتنا على الرد وجاهزيتنا لتحمل المسئولية التاريخية ، والا فعلى اسرائيل وأمريكا أن يمدوا أرجلهم، وما بلغنا منهم هو نذر حرب قادمة هذه أشراطها يلزمنا حيالها تحسس بنادقنا ؟!.            
adam abakar [adamo56@hotmail.com]

 

آراء