توثيق علاقات السودان عبر شراكات إستراتيجية مع دول محيطه الإقليمى. تقديم: عاصم فتح الرحمن

 


 

 



بسم الله الرحمن الرحيم


جامعة أفريقيا العالمية


مركز البحوث والدراسات الإفريقية


مؤتمر علاقات السودان بدول الجوار


ورقة بحثية بعنوان


توثيق علاقات السودان عبر شراكات إستراتيجية مع دول محيطه الإقليمى


تقديم


أستاذ / عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج


باحث وخبير فى شؤون القارة الإفريقية ومتخصص فى شؤون القرن الإفريقيى

6/20/2011
Africa University
Asim F Ahmed


بسم الله الرحمن الرحيم
جامعة أفريقيا العالمية
مركز البحوث والدراسات الإفريقية
مؤتمر علاقات السودان بدول الجوار
ورقة بحثية بعنوان
توثيق علاقات السودان عبر شراكات إستراتيجية مع دول محيطه الإقليمى
تمهيد:
فى التاسع من يوليو من هذا العام 2011 م تشكلت فى السودان دولتين حيث إختار أبناء جنوب السودان فى إستفتاء(Referendum) عقد فى أوائل العام 2011 م الجارى حول تقرير المصير الإنفصال عن الشمال السودانى مشكلين دولة خاصة بهم أطلقوا عليها إسم دولة السودان الجنوبى,وعليه إعتباراً من التاسع من يوليو من هذا العام تشكلت دولة جديدة فى الشمال السودانى تحدها سبع دول لصيقة وهى مصر وإرتريا وأثيوبيا والسودانى الجنوبى وإفريقيا الوسطى وتشاد وليبيا بالإضافة لدول الجوار الإقليمى الأخرى ذات الأهمية الإستراتيجية,وتحتاج الدولة الجديدة فى الشمال السودانى إلى إعادة هيكلة علاقاتها بدول الجوار الإقليمى بعد إنفصال الجنوب من أجل توثيق وتدعيم هذه العلاقات لمجابهة التحديات والمخاطر الناجمة من التدخلات الخارجية التى تتعرض لها  هى وكل الأقطار الإفريقية الأخرى,لهذا تتجه إرادة شعب وحكومة السودان الجديدة فى الشمال السودانى بقوة خلف توحيد القارة الإفريقية لإقامة ولايات متحدة إفريقية,حيث أصبح العمل الجماعى الإفريقى ضرورة للتعامل مع التكتلات الدولية الطامحة فى فرض نفوذها على الدول الإفريقية,وبالتالى أصبح العقل الجمعى الإفريقى يتجه نحو تقوية قدرة القارة الإفريقية على إدارة وتسيير أمورها الداخلية والخارجية عبر آلية إفريقية جماعية,فالمصالح الإقتصادية الإفريقية لن تتعزز إلا بتقوية الإتحاد الإفريقى وتعزيز قدرة آلياته الإقتصادية عبر تفعيل الإندماج الداخلى الإقتصادى للدول الإفريقية,كما أن الموقف التفاوضى للدول الإفريقية سوف يتعزز فى حواراتها مع التكتلات الإقليمية المهمة مثل الإتحاد الأوربى والولايات المتحدة الأمريكية فى إطار الإتحاد الإفريقى,وعليه مصالح دول القارة الإفريقية الإقتصادية والسياسية والأمنية لن تكون فى مأمن مالم تكون هنالك قوة دافعة تعمل على دفع حركة التفاعلات البينية بين دول وشعوب القارة الإفريقية.

مقدمة منهجية:
هذه الورقة البحثية تهدف إلى تتبع مسار العلاقات السودانية الإفريقية (Sudanese African Affairs) والإطار الذى كان يحكم مسيرة العلاقات السودانية بدول جواره الإفريقيى والبحث فى إمكانية توثيق هذه العلاقات بعد تكوين الدولة الجديدة فى الشمال السودانى عقب إنفصال الجنوب فى التاسع من يوليو من العام 2011 م,وتحاول هذه الورقة عبر منهج تحليلى عميق    (In-depth Analyses Approach  ) إظهار كافة العوامل التى تسهم فى تطوير العلاقات السودانية بجواره الإقليمى وتلك التى ربما تعترض طريقه فى سبيل تطوير علاقاته وكيفية التغلب عليها.
وتنبع أهمية هذه الورقة البحثية أن هنالك تغيرات وإعادة صياغة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط مصاحبة لمحاولات لتشكيل القرن الإفريقى وتغيير خارطته الجيوسياسية (Reshaping of Horn of Africa Geopolitical Map ) من أجل تمهيد السيطرة على موارد القارة الإفريقية وبالتحديد النفط والمعادن الإستراتيجية الأخرى,إنعكست محاولات هذا التشكيل الجديد لمنطقة القرن الإفريقى فى ظهور الصراعات القائمة بين دول القرن الإفريقى وبروز حدة الصراعات الداخلية فى أقطاره وظهور دول جديدة فى المنطقة(Emerge of New State) تعادى الدول الأم التى إنفصلت عنها,مع زيادة التدخلات الخارجية فى شؤون دول المنطقة,حيث برز دور إسرائيلى (Israeli Role) فى زيادة تعقيد ملف مياه النيل,بينما برز الدور الأمريكى (USA Role) فى السيطرة على المناطق الغنية بالنفط,وعليه تشكلت دولة جنوب السودان لتكون دولة فاصلة للمصالح النفطية الأمريكية وكقاعدة إنطلاق لتحقيق المصالح الأمريكية فى المنطقة,أصبح السودان يواجه تحديات كبيرة تهدد وحدته وتهدف إلى تفتيته نتيجة للضغوط الأمريكية عبر جميع آليات المنظمة العالمية لإخضاعه لعملية التغيير حسب المخطط الأمريكى لتشكيل قرن إفريقى كبير,بينما تسعى إسرائيل عبر تدخلها فى أزمة دارفور ضرب العلاقات الإفريقية العربية عبر تصوير الصراع فى دارفور أنه صراع بين العنصر العربى الإفريقى والعنصر الزنجى الإفريقيى (Arab Versus African ) ومحاولة تفتيت السودان فى إطار سياسة شد الأطراف وبترها ضمن إطار الصراع العربى الإسرائيلى,هذا يقتضى من السودان تحسين علاقاته وتوطيدها مع دول جواره الإقليمى من أجل خلق تحالفات تساهم فى الحد من هذه التدخلات الخارجية و فى مقاومة التهديدات التى يتعرض لها,تأكيداً على أن السودان لن يستقر سياسيا وإقتصاديا وأمنيا مالم تتوفر مطلوبات هذ الإستقرار فى دول محيطه الإقليمى.
وتستخدم هذه الورقة البحثية المنهج الوصفي التحليلي وتعتمد الإسلوب المقارن للوصول إلي نتائجه كما تستفيد هذه الورقة البحثية من تداعيات الأحداث والإستقراءات التاريخية  لتصنيف الأحداث وتحليلها وفق المنهج التحليلى الإستراتيجى.
الإطار النظرى للورقة:
بسبب الزيادة الهائلة فى حجم الإتصال بين الدول نتيجة للثورة التكنولوجية الهائلة فى مجال الإتصالات تطورت العلاقات بين الدول وأصبحت البئية الدولية (International Environment) أكثر حركية تتفاعل مع الأحداث الدولية والإقليمية عبر ردود أفعال سريعة,اصبح حجم التعاون بين الدول كبيراً فى شتى المجالات الإقتصادية والسياسية والأمنية والفكرية والعلمية والثقافية نتيجة لهذا الإتصال,وفى جانب آخر أنتج هذا الإتصال نوع من التداخل والتشابك فى المصالح القومية (Overlapping Interests) للدول,ترتب على ذلك أن التفاعلات السياسية الدولية أصبحت تتجاوز سيادة الدول على حدود إقليمها ويهدد مصالحها و أمنها القومى و مركزها الإستراتيجى وكيانها الإقليمى وأوضاعها الإقتصادية والسياسية والثقافية والأمنية,السودان كأحد الوحدات السياسية المكونة للمنتظم الدولى (International System) يتفاعل معه فى إطاره الإقليمى (Regional) والدولى,وقد أصبحت التحديات الخارجية التى تتعرض لها دولة السودان الشمالى أكبر من أن يتصدى لها عبر قدراته الذاتية  نتيجة للتكالب الدولى عليه بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وأغلب دول الإتحاد الأوربى,وإستخدام كل آليات الأمم المتحدة (UN Tools) ضده من أجل فرض واقع جديد يخدم المصالح الأمريكية فى المنطقة,وعليه عبر إستخدام إتفاقية السلام الشامل تم فصل الجنوب السودانى ليشكل دولة فاصلة للمصالح الأمريكية فى المنطقة من أجل تثبيت المصالح الأمريكية النفطية,وعليه يجب على السودان أن يضع إستراتيجيات إقليمية(Regional Strategies) للتعامل مع هذه التحديات التى يتعرض لها عبر التحرك فى إطار دول جواره الإقليمى والدول الإفريقية الأخرى من أجل صياغة نمط من القوة التحالفية يستطيع بها مقاومة التهديدات التى يتعرض لها,وبالتالى كان لابد لدولة السودان أن تخلق علاقات توازن بين علاقاتها العربية والإفريقية لحوجتها الماسة لقارتها الإفريقية لدعمه من الناحية السياسية والإقتصادية والأمنية وتقوية موقفه التفاوضى عبر تعزيز إندماجه فى الإتحاد الإفريقى,عليه تفرض محاذير التعامل مع القوى الكبرى إتجاه السودان نحو القارة الإفريقية وإسهامه فى تطوير العمل الجماعى الإفريقى على مستوى القارى والمستوى الإقليمى الفرعى ودعم تكوين حكومة الإتحاد الإفريقيى,وهذا يتطلب من القيادة السودانية العمل على توثيق علاقاتها بدول المحيط الإقليمى للسودان عبر تطوير شراكات إستراتيجية إقليمية فى المجالات السياسية والإقتصادية والأمنية والثقافية والفكرية والإعلامية فى إطار الوضع الدولى القائم,ثم الإنطلاق عبر هذه الشراكات الإستراتيجية لتطوير العلاقات مع بقية الدول الإفريقية لتحقيق مصالح السودان الإستراتيجية.
الإطار التاريخى للورقة:
مصطلح "بلاد السودان" كان عبارة عن دلالة لفظية جغرافية واسعة في اللغة العربية كان يتم استخدامه للمساعدة في الإشارة للأراضي المسكونة من قبل المجموعات البشرية من ذوي البشرة السوداء من المحيط الهندى إلى الأطلسى،فالصومال وأثيوبيا مروراً بأرض السودان الحالية إلى مالي الحديثة حتى بلاد المغرب تعتبر جزء من بلاد السودان القديم، وبنفس القدر فان المصطلحين الإغريقي واللاتيني (Aithiopia / Aethiopia) على التوالي ظلا يشيران إلى السودان الحالي,إذن الرباط التاريخى موجود بين السودان ودول جواره الإقليمى منذ قبل التاريخ فالعلاقة مع مصر ضاربة فى القدم حيث أظهرت الوثائق التاريخية أن عائلة الأمير أمنحات كانت مزيجاً من المصاهرة السودانية المصرية,كما كانت العلاقات مع الشرق الإفريقى قوية عبر قبائل البجة التى كانت إحدى حلقات الوصل التجارية بين مملكة مروى والشرق الإفريقى, ويشهد التاريخ القديم عن وجود علاقات قديمة بين أكسوم ومروى,وعلاقات مع الحضارات فى الغرب الإفريقى وحضارة حوض نهر الكنغو القديمة,إذن السودان قطر إفريقى أصيل عمل قبل وبعد إستقلاله من الإستعمار البريطانى فى إطار الحركة الإفريقية للتحرر من الإستعمار وضد نظام الفصل العنصرى الأبارتهيد,كما أنه يعتبر من أحد الدول الإفريقية التى ساهمت فى تكوين منظمة الوحدة الإفريقية فى عام 1963 م,وقد كان السودان نشيطاً فى إطار عضوية منظمة الوحدة الإفريقية (الإتحاد الإفريقيى حاليا) (OAU)ولكن نشاط السودان فى إطار محيطه العربى أسهم فى إضعاف توجه السودان نحوالقارة الإفريقية وبالتالى شهدت علاقات السودان الإفريقية نوعاً من عدم الإهتمام من جانب الدبلوماسية السودانية عدا التواصل فى المناسبات الإفريقية الدورية كإجتماعات منظمة الوحدة الإفريقية (الإتحاد الإفريقيى حالياً)والمناقشات التى تتم بين المسؤلين الأفارقة على هامش الإجتماعات الدورية للجمعية العامة للأمم المتحدة,أثر هذا التراجع فى العلاقات الإفريقية على ضعف روابط السودان مع الدول الإفريقية,وبعد التحول فى العلاقات الدولية الذى شهده مسرح الأحداث العالمية فى بداية تسعينات القرن الماضى بسقوط الإتحاد السوفيتى وإنهياره كقوة عظمى وظهور الولايات المتحدة الأمريكية كقوة إحادية (Unique Super Power ) تسيطر على مجريات الأمور والأحداث فى العالم,ظهرت الحوجة الإفريقية لبناء الإتحاد الإفريقى لمجابهة متطلبات العولمة التى أفرزتها الولايات المتحدة الأمريكية, كان السودان منذ إستيلاء الإنقاذ على مقاليد السلطة فى السودان عام 1989 م يفقد المزيد من علاقاته مع دول جواره الإفريقى نتيجة لتصدير الإنقاذ لمشروع نموذجه الإسلامى لدول الجوار الإفريقى الذى تعارض مع توجهات وأيدلوجيات العديد من القيادات فى دول الجوار الإفريقيى,بينما أجبر تصاعد وتيرة الحرب الداخلية مع الحركة الشعبية إلى تحرك السودان فى الإطار الإفريقى محاولة منه لعزل الحركة الشعبية,وعند ظهور أزمة دارفور فى عام 2003 م و توقيع إتفاقية السلام بين السودان والحركة الشعبية فى التاسع من يناير 2005 م وتعرض السودان لحملة دولية إستهدفت تغيير نظام الحكم وتفتيت السودان,برزت الحوجة الملحة للقيادة السودانية من أجل إعادة توثيق علاقاتها مع دول الجوار الإقليمى وتنمية وتطوير منظومة الإتحاد الإفريقى والدفع بإتجاه تكوين حكومة الإتحاد الإفريقى نتيجة لتصاعد وتيرة التدخلات الخارجية فى الشؤون السودانية.
الأبعاد الثقافية فى علاقات السودان بجواره الإقليمى:
الدولة السودانية فى شمال السودان دولة إفريقية أصيلة وهى خليط إفريقى عربى (Afro Arab Mix) إنصهر فيما بينه مشكلاً بوتقة إثنوثقافية مترابطة فيما بينها مشكلة جسراً من التواصل منذ الحقب التاريخية القديمة بين العالم الإفريقى والعربى,ولكن مصالح الغرب أبت إلا أن تجسد العزلة بين الشمال الإفريقى العربى والجنوب الإفريقى الذى يعتبر السودان أحد حلقات وصله عبر دفع أبناء الجنوب نحو الإنفصال (Secession),إن أبناء الشمال السودانى جزءاً لايتجزأ من أبناء هذه القارة يتفاعلون مع قضاياها فى سبيل رفعة القارة الإفريقية,وهم من أوائل الأفارقة الذين بذولوا جهداً تاريخيا مقدراً من أجل تحرير القارة الإفريقية من براثن الإستعمار الأوربى (European Colonization ) الغير أخلاقى,والوقوف ضد نظام الأبارتهيد (الفصل العنصرى) (Apartheid),كما أنه الآن يساند الجهد الجماعى الإفريقى للعمل على حماية مقدرات وموارد القارة الإفريقية من تغول المستعمرون الجدد القادمون من وراء البحار لنهب موارد القارة الإفريقية,عليه دعم إطار العلاقات السودانية الإفريقية عبر توثيق علاقات السودان الثقافية بدول المحيط الإقليمى للسودان يشكل أحد أهم المحاور التى تساعد فى دعم السلامة الإقليمية للدولة السودانية.
الصورة الذهنية عن الشمال السودانى فى العقل الجمعى الإفريقيى:
يجب الإنتباه للصورة الزهنية المرسومة عن إنسان الشمال السودانى فى العقل الجمعى الإفريقى,وإجراء العديد من البحوث العلمية التى تدرس هذ الإتجاه,حيث أن الحركة الشعبية فى أثناء صراعها مع الحكومة السودانية شوهت صورة وإنسان ومجتمع الشمال السودانى حيث أنها عبر إسلوب الدعاية (Propaganda) المنظم  صورت الحرب الدائرة بينها وبين الحكومة السودانية أنها حرب بين العرب والأفارقة,ثم أعطت فيما بعد بعداً آخر لهذه الحرب حيث صورته أنه صراع دينى (religion Struggle) بين الشمال العربى المسلم والجنوب الإفريقى المسيحيى,كما أنها وصفت الشمال السودانى فيما بعد أنه مستعمر ويقوم بتجارة الرق محاولة منها وبمساندة الغرب تحميل كل الإرث الإستعمارى الغربى اللا أخلاقى للسودان الشمالى,ثم لعبت أزمة دارفور دوراً مسانداً لأطورحات الحركة الشعبية المشوهة عن السودان الشمالى حيث أدى تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل فى أزمة دارفور إلى ترويجهم أن ما يجرى فى دارفور هو صراع بين العنصر العربى الإفريقى والعنصر الزنجى الإفريقى مما أسهم فى إضافة تشوهات لصورة الإنسان السودانى الشمالى فى العديد من المحافل الدولية,ليس هنالك مفر من إعطاء أولوية قصوى للتعامل مع هذه التشوهات التى تعمدت الحركة الشعبية والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل إلحاقها بشعب شمال السودان من أجل دق إسفين بعلاقات السودان الإفريقية وإلغاء دوره كحلقة وصل بين الثقافة العربية الإسلامية والثقافة الأفركانية,العمل على إزالة كل تلك التشوهات يتطلب إستراتيجية ثقافية فاعلة تعمل على أساس تصحيح المفاهيم عبر التأكيد على إفريقية الشمال السودانى وأن إلتقاء الثقافة العربية مع الثقافة الأفركانية فى السودان كانت مصدر ثراء إجتماعى وثقافى وفكرى كون خليط إثنوثقافى قوى ومتجانس فيما بينه يحمل روح الإنتماء للقارة الإفريقية بقدر ما يحمل من إنتماء نحو الثقافة العربية مصدر ثرائه الثقافى,هذا الإلتقاء جعل من السودان الشمالى مصدر إتصال ما بين إفريقيا والعالم العربى,إذن إزالة الصورة السلبية عن السودان التى تكونت بفعل الدعاية من قبل الحركة الشعبية والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تساهم فى إزالة الحواجز امام حركة السودان فى إتجاه توطيد علاقاته مع دول الجوار الإقليمى وبقية الدول الإفريقية.
كيفية التعاطى بواقعية مع إستراتيجة توثيق العلاقات بدول المحيط الإقليمى:
قبل التفكير فى الإنطلاق نحو توثيق العلاقات السياسية والإقتصادية والأمنية والثقافية والعلمية مع دول المحيط الإقليمى (Regional Neighboring Countries) للسودان ينبغى ترتيب البيت الداخلى على كافة الأصعدة السياسية والإقتصادية والأمنية والإجتماعية من أجل توحيد صف الجبهة الداخلية,والكل يعلم حجم المشكلات التى تسببها إنفجار المشكلات على الصعيد الداخلى فى عالمنا المعاصر نتيجة للتدخلات الخارجية فى الشؤون الداخلية عبر حجج الأقليات والإثنيات وحماية حقوق الإنسان من أجل فرض سيطرتها على مقدرات الدول الأقل قوة منها,وعليه إذا كانت التدخلات الخارجية تفرض قيوداً على حركة الدول داخل حدودها السياسية لحل مشكلاتها فى إطار قومى يخدم مصالحها,فكيف لنا أن نتصور حجم القيود التى سوف تفرض على حركة الدولة السودانية فى الشمال من أجل توثيق علاقاتها مع دول محيطها الإقليمى ودول القارة الإفريقية الأخرى فى إطار تحالفى يهدف إلى دعم السيادة الوطنية وحماية الأمن الوطنى السودانى وتنمية مقدرات قوته والحفاظ على كيانه الإقليمى,عليه يجب الوضع فى الإعتبار قبل التحرك نحو الخارج فى إطار عملية توثيق العلاقات مع دول المحيط الإقليمى للسودان أن يكون هذا التوجه يحظى بدعم شعبى يقف وراء السلطة الحاكمة من أجل إعطائه قوة دافعة,وبناءاً على الإنتهاء من هذه الخطوة يجب البدء فى تنفيذ خطوة أخرى وهى التمهيد لبدء عملية جمع معلومات دقيقة عن طريق البحوث العلمية الأكادمية التى تستخدم وسائل العلم الحديث فى جمع المعلومات وتحليلها عبر دراسة حالة كل البلدان والمناطق المستهدفة من حيث المعلومات الإقتصادية والسياسية والأمنية والإجتماعية والثقافية والعلمية وقابلية قياداتها وشعوبها للتجاوب مع الدول الأخرى,هذه المعلومات تعطى مؤشرات حقيقية عن الدول المستهدفة لإقامة علاقات وثيقة معها تساهم فى وضع تصورات وإستراتيجيات تنبثق منها خطط تعنى بتصميم برنامج وإسلوب عمل يحدد أولويات السودان فى تحركه نحو ترسيخ علاقاته بدول جواره الإقليمى,وينبغى هنا الإبتعاد من الرؤية النمطية عن الآخرين حيث أنها تقود لفشل زريع عند وضع الإستراتيجيات.
أهمية دول المحيط الإقليمى للسودان إستراتيجياً:
توثيق العلاقات مع دول المحيط الإقليمى للسودان يعتبر من الأهداف الإستراتيجية و يطرح توثيق العلاقات فكرة إستنباط إستراتيجيات نابعة من جهود بحثية مكثفة ومعلومات ذات قيمة عن دول المحيط الإقليمى للسودان تساعد فى وضع منهج وإسلوب عمل يساعد فى توثيق هذه العلاقات,كما يجب أن تراعى الإستراتيجيات المعدة مسألة الأولويات الإقليمية (Regional Priorities) للسياسة السودانية والتى تتشكل من الأوليات التالية:
أ.دول الجوار اللصيقة (Neighboring Countries):
بعد إنفصال الجنوب عن الشمال السودانى تصبح دول الجوار اللصيقة بالسودان سبعة دول هى مصر وأرتريا,أثيوبيا,جنوب السودان,إفريقيا الوسطى,تشاد وليبيا, فمصر تعنى رقماً إقليمياً مهماً فهى فاعلة فى الإطار العربى والإفريقى,وتمتلك خبرات كبيرة فى النواحى السياسية,الإقتصادية,العسكرية والعلمية,فمن الناحية السياسية والأمنية هنالك إحتياج للتنسيق بين مصر والسودان فى ملفات مهمة ورئيسية منها ملف التكالب الأجنبى على السودان ومحاولة تفتيته,وملف المياه,ملف الوجود الإسرائيلى فى منابع النيل,وملف أمن البحر الأحمر والتواجد العسكرى الأمريكى فى القارة الإفريقية وإستبعاد مصر من التنسيق مع القيادة الأمريكية لأفريقيا,بالإضافة للخطط المشتركة من أجل تنسيق الجهود المشتركة لتعزيز العلاقات بالدول الإفريقية فى إطار حملة منسقة لحماية الأمن الوطنى لكل من السودان ومصر,أما على الصعيد التجارى فمصر من الدول لها تبادل تجارى كبير مع القارة الإفريقية حيث بلغت قيمة حجم التبادل التجارى بين مصر والدول الإفريقية حتى نهاية العام 2007 م حوالى أكثر من 2299 مليون دولار بمعدل نمو 29%,بالإضافة لجودة السلع المصرية وقبولها فى الأسواق الإفريقية,إذن تنمية التبادل التجارى بين مصر والسودان يسهم فى زيادة الصادرات والواردت ويحقق مكاسب إقتصادية لكل من البلدين,كما يمكن للسودان الإستفادة من تطور تكنولجيا البناء والزراعة والصناعة فى مصر عبر بناء شراكات فى مشاريع عمرانية وزراعية وصناعية فى السودان بالإضافة لتفعيل للتبادل العلمى بين جامعات البلدين,أما أرتريا فتوثيق التعاون معها مهم فأرتريا تمتلك شاطى طويل على البحر الأحمر,توجيه إستثمارات سودانية فى مجال التعدين وصيد الأسماك وإقامة مناطق حرة فى موانيها يحل أزماتها الإقتصادية ويعود بالنفع على السودان علما بأن التعداد السكانى لأرتريا لا يتجاوز ستة مليون نسمة,أما أثيوبيا فهى دولة لها وزنها الإقليمى وتعدادها السكانى يفوق 84 مليون نسمة وتعانى من ضائقة إقتصادية نتيجة لإرتفاع معدل السكان,الإستثمار السودانى فى أثيوبيا فى مجال الصناعات التحويلية والزراعية يسهم فى حل مشاكل إثيوبيا ويدر دخلاً مقدراً للسودان كما يساهم فى رفع حجم التبادل التجارى بين البلدين,علماً بوجود عمالة أثيوبية ماهرة فى شتى المجالات ورخيصة الأجر,كما أن إحتياجات أثيوبيا للبترول وموانى لصادراتها ووارداتها يشكل بعداً أخر فى توثيق العلاقات معها, وتطوير العلاقات العلمية بين الجامعات السودانية والأثيوبية ينقل خبرات الغرب المتعاون معها فى شتى مجالات العلوم التطبقية والطبيعية والنظرية,أما جنوب السودان وإفريقيا الوسطى فيحتاجان لإستثمارات فى مجال البنية التحتية والخدمية وتسهيلات فى الموانى السودانية وتفعيل التجارة الحدودية من أجل سد إحتياجاتهم من السلع الرئيسية والسودان يعتبر أحد المناطق التى تتنفس بها هاتين الدولتين كما يحتاجان لفرص تعلمية فى الجامعات والمعاهد السودانية,اما تشاد فهى تحتاج للموانى السودانية فى مجال الصادرات والواردات والخبرات النفطية السودانية فى مجال النفط حيث بها إحتياطات بترولية كبيرة,وتوسيع حجم التبادل التجارى والعلمى مع السودان,أما ليبيا فنحتاج لتطوير علاقات معها فى المجالات البترولية والإستفادة من خبراتها فى مجال حصد المياه الجوفية وتنمية التجارة البينية,ولكن الأوضاع الغير مستقرة بها الآن تحتاج لتأمل من الجانب السودانى.
ب.منطقة القرن الإفريقيى (Horn of Africa):
القرن الإفريقى يشكل مدرك جغرافى يرتبط بالموقع على الخريطة‏,ومفهوم القرن الإفريقى في بداياته إرتبط بالقضية الصومالية وعلاقاتها المعقدة مع أثيوبيا‏,‏ولكن المفهوم سرعان ما اتسع استخدامه ليشمل السودان‏,فطبيعة التفاعلات الداخلية والخارجية المرتبطة بالتطور الجيوإستراتيجى للمنطقة قد أسهم في إعادة صياغتها وتركيبها أكثر من مرة واحدة‏,فالحروب الأهلية‏,‏ والصراعات العنيفة على السلطة‏,‏وانهيار مشروع الدولة الوطنية والكوارث الطبيعية والتنافس الدولي على الموارد والنفوذ لم ينقطع عن المنطقة بأكملها, وكلها عوامل أسهمت في التوسع في استخدام مفهوم القرن الإفريقيى,وبعد نهاية الحرب الباردة‏,‏أعيدت صياغة منطقة القرن الإفريقى من الناحية الجيواسترإتيجية مرة أخري لتعكس حقيقة سياسات الهيمنة والنفوذ للقوى الأجنبية في المنطقة‏,‏وقد تم في هذا السياق إقتراح مفهوم القرن الإفريقي الكبير ليعبر عن المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية للدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في شمال شرق إفريقيا‏,‏بالإضافة إلى منطقة البحيرات العظمي,وبعد هجمات 11 سبتمر من العام 2001 م أدت العديد من الاعتبارات الأمنية ببعض أدبيات التفكير الإستراتيجى للولايات المتحدة الأمريكية إلى التوسع في استخدام مفهوم القرن الإفريقى ليشمل اليمن وربما بعض بلدان الخليج العربية‏, عليه فإن استشراف معالم المستقبل والحديث عن مستقبل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة يعتمد على جملة من العوامل المؤثرة في بيئة الصراعات داخل القرن الأفريقي,أولهما يرتبط بإستراتيجيات التدخل الدولي في المنطقة،أما الثاني فيرتبط بانعكاسات ظهور النفط في كثير من دول المنطقة،وهو ما يعنى إضافة بعد جديد لطبيعة التوترات القائمة,حيث أن ظهور النفط فى المنطقة أدى إلى إعادة حسابات أطراف الصراع الداخلية كما أنه جذب أطرافا خارجية طامحة لكسب السيطرة والحصول على هذه الثروة،ويمكن أن نشير إلى أن أحد أهداف القيادة الأمريكية لإفريقيا (AFRICOM) تتمثل في محاربة النفوذ الصيني (Chinese Hegemony) المتنامي في المنطقة،وتأمين الوصول إلى حقول النفط,ولاشك أن التفاعل بين هذه المتغيرات الداخلية والخارجية  سوف يؤدي إلى إعادة رسم خريطة القرن الأفريقى الكبير فكا وتركيباً,وعليه ما حدث من إنفصال للجنوب يدخل فى ضمن هذا الإطار,وبناء على ذلك توطيد العلاقات السياسية والإقتصادية والثقافية والعلمية مع جيبوتى مهم من الناحية الأمنية لأهمية الموقع الجيوسياسى لها, فتحكمها فى مداخل البحر الأحمر ووجود قاعدة ليمونيه (Lemonier) الفرنسية وقاعدة ليمونيه الأمريكية التى توجد بها قوات المهام المشتركة الأمريكية (Combined Joint Task Force CJTF) والتى تساهم بلا شك فى كل العمليات الموجهة نحو السودان,يجعل من جيبوتى موقع جيوبولتيكى (Geopolitical) مهم للسودان يمكن منه تأمين حركة الملاحة من وإلى السودان عبر باب المندب,كما يمكن من خلاله التعاطى مع مجريات الأحداث فى الصومال وسواحل المحيط الهندى,وإعطاء تفسيرات لظاهرة القرصنة  الصومالية وتأثيراتها على خطوط الملاحة القادمة من و إلى السودان,وظاهرة إختطاف السفينة القادمة للسودان محملة بمعدات لمصنع سكر النيل الأبيض تؤكد أهمية التواجد السودانى العسكرى والأمنى  بجيبوتى عبر تفعيل برتوكول تعاون أمنى عسكرى يسمح بوجود تسهيلات أمنية وعسكرية بجيبوتى.
ج.منطقة حوض النيل (River Nile Basin):
أصبحت قضية الأمن المائى في حوض  نهر النيل ومستقبل موارده المائية والطلب على المياه من التحديات التي تواجه الأمن المائي لدول حوض نهر النيل,حيث أن الماء يشكل محور الجغرافيا السياسية في المراحل التاريخية المختلفة التى مرت  بالمنطقة وأساس التفاعلات الحضارية والصراعات والتدخلات الخارجية,ومازالت المياه في بدايات القرن الحادي والعشرين تعتبر من أخطر التحديات التي تواجه العالم بأثره,إن نهر النيل الذى يجرى من منبعيه فى بحيرة فيكتوريا وبحيرة تانا حتى مصبه في البحر الأبيض المتوسط والذى يضم تسع دول تم تسميتها بدول حوض النيل وهى(بوروندي ورواندا وتنزانيا وكينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا وإثيوبيا والسودان ومصر)،ودولة إريتريا التى أضيفت لهم بوصفها دولة مراقبة, أخذت أزمة المياه فيه تبرز للسطح بين  الدول المكونة لحوضه,وتشكلت حالة من الإستقطاب الحاد بين دول المنبع والمصب  التى تشكل من وجهة نظرى جزء من حلقة تصعيد الصراعات التى تخدم تحقيق مصالح أجندات خارجية فى القارة الإفريقية,والمتابع للأخبار التى تتناقلها الصحف العالمية وبالأخص الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية فى هذه الفترة,يجد أن أغلبها يتحدث ويروج عن أن هنالك  حرب قادمة فى المستقبل القريب بين دول حوض  نهر النيل مما يدلل على أن هنالك ترويج إعلامى لقضية المياه فى حوض نهر النيل قبل وبعد التباين والخلاف الذى برز بين دول المنبع والمصب عقب إجتماعى الإسكندرية وشرم الشيخ والذى بعده قامت خمسة من دول المنبع بتوقيع إتفاقية إطارية جديدة فيما بينهما فى 14 مايو 2010 فى عنتبى دون السودان ومصر مما أدى إلى تأزيم الموقف  وزيادة التوتر فى منطقة حوض نهر النيل ,إن الكثير من الباحثين فى شؤون المياه والسياسة والدراسات الإستراتيجية فى منطقة حوض نهر النيل يؤكدون ويتفقون أن حل الأزمة القائمة الآن بين دول المنبع والمصب حول كيفية توزيع وإستخدامات المياه يكمن فى ترسيخ مبدأ التعاون بين دول حوض نهر النيل بمعنى أن يخدم مسارات التنمية فى كل دول حوض النيل دون الإضرار بمصالح أى دولة من دوله,عليه لابد من إختراق سودانى إيجابى لكل دول المنبع بحوض النيل عبر إقامة مشاريع إقتصادية تعتمد على تنمية الموارد المائية والإستفادة منها بصورة تضمن إستمرار تدفق المياه إلى السودان وتعود بفائدة إقتصادية له وتحقق فائض من المحصولات الزراعية تواجه مشاكل الأمن الغذائى التى يمكن أن يتعرض لها.
د.مناطق التجمعات الإقتصادية الإفريقية:
1.الإيكواس(ECOWAS): وهو من أهم وأضخم التكتلات الإقتصادية الإفريقيةالإقليمية ويضم كل من نيجيريا وغانا ومورتانيا والسنغال وكوت ديفوار وسيراليون وساحل العاج وغينيا وبنين والرأس الأخضر ومالى وتوجو وغينيا بيساو وليبريا,والإيكواس منطقة مهمة فى مجال الصادرات والواردات التجارية وسوق كبير للخدمات والإتصالات,بينما يشكل البترول أحد أهم الموارد المكتشفة فى منطقة خليج غنيا.
2.الأيموا: وهو تكتل إقتصادى يضم كل من ساحل العاج والنيجر ومالى وغينيا بيساو وتوجو وبوركينا فاسو وبنين وكوت ديفوار,وتنبع أهمية هذا التجمع من كون معظم دوله تشكل دول جوار إقليمى من الإتجاه الغربى وبها حركة تجارة نشطة,وهى تشكل أحد مناطق إنتاج النفط المحتمل فى غرب إفريقيا.
3.السادك(SADC) : وهو من أهم التكتلات الإقتصادية الإفريقية على الإطلاق ويتشكل السادك من جمهورية جنوب أفريقيا وأنغولا وتنزانيا وزامبيا والكنغو الديمقراطية وملاوى وزمبابوى ونامبيا وليسوتو وبتسوانا وجزر سيشل ومريشوس,يشكل الإهتمام بهذا التجمع الإقتصادى وتوطيد العلاقات الإقتصادية والتجارية معه إختراق كبير فى إطار توثيق العلاقات السودانية مع دول الجنوب الإفريقى حيث تشكل دولة جنوب إفريقيا وحدها مستودع للمواد الخام والخبرات العلمية والتكنولوجية والصناعية والكوادر البشرية المؤهلة فى كل المجالات,بينما تشكل دولة مثل أنغولا منطقة للإسثمارات البترولية والتعدينية الأخرى,أما بقية دول التجمع فهى سوق كبيرة للمواد الخام والصادرات الزراعية والصناعية القادمة من الخارج.
4.السيماك: ويضم كل من غنيا والكاميرون والغابون وتشاد والكنغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى,وينبع الإهتمام من هذا التكتل من أن دوله تتشكل من دول جوار لصيق ودول جوار إقليمى وتوثيق العلاقات الإقتصادية والتجارية يخلق إرتباطات سياسية قوية تساهم فى خلق إستقرار سياسى فى المنطقة تخدم المصالح السودانية.
5.الكوميسا (COMESA): وهو من التكتلات الإفريقية الإقتصادية الكبيرة والذى ينتمى السودان لعضويتها ويتكون من السودان وليبيا وكينيا وأثيوبيا وأوغندا وجيبوتى وأرتريا والكنغو الديمقراطية ورواندا وملاوى وسوايزلاند وبورندى وجزر القمر وجزر موريشص وسيشل,تفعيل هذ التجمع الإقتصادى وتعميق علاقات السودان بدوله يشكل صمام أمان للأمن الوطنى السودانى فى المجال الإقتصادى والسياسى والأمنى.
6.الساحل والصحراء (س ص):وهو من التجمعات الكبيرة التى تضم 28 دولة إفريقية وهى على التوالى ليبيا ومصر والسودان وتونس والغرب والصومال وجيبوتى والنيجر وأرتريا ونيجيريا والسنغال وغامبيا وإفريقيا الوسطى وتشاد ومالى وبوركينا فاسو وتوجو وبنين وغينيا بيساو وساحل العاج وليبريا وغانا وسيراليون وغينيا وجزر القمر وليبريا وموريتانيا وكينيا وجمهورية ساوتومى وبرنسيب,ويعتبر تجمع (س ص )أحد التكتلات الإقتصادية المهمة فى مجالات التنمية و تطوير إقتصاد إتحادى شامل وتأسيس منطقة تجارة حرة,وتفعيل علاقات السودان بدول التجمع يعتبر هدفاً قيماً لعامل القرب الجغرافى والتشابه بين نظمه السياسية والإقتصادية والإجتماعية ورغبة دوله فى التصدى لمشاكل التخلف الموروثة من حقبة الإستعمار الأوربى.
7.الإيكاس (ECCAS): وهى الجماعة الإقتصادية لدول وسط إفريقيا وهى تتكون من أنغولا وبورندى وجمهورية الكنغو الديمقراطية وتشاد وإفريقيا الوسطى والكاميرون والجابون والكنغو برازفيل وغينيا الإستوائية,وهى منظومة تشارك دولها فى تكتلات إقتصادية أخرى,وتحتاج دول هذه المجموعة لمشروعات البنية التحتية ومشاريع التنمية الإقتصادية,وتطوير إتجاهات التعاون معها فى هذه المجالات يمهد لكسب وجود إقتصادى كبير فى المنطقة يعمل على زيادة الثراء الإقتصادى للدولة السودانية. 
الخاتمة:
لن يستطيع السودان أن يتطور إقتصاديا وتنموياً ويعيش فى أمن وطمأنينة مالم تنعم البئية التى تحيط به بالأمن والإستقرار والتنمية,وتحركه فى إتجاه إقامة علاقات وثيقة مع دول محيطه الإقليمى تحت مظلة حملة منظمة وفق إستراتيجيات معدة بناءاً على معلومات مؤكدة تعمل على ترسيخ العلاقات بين السودان ودول جواره الإقليمى,بغرض الإستفادة من هذه العلاقات فى زيادة مقدرات الدولة السودانية من القوة والثراء الإقتصادى,ويتطلب هذا التقيد بالخطط الإستراتيجية المعدة لهذا التحرك والإستجابة للمتغيرات على المستوى الإقليمى والدولى من أجل إدخال التعديلات اللازمة على الخطط المعدة من أجل إعطاء قوة دافعة لهذا التحرك,مع الإنتباه للمعوقات والحواجز التى يمكن أن تفرض من قبل الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل من أجل الحد من هذه الحركة وكيفية التعامل معها بشكل من المرونة والحكمة حتى لا تؤثر فى إبطاء قوة الدفع السودانية فى بناء علاقات راسخة مع دول المحيط الإقليمى للسودان.
التوصيات:
1.تحديث مؤسسات صنع القرار المختصة بالشأن الإفريقى.
2.إنشاء لجنة برلمانية تعنى بالشؤن الإفريقية.
3.إنشاء لجنة رئاسية قومية تختص بجمع المعلومات بصورة مستمرة عن القارة الإفريقية لتخطيط السياسات الإفريقية ومتابعة تنفيذها وتقويم أدائها ومراجعتها بصورة دورية.
4.إشراك مراكز البحوث والدراسات فى تفعيل الأنشطة البحثية عن القارة الإفريقية على كافة الأصعدة ذات الإهتمام سوى كانت سياسية أو إقتصادية أو أمنية أو علمية أوثقافية.
5.الإهتمام بدعم وتطوير أداء البعثات الدبلوماسية على المستوى الإفريقى وخاصة فيما يتعلق بالجانب الثقافى والعلمى.
6.تعيين وزيراً مختصاً بالشأن الإفريقى له خبرة وعلاقات إفريقية تخدم مصالح السودان عبر تفعيل علاقات السودان السياسية والإقتصادية والأمنية والثقافية والعلمية مع دوائر صنع القرار فى إفريقيا.

والله ولى التوفيق


المراجع
المراجع العربية:
1.د/إسماعيل صبر مقلد,العلاقات السياسية الدولية  دراسة فى إصول النظريات,المكتبة الأكاديمية.القاهرة,طبعة خاصة,القاهرة,1991 م,
2.جمال عبدالملك "إبن خدون",السياسة والإستراتيجية فى الحربين العالميتين الأولى والثانية,دار الجيل بيروت,مروى بوكشوب الخرطوم,الطبعة الأولى,1988 م.
3.د/محمد الشافعى أبوراس,نظم الحكم المعاصرة,دراسة مقارنة فى أصول النظم السياسية,عالم الكتب,القاهرة,الجزء الأول,بدون تاريخ.
4.الدكتور أسامة على زين العابدين,سياسة السودان الخارجية,مكتبة الشريف الأكادمية ,الخرطوم,2005 م.
5.ضرار صالح ضرار,تاريخ السودان الحديث,مكتبة الحياة,بيروت ,لبنان,الطبعة الرابعة,1968 م.
6.المنتدى,إتجاهات السياسة الأمريكية نحو السودان,مركز الراصد العدد الرابع عشر,2010 م.
7.عوض الكريم الريح بلة,العولمة والسياسة الخارجية,مركز الراصد,الخرطوم,2011 م.
8.أ.د/عبد الرحمن أحمد عثمان,الثورة المصرية 2011م وأثرها على طبيعة العلاقات السودانية المصرية,مركز البحوث والدراسات الإفريقية,جامعة إفريقيا,السودان2011 م.
9.عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج,أزمة تقاسم المياه بين إحتمالات الصراع أو التعاون,جريدة الأحداث,العدد 1243 ,6 أبريل 2011 م,ص11
10.عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج,إنفجار الأوضاع الأمنية فى القارة الإفريقية,جريدة الأحداث,العدد,1175 , 28 يناير 2011 م,ص7
11.أ.د حسن مكى,إثيوبيا والتغيير السياسى,مجلة الدراسات الإفريقية,العدد السادس,الخرطوم,1999 م.
12. عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج,السيسا والتدخلات الخارجية فى شؤون القارة الإفريقية,جريدة الأحداث,العدد1315, 18 يونيو 2011م, ص11
المراجع الإنجليزية:
1. Russi, Ruth, the United Nation and the United States Security Policy, (Brookings Institution 1868).
2. Leonard Doob, Public Opinion & Propaganda, Archon books, 1966.
3. The Military and Politics, Perlmutter, Yale, 1977.
4. Kaplan, Morton, System and process in International relation, New York, John Wiles Sons, 1912.
5. Walter S John, the Logic of International Relation, New York, Harper Collins Publishers, 1991.
6.   John Young, Armed Groups along Sudan’s Eastern Frontier: An Overview an Analysis, Small Arms Survey ,Graduate Institute of International Studies,47 Avenue Blanc, 1202 Geneva, Switzerland, 2006.
7. Dr. Faroug Adam Ateem Darfur Crisis fact and solutions, work shop on China and the challenges of peace and development in Sudan, Khartoum friendship hall, 8 Nov 2008.
8. M.A Mohamed Salih, Globalization and Human Insecurity in Africa, the Eye on Ethiopia and Horn of Africa magazine, Vol No.125.Addis Ababa, Ethiopia, 2005.
9. Keller, Edmond & Rotchild, Donald (Eds), Africa in the New International Order: Rethinking State Sovereignty and Regional Security, (London; lynne Rienner Publisher, 1996).   




Asim Elhag [asimfathi@inbox.com]

 

آراء