المحلل السياسي والقيادي بالحركة الاسلامية (سابقاً) بروفيسر الطيب زين العابدين:

 


 

 

تراجعت الحكومة عن مشروعها الحضاري وهي بعيدة من العقيدة الاسلامية

انهارت الخدمة المدنية .. ونميري هو من منع الخمر ليست الانقاذ

لا توجد شرعية قانونية للحركة الاسلامية الان ..

الشورى والاسلام شعارات فارغة للانقاذ وعلى الرئيس ان يقود التغيير كحل سلمي

دعوة امريكا لدكتور نافع قصد منها زرع الفتنة بين الاخوان


المشهد الان:

شن القيادي بالحركة الاسلامية (سابقاً) بروفيسر الطيب زين العابدين هجوماً لاذعاً على حكومة الانقاذ وقال ان الانقاذ جاءت بمشروعها الحضاري كفكرة لمنهج محدد لكنه فشل لعدم التخطيط والتوافق حوله مضيفاً ان المشروع الحضاري تم السكوت عنه بعد الانهيار في الخدمة المدنية نتيجة لسياسة التمكين التي انتهجتها الانقاذ، مؤكداً ان ماتقوم به الانقاذ الان ليس بعقيدة بل رغبة في البقاء على السلطة، وقطع ذين العابدين بأن الاستنفار للجهاد في ظل حكومة الانقاذ خاطئ مدللاً على ذلك بالسياسة التي اتبعتهاالحكومة مع دولة الجنوب بإتفاق بعد فقد البلاد لاكثر من 25 الف شاب من الاسلاميين، وقال زين العابدين إن الحركة الإسلامية ارتكبت خطيئة بانقلاب الإنقاذ الوطني يونيو «1989م» واعتبر أن الإسلاميين بدأوا الحكم بظلم الناس بدلاً من إقامة الإسلام، (المشهد الان) جلست مع بروفيسر الطيب زين العابدين بمكتبه في حوار شفاف وواقعي عن مسيرة الانقاذ طوال ال24 عاماً الماضية .. الى افاداته..  
حوار: نفيسة محمد الحسن
*24 عاماً  حكم الانقاذ..لم تكن كمشروع انقلاب على العسكر بل فكرة لتطبيق منهج جديد ..المشروع الحضاري اين هو الان؟
المشروع الحضاري الان تم السكوت عنه، فهو بدأ منذ بداية كتابة القانون الجنائي الاسلامي الذي تضمن الحدود عام 1992م، ثم بدأت الاسلمة في المجالات المختلفة ، واتخذت الانقاذ مايسمى بسياسة التمكين التي تعني بجلب اناسنا الذين لديهم اتجاه اسلامي والذين نثق بهم لتولي مواقع الدولة المختلفة، حتى وصل الامر الى تعيين محافظ لبنك السودان شاب جيد لنفسه وعلمه لكنه لم يعمل طيلة حياته في بنك، هذه مفارقة كبيرة، وحدثت ردود افعال لهذه السياسة بتحقق المواطنين من احقية تولي ابناء السودان لمواقع كبيرة، ونتيجة لسياسة التمكين انهارت الخدمة المدنية للمرتبات الضعيفة التي لاتكفي لنصف شهر معيشة،لم تكن في السابق كالذي يحدث الان، عملت في جامعة الخرطوم وتزوجت في اول عام بعد التخرج،واصبح الظلم كبير، واعتقد ان الحكومة تنازلت عنها.
•      انت قيادي بالحركة الاسلامية والمشروع الحضاري ركيزه اساسية للحكم الاسلامي...طالما انكم غير متفقون لماذا هذا التخبط؟
كنت عضو في الحركة الاسلامية ، والمشروع الحضاري من حيث المبدأ وافقت عليه ورأينا وقتها ان المشروع الحضاري يمثل اهدافنا الاسلامية  وانه مهم لكن هذا المشروع يحتاج الى تخطيط خاصة وان هناك من يعارض لهذا الامر يجب اقناعهم اولاً، وان السلطة تم استلامها بانقلاب عسكري لم يتم تفوض من الشعب لعمل الاسلام، فيوجد بالسودان الانصار والختمية  ومجتمع كبير من السودانيين اسلامهم متين وقوي، اضافة الى ان عمله تم بطريقة(روشه) غير مخططة وتم الدخول في مغامرات بلعب دور في تغيير النظام في ارتريا واثيوبيا والسعودية هل مايقوم بذلك عاقل؟! بل اكثر من تحالفنا مع العراق ضد الكويت هذه حماقات كبيرة هل العقيدة قالت ذلك؟ من الافضل اسلاماً هل هو صدام ام ال الصباح ؟فصدام علماني يمنع حلقات القرآن في المساجد، لذلك قلنا انه يجب ان يكون هذا المشروع توافقي لان السوادنيين غالبيتهم مسلمين الى ان وصلنا الى نتيجة واحدة وهي عدم وجود المشروع الحضاري عملياً، فالسودان به ظلم وعدم مساواة بين الناس وطبقية في المجتمع ومشاكل في دارفور وجنوب كردفان وشرق السودان،اذن لم نستطيع التخطيط لمشروعنا ولم نأخذ معنا الناس في تطبيقه ، الرسول صلى الله عليه وسلم عندما ذهب للمدينة لم يفرض الاسلام على الاخرين بل عمل اتفاق وهوصحيفة المدينة ضمت حتى اليهود وعاملهم بالتساوي مع المسلمين ،الا بعد ان بدأوا التآمر على الدولة وخرقوا الاتفاق معه، الحكومة الان صامته عن مشروعها الى درجة التراجع عنه، حتى في مجلس الشورى الذي عقد قبل ايام  لم يذكر احد هذا المشروع،الرئيس التركي اردوغان يعمل الان على نوع من الاسلمة في تركيا بالرغم من دستورها العلماني لكنه لم يقوم بحماقة بل قام بنهضة اقتصادية ووجد تأييد سياسي كبير حتى نهضت تركيا الان بشكل كبير.
•      لكن الاتجاه الى المساجد واقامة الصلوات وشعائر الزكاة موجودة الان؟
صحيح ...لكن البلد بها نهضة وصحوة اسلامية بدأت تظهر في ارتياد المساجد والمظهر العام والعديد من السلوكيات، ولم يكن للاسلاميين الحاكمين دور في ذلك لانها في كل العالم العربي الاسلامي ، فالنساء المحجبات في مصر نسبتهم اكثرمن النساء المحجبات في السودان، والسبب في ذلك ليس الحكومة بل الصحوة.
•      شهدت حقبة الانقاذ استنفار لروح الجهاد في نفوس المواطن وهذا مالم يحدث منذ المهدية... كيف يتفق ذلك مع ماذكرت؟
هذا صحيح... لكنه استنفار خاطئ..و هذه سياستنا في جنوب السودان وفقدنا من الحركة الاسلامية حوالى 20- 25 الف شاب في الجنوب، مالنتيجة الان سلمنا الجنوب للحركة الشعبية الذين قلنا لهم ان هؤلاء كفار يجب محاربتهم، هؤلاء الشباب ان عملوا بالمجتمع بصدقهم ونواياهم الصادقة لفعلوا الكثير،الاستجابة الان للجهاد وسط الشباب ليست كما كانت في السابق،والسؤال المهم لماذا نحل مشاكلنا السياسية بالحرب في كل الانظمة العسكرية؟ وفشلنا فيها الان.
*ولم تستطيع الولايات المتحدة الامريكية ودول الغرب ان تضع السودان في احضانها..اذن المسألة غير مرتبطة بمصالح اقتصادية بل عقيدة؟
لماذا تحضنه؟ وهي قادرة على التدخل في كل شؤونه فهي متدخلة في كل الاتفاقيات التي تمت في السودان بل اكثر من ذلك يروتكول  ابيي قام بكتابته دانفورث وتم فرض اليوناميد ويونسفا في ابيي، فالرسول صلى الله عليه وسلم تعامل مع كل اليهود ،والدولة الاسلامية ليست دولة عقيدة واحدة فالاقليات غير المسلمة عاشت في العالم الاسلامي بأمان كامل منذ المجوس حتلا يومنا هذا، والخلافة العثمانية تعاملت مع كل منطقة شرق اوروبا التي حكمتها والتعامل بالعقيدة ليس بفرض دين بل مصالح دنيوية مشتركة  تقتضى الموافقة من الطرفين، الحكومة الان اخذت ربا من الكويت،اذن كلمة عقيدة يجب ان لانحملها كشعار فقط وهو نفس المشروع الحضاري (الاهوج)،فالسياسة التي قامت بها حكومة الانقاذ ليس لها علاقة بالعقيدة بل لها صله ببقاءهم في السلطة فقط، والنموذج الموجود الان ليس بحضاري او عقائدي، والجهاد الذي تتحدثين عنه ان من يقوم به افضل اسلامي ،ولايعني ذلك ان من يجاهد لايرتكب خطايا، كما السودانيين  في السابق عندما كانت الخمرة مباحة يقولون نصلي العشاء ثم نذهب(للسُكر).
*والاستمرار في المظهر العام بمنع الخمر واقامة الحد الايحسب هذا كجانب ايجابي للانقاذ؟
محاربة الخمر لم تقم بها الانقاذ لماذا تعطيها حق ليس حقها؟
*لادافع عنها..لكن هذا مانراه الان بمحاسبة من يتعاطاها ومن يصنعها؟
هذا لم تقم به الانقاذ بل  منعها نميري وقام بذلك بقوة وشجاعة بالرغم من وقوف الاتحادي الاشتراكي ضد ذلك خاصة بعد المزكرة التي سماها القيادة الرشيدة ونصت على منع الدستوريين من شرب الخمر، الصادق المهدي وسوار الذهب لم يغيرا القانون، كانت الانقاذ امتداد لهذا الامر والانقاذ بها من كان يشرب الخمر وجاءوا في مطار الخرطوم (سكارى).
•      الاتجاه الفكري من مفردات المشروع الحضاري للانقاذ كيف تقيم ذلك الان ...؟
من الاشياء الجيدة التي قامت بها الانقاذ هو توحيد التعليم الديني والتعليم المدني، في الماضي كانت هناك معاهد دينية لمن يبلغ 6 اعوام الى ان يستمر الى الجامعة الاسلامية هذا يضيق على التقافة، الانقاذ دمجت ووضعت دراسة للقران والتربية الاسلامية قوية جداً بالتالي لاضرورةلاغلاق الثقافة امام هؤلاء، واعادة النظر في المناهج لتكون اكثر اسلامية لكنها جعلت غير الاسلاميين يشكون من ذلك،لكنها لم تقم بخدمة فكرية كبيرة في السودان بحيث لانجد الان كتب طبعتها او شجعتها الحكومة، مصحف افريقيا فقط لكن التمويل من الخارج ليس من الحكومة، كان في السابق كل مدراء الجامعات من الاسلاميين اين النهضة التي قاموا بها التي يجب ان تؤصل في المناهج والمقررات ؟ تم عمل بسيط سمى بوحدة تأصيل المعرفة تابعه للتعليم العالي اصدرت مجلة واحدة، لكن لاتوجد مؤتمرات فكرية ثقافية او نشر كتاب، فالحكومة ليست مهتمة بذلك ، وتضعدت الفنون في السودان والاداب في هذا العهد لايوجد منها رصيد تمت اعادة كتب فقط عندما كانت الحكومة عاصمة للثقافة العربية ، واكثر مجال لايصرف عليه هو الجانب الفكري ،اضافة الى ان هذا الجانب يحتاج الى حرية للبحث والتقصي للتطور الفكري،ولايوجد مجهود فكري والرموز الفكرية كلها قديمة لم تأتي بها الانقاذ.
*اهتمت الانقاذ بالجانب الاقتصادي واستخراج البترول ونجحت في ذلك؟
هذا صحيح ..لكن الخطأ الذي وقعت فيه هو ان معظم هذا البترول في جنوب السودان وبإنفصاله فقدنا هذا البترول، منذ بدأنا تصديرنا للبترول عام 1999م الى ان انفصل الجنوب احصي دخل بحوالي 55 مليار دولار ، كل الصادرات السودانية منذ الاستقلال الى يومنا هذا لاتساوي نصف هذا المبلغ ،اين صرفت الحكومة هذه المبالغ؟ لم تصرفها في التعليم ولا في الصحة ولا الزراعة،قال لي دكتور عبد الوهاب عثمان عندما كان وزير مالية لم نصرف دولار واحد على الزراعة،تم الصرف على ابراج ومشروعات اخرى واهدرت هذه الاموال.
*شهد المواطن السوداني سفلته واستقرار في المياه والكهرباء لم يجدها سوى في عهد الانقاذ؟
صحيح اقيمت عدد من الجسور وطرق مسفلته لكن هذا ليس بأساس للتنمية، وعندما فقدنا البترول حدثت (الوقعة الشديدة) لم نجد زراعة ولا صناعة لنجدتنا واصبح ضغط المواطن هو الحل ،وهذا البترول هو الذي شجع الجنوبيين للانفصال ،اذن الحكومة لم تبزل مجهود يذكر في الاقتصاد كما به احتكار لشركات اما تابعة للحكومة او محسوبين لها، اضافة الى الفساد المالي الضخم في تقارير المراجع العام ، في تقرير للمجلس الوطني قبل فترة اوضح ان الاستثمارات التي قامت بها الحكومة مردودها كان 12% من العائدات المحددة وهي 200 مليون جنيه كل ذلك على مدى 3 اعوام، بما فيها الاتصالات التي استطات ان تربح كل دول العالم،واغلب العطاءات التي  تطرحها الحكومة لاتعطيها مفتوحة بل لاناسها، رجال الاعمال السودانيين يذهبوا للاستثمار في اثيوبيا ويجدون كل الترحيب لكن الاستثمار هنا ضعيف واصبحنا دولة طاردة للاستثمار.
•      كيف تقرأ الوضع السياسي خلال 24 عاماً الماضية وهل حدث به تطور؟  
الوضع السياسي سيئ جداً ...حكومة لها 24 عاماً المتنفذون بها 8 اشخاص فقط يقبعون طيلة هذه السنوات، هذا في كل دول العالم غير موجود سوى في الانظمة الديكتاتورية المستبدة ،حتى داخل النظام لايوجد اتفاق شامل، فمؤتمر الحركة الاسلامية الثامن كل الحضورمن عضويته لديهم رأي وتعمل على ان لايصبح غازي صلاح الدين اميناً عاماً للحركة الاسلامية بالرغم من انه معهم منذ البداية بينما من اتى في عهد نميري ليقود المجاهدين ضد نميري يصبح اميناً عاماً للحركة بالرغم  من اني ليس لدي رأي فيه الا انه مسكين، ومالذي تقوم به الحركة ؟ هل هي التي تدير البلاد ؟ بل تاركه ذلك للحزب السياسي والحكومة.



2-2

= الشورى والاسلام شعارات فارغة للانقاذ..وعلى الرئيس ان يقود التغيير في المرحلة المقبلة كحل سلمي..
= اصبحت سمعة الحركة الاسلامية السودانية سالبة..ووضعها شاذ..
= دعوة امريكا لدكتور نافع قصد منها زرع الفتنة بين الاخوان...
= خُدع الجنوبيين ابان الاستقلال..والمفاصلة كانت سبباً في اعطاءهم حق تقرير المصير..
شن القيادي بالحركة الاسلامية (سابقاً) بروفيسر الطيب زين العابدين هجوماً عنيفاً على حكومة الانقاذ وقال ان الانقاذ جاءت بمشروعها الحضاري كفكرة لمنهج محدد لكنه فشل لعدم التخطيط والتوافق حوله مضيفاً ان المشروع الحضاري تم السكوت عنه بعد الانهيار في الخدمة المدنية نتيجة لسياسة التمكين التي انتهجتها الانقاذ، مؤكداً ان ماتقوم به الانقاذ الان ليس بعقيدة بل رغبة في البقاء على السلطة، وقطع ذين العابدين بأن الاستنفار للجهاد في ظل حكومة الانقاذ خاطئ مدللاً على ذلك بالسياسة التي اتبعتهاالحكومة مع دولة الجنوب بإتفاق بعد فقد البلاد لاكثر من 25 الف شاب من الاسلاميين،وقال زين العابدين إن الحركة الإسلامية ارتكبت خطيئة بانقلاب الإنقاذ الوطني يونيو «1989م» واعتبر أن الإسلاميين بدأوا الحكم بظلم الناس بدلاً من إقامة الإسلام، (المشهد الان) جلست مع بروفيسر الطيب زين العابدين بمكتبه في حوار شفاف وواقعي عن مسيرة الانقاذ طوال ال24 عاماً الماضية .. الى افاداته..  
حوار:نفيسة محمد الحسن
*اثرت الخلافات الداخلية للحزب الحاكم على مستوى اداءه التنفيذي...كيف تقيم ذلك؟
نعم...واكثر من ذلك ان الحركة الاسلامية التي تسيطر على الحزب والحكم ليس لها وجود قانوني ، لامسجلة في مجلس شؤون الاحزاب او العون الانساني  او الشؤون الدينية، هي (كيري) وهو (الزبح بدون اذن)،والبرلمان الموجود الان 96 من اعضائه من الحزب الحاكم بل اكثر من ذلك تم اعفاء رئيس هيئتهم البرلمانية  ولم يشاورا في ذلك وفرض المكتب القيادي للحزب عليهم رئيس اخر، اضافة الى كل ذلك القرارات التي تصدر غير مقننة فقرار اغلاق انابيب البترول لم يصدر من مجلس الوزراء او المكتب القيادي او الهيئة البرلمانية ، اذن الشورى والاسلام الذي يتحدثون عنه مجرد شعارات فارغة وغير صادقة، فالصدق اهم شئ، جاء رجل  من المسلمين الجدد للرسول صلى الله عليه وسلم وقال له (انت فرضت علينا اشياء كثيرة وامرت بترك اشياء كثيرة،كل الذي منعتنا عنها كنت اقوم بها اذن اعطني شيئاً واحداً ابدأ به ) قال له الرسول صلى الله عليه وسلا(اتعاهدني على ترك الكذب) اعتقد الرجل ان هذا شئ سهل لكنه اكتشف ان ترك الكذب يجبره على عمل كل الطاعات وتنهيه من المعاصي.
* بالرغم مما تطرحه من المؤكد أن الحركة هي من أتت بالحكم فكيف يتسق ذلك مع عدم وجود شرعية قانونية للحركة ؟
هذا حديث غير صحيح، لأن الحركة منذ أول عام جُمِّدت وأصبح وجودها غير قانوني، بالتالي يُفترض أن توضح الحركة للشعب أين ما كتب بدساتيرها ووثائقها لذلك أصبحت سمعة الحركة الإسلامية سالبة مقارنة بالحركات الإسلامية الأخرى، فالحركات الإسلامية التي بدأت تأتي للحكم بطرق ديمقراطية عندما يهاجمها العلمانيون والليبراليون يقولون لها أنتم تريدون أن تقوموا بما قامت به الحركة في السودان، إضافة إلى كل ذلك فالحركة موجودة «9» أعوام ولم تقم بعمل دستور إلا في «1998م» وهذا الدستور لم يوضع إلا لتقنين وضع الجنوبيين أثناء تلك الاتفاقية مع الجنوب التي سُمِّيت باتفاقية الخرطوم للسلام، يعني أُجبروا على هذا الدستور، هل هذا الدستور مثل جبل أُحد يُنقل (حجر... حجر).
* يا دكتور ربما أن ما حدث في السودان كان محفزاً للآخرين والآن الحركات الإسلامية تحكم دول الربيع العربي؟
قبل فترة عقد المركز العربي للأبحاث والدراسات بالدوحة مؤتمراً كان بعنوان الإسلاميين في الحكم الديمقراطي حضره قيادات الحركة الإسلامية في العالم العربي.. وحضر من السودان د. غازي صلاح الدين ود. الترابي اللذان اشتركا في الحكم منذ البداية لكنهما لم يستطيعا الدفاع عن الحركة الإسلامية السودانية في التحول الديمقراطي حيث كان موقفهما ضعيفًا للغاية، والتململ الذي بدأ من القواعد لعدم وجود العمل الدعوي والتربوي والفكري، إذاً وضع الحركة الإسلامية الآن شاذ.  
*وكيف تنظر للانقاذ من ناحية عسكرية الان؟
الانقاذ غير موفقة في الجانب العسكري لتعرضنا لهذائم مريرة جداً من حركات تمرد صغيرة في جنوب كردفان وابيي ودارفور والنيل الازرق، واصبح الان الحرب تتدخل فيه القبائل، بالتالي اصبحت قوة الجيش تتوذع الى عدة جهات في مواقع العمل المسلح،اضافة الى الهجمات الخارجية مثل اسرائيل استطاعت ان تضرب السودان عدة مرات ولم يقاتباه رد عملي من السودان وقوته، اذن اين الاموال التي يقولون تم صرفها على الجيش،خلاصة 24 عاماً كانت سلبية للسودان وتطوره، ويجب على الانقاذ ان تقدم اعتذار للشعب السوداني على ماوصلت اليه الان، بالرغم من اننا نعلم ان ذلك لم يكن من اهدافها وكانت في نيتها ان تقدم الافضل لكن بعد ان اصبح همها السلطة فقط انحازت عن خطها واصبحوا يتصارعون فيما بينهم،كما ان الخلاف والصراع داخل المؤتمر الوطني موجود الى يومنا هذا، واخرها المنافسة بين النائب الاول ودكتور نافع على تولي رئاسة الجمهورية بعد تنحي البشير، ودعوة امريكا لنافع القصد منها زرع الفتنة بينهم،اين الاجيال الشابة داخل المؤتمر الوطني؟ بالمؤتمر الوني كوادر مؤهلة جداً لكن الممسكين الان لايريدون الابتعاد عن مواقعهم واستطيع ان احصر اصحاب القرار بالحزب الحاكم في 7 اشخاص فقط، وهم يقودون الحزب والحكومة والحركة الاسلامية،والخطاب الذي تحدث عنه الرئيس ان الدولة فدرالية بمعنى ان كل ولاية لديها برلمانها وحكومتها لكن الحزب مركزي، هذا يعني ان حكام الولايات تتبعون للمؤتمر الوطني ستأتيكم القرارات من رئيس الحزب بالمركز،بذلك لاتوجد شورى وديمقراطية حتى داخل الحزب ومنافسة شرسة على السلطة، بالتالي لايوجد شئ يذكر من الانقاذ في التقدم الفكري وثقافي واقتصادي سوى استخراج البترول دون الاستفادة من اموال البترول.
*بحسب التأريخ ان الجنوبيين اعطوا عهود ومواثيق تتضمن حق تقرير المصير بالبرلمان مقابل  التصويت للاستقلال ؟
ابداً لم يحدث ذلك.... الاتفاقية التي تمت تتحدث عن حدوث استتفتاء في السودان على تقرير مصير السودان ، هل السودان يتحد مع مصر ام يكون مستقلاً ام يتحد مع بريطانيا، بالتالي كانت الاتفاقية على هذا الاساس، وعندما جاءت الحكومة الاولى (ازهري) وهي حكومة الوطني الاتحادي قبل تغيير الاسم للاتحادي الديمقراطي اقتنعت تلك الحكومة بعدم الاتحاد مع مصر وحدثت خلافات في هذا الوقت ابعد محمد نجيب من السلطة في مصر وقاموا بضرب الاخوان المسلمين وحدث التراجع من الاتحاد مع مصر، اضافة الى ذلك ان حزب الامة ضد الاتحاد مع مصر والجنوبيين كذلك بالتالي اصبح هنالك اجماع من داخل البرلمان لكل القوى السياسية بعدم الاتحاد مع مصر بالتالي ناس الازهري قالوا ان الاستفتاء يحتاج لوقت طويل ويصرف اموال كثيرة ، وقترحوا ان يقوموا بتصويت عليه في البرلمان بشرط ان يكون بالاجماع الهدف منه ان تقتنع مصر بعدم رغبة القوى السياسية في الاتحاد مع مصر، وحزب الامة (مبسوطين) لذلك، اصبح الامر هو للجنوبيين يريدونهم ان يصوتوا لمقترح اعلان  الاستقلال من داخل البرلمان فوافق الجنوبيين لكن بشرط ان يعطوا وضع فدرالي (وضع اعتبار لمطلب الجنوبيين بالنظام الفدرالي) وافقت حكومة الازهري وبعدنصف ساعة من اجتماعات لجنة الدستور تم رفض الفدرالية، وهذه خدعة نالها الجنوبيين،ولم يوعدوا بتقرير المصير في السابق ، اول مرة ذكرفيها تقرير المصير كانت في مفاوضات بين علي الحاج ولام اكول عام 1993م بفرانكفورت، بعد ذلك بمؤتمر اسمرا للقرارات المصيرية جاء تقرير المصير، وفي العام 1965م طلب شخص واحد من الجنوبيين تقرير المصير وهو اقري جادين وذلك اثناء مؤتمر المائدة المستديرة، وبعد خلافات الحكومة مع الترابي وحدث الانشقاق داخل الحركة الاسلامية تبنت الحكومة تقرير المصير، وان لم تحدث المفاصلة لما قدمت الحكومة تقرير المصير، لان الترابي سبقهم وعقد اتفاقية تفاهم مع د/جون قرنق ووقع عليها المحبوب عبدالسلام، فقررت الحكومة ان تعمل مثلما عمل الترابي.
*لكن الانقاذ اوفت بوعدها للجنوبيين وفقاً لاتفاق نيفاشا بتقرير مصيرهم؟
هذا خصماً على الحكومة والبلاد، بحدوث سابقة ويمكن على اثرها ان يطالب ابناء جنوب كردفان بتقرير المصير وحركات دارفور كذلك،هذه سابقة لم تحدث في كل تأريخ افريقيا.
•      كيف ذلك وارتريا مرت بنفس الاوضاع؟
ارتريا مرت بذلك لكنها لم تكن جزء من اثيوبيا بل اعطيت لها تحت الوصاية بقرار من الامم المتحدة بوضع فدرالي ، لذلك حركة تحرير ارتريا بدأت منذ العام 1962م.
*اسلوب الانتقاد دون تقديم المعالجات نهج بدأ في السودان منذ بداية عهد الانقاذ...النخب السياسية العلمية امثال د/زين العابدين يعول عليها الشعب كثيراً ..كيف يمكن معالجة الازمة السودانية؟
هذا صحيح.. لكن النخب السياسية افراد ويقدمون وجهات نظرهم فقط ليس لديهم مقدرة فعلية لعمل شئ، وصحيح ان الانتقاد تحدث عنه الكثير من داخل وخارج الحكومة وتحدث الكثير في مؤتمر الحركة الاسلامية وتم رفعها من السائحون، اذن افكار الاصلاح واضحة اوضح من الشمس لكن لاتوجد ارادة سياسية للحكومة، وبذلك اقول ان الاصلاح يريد مزيد من الديمقراطية والحريات ،لانه بعدم الحريات للاحزاب تصبح الحرية مصادرة بكل انواعها، انا شخصياً اعمل في مجموعة الدستور وهدفنا عمل توعية للدستور في مناطق مختلفة لكن تم منعنا،بالرغم من اننا لسنا بحزبيين وليس لدينا مقدرة فعل سياسي اكثر من الحديث، لكن المؤسف ان الحكومة نتيجة لسياساتها الخاطئة تواجه كل المهددات الخارجية وحدها،لانها معزولة تماماً عن كل الاحزاب والشعب.
*لكن الشعب فقد الثقة في كل الاحزاب لانها تنتقد دون تقديم بديل جديد...بمعنى ان الامام الصادق المهدي تحدث عن ازمة المواصلات...ود/الترابي تحدث عن الضائقة المعيشية..المواطن يعلم كل ذلك ويعايشه.. ماهي الاضافة التي تقدمها تلك القيادات الحزبية؟
السبب هو ان الشخصيات القيادية غير مقنعة، تصور البديل الديمقراطي جيد لكن هم غير مقنعين اضافة الى ذلك استمروا لفترة طويلة في اعلي مقاعد الحزب سواء كان حزب الامة او الاتحاد الديمقراطي او الشعبي، بالتالي اصبحت الثقة في قيادات الاحزاب ، ليس حديثها،كما انهم ليس لديهم ممارسة ديمقراطية داخل احزابهم، اذن المشكلة في تلك القيادات،اذكر قبل انتخابات 2010م درست برامج الاحزاب ان لم يقل لي هذا برنامج الحزب الفلاني لااستطيع معرفته،تشابه في كل الاشياء ومن المدهش ان الحزب الشيوعي لم يذكر اشتراكية ولو لمرة واحدة في برنامجه، وهذا يعني انه تخلى عن فلسفته الماركسية التي كان يعتقد فيها وجاء منها اسم الحزب، اذن لاتوجد رؤى مختلفة فهم يقولون الحديث العام والشعارات التي يحفظها الجميع لكن عدم الثقة في السياسيين انفسهم سواء في الاحزاب او الحكومة والوضع سيئ يحتاج الى تغييرويمكن ان يتم بصورة سلمية منها ان يقود الرئيس التغيير في المرحلة المقبلة،بمحاربة الفساد وتطبيق العدالة ومحاسبة كل معتدي على المال العام وتوفير معينات الحياة للمواطن وتكوين حكومة جديدة ويتفق مع الكل على حل المشاكل الكبيرة مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق،ولديه السلطات الدستورية لعمل ذلك،او ان تقوم مظاهرات سلمية مثل الربيع العربي في الدول العربية تقود لتغيير كما حدث في اكتوبر 1964م، اما الحل الثالث هو الحل العسكري المؤسسي بإنقلاب من الداخل اضافة الى الحل العسكري عبر المليشيات و الجبهة الثورية ، ونسأل الله ان يصلح الحال.  

 

آراء