لا بد من الحوار الحقيقي وحتى إن طال الأمد !!

 


 

 



بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعا لى: ( هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية
هذا بلاغ للناس




توطئة:
مهما إختلفنا مع توجهات عرمان وعقار والحلو فسيظل ثلاثتهم  في نهاية المطاف مواطنون سودانيون ، عليهم ما علينا من واجبات  ولهم ما لنا من حقوق ولا أحد يتفضل عليهم أو يحرمهم حقُ كفله لهم الدستور ، حتى وإن لم نتفق مع توجههم ورؤيتهم التي يعتقدون أن هذا جزء أصيل من أبحديات الديمقراطية وهو حرية التعبير ،  ولا يملك أي مواطن مثلي ومثلهم مهما علا قدره ومنصبه أن يسلبهم حقهم في التعبير عن آرائهم وتوجهاتهم مع كفالة حق الاختلاف للآخرين معهم  طالما عبروا عن ذلك بالطرق السلمية ، ولا أعتقد أن الجميع يقبل بفكرة معارضة أي نظام بحمل السلاح وسفك دماء مواطن سوداني لا ناقة له ولا جمل فيما فيه يختلف الطرفان وذلك نتيجة مواجهاتهما ، ومهما كانت المبررات لذلك فإن دماء السودانيين مقدسة ويجب أن تظل خطاً أحمراً كما هو الأمر لوحدة البلاد!!
المتـن:
وعلينا أن نقرر أنه لا يحق لأي جهة أياً كانت إحتكار الحلول دون حوار ،  ولا يحق لأيٍ من الطرفين إقصاء الآخر بعيداً عن طاولة الحوار .  وأزعم أن السبب الرئيس في عدم الجلوس لطاولة الحوار هو عدم الجدية وصدق النوايا، و أيضاً  علينا أن نعترف أنه من أسباب عدم الجلوس لبدء حوار بناء هو تدخلات أطراف  خارجية يستقوى بها طرف ضد الآخر وهذا أمر واضح ومعروف للجميع ،  ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : هل عجِز السودانين في إدارة حوار بنّاء من أجل الوطن وإنسانه وسلامة أراضيه وحدوده؟!!
من المؤكد أنه لا بد من توفر النية الصادقة وكذلك الارادة المستقلة حتى يبدأ حوار جاد بين  جميع الأطراف المتصارعة والتي أدت إلى أن يصنف على أنه وطن فشل في إدارة حوار بين أبنائه ، والكل يعلم أنه من أجل الوصول إلى هذه الغاية لا بد لكل الأطراف من تقديم بعض التنازلات ولا بد لأيٍ منهما  أن  يبتعد عن وضع شروط مسبقة من أجل بدء الحوار ، ومن الأفضل أن يتواضع وتتفق جميع الأطراف على أجندة الحوار، دعونا نؤكد على أن تباين الآراء و(الاختلاف) ظاهرة صحية وأما  (الخلاف) فهو ظاهرة تعصبية!!
مما لا شك فيه أن كل مفكرٍ ومثقف وحزبي وأيدلوجي وفنان ومثقف هم الذين يشكلون مزاييك الفكر الوطني السوداني ، وأن الجميع  يؤمن ولا يختلف على أن الديمقراطية وحرية التعبير واحترام حقوق الإنسان ، أي أن الجميع يؤمن بالاحتكام للعبة الديمقراطية وصندوق الانتخابات ، وبإعتقادي أن الوصول إلى هذه الهدف يقتضي تهيئة المناخ السياسي لهذه الغاية لتمارس بنزاهة.
الحاشية:
منذ الاستقلال عام 1956 ونحن نمارس ديمقراطية مشوهة ومعوقة، أدت بنا إلى كوارث أعاقت تنفيذ التطور التنمية وتحقيق الديمقراطية الراشدة ، ولا بد لنا أن نعترف بأن  المزاج السوداني الصوفي الإسلامي ساعد على تكوين أحزاب طائفية شوهت  الممارسة الديمقراطية الراشدة، لأن  أهل الصُفّة يسلمون أمرهم بالطاعة والولاء لمشايخهم وهذا في حد ذاته أمر جيد إن كان يتصل بأمر العبادة لا السياسة ، ولكن قادة الأحزاب الطائفية إعتمدوا على هذه الطاعة والولاء واستغلوها للوصول إلى سدة الحكم باستقطاب أصوات الأتباع والمريدين!!
إن النخب المثقفة والمتعلمة يومذاك إنخرطت  ضمن الدائرة الضيقة لقيادة هذه الأحزاب طمعاً في الاستوزار دون أي جهد أو عرق ، وحتى الأحزاب التي كانت محض وطنية إندمجت في نهاية المطاف في أحزاب طائفية ، أما الأحزاب الأيدلوجية كالشيوعية والاسلامية والبعث  لم تقم بالتخلص من القالب الأممي والقومي والعمل بإتجاه التقولب لوطني فكرياً !!، لذلك سلكت سبيل الانقلابات العسكرية فانتحرت في سبيل للوصول إلى سدة الحكم وأعدمت قياداتها!!
الهامش:
الشعب السوداني وتحديداً شباب وشابات هذا الوطن يتميزون بأنهم  شباب خلاق ، ولكن الخسارة أن هذا الشباب يفتقد لقيادة راشدة تقوده حتى تتفجر طاقاته ، الشباب هم أمل الوطن وهم قادة المستقبل ، ولا بد وأن نذكر لشباب هذا الوطن مشاركته في الثورات والانتفاضات الشعبية وهم الذين قدموا الشهداء  يدء من شباب جامعة الخرطوم التي قدمت شهيدان في أكتوبر 1964 وشهيد من الجامعة الاسلامية في أبريل 1985، لقد كان الشباب هم الشرارة التي أوقدت نيران الثورتين، أما الذين يعتقدون بأن جذوة  الثورة خمدت في نفوس الشباب فهم لا يقرأون الواقع بواقعية وعليهم أن يدركوا أن هذا الشباب  هو شباب المفاجأءات ، حفظ الله شباب السودان الذي يعاني من البطالة ويعاني التعطل وليس العطالة!!
قصاصة:
السودان ، هذا البلد الجميل أصبحت المعاناة المعيشية جزء من جينات شعبه ، هذا الشعب الجميل لا يستحق من قادته ورموزه مل هذا التناحر الذي هو خصما على رخائه ، دعونا نتضرع ونبتهل إلى الله في هذا الشهر الكريم أن يهدي إلى سواء السبيل كل أبناء هذا الوطن الجميل من أجل خير شعبه الصابر، هذا الوطن الجميل فيه متسع للجميع ، فلماذا نصيق على بعضنا البعض.

Abubakr Yousif Ibrahim [zorayyab@gmail.com]
/////////////

 

آراء