كمال الجزولي الخبير في القانون الدولي لسودانايل: بسلاسة وبغير شروط وافق وفد الحكومة على اتفاق نافع عقار الذي سبق أن ألغاه السيد رئيس الجمهورية!!!!
لم أكن متفائلا منذ بداية الجولة فالشقة بين الطرفين بعيدة جدا والتشاؤم سيد الموقف
توزع الولاء ما بين المؤتمر الوطني وحزب العدالة أضعف الوحدة الفكرية والإرادة السياسية للوفد الحكومي
الحركة الشعبية لم تطالب بصفقة ثنائية مع المؤتمر الوطني والدكتور غازي صلاح الدين شاهد على ذلك
هذه هي الصفة التي حضر بموجبها غازي صلاح الدين للمفاوضات وهذا هو الدور الذي لعبه
لم تكن هذه هي المرة الاولى التي يتم تعيينه فيها من جهة وساطة دولية وإقليمية كخبير في القانون الدولي ضمن مفاوضات الحكومة السودانية مع بعض الحركات الداخلية المسلحة فقد سبق ان تم تعيينه من الامم المتحدة والاتحاد الإفريقي ودولة قطر بطلب من حركة العدل والمساواة (المرحوم خليل إبراهيم) كمستشار لها في مفاوضات الدوحة ، حيث تم تعيينه هذه المرة من قبل الآلية الإفريقية الرفيعة برئاسة الرئيس الجنوب إفريقي السابق تابومبيكي بطلب من الحركة الشعبية قطاع الشمال وتم إلحاقه بالوفد المفاوض للحركة الشعبية ، حيث عمل خبيرا ومستشارا لوفد الحركة طوال فترة الجولة السادسة ما بين 22 / 29 /2014، إنه الأستاذ كمال الجزولي المحامي والخبير في القانون الدولي، جلست معه صحيفة سودانايل الالكترونية واجرت معه الحوار التالي:
حاوره رئيس التحرير:
أستاذ كمال ما هي الفرص التي كانت متاحة لنجاح هذه الجولة من وجهة نظرك؟
أنا لم أكن متفائلا منذ بداية الجولة فالشقة كانت بعيدة جدا بين ما كانت تعبر عنه الحركة الشعبية من إرادة سياسية وما كان يفتقر إليه الوفد الحكومي لهذه الإرادة ، ففي القوت الذي كان فيه وفد الحركة الشعبية يطالب بالاتفاق على إطار ومرجعية للجان المطلوب تكوينها في المجال السياسي والترتيبات الأمنية والمجال الإنساني وحتى الحوار الوطني الدستوري كان وفد الحكومة يتشبث فقط بتكون هذه اللجان دون الاتفاق على إطار أو أجندة او مرجعية ، كان همه الأساسي ان يوقع وفد الحركة على وقف نهائي لإطلاق النار ويحزم أمتعته ويلحق بالحوار الجاري في قاعة الصداقة ولما كان هذا مستحيلا فالتشاؤم كان هو سيد الموقف.
ما هو تقييمك لتشكيل الوفدين من حيث التكوين وهل كان تكوينهما يعكس جديتهما في الوصول إلى اتفاق؟
بالنسبة لوفد الحركة الشعبية كان يضم بالإضافة إلى الأمين العام للحركة ياسر عرمان عددا من القادة السياسيين والعسكريين المعروفين في المنطقتين وعلى رأسهم (الجنرال جقود، الجنرال جوزيف والجنرال احمد العمدة، كما كان يضم الوفد عددا من الشباب السياسيين بالحركة ) أما الوفد الحكومي فيما عدا البروفيسور غندور والسيد دانيال كودي لم يضم الوفد شخصيات معروفة بطاقاتها السياسية او العسكرية واعتقد أن توزع ولاءات الوفد الحكومي ما بين المؤتمر الوطني وما بين حزب العدالة (بلايل) قد اسهم في اضعاف الوحدة الفكرية والارادة السياسية للوفد، فالسيد دانيال كودي مثلا كان حريصا على تصفية حسابات شخصية بشأن وجوده السابق في قيادة الحركة اكثر ن تركيزه على قضايا التفاوض والامل معقود على ان يشمل وفد الحكومة في الجولة القادمة شخصيات اكتسبت مهارات في التفاوض كسيد الخطيب وإدريس عبد القادر وغيرهما
إلى ماذا توصل الطرفان في هذه الجولة؟
لولا الموافقة السريعة والسلسة وغير المشروطة للوفد الحكومي باتفاق نافع /عقار المبرم في 28 يونيو 2011م والشامل لبند الترتيبات الامنية والقضايا السياسية ، وهو الاتفاق الذي كان قد ألغاه رئيس الجمهورية فور عودته من الصين لقلت ان الجولة كانت فاشلة تماما لعدم استعداد الجانب الحكومي على الاتفاق حول اطر ومرجعيات وأجندات الحوار الوطني الدستوري والملف الانساني وتشبثه كما ذكرت بفرض شرطه الوحيد المتمثل في الإيقاف التام لاطلاق النار والدخول الفوري في حوار قاعة الصداقة.
هل تناولت جولة المفاوضات الأخيرة اتفاق عقار نافع؟
منذ البداية تمسك وقد الحركة الشعبية بان تكون البداية من حيث انتهى الطرفان في اتفاق نافع عقار وقد فعل رئيس الوفد الحكومي حسنا بان ابدى قبولا غير مشروط لذلك الاتفاق مما فتح الطريق امام تطوير ما اتفق عليه واضافة القضايا الإنسانية وقضايا الحوار الوطني الدستوري ولكن لم تكن لدى الوفد الحكومي للاسف ارادة كافية للاتفاق على هذه الاطر والمرجعيات والمدهش ان ما تعسر الاتفاق عليه حول هذه المسائل هو بطبيعته أهون بكثير من قضايا كثيرة سبق ان تفاوضت حولها الحكومة ولم تتعنت حولها كالقضايا التي خاضت فيها مثلا ضمن مفاوضات نيفاشا حيث كان مطروحا تقرير المصير ووجود جيشين في بلد واحد وغيرها من القضايا الشائكة ومع ذلك تم الاتفاق عليها في حين جاءت الحكومة لتتعنت في قضايا اهون بكثير كقضية توصيل الطعا والدواء للمحتاجين والاتفاق الاطاري على قضايا واهداف ومرامي الحوار الوطني النهائي كما وأنها أثارت الشكوك لدى الطرف الاخر بإصرارها على عدم اعتبار الحوار الوطني شأنا دستوريا وأصرت على سحب كلمة دستوري مما يعني انها تملصت منذ البداية من الالتزام باي ضوابط او قواعد لهذا الحوار
هل كان للتصعيد العسكري الحكومي في منطقة جبال النوبة اثر في انفضاض الجولة دون الوصول إلى اتفاق؟
مما لاحظته شخصيا أن أخبار ذلك التصعيد لم تهم فيما يبدو وفد الحركة او تؤثر على طاقاته او معنوياته في التفاوض بينما بدا لي ان النبرة العدائية ولغة الملامح لدى الوفد الحكومي كانت تشير إلى تعويلهم ربما على نتائج سريعة لذلك التصعيد يجعلهم في موقف تفاوضي افضل.
هناك تصريحات من قبل بعض أطراف الوفد الحكومي المفاوض تشير الى ان من اسباب عدم توصل الجولة لاتفاق ان وفد الحركة الشعبية كان يصر على ابرام صفقة ثنائية مع المؤتمر الوطني نرجو إلقاء مزيد من الضوء على هذه الواقعة
نعم اطلعت لدهشتي وحيرتي على هذا الكلام وهو حجة مختلقة من أساسها وسبب دهشتي وحيرتي هو أن كل من كان ضمن وفدي التفاوض او حولهما كان يعلم ان وفد الحركة الشعبية على العكس تماما كان يصر على عدم التفاوض على صفقة ثنائية وانه كان يطرح باستمرار مشاكل السودان عموما معتبرا ان هذه المشاكل هي أساس مشكلات المنطقتين، ويطالب باستمرار بان يكون الهدف النهائي هو اتفاقية سلمية شاملة ولذلك كان كثيرا ما يثير قضايا سبق ان إثارتها قوى المعارضة السياسية او مكونات الجبهة الثورية المسلحة ، وكان الوفد الحكومي هو الذي يعترض ويصر على ان يحصر وفد الحركة الشعبية نفسه في حدود قضايا المنطقتين وان يتحدث عن نفسه فقط ، وربما كان كافيا أن شهد على ذلك دكتور غازي صلاح الدين، فهل يعقل ان يقال بعد كل ذلك ان الحركة الشعبية كانت تطالب بصفقة ثنائية؟؟
ذكر الأمين السياسي للمؤتمر الوطني د. مصطفى عثمان إسماعيل الوفد الحكومي لعب دورا كبيرا في إفشال مخطط تدويل قضية المنطقتين والدفع بها لطاولة مجلس الامن هل هذا صحيح؟
هذا كلام مضحك فالقضية في أصلها شبعت تدويلا ويكفي ان هذا التفاوض في اديس ابابا يجري بموجب قرارين الاول دولي من مجلس الامن الدولي والثاني اقليمي من مجلس الامن والسلم من الاتحاد الافريقي وان كان ثمة طرف قد تسبب في هذا التدويل فهو بطبيعة الحال النظام الحاكم في السودان والذي كان بإمكانه منذ البداية ان يستمع الى النصح المخلص الذي قدم له بأن يتفادى التدخل الدولي في قضايا السودان الداخلية لكنه رفض وأصر على المضي في طريق كان واضحا ان سيفضي الى تدويل هذه القضايا سواء بالنسبة للجنوب او دارفور او ابيي او جنوب كردفان او النيل الارزق او شرق السودان وقد يدفع اكثر على طريق التدويل لقضايا الشمال الاقصى ايضا ناهيك عن ان عدم معالجته لمطالب الوسط النوعية كقضايا المفصولين للصالح العام وغيرها من شأنها أن تدفع بها أكثر فأكثر الى الملفات الخارجية.
أشرت في إجابتك قبل الأخيرة إلى الدكتور غازي صلاح الدين فما هي الصفة التي حضر بموجبها في أروقة التفاوض؟ وهل لعب دورا في تقريب وجهات النظر بين الطرفين المتفاوضين؟
غازي صلاح الدين غادر المؤتمر الوطني تنظيميا ببعد أن رفضت احتجاجاته الإصلاحية ومضى الى تكوين جسم حزبي إصلاح يعبر عنه وعن قطاع كبير من إصلاحيي المؤتمر الوطني وهو بالتالي محتاج الى بعد دعائي لنفسه ولحزبه بالذات على المستويين الإقليمي والدولي ولذلك اعتقد ان مجيئه الى أديس ابابا في ذلك الوقت الذي كانت فيه أنظار القارة والى حد بعيد المجتمع الدولي متوجهة نحو المفاوضات الجارية فيها يهدف لخدمة هذا البعد المطلوب وهي بالطبع خطوة ذكية جدا من غازي كما يفترض في العمل الحزبي هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لم يقتصر غازي على مجرد الوجود المظهري في أروقة المفاوضات وان كان ذلك كافيا للفت الأنظار إليه ولكنه ، على ذلك سعى إلى لقاء وفدي التفاوض وبعض الخبراء بالإضافة إلى الوساطة.