فيض الماء الدافق من السيول والأمطار وتحويله للارتواء في مجرى النيل. بقلم: إسماعيل عبدالحميد شمس الدين

 


 

 




إسماعيل عبدالحميد شمس الدين – مقيم بقطر
قال الله تعالى ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) ونعم بالله ، فهو مصدر حياة  المخلوقات وقد أنعم الله على بلادنا فيضاً وافراً من المياه العذبة عبر النيل الأبيض والنيل الأزرق لتنساب المياه من ملتقى النيلين شمالاً بخير وفير ويتم نعمته على أهل السودان بأمطار موسمية تغطى معظم أنحاء البلاد خيراً للزراعة المطرية وسُقيا للأرض المتعطشة للمياه العذبة النقية ، واضافةوافرة لتغذية مجرى النيل، وأرادت حكمة الخالق أن يدر الماء عبر الأمطار والسيول الجارفة في مواقيت معينة من السنة في فصل الخريف الذي يمتد أحياناً من يوليو الى سبتمبر من كل عام ومن نهاية العام لبداية العام التالي في ولايات الشرق ، ويصادف هذا الخير موسم فيضان النيل بأثاره البيئية على الجروف وكافة المباني المتاخمة لمجرى النيل. وليست هذه ظواهر طارئة وانما صورة متكررة كل عام وفي مواقيت معينة.
وما  أن يستبشر الناس ببداية موسم هطول الأمطار  أو فيضان النيل حتى ترتفع الأصوات بالنجدة لدرء الكوارث الطبيعية  ، وبصورة تتكرر كل عام لتبدأ البلديات والمحليات القيام من غفوتها والعمل على درء الأخطار بعد ما تسببه الأمطار والسيول والفيضانات من كوارث على الأرواح  والممتلكات والتهجير القسري من مساكنهم ،  وتتكرر  الصورة بتلقي المعونات الخارجية بما فيها الخيام التي يمكن شراؤها  وتخزينها وتكون في متناول المنكوبين فور حدوث الكوارث وليس بوضع البشر في معاناة لأيام أو اسابيع الى حين وصول النجدة والعون من الخارج .وفي نفس الوقت تنشط الأجهزة التنفيذية لوضع التحوطات بعد حدوث الكوارث ناهيك على تراكم المياه في مستنقعات تنتظر الشهور للإزالة بفعل التبخر وأشعة الشمس .  نعم تتكرر الصورة التي تخلف الضحايا من الذين يلاقوا ربهم شهداء وإنشاء الله عند ربهم يُرزقون. ولا أخالني أن أضع حلولاً جذرية لدرء الأخطار  والكوارث وانما أطرح بعض النقاط لتكون مدخلاً لأهل المعرفة من المهندسين وأخصائي الصحة البيئية وذوى الاختصاص من علماء المياه  وكل من هو حادب على حياة المواطن السوداني واستقراره  كالتالي :-
1-عشنا سنوات في مناطق في قلب العاصمة المثلثة وفي مدينة الخرطوم بحرى كمثال  في المنطقة التي كانت تضم النقل النهري  والنقل الميكانيكي والمخازن والمهمات ومجمع المحاكم وما جاورها حيث كانت تهطل الأمطار الغزيرة وبكميات وافرة وبعد ساعات تنساب في مجاري مصممة بطريقة علمية ( زمن الانجليز ) الى النيل مباشرةً . وفي الجانب الآخر من المدينة شيد مجلس بلدي بحرى في الخمسينات مجرى يمتد من المنطقة الصناعية خارقا  أحياء السكة الحديد بحري والختمية والدناقلة والصبابي الى النيل مباشرة وقد أسموه باسم ضابط المجلس آنذاك ( خور :  نصر الدين السيد ) السياسي المشهور في الاتحاد الديمقراطي وتم تشييده بصورة هندسية لتتجمع مياه الأمطار وتنساب الى النيل بنخبة من العباقرة نذكر منهم ماهر عبداللطيف وعمر نواري وغيرهم  وقد كان كل ما يحتاجه المشروعين المتابعة وتنظيف المجرى من الشوائب ولكن غاطهما غبار النسيان.
2- يتكرر هذا الاختراع البسيط الى في مدية الخرطوم لتصبح الخيران تراثاً  وفي مدينة أدرمان أيضاً وتعود بي الذاكرة ليوم ماطر غطى كافة شوارع امدرمان وفي منطقة محدودة أصبح شارع السيد علي الميرغني ( من المحطة الوسطى حتى منزل الرئيس الأسبق عبدالله خليل ) عبارة عن بركة مياه وكان لنا عزاء في منتصف المسافة وجاء الوالي مهدي مصطفى الهادي وهو يخوض للعزاء  وبعد جلوسه بحضور الدكتور بشير البكري بادره شيخ وقور مخاطبه بأن تصريف هذه المياه لا يحتاج الى أي جهد وخلال ساعات ، وأهتم الوالي بالحديث الصادق وقام ورافق الرجل الى المنطقة بالقرب من تقاطع منزل عبدالله خليل وطلب من الشباب أن يقوموا بالحفر لعمق يزيد عن المتر في مساحة لا تزيد عن زلك   فوجدوا مدخلاً لمجرى يقود لانسياب المياه الى النيل مباشر فانسابت المياه أمام ذهول الجميع وحكمة الكبار وتقدير الوالي للشيخ الوقور.
3- تقوم المحليات بعمليات حفر ( لخيران لتجميع المياه المنسابة من الشوارع الرئيسية ولكن سرعان ما تغطيها التراكمات من فعل البشر ولا يتذكرونها إلا بعد مرور فترة الخريف بأسابيع.
لذا فقد آن الأوان اليوم بأن يراجع المختصون أنفسهم والعمل بأمانة وصدق  من خلال دراسات معمقة لنقل المياه المهدرة  بعد هطول الأمطار في العاصمة والأقاليم  لتدر خيراً على نيلنا العظيم  ،- ومن يصل مثلنا لخريف العمر _ يميل دوماً لتسليم راية الإبداع والتطور  للشباب ورثة الجيل القادم ولتكننفرة لطلاب المرحلة النهائية لكليات الهندسة بجامعات السودان للخوض في بحور العلم ببحوث ودراسات معمقة تقدم لذوى الاختصاص للتنفيذ الفوري وفق عمل أكاديمي وميداني يلاقي التقدير من كل شعب السودان ويدر خيراً على بلادهم  وتحويل المياه المهدرة من السيول والأمطار الى مجرى النيل.وبالله التوفيق

shamsaldeeni@aljazeera.net

 

آراء