ما بعد انتخابات 2015 (11): ما قبل الصمت الانتخابي والاتجاه الجديد للحركة الاسلامية.عرض/ محمد علي خوجلي
محمد علي خوجلي
5 April, 2015
5 April, 2015
Khogali17@yahoo.com
(1)
قبل الصمت الانتخابي
شهدنا عجبا قبل الصمت الانتخابي.. ومن النماذج:
- احد مرشحي الاحزاب بولاية الخرطوم خاطب حفل تدشين حزبه للحملة الانتخابية مؤكدا للناخبين ان(الحكم العسكري) هو الأفضل للسودان..(!)
- وكشف المرشح المستقل مهندس/ ابوبكر محمد نور الدائم للدوائر القومية بولاية الجزيرة ، اغراءه ماليا(مائة الف ج) مقابل انسحابه لصالح مرشح حزب المؤتمر الوطني (حسب الرسول الشالب)
- وأكد حزب الأمة القيادة الجماعية بأن دائرة(الجزيرة ابا) والتي يترشح فيها زعيم الحزب الصادق المهدي تعتبر من دوائر(التوافق السياسي) بين حزبهم والمؤتمر الوطني(الف مبروك يا دكتور!!)
- ومن اخبار المفوضية القومية للانتخابات انها بصدد توفير(جليسات) لرعاية اطفال النساء الناخبات. ولم يتم الافصاح عن تفاصيل المشروع ولا عن مشروع(التصويت الالكتروني!!)
- وتيارات في حزب المؤتمر الوطني عبرت عن رفضها للمرشحين الذين فرضتهم قيادة الحزب في ولاية او اخرى. ومن النماذج(تيار نصرة الحق) بحزب المؤتمر الوطني بجنوب كردفان واتهمه الوالي والفئة القليلة حوله بالفشل في ادارة التنوع وعدم اتباع منهج عادل في توزيع السلطة بدلالة ان ثلاثة مرشحين تم اختيارهم من قرية واحدة. واعلن بيان التيار
انهم لن يتركوا حزبهم للمجموعة التي جاءت من المؤتمر الشعبي .
ووجدت ان الوقت لا يسمح بتسجيل كل الملاحظات التي واكبت الحملات الانتخابية واكتفي ببعض النماذج:
1- اجراءات سحب مرشحين لطلبات ترشيحهم بالمادة (61) من قانون الانتخابات (اسبوع من تاريخ النشر النهائي لكشوفات المرشحين) شملت سحب 279 مرشحا طلبات ترشيحهم في 12 ولاية. غ. كردفان(22)الجزيرة(49) الخرطوم(22) نهر النيل(21) القضارف (31) ش.دارفور(15) وسط دارفور(6) ش .كردفان(23) النيل الابيض(40) البحر الاحمر(33) النيل الازرق(14) وسنار(2).
والانسحابات لن تتوقف الى ما قبل الصمت الانتخابي. والانسحاب بعد انتهاء الفترة القانونية يكون وكأنه لم يكن ولا أثر له ويظل اسم المرشح في بطاقات الاقتراع وفي حالة الانسحاب المتأخر(يكون التصويت للمرشح الذي تم الانسحاب لصالحه بالتوجيه الحزبي)
2- وبسبب تلك الانسحابات(الاتفاقيات) يكون الفوز بالتزكية. وفي ستة دوائر فقط كان المرشح واحدا. وفاز بالتزكية في المواعيد المقررة للانسحاب حوالي 27 مرشحا في ولايات السودان المختلفة منهم (16) في ولاية كسلا منهم (مستقل) ومرشح (الاسود الحرة) ومرشحين (الاتحاد الاصل وبقية الفائزين في جميع الولايات (حزب المؤتمر الوطني)
3- وفيما يتعلق بمستجدات السجل الانتخابي..والمستجدات مفردة(غريبة) تتعارض مع الحيدة والنزاهة. فالسجل الانتخابي النهائي للناخبين، يقفل بحسب الجدول الزمني للانتخابات ولا يفتح ابدا حتى الفرز واعلان النتائج لكن في الواقع:
• هناك تسريبات(اشرت لها قبلا) ان السجل الانتخابي الدائم والنهائي تم فتحه وحذفت منه اسماء الناخبين المفترض انهم من جنوب السودان. والسجل قبل الحذف 13.3 مليون وفي انتظار الكشف النهائي للناخبين الذي سيسلم للاحزاب و مراكز الاقتراع و المرشحين لنعرف العدد النهائي للناخبين
• كما اعلنت المفوضية رقما جديدا للناخبين خارج السودان هو 105 الف (من جملة اكثر من ستة ملايين ناخب منهم مليونين بالسعودية) وكان اعلانها السابق حوالي 92 الف. كما حددت المفوضية سبعة مراكز للاقتراع في كل دول العالم ليس من بينها دول افريقية الا (مصر)!!
• وكشف مرشح رئاسي مستقل في مذكرة للمفوضية عن خلل في السجل الانتخابي (حوالي 2000 ناخب) ظهرت اسمائهم في الكشف النهائي للناخبين في منطقة غير المقيمين فيها وان هذه الحالة اكدت شكوك الكثيرين حول سلامة السجل الانتخابي و عدم استبعاد حدوث حالات مماثلة في السجل الانتخابي في مناطق السودان المختلفة.
4- وحتى يوم 22 مارس2015دشنت(اربعة) احزاب فقط حملتها الانتخابية في شرق دارفور وغابت الليالي السياسية.. وتأكد مشاركة (ثلاثة عشر) حزبا في ولاية النيل الازرق..وهكذا. ومن نماذج بمشاركة الاحزاب: حزب الامة المتحد والذي اقتصر ترشيحه على 114 مرشحا في الدوائر الجغرافية الولائية(اقل من 20%) و 53 في الدوائر القومية(حوالي 25%) وهكذا..
5- أن المطالبات بوقف اجراء الانتخابات او مقاطعتها لم تتوقف: فاحزاب اللقاء التحضيري باديس ابابا رمت بتحدي سياسي ضخم وربطت بين الغاء الانتخابات ومشاركتها في اللقاء..وننتظر مع الناس نتيجة هذا التحدي. لكن الغريب النفي المتواصل من قيادات الدولة و حزب المؤتمر الوطني بانه لا يوجد اتجاه لتأجيل الانتخابات و ستتم في مواعيدها. ومن جهة التنظيمات ومنظمات المجتمع المدني، اصدر(تجمع، اساتذة جامعة الخرطوم) بيانا يدعو لعدم المشاركة في الانتخابات، كما طالبت منظمات مجتمع مدني بوقف اجراءات الانتخابات بعد انتقادات للمفوضية وقانونها. وحذرت من ازدياد الانقسام والفرقة وسط القوى السياسية والمجتمع المدني. ونادت بتفعيل المادة(21) من الدستور الانتقالي المؤقت حول المصالحة الوطنية وتفعيل مفوضية المصالحة. والمعلوم ان هذه اول مطالبة بشأن انفاذ المادة(21) في الدستور منذ 2005، ولفائدة الناس كل الناس فان رئيس اللجنة المختصة بالمصالحة الوطنية(2006-2010) هو الاستاذ علي السيد المحامي(مخصصات رئيس اللجنة تعادل مخصصات الوزير الاتحادي).
(2)
الغيوم تظلل سماء الساحة الانتخابية
الغيوم تظلل سماء الساحة الانتخابية، والارتباك سيد الموقف، والجماهير السودانية تتخذ موقف المشاهد.. مع ذلك دعنا ننظر:-
• نقلت القارديان البريطانية مارس 2015 عن مني اركو مناوي (حركة جيش تحرير السودان) إن انتخابات 2015 مجرد دعاية، ويجب على المجتمع الدولي عدم الاعتراف بالبشير كرئيس شرعي للدولة. وان الانتخابات يجب اجراؤها بعد تشكيل حكومة انتقالية تشرف على تعديل الدستور والقوانين ومن ثم اجراء الانتخابات. (نلاحظ ان المجتمع الدولي اعترف بنتائج الانتخابات في سوريا !)
واقترح على مجلس الامن الدولي:
فرض حظر الطيران على جميع مناطق الصراع في السودان وناشد الدول وخاصة المملكة المتحدة بان تلعب دورا ايجابيا في مساعدة الشعب السوداني ويجب الا نقف الى جانب الحكومة وطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحكومة السودانية من اجل القضايا الانسانية والتوصل الى حل سياسي.
• وخلافا لموقف الصادق المهدي الذي عارض ترشيح البشير للرئاسة بالواضح وشرح اضرار ترشيحه على الشعب والوطن وخلافا لموقف حزب الامة القومي(الصادق) في برلين الداعي لالغاء الانتخابات.. اعلن نائب رئيس الحزب(صديق اسماعيل) عبر لقاء صحفي بصحيفة(الصيحة) السودانية:- ان البشير يمكن ان يحقق الوفاق والعدالة في السودان..وان حزب الامة القومي يساند بقاء البشير راسا للدولة(!)
• ونفذت الحركة الشعبية(شمال) في مارس اكثر من هجوم عسكري باسم(حملة نداء السودان العسكرية) لمقاومة الانتخابات ومنع قيامها، و انتقل بسبب الهجوم العشرات وجرح المئات من (المدنيين) خلال المعارك.وفقد السكان منازلهم(بيوت من القش) باشعال النيران.. وتم نهب ممتلكات الاهالي والمتاجر والاسواق..ولما حدث دلالات سياسية كبرى لما بعد انتخابات2015.
- شباب القرى والدفاع الشعبي يقومون(بحماية المدنيين) الذين يموتون بسلاح(الثوار).
- قوى من نداء السودان تؤكد على ان بيان الحركة الشعبية شمال بشان الهجوم (مدسوس) بما يعني ان الحكومة(تكدر) جو انتخاباتها بنفسها!!.
- وفي مقابل حملات نداء السودان العسكرية لعرقلة الانتخابات تنظم الحكومة حملات عسكرية مضاده مثلما يتم قمع المعارضة المدنية التي تدعو لمقاطعة الانتخابات و خاصة في دارفور و المنطقتين بالقانون او بالاغتيال كما حدث للمسئول الاداري بمعسكر عطاش للنازحين في جنوب دارفور حيث يميل النازحون فيه لمقاطعة الانتخابات.
الحقيقة: ان قوي نداء السودان العسكرية و الحكومة يزهقان معا ارواح مواطنين ابرياء و عزل منهم نساء و اطفال و مسنين
الحقيقة: ان الناس كل الناس يفقدون ارواحهم و ممتلكاتهم بسبب الثوار (الذين يعملون علي تحريرهم) و الحكومة (التي تسعي لحمايتهم)!! وهذا لا يعني غير ان الصراع علي السلطة يمكن ان يكون فوق اشلاء البشر
واذا اضفنا علي ذلك الحروبات بين القبائل التي لها علاقة بالارض و الثروة و غيرها ، نجد كيف ان الجو الانتخابي يتاثر بنزوح السكان من جراء تلك المعارك دعك من السجل الانتخابي الذي تختل فيه اعداد و اسماء الناخبين بالالاف .
الحقيقة:ان وقف الحرب هو المطلب المقدم. وقف الحرب قبل الانتخابات و ايضا وقف الحرب قبل الحوار ولن يكون من العدل ان يموت ابرياء في هبيلا و قيادات في اديس ابابا تبحث عن حوار يمنحها بعض كراسي الحكم.
• وعندما شرعت قوى شبابية معارضة في ولاية الخرطوم في القيام بحملات جماهيرية لحث المواطنين على مقاطعة الانتخابات بوسائل حديثة(مخاطبات داخل عربات المواصلات او في الاسواق او اماكن التجمعات..وفيديو على مواقع التواصل.. وملصقات بمقاطعة الانتخابات وشركات وصحف باعتبارها (حكومية) الى آخر تبرات المعارضة(الرسمية) من تلك الانشطة وللتبرؤ من الجماهير الف دلالة .
اما بالنسبة للمراقبة الوطنية والاقليمية والدولية لانتخابات2015 نلاحظ ان حزب المؤتمر الوطني وواجهاته هي التي تبذل الجهود بشأنها فقام تنظيم تحالف المنظمات الوطنية لمراقبة الانتخابات من 32 منظمة.
كما ابتدع طلاب المؤتمر الوطني(شهادة طلاب العالم على الانتخابات في السودان) تحت اشراف الاتحاد العام للطلاب السودانيين والذي بعث بدعوات للمنظمات الطلابية العالمية(19) في امريكا اللاتينية وشرق اسيا وافريقيا والمنطقة العربية واوربا.الى جانب اتحاد طلاب عموم افريقيا واجرت الجهات الرسمية اتصالات بجامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي للمساهمة في المراقبة. واعلن (الامين السياسي) للمؤتمر الوطني يناير 2015 (عبر مؤتمر نساء الاتحادي الديمقراطي) ان المؤتمر الوطني قدم دعوات لمراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات..واكدت دولة روسيا الاتحادية 24 مارس2015 مشاركة وفد من المراقبين الدوليين من معهد خاص بروسيا في مراقبة انتخابات2015.
أما من الجهة الاخرى فقد تم الغاء تسجيل منظمة المنتدى المدني وثلاثة عشر مركز مراقبة انتخابات من قبل السلطات المختصة دون ابدا اسباب وهذه المراكز شاركت في مراقبة انتخابات 2010(الالغاء من وسائل التحكم)
ومعلوم ان الحركة الشعبية(شمال) حثت المنظمات الاقليمية والدولية على عدم مراقبة الانتخابات السودانية وعدم تمويلها (مركز كارتر لن يشارك في المراقبة) مثلما دعت حكومات عدد من دول العالم لعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات.
وتواجه المفوضية القومية للانتخابات عدة مصاعب موضوعية وقانونية ومن ذلك مطالبة احزاب ومرشيحن بتمويل الانتخابات عن طريق الدولة مع استغلال مرشحي الحزب الحاكم لامكانيات الدولة في حملاتهم الانتخابية، وعدم العدالة في فرص الدعاية الانتخابية كما صوبت احزاب وقوى سياسية انتقادات حادة لمفوضية الانتخابات واتهمتها بالتلاعب في السجل الانتخابي بصورة مخيفة ومربكة(كسلا)... وغير ذلك.
مثلما اثار خمسون عضوا بالمجلس التشريعي بولاية الجزيرة عدم سلامة اعلان المفوضية بانتخابات المجلس التشريعي في 13 ابريل حيث ان دستور ولاية الجزيرة نص على ان مدة دورة المجلس خمسة سنوات من تاريخ انعقاد اول جلسة وان اول جلسة انعقدت في 9 ديسمبر 2010 وكان التاخير بسبب تاجيل الانتخابات حتى صدور قرار المحكمة الدستورية بشان ترسيم الدوائر الجغرافية والذي قضي برفع عدد دوائر المجلس من 48 الى84 دائرة.
ونختم الجزئية بالمعلوم :: ان لائحة المجلس الوطني لا تتضمن بند بشأن(زعيم المعارضة) حيث لم توجد معارضة في 2005 وفي 2010 وزعيم المعارضة الذي يطلق على عضو المؤتمر الشعبي بالمجلس الوطني(في الهواء). ومعلوم ايضا بحسب النظام الرئاسي في السودان لا يوجد(رئيس لمجلس الوزراء) والوزراء هم موظفون مسئولون امام رئيس الجمهورية فالمجلس الوطني لا يعين ولا يسحب الثقة من اي وزير او حكومة. ونتائج نقاشات المجلس الوطني نفسها هي توصيات يطلقون عليها قرارات والولد بسميه ابوه وهذا القرارات تحتاج لانفاذها الى:
- قانون يصدره المجلس ويصادق عليه الرئيس
- قرار من مجلس الوزراء الاتحادي يوقع عليه الرئيس
- قرار امر جمهوري.
(3)
الاتجاه الجديد للحركة الاسلامية
الاتجاه الجديد للحركة الاسلامية السودانية بعد انتخابات 2015 هو الغاء الاشكال التنظيمية القديمة: للحركة الاسلامية(جهاز) وللجهاز(حزب) وللحزب(جبهة) وفي السنوات الاخيرة (دولة) والجبهة الواسعة بتجربة الحركة الاسلامية تتكون من تنظيمات مستقلة(جبهة الميثاق الاسلامي)(الجبهة القومية الاسلامية) و(جبهة الدستور الاسلامي) وغيرها. والفكرة الجديدة هي(تذويب) الكيانات والتنظيمات والاحزاب في (حزب واحد) وهي من ذات افكار(جبهة اليسار العريض)2004 التي سعى اليها الشيوعيون(السابقون) سعيا.
وفكرة(النظام الخالق) نطلق عليها (الجبهة الواسعة والعريضة) والجديد فكرة التحول من جبهة الى (حزب) بتذويب كافة التيارات الاسلامية وهذه ايضا من الافكار القديمة التي قتلها الشيوعيون السودانيون بحثا وقدم عبد الخالق افكارا كثيرة دحض بها فكرة ان تكون الجبهة الوطنية الديمقراطية في صورة حزب.
كما ان تمسك د.الترابي بالفكرة قديم وكانت اول محاولاته الشروع في اقامة تنظيم اممي من نوع جديد 1987 للحركات الاسلامية والذي عارضه التنظيم الدولي للاخوان المسلمين الذي انسحب منه الترابي وجماعته 1980 وكانت الخطوة الثانية حل الحركة الاسلامية نفسها من بعد 30 يونيو 1989 وبعد اقامة حزب المؤتمر الشعبي حاول ان يجعله حزبا كاي حزب سياسي سوداني آخر وهي ايضا ماخوذة من مناقشات التيارات اليمينية في الحزب الشيوعي السوداني بعد الزلزال وسقوط المركز الوحيد لتفسير الماركسية والتي انتصرت في المؤتمر الخامس وهذا من اسباب التقارب بين الشيوعيين والقيادات اليمينية في كافة الاحزاب والظروف التي تشجع الترابي في الاستمرار في الفكرة:
- فترة الحكم الطويلة والخلافات الثانوية والفكرية وتضارب المصالح الذي اوهن تنظيمات الحركة الاسلامية
- الاوضاع الاقليمية والدولية وقضايا الاسلام السياسي والتطرف الديني وغيرها
- تامين الدولة في السودان كاهم واعجل قضايا ما بعد انتخابات 2015
ودمجت الحركة الاسلامية من جهة ود.الترابي من جهة اخرى بين متطلبات تامين الدولة والاتجاه الجديد للتنظيم والذي اتخذ له عدة اشكال ابرزها:
• التعديلات الدستورية الاخيرة فالرئيس والولاة الذين يختارهم هم السلطة
• توسيع السلطة السياسية بقوى جديدة الحزب القابض في محل الحزب الواحد الحاكم
• اضعاف الاحزاب السياسية اضعاف ترسيخ الديمقراطية وبالذات الحزبين الكبيرين التقليديين ثمانية عشر حزبا والاضعاف لا يعني الضرب بيد من حديد والذي فشل بل بالاساليب الحديثة:
- الاختراقات الفكرية ثم التنظيمية
- تحقيق مصالح قيادات حزبية
- جر فئات من القيادات الوسيطة للاحزاب او حتى القيادات العليا نحو (السلطة الفعلية)الاقتصاد والسوق و(السوق يجمعهم بحسب ابراهيم الشيخ).
- اقصاء قيادات من الساحة السياسية بالصمت والتجاهل او العداء المبين
- النشاط المتدرج مع العلاقات الجديدة وتحقيق المصالح لانفاذ خطة الحزب الجديد الواسع او التحالف او التجمع الكبير وكذلك التذويب المتدرج والنهائي للاحزاب ذات المرجعيات الاسلامية القديمة او الحديثة او حتى التي خرجت او اخرجت من الحركة الاسلامية السودانية او احزابها.
- وعملية التوافق في الانتخابات محل سخرية البعض هي الاشد اثرا فالاحزاب المتوافق معها تصوت لصالح السلطة الجديدة البشير وعضوية الاحزاب الاسلامية تصوت لمرشحي الاحزاب الاخرى المتوافق معها (وهذه من صور التذويب المتدرج)
انظر:
السائحون كما عرفوا انفسهم هم مجموعة من الاشخاص المجاهدين الذين جمعتهم ساحات القتال دفاعا عن الارض والعرض منهم اعضاء في حزب المؤتمر الوطني واخرون في حزب المؤتمر الشعبي وفئة ثالثة ليست من الفريقين هم اهل الرصيف وتطورت فكرة رفاق السلاح لتأخذ صورة مبادرة اطلقوا عليها الاصلاح والنهضة وساروا في ذات الطريق مجلس استشاري وثيقة بشأن الحركة الاسلامية واخرى بشأن القضايا الوطنية حتى الوصول الى القضايا التفصيلية دارفور الحوار الوطني الثورة الشعبية..
والأهم: التوجه من بعد ذلك نحو عضوية الاحزاب السياسية الاسلامية اوذات المرجعيات الاسلامية بخلاف الوطني والشعبي. وهكذا سار تيار الضغط العالي بسرعة الصارخ في طريق التحول لقوة مؤثرة فكانت سياحتهم في كثير من دول العالم ووصولهم للاليات الافريقية والدولية واتفاقهم مع الجبهة الثورية السودانية على اطلاق سراح الاسرى وجعلهم الصادق المهدي وسيطا في الامر وهكذا (وهذه صورة ثانية من التذويب المتدرج)
في يوليو 2014 افاد الامين العام للحركة الاسلامية السودانية بتوقع انخراط المجموعات الاسلامية مستقبلا في حلف او جبهة او تجمع عام يجمع اهل الوطن والاسلام الوسطي المعتدل.
وعبر د.الترابي في اكتوبر 2014 عن فكرته المستلفة (!) مستندا على ان الاحزاب السياسية صارت اكبر من تسعين حزبا تلزمها تحالفات او ائتلافات على الاقل تحالفات انتخابية والسير في طريق التذويب التدريجي ودعا المؤتمر الشعبي اكثر من مرة لضرورة قيام جسم سياسي جديد للعمل لمرحلة ما بعد الحوار الوطني ومن الدوافع الاخرى ضعف الولاء للاحزاب السياسية القائمة وبروز شخصيات قومية غير منتمية وعن طريق الشكل الجديد يتم تذويب الكثير من الكيانات الموجوة وليس المؤتمر الشعبي وحده وكلها ستدخل في النظام المفتوح وان المؤتمر العام لكيان هو الذي سيحدد مسمى الكيان واختيار قياداته وهياكله.(هل لهذا السبب قاطع حزب المؤتمر الشعبي الانتخابات؟ وما المقصود من ترشيح قيادات من الحركة الاسلامية السودانية لعضوية المجلس الوطني؟)
وانني في هذه الجزئية من المقال لا اتجاوز حيز الاشارة لا المناقشة لقضية فكرية وتنظيمية و لا توجد احزاب اسلامية او مسيحية فالحزب هو اداة لتحقيق مصالح فئات اجتماعية ولن تتطابق مصالح التاجر الكبير مع العامل البسيط في حزب واحد لذلك لا نتوقع نجاح الفكرة.
والقضية مرتبطة بجماهيرية الاحزاب والتي فشلت في ذلك وهذه من اسباب ضعف الولاء واخص الاحزاب العقائدية مثلما فشلت تحالفات القيادات يمينا ويسارا في ان تكون جماهيرية وللفشل اسباب كثيرة ابرزها العجز الذاتي ومناهج العمل القيادي الخاطئة جماهيرية حزب المؤتمر الوطني وحلفاؤه كاذبة وجماهيرية الاحزاب الحاكمة هي باثر الهيمنة على مؤسسات الدولة,
ونتيجة فشل مناهج العمل القيادي هي الانفصال بين الفئة القليلة المهيمنة وقواعد الحزب ثم الجماهير وهنا تتقدم الحركة الجماهيرية على قيادات الاحزاب التي تظل تلهث خلفها وما بين ذلك يدور صراع رهيب هو بين القيادات فكل قيادة تعمل على ان تكون هي المهيمنة فتحل المؤامرات والدسائس محل مناقشة الافكار والمنافسة الشريفة والنضال السوي والفئة القليلة تخدع نفسها عندما تظن ان التغيير لن يتم الا عن قيادات في الحزب او الدولة.
انظر:
شباب المؤتمر الوطني بولاية ج كردفان يصدر منشورا يهاجم فيه الوالي ونائبه وينتقد تكوينات المؤتمرات القاعدية والمؤتمر العام بالولاية ويعلن ان الحزب حزبهم يمر باسوا حالاته ويجب على العضوية الاستيقاظ قبل الانهيار وان مجموعة الوالي الفئة القليلة في قيادة الحزب جرت الولاية الى القبلية وجعلت الاهواء الشخصية فوق كرامة الناس وجعلت المال سيد الموقف لشراء الذمم وتكميم الافواه ولائيا ومركزيا حسب منشورهم في اغسطس 2014 مثلما تحدث المنشور عن عمليات فساد محددة وان اساليب الحزب الحاكم (حزبهم) نتيجتها غضب الشارع في الولاية على الحزب وهذا نموذج من مئات النماذج المؤكدة لنتيجة فشل العمل القيادي.
وكل الاشكال التنظيمية لكافة الاحزاب والتحالفات هي اشكال عمودية ومركزية وهو الشكل الوحيد الصالح لسيطرة الاقلية وهذه الاشكال تتعارض مع تركيبة المجتمع السوداني متعدد الاقتصاديات متعدد الثقافات ولذلك توصلت الوسطية الماركسية ان الطريق لبند الجبهة الوطنية لن يكون لا باداة الحزب ولا تحالف احزاب وهذا موضوع آخر.
وترتيب تنظيم الحزب او التحالف او الدولة بوجود ممثلين لتلك التعددية لم ينجح لان تمثيلهم شكلي ولم تخترهم مجتمعاتهم فيشكلون عبئا اضافيا على القيادات من جهة ويساهمون في تعقيد الازمة من جهة أخرى.
ومن اسباب (توازن الضعف) بين القيادات في الحزب او الدولة او الساحة السياسية الحزب القابض في الاحزاب الحاكمة والمعارضة معا فتعديل توازن القوى الاساسي هو موقف الجماهير في اغلبيتها الساحقة ولذلك برزت ظاهرة الشخصيات الوطنية او القومية ذات الخلفيات المتباينة وكما اصبح الشيوعيون خارج الحزب الشيوعي اضعاف عضوية الحزب الرسمي اصبح هناك ايضا اسلاميون خارج احزاب الحركة الاسلامية الرسمية.
ولان قيادات الاحزاب السياسية والتحالفات تعلم يقينا انها تملك الصوت المرتفع والشرعية القانونية وانها مجتمعة لا تمثل كل او غالبية الجماهير السودانية فانها في صراعها على كراسي الحكم تسعى بكل قوة لاخماد صوت اية تنظيمات جديدة تنشا او قيادات وتعمل على تحويلها لخدمة هذا الحزب او ذاك او تتفق عمليا حاكمة وعارضة على تحطيمها وتمزيقها اربا..
انظر: تنظيمات العمال والشباب والمزارعين وغيرهم المستقلة ومدى التخريب الذي احدثته الحكومة والمعارضة في صفوفها من الاضعاف وحتى اقامة تنظيمات موازية تابعة وسبق ذلك السياسات الحزبية التي هدمت استقلالية الحركة النقابية والنقابات والاتحادات اليوم هي كالوحدات الحكومية والاحزاب المعارضة تجهد نفسها ليس في تحريرها من قبضة الحزب الحاكم واستقلاليتها بل للسيطرة عليها واذا اقامت تنظيما بديلا لا تستوعب حقيقة انه مؤقت وانه يجب ان يكون ديمقراطيا ومستقلا
انظر: نجد في الواقع الاتحاد المهني للاطباء السودانيين تنظيم حكومي ونجد في نفس الوقت نقابة اطباء السودان احيانا يضيفون لها الشرعية والتي بدأت تمهيدية وحولت نفسها لاسباب حزبية الى نقابة وفي الحقيقة لا الاتحاد ولا النقابة يمثلان جماهير الاطباء وللاتحاد نقيب صدي للحكومة وللنقابة نقيب صدي للمعارضة الرسمية وتوازن الضعف هنا سببه العداء المستحكم والمشترك لوجود نقابة مستقلة وهكذا عشرات النماذج بين عشرات الفئات..
وان مناهج العمل القيادية الخاطئة في الضفتين واحتكار الحكومة واحتكار المعارضة جعل الاحزاب في قياداتهل جزء اصيل من ازمة الواقع نفسه والتغيير يبدأ بها اولا..
ونواصل الاخيرة..