*لن نمل التنبيه إلى أن المشاكل الإقتصادية المتفاقمة لايمكن معالجتها دون معالجة أسبابها السياسية وتداعياتها الأمنية‘ وإلى أن الخلل ليس في الأفراد الذين يتولون الوزارات وإنما في السياسيات ذاتها وتطبيقاتها الشائهة‘ إضافة لبعض الممارسات الفردية السالبة. *لذلك لايهتم أحد بالتصريحات التطمينية التي يتبرع بها البعض في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي جراء المعاناة المزدادة في حياة الناس اليومية في ظل إنفلات الدولار والأسعار وتدني وسوء الخدمات الضرورية. * لقد أجبرت التحديات العملية التي تواجه المسؤولين في القطاع الإقتصادي للإعتراف بالأسباب التي أدت لهذه الإختناقات والأزمات التي كانوا ينكرونها. *خلال الأسبوع الماضي طفحت تصريحات وزير المالية والتخطيط الإقتصادي الدكتور بدرالدين محمود أمام المجلس الوطني" البرلمان" المبشرة برفع الدعم تدريجياً عن القمح والوقود والكهرباء لتوفير الموارد في موازنة2016م على صفحات الصحف بالتناول والتحليل والنقد. *لكن الجديد في تصريحاته هو اعترافه بوجود إنهيار إقتصادي" ظل قائماً منذ إنفصال الجنوب" الأمر الذي كنا قد نبهنا له في لقاءات صحفية مع وزير المالية السابق علي محمود لكنه أنكر وجود أية أثارإقتصادية سالبة لإنفصال الجنوب. *هناك تصريح اخر لم يجد حظه من التداول فيه إعتراف جديد من وزير الكهرباء والموارد المائية المهندس معتز موسى بوجود عجز في الإنتاج الكهربائي يقدر ب650 ميقاوات وبشرنا أيضاً باستمرارمسلسل إنقطاع التيار الكهربائي خلال الصيف المقبل‘ و قال إن هذا النقص في الإمداد الكهربائي "منذ إنفصال الجنوب"‘ وهذا تبرير جديد لنج. *أضاف وزير الكهرباء سبباً اخر لكنه معروف وهو الحصار الإقتصادي في ظل إلتزام شركات مولدة لوحدات كهربائية بقرار المقاطعة‘ ودعا الوزير إلى تدخلات عاجلة لإيجاد طريقة ترفع الظر الإقتصادي تعطي الإذن للشركات للتعامل مع السودان. *هكذا نعود للمربع الاول الذي دخل السودان بسببه في دائرة الإختناقات السياسية والإقتصادية والأمنية التي أوصلت بعض المسؤولين للجوء لسياسة "سلخ الجلد من العظم"حسب تعبير الخبير الإقتصادي بروفسيبر عصام يوسف في وصفه لموجهات موازنة 2016م‘ وذلك في التقرير الذي أعده فريق" السوداني"إبتهاج‘شيراز‘ وسام وعثمان الدرديري في الصفحة الثالثة من عدد الأربعاء الماضي. هذه الإختناقات التي مازالت ماثلة رغم حوار الخرطوم المتعثر ومفاوضات أديس اببا الثنائية التي لاتكاد تبين.. تؤكد فشل المعالجات الجزئية والتسكينية‘ وأنه لابد من الإنتقال بجدية وصدق نحو حوار سوداني جامع يتطلب من الحكومة دفع إستحقاقاته كاملة والتنادي إليه للخروج سوياً من ضيق الحلول الحزبية التي ثبت فشلها إلى رحاب الحل السياسي السوداني القومي الذي طال إنتظاره.