تأمّل في معنى القصيد: الحلقة الثامنة: بعض الرّحيق أنا والبرتقالة أنت: محمّد المكّي إبراهيم

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

abdelmoniem2@hotmail.com

"فإذا رمى ببصره إلى قوائمه زقا، معولاً يكاد يبين عن استغاثته، ويشهد بصادق توجعه، لأن قوائمه حمش كقوائم الدّيكة الخلاسيّة".
نهج البلاغة للإمام على بن أبى طالب كرَّم الله وجهه وهو يصف الطّاووس.
مقدّمة:
صديقي وأخي يونس محمد أحمد الجلال له عادة أحبّها وأخشاها، فهو ضميري اليقظ الذي يذكّرني بالأهم، فعندما يراسلني يعزّني من مكتبته بكتاب يعلم تعلّقي به ويكتب على جلدة غلافه الدّاخلي رسالته، ولا أدرى كيف يتسنّى له أن يعرف، في كلّ مرّة، فقدي للكتاب واشتياقي له، ولكن كما يقولون فالقلوب شواهد، فصحبة الشّقاء يحلّلون لأنفسهم سرقة كتبي بل ويتباهون بمقدراتهم على سلب لحم مكتبتي وتركي عظماً أتشاغل به ككلبٍ وحيدٍ حين تشدّ المحن إزارها وتتقصّدني.
وهديّته هذه المرّة كانت ديوان شيخي محمّد المكّي إبراهيم في طبعته الثّانية عام 1983 من دار جامعة الخرطوم، والتي قام بها البروفسير علي المك، رحمه الله وأثابه خيراً لا ينقطع على مرِّ الزمان إلى أن تصير السمّاء وردة كالدّهان، بدون علم صاحبها وإن أسعده وأنقذه عائدها وتصميم غلافها، الذي نقشته ريشة البروفسير حسين جمعان، والذي تذهلك بساطته السّهلة الممتنعة كشعر الديوان، تعلوه برتقالة مقضومة وفصّين، ولنا عودة للتأمّل في طبيعة هذه البرتقالة. ولولا أنّها برتقالة وليست تفّاحة لكان قد قاضى شركة الكمبيوتر الشهيرة على حقوق المؤلف على سرقة علامتها المميّزة.
وقصيدة بعض الرّحيق أنا والبرتقالة أنت، والتي تعرف مجازاً بخلاسيّة، فازت باسم الغلاف من دون قصائد المجموعة، كما تُتوّج ملكة الجمال على رصيفاتها وتجذب صورتها ضعيفي القلوب أمام الجمال، وأنا منهم، لا اعتباطاً ولا صدفةً ولكنّها تتصدّره، بثقةٍ، عن جدارةٍ.
فهذه الجملة أجمل ما قرأت ورأيت وصفاً للانتماء والهويّة، صيغت ووُضعت في "كبسولة" من الجوهر تشفّ عن مكنونها، وقد جمعت جوانب الفهم بدقّةٍ وحنكةٍ وحرفةٍ لا تُجارى فإذا القشرة واللّبِّ توحّدٌ، حال من أدرك في لحظة البصيرة والكشف، فأغنانا عن أطنان الكلام من رمال القول، بزمرّدة الاعجاز الفريدة.
ولو أنّه اكتفى بذلك لكان قد أدّى ما عليه وقلَّ أن يعلوه بشر. فهي جملة لا تُقرأ ولكنّما تُرى، وتنقلك في طرفة عين من عالم الكلمات والسّمع لعالم البصر والتّخييل، وينفذ معناها من قلبها لِلُبِّ فهمك كالشعاع المنطلق كرمح الضّوء يبدّد عتمة الفؤاد ويهتك ستر الجهل ويهديك معنى المعنى.
وليس غريباً أنّ من نشط فكره، ونما خياله، واصطادت شبكته جواهر الكلام من بحور اللّغة ذخراً يستثير الغيرة، وانشغل بحبِّ بلده وأهلها، وهو قد رأى ما رأى في ترحاله، وخالط من خالط من عربٍ ومن عجمٍ، فلم يزده علمه إلا يقيناً بتفرّده وتفرّد أصله ولم يجد هويّته إلا فيها وفيهم؛ ألاّ يكون في بحثٍ دائبٍ لماهيّة هذه الهويّة ووصفها وتقريب معناها لنفسه ولغيره. فجهد محمد المكي إبراهيم في مدرسة الغابة والصّحراء لم يكن إلا محاولة فكريّة لحلّ معضلة الهويّة وتثبيت الجذور في أرض أنجبته ورعته بدلاً عن بحثه عن أرض وأمّة لا ترضى انتسابه لها ولا تمدّ أبسطة الحب له.
وعندما يجتمع الشّعر والفكر في جوف أحدٍ فالشعر أغلب ويتغذّى بالفكر ولكنّما يتجاوزه. وقد قالت غابرييلا ميسترال الشّاعرة التشيليّة الفائزة بجائزة نوبل وأستاذة بابلو نيرودا:
"هل الوطن بقلب الشاعرة
أم الشاعرة في قلب الوطن؟"،
وهو معنىً قريبٌ من "بعض الرّحيق أنا والبرتقالة أنت" ولكن بلاغة الأخير لا تُبارى كما سنوضّح لاحقاً. ولكنّه يثبت معنىً سبقها عليه الحديث القدسي عندما قال المولى عزّ وجلّ: "لم تسعني السّماوات والأرض ووسعني قلب عبدٍ مؤمن"، فالفكر لا يسع الأوطان والعقائد لخلوّه من القدرة على المحبّة، ولكنّما يسعهم عرش القلب وقد قال المصطفى (ص):
"إنّ في الجسم مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد وإذا فسدت فسد سائر الجسد ألا وهي القلب"
وإذا فسد القلب فسدت النيّة، وانتفى الاخلاص، ووئدت المحبّة، وسُدّ باب الأمل.

وقد تخيّلت أنّ محمّد المكّي إبراهيم لم يشف أُوامه كتابته الفكريّة ولا نشاطه السّياسي ولا ما خطّ من قصيدٍ، وهو بعد لم يجمع المعاني كلّها في بوتقةٍ خالدة الورود أو في عقدٍ سحره لا يبلى هديّةً لمن يُحب. وتخيّلته أيضاً، بعد انبهاره بجزيرة البهار زنجبار، قد اهتدى لماهيّة الهوية ولكن فاته الاسم كمن رزق وليدة وظلّ يقلّب الفكر عن اسم يلائمها ويشفّ عن كنهها، فقد تلي هذا الديوان مجموعة زنزباريّات وهناك في القصيدة ما يشير لهذا الافتراض:
"من اشتراك اشترى فوح القرنفل من أنفاس أمسيّة،
أو السواحل من خصر الجزيرة،
أو خصر الجزيرة من موج المحيط وأحضان الصباحيّة"،
وذلك بعدما رأى فيها شعباً شبيهاً بشعبنا سحنة وطبعاً. فتجمّعت المشاهد والمعاني في جوفه كبخار الطّلِّ قبل أن يجد ما يريح عليه رأسه من أكمام الورود، فكأنّى به في زنجبار وقد سحرته الأمسيات المضمّخة بعبير القرنفل أو في الصّباح على السّاحل يرى مياه المحيط والرمل والخضرة فيملأ رئتيه في الحالتين حتى تئن ضلوعه حبّاً وانتعاشاً أو كما قال:
"لذا رحت أهواك حتى تئن ضلوعي
حتى يغالبني الدّمع فيك وأذهب في نهنهات البكاء"،
وأين لغاية السعادة دون إيقاظ نقيضها.
وقد تخيّلته، وقد أهاجه الحبّ والشّوق وألم الفراق لزنجبار وداهمه الشّعر، وكيف يهرب الشّاعر إلاّ إلى خيمة الشعر حينما يبدو على الأفق انقصاف عمر سعادته؟ ولكن لم يكتمل نظم العقد إذ أنّ واسطته لم تنبثق في عالم الوجود ، أو نمى اللحم واختفى هيكل العظم فلم يـبن القدّ ، ثمّ في لحظةٍ صوفيّة لا تتكرّر ، وهو يقلّب كنوز الكتب يصطاد لآلئ كلماتها ، وأين له بكنـزٍ مثل كلام الله أو بليغ حديث مصطفاه أو منهج بلاغة الامام باب مدينة العلم ، فوجد مبتغاه في وصف الامام على بن أبى طالب للطاؤوس عندما التقطت عيناه كلمة "الخلاسيّ" ، كما يلتقط الطّاؤوس حبّة استطابها من بين حبوبٍ كُثرٍ ، فوجد فيها ضالّته ، وعندها أصابه الانتباه وتلقّفه والوعي ، وتفتّقت ورود الخيال في ذهنه ، واحتضنه الالهام وتزاحمت الكلمات ساعة الخلق تأخذ مكانها ، وتتشكّل الصّور ويسمق قدّها ، وتنتشر كأقواس قزح كأنّها نافورة الفرح تعلن ميلاد الهويّة.
والفتاة الخلاسيّة ما هي إلا نتاج أبوين من سلالتي حامٍ وسام، وقد تكون رمزاً لأمّته أو لجزيرة زنجبار أو كل شريط الأمم الخلاسيّة من زنجباريين، وصوماليين وإرتريين وسودانيين. ولكن مهما كان فهذه الكلمة جعلت للفكر معنىً، وللنّفس مهداً، ومهّدت للجذر درباً، فهي كمثل كلمة طيّبةٍ جذرها ثابت وفرعها في السّماء.
وتذكّرني هذه التجربة، إن صدق حدسي فيما ذهبت إليه من زعمٍ، تجربةٍ لعالمين أرادا أن يكوّنا مادّة عضويّة من الغازات ليحاكيا بدء الخليقة. وقد نجحا في استخراج أحماضٍ أمينيّة مطابقة لأحماضنا الأمينيّة التي تشكّل أساس أعضائنا ولكنّها لم تنتظم في شكل أحماض المخلوقات بالنظام المعروف. وأعياهما اليأس فما كان من أحدهما إلا أن أقترح أن يضيفا تراباً لها ليثبتا عبثيّة نظرية الخلق الإلهي وكانت دهشتهما لا تصدّق حينما تعلّقت الأحماض الأمينيّة بذرّات التراب وانتظمت كما ينتظم عقدها في البشر فكانت كما وصفه المولى عزّ وجلّ: "بالطين اللازب" أي التراب المختلط بمادّة عضويّةٍ.
وهكذا أمر الخلق في كلّ شيء له سببٌ ووقتٌ معلوم، وما الخلق إلاّ فكرة، فقد قال المولى عزّ وجلّ:
"كنت كنـزاً مخبوءاً فأردت أن أُعْرَفْ فخلقت العالم".
ولم يكن عبثاً أن تلقّف الوليدة أهلها، فها هم يجدون فيها ضالّتهم وكنـزهم فمن خلالها بُعثوا، وصارت رايتهم لمّا تيقّنوا واثبتوا ما جال في ذهنهم وردّدوه جلّ حياتهم أنّ في اختلافهم عن الغير سرّ جمالهم وعظمتهم وقوّتهم، فهم قد رضعوا فكرة أنّهم ملوك النّاس وأفضلهم، كما الطّاووس ملك الطيور، وكما قال شاعرهم الشعبي:
"نحن ناس نقعد نقوم على كيفنا".
فهم قد وُصفوا بالشعب الذي لا يصدأ أو "بشعب الله المختار" كما قال البروفسير عامر مرسال رحمه الله وأحسن إليه، عندما أسرّ لنا ساخراً باكتشافه لحقيقة شعب شمال السودان، وبرّره بقوله:
"أنّ من يأت من جهة الجنوب يطلق عليه زنجي، ومن يقدم من الشمال البعيد يُسمّى حلبي، ومن ينـزح من جهة الغرب يُدعى فلاّتي، ومن جهة الشرق حبشي" ولم يقصد تبخيس الأجناس الأخرى، ولا عنيت ذلك، ولكنّه نبّهنا إلى حقيقة نتغافل عنها جعلتنا شعوباً شتّى نتبرأ من أصلٍ ثابتٍ فينا، وهو مصدر فخرٍ وقوّة لا نقص وعار، ونتعلّق بأستار من يرفضنا ونأبى قدح من يودّنا فخسرنا أنفسنا ووطننا.
وهذا وصفٌ دقيقٍ لأمّةٍ اختلطت بأممٍ أخرى فلحقها ما لحقها من أثر التّزاوج، ولكنّهم حقنوا شرايينهم بتميّز عرقهم واستعلائه وتبخيس عرق الآخرين.
ونسوا أنّ التّمازج والتّلاقح يحسّن الذريّة ولا يُوضع مرتبتها وهم يفتخرون أنّ أشجع "العرب" كان عنترة بن شدّاد ونسوا أو تناسوا أنّه ليس بعربيّ ولكنّه خلاسيّ لم يتبرّأ من أمّه أو أخيه فأسمى نفسه بعنترة الهجين. وكلمة خلاسيّة لها ألقٌ مميّز ولا تختلف معنى عن وصف عنترة لنفسه بالهجين ولكن تمعّن في فعل السّحر للأولى كأنّها مفتاح الكنـز وازورار النّفس عن الثّانية التي تذكّرك بتلاقح الحيوانات والنبات.
وقد احتفل محمّد المكّي إبراهيم بهذا الاختلاف، ببصيرته الثّاقبة وتفكّره في حال شعبه، حتى يجد لهم هويّة مميّزةً يدعو لتبنّيها وتجذيرها وتنميتها في أرضٍ سودانيّة لا شرقيّة ولا غربيّةٍ فكانت دعوة الغابة والصّحراء. وهذا بُعدٌ عن بدائيّة النّفس الشّحيحة بالخير على غيرها حين يتهدّد حدودها وبقاؤها خطر حقيقيٌّ أو مُتوهّم. وحينما تنتفخ الذّات بأهمّيتها تُقصى الآخر ولا تعترف بفضله بل وتسحقه إن استشعرت تهديده لوجودها ويكون تعصّبها مكمن قوّتها وضعفها في وقتٍ آخر.
والنّفس تفلح في تبرير أفعالها، ما أجبرتها الحاجة، ولكنّها حالما تتمكّن تنقلب على من مدّ لها يد العون، وتستعلى عليه وتُنقص من شأنه، وحين يستقرّ شأنها لا تشعر بالدّين أو الذّنب أو تقرُّ بالفضل. فمّما لا شكّ فيه أنّ أرض السّودان احتضنت أعراب الجزيرة واستضافتهم وصاهرتهم وعايشتهم مقتسمة معهم اللّقمة والرّحم، ولكنّهم بطبعهم الغليظ وبداوتهم اعتبروا ترحيب الآخرين ضعفٌ وليس حضارةً وسعة صدرٍ وكرمٍ أو كما اسماها محمّد المكّي إبراهيم:
"عفويّة الفعل الأصيل"،
فنسبوا أحسن الشّمائل لأنفسهم ورموا أهل البلاد بأسوأ ما فيها. وكان محمّد المكّي إبراهيم ضحيّة لهذا الفهم، قبل أن توقظه شمس الوعي عندما غادر ربعه وتفتّحت أبواب حقائق غفل عنها في صباه، عندما أفهموه أن أمّته هي العربيّة الإسلاميّة، وكان خطابه في قصيدة قطار الغرب لا يتجاوز هذا المفهوم.
ولكنّ قلبه المتفتّح، وذهنه المتّقد، وعينه البصيرة أدركت لاحقاً أنّ ما يملأ جرابه من هويّة ليس كاملاً، فلاحظ قوماً آخرين لا تلائمهم مقاييس أمّته التي تبنّاها في ذهنه، وظلّ مفهومه للهويّة لا يتعدّى ساكني وسط وشمال السّودان:
"لن تسلخوا كساء أمّتى
هذا الكساء دمغتي
في بلدي نعطّر الهواء بالمديح
روائح الطّعام والضّيوف من بيوتنا تفوح"
ولكنّه أيضاً ظلّ كما قال محمود درويش:
"لا أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد التأليف"
ولذا عندما تكتشف عيناه شمس الحقيقة ويدركه نور الوعي يثور ويكتب قصيدة "إصبع في الشّمس" ليشقّ جدار الوعي:
"لأنّ بنا مدارات الشّموس،
بوعينا تحيا خلايا الدّهر والأشياء
لأنّ تنصّلاً نحياه خلف وجودنا الواعي
يفجّر عبر وجداناتنا نبع الحياة ومجدها الأبدي
بهذا الوعي أقبل ما بأيديكم
وأنذر أن أعيش مع وضدّ وداخل الآخر"
فتمعّن كيف تكرّرت كلمة الوعي خمس مرّاتٍ في هذه القصيدة وهو وعىٌ بحقيقة الأشياء كما هي وليس كما يجب أن تكون في أذهاننا افتراءً على الواقع.
محمّد المكّي إبراهيم لا يصرّح ولكنّه يلمّح لتتفجّر عيون نبع الحياة الحقيقيّة عن هويّته:
"ونعرف أنّ هذا الشقّ في الثديين
فتقٌ في مشيئتنا ينـزّ الدّم
يسكب في جبين الربّ خزى هروبه عنّا
ونحن نمدّ أيدينا نصيد النّجم
وأعرف أنّه لا عاد يذكرنا ولا يهتم
وأن لنا مشيئتنا وجيل من هموم الأرض
ينقر في زوايا الغاب طبل الخلق
ينشئ فكرة التّكوين"
وببصيرة المبدع يتنبّأ بما ينتظرنا من سفح للدّماء من الثّديين اللتين أرضعتانا، ونحن نشتطّ في تنكّرنا لأحدهما محاولين انتزاعه من مكانه بجوار رفيقه حتى يُشقّ ويدمى فيظلّ فتقاً ينـزّ دماً في مشيئتنا لبناء مستقبلٍ لهذه الأمّة التي تنـزف حتى الموت، وما ذلك إلا لتعلّقنا ولمدّنا أيدينا لهويّة العروبة التي يضنّ بها علينا حرّاس العرق، والتي وصفها كنجمٍ يستحيل صيده لا يذكرنا ولا يهتمّ بنا:
"ونحن نمدّ أيدينا نصيد النّجم
وأعرف أنّه لا عاد يذكرنا ولا يهتم"
ونحن معلّقون أنظارنا في سماء الوهم لاهون عمّا تحت أقدامنا، ومُصمّون آذاننا عن مشيئتنا التي لا مهرب منها، وطبل خلق أمّةٍ مزيجةٍ جديدة تتكوّن في أحشاء الغاب يطرقها فينبّهنا أنّنا تنصّلنا عن واقعنا وطمسناه خلف وعىٍ مُدّعى:
"وأن لنا مشيئتنا وجيل من هموم الأرض
ينقر في زوايا الغاب طبل الخلق
ينشئ فكرة التّكوين"
وهذا لعمرى دور شعراء الشّعب الذين يحملون همّه ويعانون جرحه ويرون ما لا يراه الآخرون. ولذلك
لم يكن عبثاً أن وجد هويّته الأولى عندما انتسب لقبيلة شعراء الشّعب، منذ تفتّح وعيه الأوّل عندما قاسى تجربة الولادة من الرّيف، حيث مدينته الاقليميّة، للعاصمة الغريـبة، حيث لا حضن ولا أمن ولا رفيق كالطّفل يخرج من بطن أمّه وحيداً، حيث الحماية والدّفء والغذاء، لعالم مضّطربٍ ومخيفٍ فلا يملك إلا البكاء.
وسنواصل إن شاء المولي عزَّ وجلّ
ودمتم لأبي سلمي

 

آراء