لا ريب في أنَّ الجمهوريَّة أيَّة جمهوريَّة سرعان ما تنحرف نحو الطغيان، وذلك لأنَّ عامة الشَّعب يلقون بثقلهم الكمِّي لمساندة الدهماوي، أي المهيِّج أو الخطيب الشَّعبي الذي يستغل الاستياء الاجتماعي لاكتساب النفوذ السِّياسي، أو كما جاء في تعريف الديماغوجيا
وكما أشرنا آنفاً فإنَّ أكبر خطأ سياسي ارتكبه الصَّادق المهدي وهو ما يزال يعاني من مضاعفاته هو توليه رئاسة حزب الأمة؛ إذ لم يطق صبراً حتى بلوغه عامه الثلاثين، وهي السن القانونيَّة التي تتيح له عضويَّة البرلمان، وشغل مقعداً وزاريَّاً.
والصَّادق منذ استيلاء الجبهة القوميَّة الإسلاميَّة على الحكومة في حزيران (يونيو) 1989م لم يكن مقتنعاً بالعمل العسكري، بل كان يؤكِّد تمسُّكه بنهج "الجهاد المدني" أسلوباً وحيداً لتغيير النِّظام، برغم من أنَّ النِّظام إيَّاه أصبح يردِّد بين عشيِّة وضحاها بأنَّه لا يدخل في تفاوض إلا مع
الغريب في الأمر أنَّ الصَّادق المهدي حين ولج في دهاليز السِّياسة في السُّودان شرع بالمعارضة داخل بيته وحزبه، وولوج المرء الباكر في مثل هذا المعترك الشائك الذي تكتنفه الأشواك دون دراية بما هو فاعل قد يفسد عليه حاله وحال البلد، وبخاصة إذا كان منطلقه من أجل إشباع