الإقطاعي الصادق المهدي .. المتمرد حميدتي وإعادة فتح الخرطوم

 


 

 

 

(١)

قبل أكثر من عقد كتبت مقالاً تحت عنوان ( الخطاب الذي ضل طريقه في الوصول الي الناظر ) أنتقدت فيه الخطأ الكارثي الذي إرتكبته الحركات الثورية في دارفور عندما أهملت دعوة جميع أبناء الوطن في دارفور و غير دارفور الي الثورة في بواكيرها ، الأمر الذي وظفه نظام الإجرام البائد ، فحدث ما حدث.

(٢)
في أكثر من مناسبة تطرقت فيها الي حساسية بعض المسلمات الإسمية المتداولة - منها لفظي( المتمرد و المعارض) .
عندما حمل السيدان الصادق المهدي و محمد عثمان الميرغني و من معهما من الوسط و الشمال النيلي السلاح ضد الحكومة القائمة آنذاك سمي ما قاموا به "معارضة" بين ظل اي عمل مماثل من قبل أبناء الوطن في الغرب أو الجنوب أو جبال النوبة او جنوب النيل الازرق "تمرداً" يعني الخروج على الطاعة . و هنا يكمن أس المشكلة.

(٣)
الإمام الصادق المهدي؛ مع إحترام كل الارتباطات الأسرية و السياسية و التظيمية التاريخية و الحالية ( لشخص كان من بين أفراد أسرته أعضاء في المكتب السياسي لحزب الأمة قبل ست عقود - بالإضافة إلى الخلفية الأنصارية الجهادية للعائلة الممتدة ) ؛ و مع توقير الصفات الشخصية السمحة للامام و ليونة جانبه ؛ إلا انه يعتبر أحد أعمدة المشكل السوداني و واحد من العوائق الأساسية أمام أي تحول للسودان من دولة الأقلية (عسكر ، مدنيين لا يهم) الي دولة كل السودانيين.
الإمام الذي لحق بشباب حزبه بقطار الثورة في محطته قبل الأخيرة ليحتفل مع الثوار من كل طيف بنجاح الثورة السودانية يعرف كيف كان يقف و بكل إخلاص مع من أخذ منه تفويض الشعب بقوة السلاح في ٣٠ يونيو ١٩٨٩ ثم يتلقى تكريما بوشاح ملطخ بدماء الأبرياء من قبل انقلابي قاتل.
مع ذلك فالإمام ينتفض ضد أي محاولة للإطاحة بمن حنث باليمين و سلب منه سلطة الشعب، و ذلك خوفاً من قبل الحبيب الامام أن يصل الحكم في البلاد الي من لا ينبغي لهم أن يكونوا جزء من كابينة القيادة في أرضهم المروية بدماء أسلافهم الشهداء .
و خير مثال على ذلك ؛ مقولته المشهورة عندما دخلت قوات حركة العدل والمساواة الخرطوم في مايو ٢٠٠٨ حينما قال ( البشير جلدنا ما نجر عليه الشوك ). حديث لا يصدر إلا من قبل اقطاعي كبير.
للأسف ذلك ما يقف وراء كل ما يقوم به الإمام الصادق المهدي من خطوات في هذه المرحلة لوأد الثورة السودانية و تخريب الفترة الانتقالية و التمهيد لإنقلاب العسكر لنظل في الدوامة المملة. ذلكم هو الهدف و ما تلاه من المبادرات فقط للإستهلاك و الاستغفال السياسيّن ( بلا عقد الاجتماعي.. بلا بطيخ ).

(٤)
لن أسعى لتبرير اي عمل أو جريمة تكون قد قامت بها قوات الدعم السريع تحت أي مسمى من مسمياتها السابقة أو الحالية تحت قيادة الفريق أول حميدتي؛ لكن عندما تقوم الفتنة بالحرب الأهلية في بلد ما لن يكون الجميع في صف واحد . و إلا لما قامت الحرب بالأساس بين أشقاء الوطن.
كل فريق يدعي بأنه هو الذي على الحق - و التاريخ في صدر الإسلام خير مثال على ذلك و الخاصة الحرب بين العباسيين و الأمويين.
قتل الابرياء و حرق قراهم جريمة حرب و حرب ضد الإنسانية . في الحياة الدنيا حسابها هناك في لاهاي طال الزمن او قصر و في الآخرة يكون الاحتكام عند من لا يظلم عنده أحد - جل شأنه . أما القتال بين الأطراف وفقاً لقواعد الاشتباك العسكرية المتعارف عليها فإن لكل طرف ما يدعم سلامه موقفه .

(٥)
في تبجح ينم عن غباء فاحش صرح يوماً الرئيس المخلوع الأخ عمر البشير أن أفضل قرار اتخذه في حياته كرئيس هو تكوين قوات الدعم السريع، لا أدري إن كان مازال على رأيه.
لكن الذي أستطيع قوله: إن كان للبشير من حسنة يُشكر عليها خلال العقود التي قضاها هو و أعوانه في نهب البلاد و قتل العباد ؛ ما فعلته و مازالت تقوم به قوات الدعم السريع من مساعدة لإنجاح الثورة السودانية و حمايتها حتى الآن للوصول في أجواء السلام و الوئام إلي حكومة منتخبة من قبل الشعب و دولة مدنية مزدهرة تسع جميع السودانيين بحول الله.
و سيذكر التاريخ بأحرف من النور انحياز الفريق أول حميدتي و قواته لأشواق الغلابة في أرقين، الباوقة ، اللعوتة ، السرحان ، شنقل طوباي و معسكرات النزوح و اللجوء و في كل قرى و مدن السودان.

(٦)
للأسف فإن قوى الشر ( بشقيها العسكري و المدني) لن تسمح بميلاد الدولة المدنية في السودان و في المقابل فإن الشرفاء في الدامر، الدلنج ، الدمازين ، كوستي ، كسلا ، عطبرة ، المناقل ، بارا ، رهيد البردي ، و زالنجي و غيرها و المتمثلون في لجان شباب المقاومة و قوى التغيير "الحقيقية" و المدعومة من قبل قوات الدعم السريع لن يسمحون بإعادة عقارب الساعة الي ١٩٥٨ ، ١٩٦٩ أو ١٩٨٩
بالنتيجة فهل نتوقع خروج قوات الدعم السريع الي تخوم الخرطوم لإعادة فتحها ؟
الإجابة عند كمال عبدالمعروف ، الصادق المهدي و صلاح قوش.!!


د.حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com

 

آراء