حمدوك والخروج من عنق الزجاجة
عاطف عبدالله
14 September, 2022
14 September, 2022
(قال رب انصرني بما كذبون، قال عما قليل ليصبحن نادمين، فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين)
قرآن كريم
لتناول فترة حكم حمدوك بالنقد الموضوعي لا بد من استدعاء الظرف المادي التاريخي الذي تشكلت فيه، حيث كانت هناك قوتان في الساحة السياسية تتصارعان على كرسي الحكم الانتقالي السودانية، "قحت" التي يتسلح بقوى الثورة السلمية وعنفوان الشارع الثائر والمجلس العسكري الذي تشكل من اللجنة الأمنية للبشير الذي بيده السلاح والمال وبعض أصحاب المصالح والمنتفعين من الرأسمالية الطفيلية الذين يعتبرون امتداداً لحكومة الإنقاذ بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
جاء حمدوك بترشيح من قحت انفاذاً لميثاق قوى الحرية والتغيير والوثيقة الدستورية ووجد السودان مثقلاً بالديون "حوالي 70 مليار $ " ويقاسي الأمرين من العزلة الدولية والمقاطعات والعقوبات الاقتصادية، ودماء شهداء فض الاعتصام لا تزال ندية، وحمدوك، وهو بين شقي رحى العسكر والفلول والمشاكل التي سببتها جائحة كرونا والضعف والوهن الذي لازم الحاضنة السياسية "قحت" بسبب عدم الانسجام والتباين الفكري والأيديولوجي بين مكوناتها، ظل يكابد الأمرين من أجل إخراج السودان من عزلته الدولية ويعالج مشاكل إقتصادية بالغة التعقيد تفاقمت حتى وصلت مرحلة الأزمة الاقتصادية هذا عدا الأزمات المفتعلة من قبل الفلول والعسكر مثل إغلاق الطرق الحيوية وإغلاق للموانئ البحرية كما لا ننسى بأن 80% من المال العام خارج ولاية وزارة المالية وإلزامه بتسديد متطلبات تنفيذ خازوق سلام جوبا، وخوازيق أخرى خارجية وداخلية لا أول لها ولا آخر.
على الرغم من كل ذلك، وفي إطار برنامج الإصلاح الشامل الذي تبناه حمدوك، أستطاع وخلال فترة وجيزة أن يحقق في المجال الاقتصادي نجاحات غير مسبوقة أُوجزها في النقاط التالية:
• الحصول على موافقة المؤسسة الدولية للتنمية التي تتبع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي على بدء تلقي السودان الإعفاء من الديون بموجب مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC) .
• تحسن أداء معدلات التضخم من 412.8% في نهاية يونيو 2021 إلى 365.8% في نهاية سبتمبر 2021وتحسن موقف مؤشرات القطاع الخارجي.
• إعادة دمج المؤسسات المالية والمصرفية في النظام المالي العالمي
• العمل على تثبيت سعر الصرف حيث ولأول مرة شهدنا انخفاض سعر الصرف الدولار من 452.8 جنيه في نهاية يونيو 2021 إلى 440.7 في نهاية سبتمبر .
• سجل الحساب الجاري في الربع الثالث من 2021 عجزا وقدره 194.8 مليون دولار مقارنة بعجز قدره 1,054 مليون دولار في الربع المقابل من عام 2020.
• كما انخفض العجز في الميزان التجاري من 2.1 مليار دولار في النصف الأول من 2020 إلى 1.2 مليار دولار في النصف الأول من 2021.
• سجل ميزان السلع والخدمات في الربع الثالث من عام 2021 عجزاً وقدره 331.2 مليون دولار مقارنة بعجز 1,143.4 مليون دولار في الربع المقابل في 2020.
• ايضاً ارتفعت تحويلات المغتربين من 136.1 مليون دولار في النصف الأول من العام 2020 إلى 716.9 مليون دولار في النصف الأول من عام 2021
• ارتفاع إجمالي الإيرادات العامة من 162,730 مليون جنيه في عام 2019 إلى 264,593 مليون جنيه في 2020 بمعدل نمو 62.6%.
حظي برنامج الإصلاح الاقتصادي بدعم داخلي وخارجي غير مسبوق، فداخليا وعلى الرغم من صعوبة العيش صبر المواطنين والمواطنات على إجراءات الإصلاح الهيكلي مثل رفع الدعم عن المحروقات لثقتهم في رؤية الحكومة والنتائج الإيجابية المنتظرة ولبصيص الضوء الذي لاح في آخر النفق.
على المستوى الخارجي لقي البرنامج دعم سياسي ومالي من معظم دول العالم خاصة من دول الترويكا كما شهدنا في مؤتمر الشركاء في باريس مايو 2021 ولأول مرة يلقي مدير البنك الدولي محاضرته السنوية للعام 2022 بقاعة الصداقة بالخرطوم.
وللمزيد عن التحدث بلغة الأرقام أحيل القارئ الكريم للورقة العلمية التي أعدها الدكتور آدم بريمة الحريكة والأستاذة شيماء عوض حاج أحمد محمد عن الأداء الاقتصادي لحكومة الفترة الانتقالية مسودة 10 يناير 2022
كما ن هناك مساهمة غاية في الأهمية طرحها الأستاذ/ فاروق كمبريسي نائب محافظ بنك السودان السابق وذلك بعد مرور 8 أشهر على الانقلاب، مثمناً فاتورة إنقلاب البرهان وما ترتب عليه من خسائر متحدثاً بلغة الأرقام: -
صافي التزام البنك الدولي لبرنامج ثمرات بمبلغ 410 مليون دولار، تم صرف 101 مليون دولار قبل الانقلاب والمتبقي 309 مليون دولار، توقفت (خسارة بنسبة 75%). والمانحين الآخرين بمبلغ 350 مليون دولار تم صرف 80 مليون دولار صافي التزام وكالة التنمية الدولية بمبلغ 2.595 مليار دولار، وتشمل (الري، الزراعة، صغار المزارعين، الطاقة، المياه، تجويد الإحصاءات) وتتضمن 500 مليون دولار دعم مباشر للموازنة {تم إيقافها بنسبة 100%}
كان مخصص لتوسيع قنوات الري وتفادي العطش بالمشروعات المروية ب 300 مليون دولار والمتبقي منها 270 مليون دولار، خسارة بنسبة 77%
المهم صافي الالتزام كان 760 مليون دولار تم صرف 181 مليون دولار والباقي 579 مليون دولار {نسبة خسارة كلية 76%}
شوف تأثير الانقلاب على معاش بعض الأسر المستحقة للدعم المباشر وبالطبع تحتاج الأسر مزيداً من الدعم لتخفيف أثر تصحيح السياسات نجي كمان للمساعدات الأمريكية، لو حولنا كمية القمح بالقروش، نجد صافي الالتزام 588 مليون دولار، تم استلام قمح ما يعادل 87 مليون دولار والباقي قمح بقيمة 501 مليون دولار {خسارة بنسبة 85%}
وبالمناسبة القمح دا مخصص فقط للخبز المدعوم (أبو 5 جنيهات داك) وغير مسموح استخدامه للخبز التجاري بالإضافة لمبلغ آخر بقيمة 700 مليون دولار لأغراض مختلفة ودا لم يصرف منه شيء أي خسارة بنسبة 100%
ليصبح إجمالي الدعم الأمريكي 1.288 مليار دولار، تم تنفيذ 87 مليون دولار منه والباقي 1.201 مليار دولار لم ينفذ {أي خسارة بنسبة 93%.
وقد خلص الأستاذ فاروق إلى أن صافي الالتزام المفروض ينفذ ويتصرف حوالي 4.643 مليار دولار وتم تنفيذ 268 مليون دولار فقط والمتبقي حوالي 4.375 مليار دولار {أي خسارة بنسبة 94%.
ودا جزء يسير من الدعم والمساعدات المالية المقدمة للإصلاح الاقتصادي.
(انتهى النقل)
بالتأكيد هناك سلبيات وإخفاقات صاحبت أداء حكومة حمدوك، أبرزها عدم استقلاله للزخم الثوري والتفويض الشعبي الجارف الذي وجده في بدايات الفترة الانتقالية والذي، في رأي، لم يحظى به أي رئيس وزراء أو حاكم سابق عبر تاريخنا الحديث، ولكنه كان مثل أي تفويض آخر محدود الصلاحية سرعان ما أخذ يتراجع بتراجع أداء الحكومة لكن بالرغم من كل ذلك لا أحد ينكر ما قام الدكتور عبد الله حمدوك وما كان سيقوم به للخروج بنا من عنق الزجاجة وما تكبدناه من خسائر بسبب إنقلاب البرهان ولله درك يا سودان ...
atifgassim@gmail.com
قرآن كريم
لتناول فترة حكم حمدوك بالنقد الموضوعي لا بد من استدعاء الظرف المادي التاريخي الذي تشكلت فيه، حيث كانت هناك قوتان في الساحة السياسية تتصارعان على كرسي الحكم الانتقالي السودانية، "قحت" التي يتسلح بقوى الثورة السلمية وعنفوان الشارع الثائر والمجلس العسكري الذي تشكل من اللجنة الأمنية للبشير الذي بيده السلاح والمال وبعض أصحاب المصالح والمنتفعين من الرأسمالية الطفيلية الذين يعتبرون امتداداً لحكومة الإنقاذ بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
جاء حمدوك بترشيح من قحت انفاذاً لميثاق قوى الحرية والتغيير والوثيقة الدستورية ووجد السودان مثقلاً بالديون "حوالي 70 مليار $ " ويقاسي الأمرين من العزلة الدولية والمقاطعات والعقوبات الاقتصادية، ودماء شهداء فض الاعتصام لا تزال ندية، وحمدوك، وهو بين شقي رحى العسكر والفلول والمشاكل التي سببتها جائحة كرونا والضعف والوهن الذي لازم الحاضنة السياسية "قحت" بسبب عدم الانسجام والتباين الفكري والأيديولوجي بين مكوناتها، ظل يكابد الأمرين من أجل إخراج السودان من عزلته الدولية ويعالج مشاكل إقتصادية بالغة التعقيد تفاقمت حتى وصلت مرحلة الأزمة الاقتصادية هذا عدا الأزمات المفتعلة من قبل الفلول والعسكر مثل إغلاق الطرق الحيوية وإغلاق للموانئ البحرية كما لا ننسى بأن 80% من المال العام خارج ولاية وزارة المالية وإلزامه بتسديد متطلبات تنفيذ خازوق سلام جوبا، وخوازيق أخرى خارجية وداخلية لا أول لها ولا آخر.
على الرغم من كل ذلك، وفي إطار برنامج الإصلاح الشامل الذي تبناه حمدوك، أستطاع وخلال فترة وجيزة أن يحقق في المجال الاقتصادي نجاحات غير مسبوقة أُوجزها في النقاط التالية:
• الحصول على موافقة المؤسسة الدولية للتنمية التي تتبع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي على بدء تلقي السودان الإعفاء من الديون بموجب مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC) .
• تحسن أداء معدلات التضخم من 412.8% في نهاية يونيو 2021 إلى 365.8% في نهاية سبتمبر 2021وتحسن موقف مؤشرات القطاع الخارجي.
• إعادة دمج المؤسسات المالية والمصرفية في النظام المالي العالمي
• العمل على تثبيت سعر الصرف حيث ولأول مرة شهدنا انخفاض سعر الصرف الدولار من 452.8 جنيه في نهاية يونيو 2021 إلى 440.7 في نهاية سبتمبر .
• سجل الحساب الجاري في الربع الثالث من 2021 عجزا وقدره 194.8 مليون دولار مقارنة بعجز قدره 1,054 مليون دولار في الربع المقابل من عام 2020.
• كما انخفض العجز في الميزان التجاري من 2.1 مليار دولار في النصف الأول من 2020 إلى 1.2 مليار دولار في النصف الأول من 2021.
• سجل ميزان السلع والخدمات في الربع الثالث من عام 2021 عجزاً وقدره 331.2 مليون دولار مقارنة بعجز 1,143.4 مليون دولار في الربع المقابل في 2020.
• ايضاً ارتفعت تحويلات المغتربين من 136.1 مليون دولار في النصف الأول من العام 2020 إلى 716.9 مليون دولار في النصف الأول من عام 2021
• ارتفاع إجمالي الإيرادات العامة من 162,730 مليون جنيه في عام 2019 إلى 264,593 مليون جنيه في 2020 بمعدل نمو 62.6%.
حظي برنامج الإصلاح الاقتصادي بدعم داخلي وخارجي غير مسبوق، فداخليا وعلى الرغم من صعوبة العيش صبر المواطنين والمواطنات على إجراءات الإصلاح الهيكلي مثل رفع الدعم عن المحروقات لثقتهم في رؤية الحكومة والنتائج الإيجابية المنتظرة ولبصيص الضوء الذي لاح في آخر النفق.
على المستوى الخارجي لقي البرنامج دعم سياسي ومالي من معظم دول العالم خاصة من دول الترويكا كما شهدنا في مؤتمر الشركاء في باريس مايو 2021 ولأول مرة يلقي مدير البنك الدولي محاضرته السنوية للعام 2022 بقاعة الصداقة بالخرطوم.
وللمزيد عن التحدث بلغة الأرقام أحيل القارئ الكريم للورقة العلمية التي أعدها الدكتور آدم بريمة الحريكة والأستاذة شيماء عوض حاج أحمد محمد عن الأداء الاقتصادي لحكومة الفترة الانتقالية مسودة 10 يناير 2022
كما ن هناك مساهمة غاية في الأهمية طرحها الأستاذ/ فاروق كمبريسي نائب محافظ بنك السودان السابق وذلك بعد مرور 8 أشهر على الانقلاب، مثمناً فاتورة إنقلاب البرهان وما ترتب عليه من خسائر متحدثاً بلغة الأرقام: -
صافي التزام البنك الدولي لبرنامج ثمرات بمبلغ 410 مليون دولار، تم صرف 101 مليون دولار قبل الانقلاب والمتبقي 309 مليون دولار، توقفت (خسارة بنسبة 75%). والمانحين الآخرين بمبلغ 350 مليون دولار تم صرف 80 مليون دولار صافي التزام وكالة التنمية الدولية بمبلغ 2.595 مليار دولار، وتشمل (الري، الزراعة، صغار المزارعين، الطاقة، المياه، تجويد الإحصاءات) وتتضمن 500 مليون دولار دعم مباشر للموازنة {تم إيقافها بنسبة 100%}
كان مخصص لتوسيع قنوات الري وتفادي العطش بالمشروعات المروية ب 300 مليون دولار والمتبقي منها 270 مليون دولار، خسارة بنسبة 77%
المهم صافي الالتزام كان 760 مليون دولار تم صرف 181 مليون دولار والباقي 579 مليون دولار {نسبة خسارة كلية 76%}
شوف تأثير الانقلاب على معاش بعض الأسر المستحقة للدعم المباشر وبالطبع تحتاج الأسر مزيداً من الدعم لتخفيف أثر تصحيح السياسات نجي كمان للمساعدات الأمريكية، لو حولنا كمية القمح بالقروش، نجد صافي الالتزام 588 مليون دولار، تم استلام قمح ما يعادل 87 مليون دولار والباقي قمح بقيمة 501 مليون دولار {خسارة بنسبة 85%}
وبالمناسبة القمح دا مخصص فقط للخبز المدعوم (أبو 5 جنيهات داك) وغير مسموح استخدامه للخبز التجاري بالإضافة لمبلغ آخر بقيمة 700 مليون دولار لأغراض مختلفة ودا لم يصرف منه شيء أي خسارة بنسبة 100%
ليصبح إجمالي الدعم الأمريكي 1.288 مليار دولار، تم تنفيذ 87 مليون دولار منه والباقي 1.201 مليار دولار لم ينفذ {أي خسارة بنسبة 93%.
وقد خلص الأستاذ فاروق إلى أن صافي الالتزام المفروض ينفذ ويتصرف حوالي 4.643 مليار دولار وتم تنفيذ 268 مليون دولار فقط والمتبقي حوالي 4.375 مليار دولار {أي خسارة بنسبة 94%.
ودا جزء يسير من الدعم والمساعدات المالية المقدمة للإصلاح الاقتصادي.
(انتهى النقل)
بالتأكيد هناك سلبيات وإخفاقات صاحبت أداء حكومة حمدوك، أبرزها عدم استقلاله للزخم الثوري والتفويض الشعبي الجارف الذي وجده في بدايات الفترة الانتقالية والذي، في رأي، لم يحظى به أي رئيس وزراء أو حاكم سابق عبر تاريخنا الحديث، ولكنه كان مثل أي تفويض آخر محدود الصلاحية سرعان ما أخذ يتراجع بتراجع أداء الحكومة لكن بالرغم من كل ذلك لا أحد ينكر ما قام الدكتور عبد الله حمدوك وما كان سيقوم به للخروج بنا من عنق الزجاجة وما تكبدناه من خسائر بسبب إنقلاب البرهان ولله درك يا سودان ...
atifgassim@gmail.com