معاناة مرضى السرطانات.. أحلولٌ في الأفق؟

 


 

 


i.imam@outlook.com
         لم يكن من اليسير أن يجد مرضى السرطانات بأنواعها المختلفة في السودان العلاج الذي يخفف عنهم آلام ومخاطر هذا المرض الإبتلائي، ناهيك عن تحقيق العلاج الكامل منه  . لقد تم افتتاح مستشفى الذرة في مساحة 800 متر مربع على شارع القصر استقطعت من مستشفى الخرطوم، بمبادرة كريمة من الدكتور عبد الحليم محمد مدير عام مستشفى الخرطوم التعليمي عام 1967. وشهد مستشفى الذرة منذ ذلكم التاريخ تطورات متلاحقة ابان إدارات مديريها وأخصائيها ، ابتداءً من الدكتور الشيخ عبد الرحمن، والدكتور عبد الله هداية الله، مروراً بالدكتور خالد حسن التوم، وانتهاءً بالدكتور حسين محمد أحمد والدكتور صديق محمد مصطفى، ولكن هذه التطورات لم تواكب إزدياد عدد المرضى وأنواع المرضى، ومعدلات الوفيات المتزايدة. فقد كانت أعداد مرضى السرطانات المسجلة في مستشفى الذرة آنذاك لا تتعدى المائة مريض شهرياً، بينما وصلت معدلات المرضى الجدد حالياً  1000 مريض شهرياً، إلا أن توقعات منظمة الصحة العالمية للإصابة بالسرطان تتحدث عن 3000 مريض في السودان شهرياً، مما يعني أن هناك ألفي مريض لا يُعرف لهم أثر في السجلات الرسمية.
     وأحسب أن الفريق أول ركن بكري حسن صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية في زيارته الأولى إلى مستشفى الذرة بالخرطوم يوم الأحد 22 نوفمبر 2015، كان حريصاً على الوقوف بنفسه لمعرفة إمكانات ذلكم المستشفى في مواجهة الإزدياد المضطرد لمرضى السرطانات للعلاج والعمل على تقديم دعم عاجل من رئاسة الجمهورية لمستشفى الخرطوم لعلاج الأورام في سبيل "توطين" علاج هذا المرض الخطر داخل السودان، ضمن سياسة الدولة المعلنة لتوطين العلاج لمختلف الأمراض.  
     فقدم الأخ النائب الأول لرئيس الجمهورية دعماً مالياً سخياً لوزارة الصحة في ولاية الخرطوم من أجل تمكين الوزارة من انفاذ برامج تطوير مستشفى الخرطوم لعلاج الأورام ، مبنى وأجهزةً وتحفيزاً للعاملين وللكوادر الطبية تقديراً لخصوصية الخدمة العلاجية لأمراض السرطانات . وبالفعل أوفى بوعده سريعاً، مما دفع الوزارة على إكمال المرحلة الأولى من تطوير المستشفى في 6 أشهر.
     وقد شهدنا أمس (الأحد)، مع الأخ النائب الأول افتتاحه لهذه المرحلة التطويرية للمستشفى، انفاذاً للخطة المتكاملة التي أعدتها وزارة الصحة بولاية الخرطوم، فور أيلولة المستشفى إليها. مما دفع النائب الأول إلى الإشادة بالأخ البروفسور مأمون محمد علي حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم على سرعة الانجاز وفي الموعد المحدد، واعداً بدعمه المتواصل لهذا المشروع، مؤكداً توفير الدولة لموازنة المرحلة المقبلة لمشروع تطوير مستشفى الخرطوم لعلاج الأورام، وكان حريصاً على الاسراع بتنفيذ مراحل تطوير المستشفى. ومن الضروري الإشارة هنا، إلى تأكيد البروفسور مأمون حميدة وزير الصحة أن علاج أمراض السرطانات في العالم شهد تطوراً رهيباً في السنوات القليلة الماضية، ولكن السودان لم يأخذ نصيبه في هذه التطورات المتسارعة في هذا المجال، مشيراً إلى أن طوارئ الأورام هو الأول من نوعه في المنطقة، حيث يقدم المركز الخدمات السريرية والعلاجية مجاناً للمرضى من كل أنحاء السودان، من خلال التعاون المثمر والتنسيق التام بين وزارة الصحة بولاية الخرطوم ووزارة الصحة الاتحادية.
     وقد استدرعى انتباهي في الكلمة المقتضبة للأخ النائب الأول في حفل افتتاح الوحدات الجديدة بمستشفى الخرطوم لعلاج الأورام (مستشفى الذرة)، وصفه لهذه الوحدات الجديدة بأنها أحدثت نقلة بمستشفى الخرطوم لعلاج الأورام، وأصبح الوضع أفضل مما كان عليه قبل 6 أشهر، حينما زار المستشفى، إذ توسعت خدماته، وقلت قائمة انتظار المرضى . وفي سبيل تقليل الضغط على الخرطوم، أكد النائب الأول أن الدولة شيدت ثلاثة مراكز لعلاج الأورام على مستوى السودان، وذلك في من مدني وشندي ومروي، بهدف توطين العلاج في الداخل، مُشيراً إلى أن التنفيذ الأوفق لإصلاح المستشفيات هي الولايات، لذلك ولاية الخرطوم وضعت خطة متكاملة للارتقاء بعلاج أمراض السرطانات.
       أخلص إلى أن يوم أمس كان يوماً مشهوداً لعلاج أمراض السرطانات، لا سيما وأن وزارة الصحة بالخرطوم استطاعت إصلاح الأجهزة والمعدات الكبيرة والصغيرة التي كانت معطلة وتم إصلاحها، والواضح أن المعرفة بهذه الأجهزة كانت ضعيفة، لذلك كان مستشفى الذرة أسيراً للشركات التجارية، فالوزارة استطاعت فك هذا الخناق من هذا المستشفى بادخال شركات منافسة، مما أدى إلى اصلاح الجهاز الأساسي، وبدأ العمل به.
        وفي رأيي الخاص ، أن الوحدات الجديدة التي أُضيفت لمستشفى الخرطوم لعلاج الاورام التي أُفتتحت أمس تشكل ركناً ركيناً في سياسة الدولة من أجل توطين العلاج بالداخل، فحوادث الذرة ستنهي معاناة مرضى السرطانات الذين كانوا في الماضي يتوهون بحثاً عن العلاج في حوادث المستشفيات الأخرى ، مع أن مريض السرطان أقل مناعة من مرضى المستشفيات الآخرين ، فيصاب بأمراض أخرى نتيجة للباكتيريات والفيروسات . وشهدنا وضع حجر الأساس لمبنى من (5) طوابق إضافة إلى طابق واحد تحت الأرض ، وهذا من المأمول أن يُغطي حاجة السودان لعشر سنوات مقبلات . مما لا ريب فيه ، أن هنالك جهداً كبيراً من الأخ النائب الأول الذي عُرف بالإيفاء بما يعد من دعم لمثل هذه المشروعات الطموحة ، ومتابعة حثيثة لقراراته .
        من كل هذا ، يتضح جلياً أن هنالك حلولاً في الأفق لمرضى السرطانات المختلفة ، منها حلول ذكية من خلال الإستفادة من الإمكانات المتاحة كهذا المشروع الذي ضم مباني الكُلى القديمة إلى مستشفى الخرطوم لعلاج الأورام ، بعد أن نقلت الوزارة مراكز غسيل الكُلى إلى قرب سكن المواطن. 

 

آراء