أطفال الاستنفار و”أبناء الذوات” ومحامي الفلول..!

 


 

 

الغريب في الرواية والحكاية أن معظم من دفعهم الكيزان للاستنفار هم من الصبية الصغار بين 15 و17 عاماً..! ومن المؤكد أنهم أطفال لا يملكون قرار المشاركة في قتال كهذا..عدا أنهم لا يملكون عدته..! لقد كان منظرهم بعد وقوع كثيرين منهم في الأسر بين أيدي المليشيات يمزّق نياط القلوب..!
لماذا على سبيل المثال لا يشارك مصطفى عثمان إسماعيل ومحمد الحسن الأمين في هذه المعارك التي يموت فيها صغار الشباب موت الضأن..وهم لا يعلمون حتى ما هم مُقدمون عليه ولا يكادون يقوون على حمل عصا دعك من بندقية..!
هل هناك موقف يتطلب وجود الإنقاذيين في مقدمة الصفوف الاستنفارية أكثر من هذه الموقف..؟! إنهم يبعثون بالصبية الصغار..فمتى يتقدمون الصفوف هذه المعارك التي يقولون إنها الفيصل والفرقان والفسطاط بين الحق والباطل..؟!
لماذا في هذه الآونة يمرح قادة الكيزان في فيللات دبي واسطنبول والدوحة وكأنهم في إجازة "بدون مرتّب"..؟! أين الكيزان وأبناؤهم من هذا الاستنفار..! لماذا أبناء البرهان والكيزان في ذروة الاستنفار يركبون "الموتسيكلات" في منتجعات تركيا ويرقصون في صالات الفنادق (أبو خمسة نجوم) لأحياء حفلات أعياد ميلادهم ومناسبات الختان وزيجات الأقارب والأصهار..!!
أبداً..هذا ليس غريباً ولا جديداً في (شرعة الكيزان)..! لقد كانوا طوال ثلاثين عاماً ولا يزالون يعيشون حياة الترف و(النزق) ويسمّمون الشعب بالأغذية الفاسدة والأدوية المضروبة والدقيق فاقد الصلاحية..! يلقون بالمواطنين في مهالك الجوع والمرض والفقر..وينهبون حتى لبن الأطفال وخيام الإغاثة..!
لقد كانوا ولا يزالون مشغولين بالشركات والبوتيكات والقصور والعمائر واليخوت و(القطع السكنية) ومضاربات الدولار و(عوائد الكونتينرات أياها)..! وهم في ذلك سواء..من أعلى مناصب الدولة والتنظيم إلى أدناها..من جماعة (الكيان الخاص) والذكر والذاكرين وتزكية المجتمع والدعاء والتضرّع..إلى وعاظ الأوقاف وأئمة المساجد وزبانية الأمن..ومن رئيسهم وقضاتهم ووكلاء نياباتهم. إلى ولاتهم وجنرالاتهم و(خبرائهم الاسطراطيجيين)..!
هل تكلم احد قادة الكيزان منذ أن بدأت هذه الحرب اللعينة وحتى اليوم عن القتلى والمصابين؟ أو عن إيواء اللاجئين والنازحين والمشردين..؟ أو عمَنْ فقدوا دخولهم وانقطعت أعمالهم ومرتباتهم.؟!.. أو عن قوافل المرضى والمحتضرين..؟! أو عن مصير 20 مليون طالب وطالبة انقطعت صلتهم بمدارسهم ومعاهدهم..؟ أو عن الذين يتضوّرون جوعاً ويطعمون أطفالهم من جذور الخِروِع والنيم وبعض الحشرات الأليفة الخالية من السميّات..!
بدلاً من ذلك "محمد الحسن الأمين" يناشد الدولة في هذه الأيام لنقل المخلوع مقطوع الطاري "عمر البشير" للعلاج بالخارج بحجة أنه يشكو من (أعراض سوء الهضم)..ولأن مدينة مروي لا تتوفر بها أسباب الرفاهية الكافية..لذلك لا بد من نقله لأحد المستشفيات في أوروبا أو آسيا..!
أين النائب العام (الإنتيكة) الذي يدعو إلى إنفاذ الاعتقالات عبر الانتربول (والبشير هارب من الحبس ويقيم في مروي رغم حكم القضاء عليه بالبقاء عامين في مؤسسة إصلاحية)...!!
المخلوع وحده هو الذي يستحق الاستشفاء والنقاهة بالخارج وليمت جميع المواطنين المرضى ومصابي الحرب..! والمفارقة أن المخلوع الذي يريد العلاج بالخارج هو راعي مشروع (توطين العلاج بالداخل)..!!
وهو مشروع كاذب روّج لها لوردات المستوصفات الخاصة وسماسرة الأدوية و"مافيا العلاج السياحي" وصاحب (مستشفى التين والزيتون) الذي أقام مستشفاه الخاص على أنقاض مستشفى الخرطوم التاريخي..! بل شيده في أرض (وقف خاص) لأرملة رجل أعمال ومُحسن شهير (حياه الغمام)..رحل عن الدنيا بطيب السيرة والسريرة..وبمأثرة تشييد المراكز الصحية العديدة للعلاج (مجاناً لوجه الله)..!
ولا يخجل محامي الإنقاذ صاحب المناشدة أن يذكر تعضيداً لطلبه بتسفير المخلوع للخارج أن 90% من مستشفيات السودان خرجت من الخدمة بسبب الحرب..!! طيب لماذا تدعون إلى مواصلتها..!
هذا هو المثال الذي يجسّده هؤلاء البشر ولا عجب..! هذا هو نموذجهم الذي يمثله (بامتياز) طالب الشفاعة؛ محامي الديكتاتوريات والشموليات والمدافع عن الانقلابات والانقلابيين و(كومبارس الطغيان) الذي لا يتأخر عن مناصرتهم في كل الأحوال.. إلا أنه (لا ينسى نصيبه من الدنيا)..!
فهو ينظر إلى حيث (اللقمة الهنيّة الطريّة الليّنة) وبسببها شهد الناس هرولته الشهيرة من معسكر جماعة "الشعبي" إلى معسكر جماعة "الوطني" (صاحب السلطة والمال والمناصب)..وفي غمضة عين عبَر الرجل "بحر المانش" سباحة و(بملابس خفيفة) من مدينة "دوفر" الانجليزية إلى "كاليه" على الشاطئ الفرنسي.. الله لا كسّبكم..!

مرتضى الغالي

murtadamore@yahoo.com

 

 

آراء