أمي … من قال إن فاقد الشيء لا يعطيه؟
د. عبد الحفيظ محمد عثمان
16 January, 2023
16 January, 2023
abuawablawfirm@gmail.com
تمر الأيام مثقلة بطيئة، وتنصرم الليالي موحشة كئيبة، وتتجاوز السنة الحول، ولا زلنا نلتفت حولنا نبحث في الأركان لعلنا نجدك متكئة تعدين الطعام، أو قائمة تصلين الفرائض، أو منهمكة في المطبخ تعدين طعامك الذي لا طعم يجاريه، ، أو حاملة لغطاء نتدثره من زمهرير الشتاء، أو ساعية لتلقين علينا تحية الصباح الوردية المضمخة بعبارات العفو المجانية.
لم تعد لهفتنا لهاتفنا الجوال، بعد الغياب عنه بحثاً عن محادثة فائتة من هاتفك البسيط، هي ذات اللهفة، ولم تعد تلك المشاعر والأحاسيس التي كانت تغمرنا عند التهيوء والاستعداد للسفر لقضاء الإجازة هي ذاتها، فقد إنقطعت الصلة مع تاجر عطرك المفضل وزيتونك المفضل وثوبك المفضل، ولم تبق لنا غير رائحة أنفاسك الطاهرة، وثوب العافية الذي نلبسه بسبب دعواتك الصادقة التي كانت تختم كل لقاء على الهاتف.
فمن ذا الذي يُسد مكانك ليمنحنا دفء المشاعر وصادق الدعوات ووافر المحبة وكريم العطاء وجزيل العناية وبشاشة اللقاء وحسن الوفادة وطيب الوسادة ورفق العناية وحرارة الوداع. من ذا الذي يستطيع أن يسد مكانك في قلوب أوجعها الفراق وخيم عليها الحزن، من ذا الذي يستطيع أن يقدم لنا الحب بلا سبب، ويصارع الأسباب ليعانق الاحباب، ويسوق الأعذار حين تعتذر الأعذار، ليبقى الحب وتستطيل المودة وتتمدد العاطفة.
أمي الحبيبة ... ليتني كنت شاعر أنظم القصيد، حتى أجاري من كتبوا في العشق للمحبوبة ولهاً ووهماً، لأكتب عنك، وعن خصالك صدقاً وعدلاً، عن حياتك، عن كفاحك، عن تربيتك لنا، وحتى عن موتك المشرف، موت الشهداء ... الموت بخاتمة السعادة التي يسعى اليها الأحياء ويتشرف بنطقها الأولياء.
أمي العزيزة ... كذباً إدعوا أن فاقد الشيئ لا يعطيه، معك عرفنا أن فاقد الشيء قد يعطيه، بل يجزل العطاء، ففي صيدليتك الكثير من الأدوية التي كنت تحملينها لنا، تماما مثل النحلة التي تقدم العسل الشهي والنخلة الباسقة التي توفر الظل وتلقي الثمار وتجود بالسعف، لا تعيقها حرارة الشمس ولا شدة الحر والقر عن أداء الواجب. لقد عشتي الفقر لتهبينا الغنى والعزة، والخوف لتمنحينا الأمان والطمأنينة. تعدين لنا الطعام ولا تتناولينه الا بعد ان تتأكدي أننا قد أخذنا كفايتنا منه، تكابدين حر النار وقساوة الجار بحثاً عن السترة (سترة الحال) التي كانت لك شعاراً وكانت لنا دثاراً، حتى حسبنا الكثيرون اغنياء من التعفف. ذلك التعفف الذي أورثتينا، رغم أن مثلك، من أتت من بيت الغنى يصعب عليه الصبر على المسغبة، دعك من التعفف، ويجوز في حقه التأفف بدلاً من التعفف. فجزاك الله خير ما جزى والد عن ولده، وأحسن اليك ورفع درجتكما في عليين، وجمعنا بكم في الفردوس الأعلى يوم الدين، وجعلنا وإياكم من اصحاب اليمين، و {إنا لله وإنا اليه راجعون}.
تمر الأيام مثقلة بطيئة، وتنصرم الليالي موحشة كئيبة، وتتجاوز السنة الحول، ولا زلنا نلتفت حولنا نبحث في الأركان لعلنا نجدك متكئة تعدين الطعام، أو قائمة تصلين الفرائض، أو منهمكة في المطبخ تعدين طعامك الذي لا طعم يجاريه، ، أو حاملة لغطاء نتدثره من زمهرير الشتاء، أو ساعية لتلقين علينا تحية الصباح الوردية المضمخة بعبارات العفو المجانية.
لم تعد لهفتنا لهاتفنا الجوال، بعد الغياب عنه بحثاً عن محادثة فائتة من هاتفك البسيط، هي ذات اللهفة، ولم تعد تلك المشاعر والأحاسيس التي كانت تغمرنا عند التهيوء والاستعداد للسفر لقضاء الإجازة هي ذاتها، فقد إنقطعت الصلة مع تاجر عطرك المفضل وزيتونك المفضل وثوبك المفضل، ولم تبق لنا غير رائحة أنفاسك الطاهرة، وثوب العافية الذي نلبسه بسبب دعواتك الصادقة التي كانت تختم كل لقاء على الهاتف.
فمن ذا الذي يُسد مكانك ليمنحنا دفء المشاعر وصادق الدعوات ووافر المحبة وكريم العطاء وجزيل العناية وبشاشة اللقاء وحسن الوفادة وطيب الوسادة ورفق العناية وحرارة الوداع. من ذا الذي يستطيع أن يسد مكانك في قلوب أوجعها الفراق وخيم عليها الحزن، من ذا الذي يستطيع أن يقدم لنا الحب بلا سبب، ويصارع الأسباب ليعانق الاحباب، ويسوق الأعذار حين تعتذر الأعذار، ليبقى الحب وتستطيل المودة وتتمدد العاطفة.
أمي الحبيبة ... ليتني كنت شاعر أنظم القصيد، حتى أجاري من كتبوا في العشق للمحبوبة ولهاً ووهماً، لأكتب عنك، وعن خصالك صدقاً وعدلاً، عن حياتك، عن كفاحك، عن تربيتك لنا، وحتى عن موتك المشرف، موت الشهداء ... الموت بخاتمة السعادة التي يسعى اليها الأحياء ويتشرف بنطقها الأولياء.
أمي العزيزة ... كذباً إدعوا أن فاقد الشيئ لا يعطيه، معك عرفنا أن فاقد الشيء قد يعطيه، بل يجزل العطاء، ففي صيدليتك الكثير من الأدوية التي كنت تحملينها لنا، تماما مثل النحلة التي تقدم العسل الشهي والنخلة الباسقة التي توفر الظل وتلقي الثمار وتجود بالسعف، لا تعيقها حرارة الشمس ولا شدة الحر والقر عن أداء الواجب. لقد عشتي الفقر لتهبينا الغنى والعزة، والخوف لتمنحينا الأمان والطمأنينة. تعدين لنا الطعام ولا تتناولينه الا بعد ان تتأكدي أننا قد أخذنا كفايتنا منه، تكابدين حر النار وقساوة الجار بحثاً عن السترة (سترة الحال) التي كانت لك شعاراً وكانت لنا دثاراً، حتى حسبنا الكثيرون اغنياء من التعفف. ذلك التعفف الذي أورثتينا، رغم أن مثلك، من أتت من بيت الغنى يصعب عليه الصبر على المسغبة، دعك من التعفف، ويجوز في حقه التأفف بدلاً من التعفف. فجزاك الله خير ما جزى والد عن ولده، وأحسن اليك ورفع درجتكما في عليين، وجمعنا بكم في الفردوس الأعلى يوم الدين، وجعلنا وإياكم من اصحاب اليمين، و {إنا لله وإنا اليه راجعون}.