إذا كان هذا مفكرُ الحركة الشعبية فكيف يكون عوامُها؟!

 


 

 


mohamed ahmed [waqialla1234@yahoo.com]
(1من2)
الدكتور الواثق كمير شمالي من أتباع حركة التمرد الجنوبية. ولو آثرنا استخدام اللغة العربية الاستخدام الأمثل لقلنا إنه من وكلائها أو عملائها في الشمال.
ولعلةٍ كامنة في هذا الواثق نراه يباري الدكتور منصور خالد في التقرب إلى حركة التمرد والالتصاق بها والتماهي فيها والتعبير عنها.
ولذلك أصدر مثلما أصدر سلفه خالد كتابا عن جون قرنق يشرح أفكاره ويبررها ويدافع عنها.
ولأن حركة التمرد الجنوبية حركة شمولية تتجسد في زعيمها (التوليتاري) ويتجسد فيها، لم يجد الواثق كمير، كما لم يجد من قبله منصور خالد، ولم يجد من دونهما شماليون آخرون منخرطون في صفوف الحركة الإرهابية، طريقا أقصر من هذا الطريق في تملق الزعيم الأوحد، ونصب أنفسهم أبواقا للتعبير عن أفكاره وترويجها بين الدهماء.
وفي غلو نظري شديد، ينضح منه الملق الفاضح، لم يتورع هذا المفكران من القول بقومية زعيم الحركة المدعو جون قرنق وتقدميته، ولم يترددا في تمجيد مثاليته الفكرية التي رنت كما قالا نحو إنشاء السودان الجديد، وتشييد أركانه فوق أنقاض السودان القديم.
اختلاط أفكار الواثق وتناقضها
وقد اختلطت الأفكار كثيرا على الدكتور الواثق كمير، كما تختلط على أي مفكر غير مبدئي، فتارة نسمعه يقول إن:" أطروحة السودان الجديد ليست ملكا للحركة الشعبية لوحدها، لأنها رؤية تتكلم عن دولة المواطنة السودانية، الدولة التي يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات ولا توجد تفرقة بينهم على اساس الدين أو العرق أو اللون أو القبيلة".
وهة يظن أن قد جاء بقول جديد، مع أنه ليس بجديد. فحتى الحركة الإسلامية الحركة اللدود لحركة التمرد الجنوبية قد قالت بهذه الأفكار من قبل.
بل جاءت الحركة الإسلامية بهذه الأفكار قبل غيرها من الحركات السياسية السودانية. وطرحتها الجبهة الإسلامية القومية مفصلة تفصيلا جيدا فيما عرف بميثاق السودان الذي أطلق في منتتصف ثمانينيات القرن الماضي أي قبل ربع قرن من الزمان.
وتارة أخرى يأتي الواثق كمير بقول يناقض قوله السابق وينقضه ويبدده، مدعيا أن أطروحة السودان الجديد هي أطروحة الحركة الشعبية وحدها. فهو القائل:" وأنا دائما أكرر أن كل من يؤمن بالسودان الجديد هو حركة شعبية ولو نظريا ".
وبمقتضى هذا القول يتوجب أن نفهم أن فكرة السودان الجديد ما هي إلا ماركة مسجلة للحركة الشعبية، ولا ينبغي أن ينازعها عليها أحد. ومن هذا القول نستنتج أن كل من يتبنى فكرة السودان الجديد لابد أن يكون من أتباع الحركة الشعبية :"ولو نظريا" .. كما قال كمير!
أي من أنصار الحركة من حيث لا يحس ولا يدري.
أو بلغة الشيوعيين الذين انحدر من تياراتهم الواثق كمير، وانحدر منها أكثر أتباع حركة التمرد الجنوبية في الشمال، لابد أن يكون هذا الشخص المتلبس بفكرة السودان الجديد واحدا من أتباع حركة التمرد الجنوبية، وما زال الواثق كمير يجادل ويعاظل بهذا المفهوم (الذي يفترض أنه يعني ضمن ما يعني السودان الواحد الموحد!) رغم انفصال الجنوب.
وما زال الواثق كمير يتنادى بهذا المفهوم رغم إيثار حركة التمرد الجنوبية وإصرارها على مبدأ الانفصال ونبذها نبذا تاما للمبدأ الوحدوي!
أتبع رأسها الذنبا!
وقد عجز الواثق كمير بعد ذلك عن تحديد نوع علاقته وعلاقة ذيل الحركة الشعبية بالشمال (قطاع الشمال) بالأصل أو الرأس في الجنوب.
فتارة يدعي أن:" الصراع كان دائرا بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني على اساس وجود حق تقرير المصير الذي القى بظلاله على التحرك السياسي وموقف الحركة الشعبية، ونحن جزء منه ولن نكون ورثة، وانفصال الجنوب لا يجعلنا ورثة ".
فكيف يكون قطاع الشمال جزءا من شيئ، ولا يكون جزءا منه، وكيف لا يكون وريثا له بعد رحيله؟!
إن هذا هو الافتراض القسري الذي يستعصي على الأفهام، وهو ما عجز الواثق كمير بمحاولاته الفكرية غير الجادة أن يقنعنا به.
لأنها مجرد ألفاظ اعتباطية تشبث بها وتورط فيها (مفكر) قطاع الشمال بلا أدنى مقتضى، وهي ألفاظ متنافرة لا تؤدي إلا معنى واهنا متداعيا متلاغطا تنبذه جميع الأذهان السوية.
فبهذا القول يفترض الدكتور الواثق كمير، الذي عمل في خدمة أهداف حركة التمرد الجنوبية لمدة ربع قرن من الزمان، أنه ليس جزءا من حركة التمرد، وأنه ليس وريثا لها، ولهذا فإنه سيواصل عمله السياسي من الآن فصاعدا:" بموجب الموجهات والمرتكزات التي يرسيها برنامجنا ورؤيتنا، لنحقق دولة المواطنة السودانية دون الالتفات الى الجنوب الذي كان يصارع المؤتمر الوطني من أجل أخذ حقوقه من خلال تقرير المصير، وسيصبح دولة جديدة ليس لدينا معها ارتباط عضوي"!!
فيجب أن نقبل إذن كل ما زعم، وأن نصدق قوله بأنه سيواصل النضال بدون الالتفات إلى الجنوب كما قال!
فلنقبل إذن كل هذا ونصدق به، آخرون ولكن ليس قبل أن نلغي المنطق العقلي (ولو كان صوريا) ووننبذ جميع قواعده ونتجاهل متطلباته كلها!
ولنقبل كل هذا ونصدق به، ولكن ليس قبل أن ننسخ جميع المعطيات والتجارب التاريخية، التي أفرزتها سنوات انخراط الواثق كمير الطويلة في خدمة أجندة حركة التمرد الجنوبية التي يكاد يتبرأ منها الآن!
ثم ما كاد الواثق كمير ينفض يده من حركة التمرد الجنوبية ويتبرأ منها حتى عاد مجددا ليقول:" نحن جزء لا يتجزأ ولا ينفصل من الحركة الشعبية، وما يتبقى مشروع اسمه مشروع السودان الجديد ونحن جزء منه".
وقال:" انا امارس حقي في شمال السودان باعتباري مواطنا سودانيا، واذا كنت انتمي إلى الحركة الشعبية أو انتمي إلى أى حزب كان، فعندي الحق في ممارسة نشاطى السياسي طالما انه في اطار القانون وفي اطار الدستور. فعلاً نحن جزء من حركة شعبية ومن تنظيم سياسي واحد، وهذا التنظيم شاء جزء من مكوناته (السودانيون الجنوبيون) بإرادته الحرة بناء دولتهم، ولكن هذا لا يمنع أصلاً من أن اظل في الشمال، بحكم انني سودانى أولا، وولدت وعشت حياتى بالشمال ثانيا، وأناضل من أجل تحقيق المشروع الذي فشلت الحركة الشعبية ككل في تنفيذه على مستوى كل السودان".
فأي القولين المتناقضين، وصاحبهما شخص واحد (عاقل!)، وقد أدلى بهما في وقت واحد، وفي سياق واحد، نقبل ونصدق؟!
فهل الواثق كمير بَراء من الحركة الشعبية، براءة الذئب من دم سيدنا يوسف عليه السلام، وليس وريثا لها، كما ادعى قبيل هنيهة، أم هو جزء لا يتجزأ منها كما قال الآن؟!
التشبث بالمنطق (الإثني)
وبدلا من أن يعالج هذا الشخص المريب غير الواثق، ترديه المريع في التعارض والتناقض سارع ليُعمِّي المنطق وليدعم موقفه المتخبط بحديث عاطفي غير فكري وغير موضوعي.
ولم يتردد في أن يستخدم لهجة عوام السودانيين ومنطقهم الجدلي الدارج، فأشهر في وجه معارضيه الفكريين والسياسيين أصله (الإثني) الشمالي، الذي يكفل له - كما قال - حق ممارسة العمل السياسي بشمال السودان!
وذلك مع أن هذا الأمر لم يكن أصل الموضوع، فليس الموضوع هو موضوع أصله (الإثني) الشمالي، أو موضوع وجوده وإقامته أو وجود وإقامة أمثاله من ذيول حركة التمرد الجنوبية وعملائها في شمال السودان.
فهذا أمر ليس فيه كبير إشكال، حيث لم يعترض أحد على بقائه أو بقاء رهطه من أتباع حركة التمرد الجنوبية وذيولها بشمال السودان الذي يكيدون له.
وإنما  يتركز الموضوع الأساسي المثار للنقاش حول استمرار نشاطه السياسي الارتباطي المشبوه بعد الآن.
واستمرار النشاط التخريبي لقبييله من الشماليين الضالين من الأعضاء الذيليين، المنقادين لتوجهات ومرامي وأجندة حركة سياسية أجنبية معادية للسودان.
واستمراره واستمرارهم في التنادي ببنود برنامج سياسي متقادم مستنفد لا شأن للسودانيين الشماليين في عمومهم بفرع منه ولا أصل.
وهو ما كان يدعى في الماضي ببرنامج السودان الجديد.

إذا كان هذا مفكرُ الحركة الشعبية فكيف يكون عوامُها؟!
محمد وقيع الله
(2من2)
وجد الواثق كمير غضاضة وحرجا شديدين في تشبيه البعض لحركته الذيلية، قطاع الشمال، بفرع حزب البعث العراقي الغابر بالسودان.
وردا على  ذلك قال:" اننا حزب سوداني مثل المؤتمر الوطنى وحزب الامة والاتحادي الديمقراطي فى الشمال، باختلاف نوعى اننا لدينا تجربة اضافية مع رفاق نضال مشترك من الجنوب، ونرى أن هذه أصول ستساعد على تقوية علاقات مستقبلية قوية ومتينة، وسنسعى لصنع علاقات استراتيجية منظمة انطلاقاً من علاقتنا القديمة، ولا أقبل أي تشبيه بالبعث، وهذه الاحزاب انطلقت من خارج السودان، ونحن نتحدث عن دولة واحدة انقسمت، فالظروف مختلفة ولن نكون مثل حزب البعث حتى لو احتفظنا باسم الحركة الشعبية".
فهو يدعي أن حزبه الدعي المدعو بالحركة الشعبية خو حزب آصَلُ وأفضل من جميع الأحزاب الشمالية وفي طليعتها المؤتمر الوطني والأمة والاتحادي الديمقراطي.
وعلل ذلك بأن لحزبه، قطاع الشمال تجربة اجتلبها من الجنوب!
تاريخ حزب البعث أنظف من تاريخكم
وهذه حجة زائفة داحضة، لأن الحركة الشعبية الجنوبية التي ينتمي إليها  قطاع الشمال و(مفكره) الواثق كمير لم تتكون في الجنوب وإنما في خارجه.
وأنى لحزب يشهد تاريخه بأنه نشأ خارج الحدود أن يدفع بأن حزب البعث العربي تكون خارج حدود السودان.
فهذا دفع غير صحيح وتكذبه دراسة تاريخ حزب تاريخ حزب البعث السوداني. فكل من درس تاريخه أدرك بما لا مجال للشك فيه أن خلاياه الأولى تكونت في ساحات الجامعات السودانية، ولا سيما جامعة القاهرة – فرع الخرطوم وجامعة الخرطوم.
وهذا لا ينفي بالطبع أنه قد كان للبعثيين دعم وتوجيه خارجي ووصاية من قبل القيادة القومية للحزب في دمشق ثم بغداد. ولكن التاريخ الصحيح المؤكد يقطع بأن النشأة الأولى لحزب البعث السوداني بفرعيه السوري والعراقي كانت في داخل السودان.
فتكوين حزب البعث السوداني إذن أقل اشتباها من تكوين حركة التمرد الجنوبية، التي نشأت بمانفستو ماركسي متطرف، في صميم الأرض الإثيوبية في عهد زعيمها الشيوعي السفاح منجستو هيلا مريام. ثم ترعرعت حركة التمرد وشبت وهي تتنقل بين المنافي، وتتردد في أحضان أجهزة الاستخبارات الغربية والصهيونية وأجهزة استخبارات الدول الإفريقية المجاورة.
فهي حركة ذات ولاءات خارجية، ومسخرة لتنفيذ أجندة أجنبية، وهي أسوأ من حزب البعث من حيث أنها تبدل قناعاتها وأفكارها وولاءاتها في كل حين.
وإلا فكيف تحولت من حركة يسارية ماركسية متطرفة، إلى حركة ذات توجهات (يمينية) تسيرها الكنائس المعمدانية الأمريكية، وترعاها مراكز الضغط اليميني، وتلتزم بتوجيهات اللوبي الصهيوني في واشنطون؟
فهي ما تزال حركة  متذبذبة متأرجحة لا تمتلك أصولا فكرية، ولا ترتبط ارتباطا وثيقا بمبادئ وأجندة وأهداف وطنية محددة.
وهي ما تزال تبحث عن طريق (مفكرها) الواثق كمير عن أفكار تجمعها وتعبر عنها.
أفكار نيئة وفطيرة
ولأجل هذا عهدت إليه برئاسة لجنة الرؤية والبرنامج فيها، وكلفته بتلفيق مجموعة شعارات فضفاضة تتحلى بها وتحلها محل الأصول والمبادئ والأفكار.
ولا يزال (مفكر) الحركة الشعبية الواثق كمير يؤدي مهمته هذه بغير كفاءة. لأن محصوله من الأفكار والتصورات والشعارات ما يزال نيئا وفطيرا، فهو لم يتجاوز بعد مرحلة التلقيط، والتجميع، والتقطيع، والتلصيق.
ولما يزل عاجزا عن أن يسوقها على نسق المفكرين الراسخين، متسما بذكائهم ودقتهم، وملتزما بمنهجيتهم وعلميتهم.
فما أكثر ما أخبرنا في لهجة إعلانية دعائية ممجوجة بأن لديه تصورا عن موضوع السودان الجديد. ثم لم يتحدث عن هذه التصور  تفصيلا.
ودائما ما اكتفى بمثل قوله إن:" لدي تصور قدمته في خطاب افتتاحي في الجلسة الأولى وطرحت فيه عدداً من التساؤلات وعرض على عدد كبير خارج الحركة الشعبية، وجاءت إلى العديد من الردود، ولم اقتصر في اتصالاتي على الحركة الشعبية أو المتعاطفين معها، واتصلت بالإسلاميين وكل الأطياف الفكرية وحتى الرأسمالية الوطنية، وكلهم متحمسون، فالمنهج هو الاستشارة والاستفادة من كل الطيف السوداني لتكوين حركة سياسية جماهيرية عريضة".
فهو ما زال إذن يجمع أفكارا من هنا وهناك ليصنع منها شيئا فضفاضا، وليعد منها مشروع (رؤية إطارية) يقبلها الجميع، وتتأسس عليها حركة جماهيرية عريضة كما يأمل ويحلم.
وهذا كله محض هراء. فليس المطلوب هذه من التصور إلا التعمية على الأهداف الحقيقية لحركة التمرد اليسارية الجنوبية وذيلها الشمالي الذي أدمن التهريج والتحريض والتأليب.
(عرمان) ضمان استقرار السودان!!
وهذا ما يفضحه ادعاء الواثق كمير بأنه لا ضمان لاستقرار السودان إلا عن طريق ياسر عرمان.
فالمنطق الذي لا قيمة له في أفكار هذا (المفكر) يجود علينا بمثل هذا القول الفارغ من المنطق فراغ قلب أم سيدنا موسى من السلوان:" إن ممارسة كافة الشماليين، ممن كانوا جزءاً من الهيكل التنظيمى للحركة الشعبية، لنشاطهم السياسى، يمثل قيمة إضافية لإثراء الحياة السياسية التعددية فى سياق تماسك واستقرار دولة السودان الشمالى الجديدة، وجعلها وحدة سياسية قابلة للحياة".
فهل يريد هذا (المفكر) أن يزعم أن ممارسات قطبي حركة التمرد الشيوعيين عبد العزيز الحلو وياسر عرمان، التي شهدناها أخيرا بجنوب كردفان، هي المثال الجيد لما رمى إليه بحديثه عن  القيمة الإضافية لإغناء الحياة السياسية والإسهام في تماسك دولة السودان، وتأكيد استقرارها، وضمان الحياة لها؟!
ألا تبا لمنطقه هذا الفادح القادح، الذي لا منطق فيه أنَّى طرقته أو طرقك. وهو المنطق العابث الذي يجعل الممارسات الفوضوية التخريبية الإرهابية التي يقودها عبد العزيز الحلو وياسر عرمان وأضرابهما ضمانا لتماسك وحياة السودان!!




 

آراء