إمرأة دارفور: من سياسة الاغتصاب إلى إقتصاد “الواجب”!

 


 

 

حول تضحية المرأة بجسدها من أجل اسرتها ضمن أخلاقيات "حتمية" الصراع من أجل البقاء!

تدور احداث المسلسل الامريكي (بلا إله؟) (Godless) (إنتاج 2017)، حول عصابة دموية في الربع الاخير من القرن التاسع عشر (1880) يقودها فرانك قريفن (قام بأداء الدور الممثل جيف دانيالز) كانت قد نشرت حالة من الرعب و الذعر الشديدين في أواسط أهالي القرى و المدن حيث ما كانت العصابة تتورع عن إبادة قرى بأكملها بعد ان تقوم بقتل كل من فيها و من ثم مساواتها بالارض، و في تطور لاحق، تقوم العصابة بمطاردة منشق عن المجموعة (روي)، ( وقام بأداء الدور الممثل جال أكونيل) للأمساك به و الانتقام منه. لقد هرب (روي) و إختفى في بلدة نائية (لابيل) التي كانت تحكمها النساء. ولا بد لمشاهدي المسلسل من السودانيين/ت، على وجه الخصوص، من أن يستدعوا و منذ الوهلة الاولي حملات الترويع و العنف الدموية التي قامت بها مليشيات الجنجويد بالتنسيق الكامل مع القوات المسلحة في دارفور ضد القرى و البلدات الآمنة التي كانت تنتشر على جغرافيا ذاك الإقليم المكلوم وكأنها مجرات محتشدة بالحب و بالوئام و حب الحياة، و كأنما قد تم إخراج المسلسل على خلفيتها، أي مأساة دارفور. أحاول هنا في عجالة مقاربة حدث بعينه في المسلسل يحاكي بصورة مُخيفة ما يحدث الآن في ذلك الاقليم المكلوم و تدفع إمرأة دارفور أثمانه الباهظة!
ففى خلال بحثها المُضني عن (روي)، كانت عصابة قريفن تتوقف ليلا في أي مكان و تسافر نهارا. و في إحدى المرات توقفت العصابة في منطقة تُعسكر فيها مجموعة من المهاجرين (الاسكندنافيين؟) و الذين قاموا بخدمة العصابة بتفاني شديد خوفا من بطشهم، و قد أولموهم وجبة عشاء دسمة و عندما حان وقت النوم، أشار زعيم العصابة، فرانك قريفن إلى شقيقين من المهاجرين كانا بمثابة قائدي المجموعة، وطلب منهم أن يرسوا زوجة أحدهم إلى خيمته لتقضي الليلة معه، و لما كان لا بد ممن لا بد له في تلك اللحظة التي تنهض فيها قضية البقاء و الوجود ليست كسؤال فردي لكنها كمسألة إخلاقية مآلاتها قد تمس وجود الجماعة بأسرها، في تلك اللحظة العصيبة "ذهبت" احدى زوجات الشقيقين لتقضي تلك الليلة مع فرانك في خيمته التي لا تبعد كثيراً عن باقي الخيام.
و في دارفور فإن الحرب ضد جسد المرأة، و الاغتصاب على وجه التحديد، كانت و لا تزال تمشي على قدم و ساق مع أشكال الحرب الشاملة الأخرى التي طالت الكل. و لكن حتى مع مزاعم "الهدؤ النسبي" للحرب الشاملة، إلا ان الحرب ضد المرأة لا زالت تأخذ أشكالا عديدة و متنوعة، و آخر اشكالها هو "الواجب"!
نازحة 1: نحن لا ندع رجالنا للخروج للحصاد أو لجمع الحطب أو القش لأنهم يتعرضون للقتل في الحال!
نازحة2: نحن لا نُقتل و لكننا نتعرض لمضايقات أخرى: "ركوب" (إغتصاب)
نازحة3: نحن نتعرض لعميات الاغتصاب في أكثر من 90% من الحالات
نازحة4: هناك غياب تام للدولة وللامن و لا يوجد دعم قانوني أو صحي
(سؤال): إذن، كيف تتحايلن على الوضع و تحمين انفسكن؟
نازحة(): عن طريق عمل الواجب في صمت!
(سؤال): هل تدفعون نقودا للمغتصبين حتى يتركونكن و شأنكن؟
نازحة (): لا. نحن لا نملك نقودا لندفعه. و حتى إذا دفعنا لهم فليس هناك ضمانات لتركنا و شأننا، و لذا فنحن نتركهم يفعلون بنا ما يشاؤون ثم يخلون سبيلنا!
نازحة(): لدى 6 أطفال و ابوهم. "المعونة الانسانية" التي تُقدم لنا و يُطلب منا أن نستخدمها لمدة ستة أشهر بالكاد تكفى لمدة إسبوعين و لذا علينا تدبير امرنا حتى يحيا أطفالنا.
(سؤال) (...)!؟
و في هذه الأثناء (و قبلها و بعدها) لا يحفل متسلقو مأساة إنسان الاقليم المكلوم من مرتزقة الهامش إلا بحصولهم على نحو شخصي و غير أخلاقي على كراسي ضمن جوقة لعبة الكراسي في "دار صباح". لقد برر هؤلاء المرتزقة حربهم ب"حماية مصالح أهل الاقليم" لكنهم فشلوا (أو بالاحرى لم يكن ذلك من شواغلهم في أي مرحلة من مراحل تحولاتهم) في حماية المواطنين قبل و أثناء و حتى الآن! فلتذهبوا إلى مذابل التاريخ و مذابل الجغرافيا و من ثم إلى جحيم إرتزاقكم!
دريج/ هاملتون/ يناير 13/2023

zalingy@gmail.com
////////////////////

 

آراء