الآثار البيئية للحرب في السودان: تلوث المياه والتربة والهواء والأثر على المكونات الغذائية

 


 

د. حسن بشير
7 October, 2024

 

بروفيسور: حسن بشير محمد نور /القاهرة

للحرب تأثيرات مدمرة على البيئة، تتجاوز الأضرار المباشرة التي تلحق بالبنية التحتية والمجتمعات. في السودان، حيث تشهد العديد من المناطق نزاعات وحروب مستمرة، تأثرت الموارد البيئية بشكل كبير، بما في ذلك المياه، التربة، الهواء، والمكونات الغذائية النباتية والحيوانية. يتفاقم هذا التدهور البيئي ليشكل تحديات صحية واقتصادية واجتماعية للمجتمع. في هذا المقال، نعود لما كنا قد تعرضنا له في مؤلف لنا صادر عن دار عزة للطباعة والنشر في العام 2005 بعنوان (التقييم الاقتصادي للاصول البيئية). سنستعرض هنا بعض تأثيرات الحرب على البيئة في السودان مع التركيز على تلوث المياه والتربة والهواء، وتأثيرها على السلسلة الغذائية، مشيرين إلى رؤيتنا حول التكاليف الاقتصادية والاجتماعية لتدمير البيئة.
تشهد مصادر المياه في السودان تدهورًا كبيرًا نتيجة النزاعات المسلحة والحرب الجارية الان. استخدام الأسلحة الثقيلة، وتسرب المواد الكيميائية والنفطية، وتدمير البنية التحتية للمياه، يؤدي إلى تلويث الأنهار والبحيرات والآبار. تؤدي هذه الظروف إلى تفاقم أزمة المياه الصالحة للشرب، حيث يتعرض السكان لمخاطر الأمراض المرتبطة بتلوث المياه، مثل الكوليرا والتيفوئيد. كما يتأثر الري الزراعي، مما يؤثر على إنتاج المحاصيل ويهدد الأمن الغذائي في المناطق الريفية.

تمتد اثار الحرب الي التربة التي تعتبر عنصرا أساسيا للزراعة في السودان، لكن الحرب تسبب تدهورًا خطيرًا في جودتها. يؤدي استخدام الأسلحة الكيماوية والانفجارات إلى تلويث التربة بالمواد السامة، مما يجعلها غير صالحة للزراعة لفترات طويلة. كما تؤدي حركة النزوح الواسعة إلى تدهور الأراضي الزراعية بسبب الاستخدام العشوائي الذي يضاف لعمليات التعدين العشوائي عن الذهب، مما يفاقم من تدهور الموارد الزراعية ويزيد من تلوث التربة والتصحر. هذا يؤثر بشكل كبير على الإنتاجية الزراعية ويؤدي إلى نقص الغذاء في المناطق المتضررة.
يتأثر الهواء ايضا في مناطق الصراع نتيجة للحرائق والانفجارات وإطلاق المواد الكيميائية السامة من الأسلحة، والغازات السامة والدخان التي تؤثر على الجهاز التنفسي للسكان المحليين وتزيد من معدلات الأمراض المزمنة مثل الربو وأمراض القلب. كما تؤثر هذه الملوثات على المناخ المحلي، مما يؤدي إلى اضطراب النظام البيئي وقد يفاقم من ظواهر مثل الاحتباس الحراري.

كما ان الحرب تؤدي إلى تدمير النظام البيئي الذي تعتمد عليه الحياة النباتية والحيوانية. تلوث التربة والمياه والهواء يؤثر على صحة النباتات والحيوانات التي تعد جزءًا أساسيًا من السلسلة الغذائية. النباتات تتأثر مباشرة بالتلوث الكيميائي في التربة والماء، ما يؤدي إلى تراجع جودة المحاصيل الزراعية وانخفاض الإنتاجية. الحيوانات البرية والمواشي تتأثر أيضًا، حيث يتعرض العديد منها للتسمم بسبب المواد الكيميائية في المياه والنباتات الملوثة. هذا لا يؤثر فقط على النظام الغذائي المحلي ولكنه يهدد التنوع البيولوجي في البلاد.

نشير هنا الي ان الدراسات تؤكد أن تدمير البيئة بسبب الحروب يؤدي إلى تكاليف اقتصادية واجتماعية باهظة. التدهور البيئي يؤدي إلى فقدان الموارد الزراعية والمائية، ما يؤثر على الإنتاج الاقتصادي في القطاعات الحيوية مثل الزراعة والرعي. هذه التأثيرات تؤدي إلى زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي، وتفاقم النزوح والهجرة القسرية. كما تؤكد أن إصلاح البيئة المتضررة يتطلب استثمارات ضخمة وجهودًا طويلة الأمد، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية على الدولة والمجتمع.

الحرب في السودان لها آثار بيئية مدمرة تؤثر على مصادر المياه والتربة والهواء، وتؤدي إلى تدهور المكونات الغذائية النباتية والحيوانية. هذه التأثيرات تؤدي إلى تفاقم الأزمات الصحية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد. ويمكن فهم أن تكلفة تدمير البيئة تتجاوز الأضرار المباشرة لتشمل خسائر اقتصادية واجتماعية بعيدة المدى، مما يتطلب جهودًا كبيرة لإعادة بناء واستدامة البيئة في السودان بعد الحرب.

mnhassanb8@gmail.com

 

آراء