الإنقاذ ســببت لي أزاي

 


 

 



قضت علي الاخضر واليابس, وافقرت البلد ودمرته, وحين اكتشفت اننا علي نقف علي شفي الهاوية قالت انها ستتخذ اجراءات حاسمة لانقاذ الموقف. جاءت باجراءاتها  فما كانت هي الا تكريس للازمة وزيادة المواطن معاناة وجوعا وفقراً. فكان الرد الحاسم خروج المواطنين في تلك المظاهرات التي عمت العاصمة المثلثة وعدد من المدن الاخري.
لكن الانقاذ هي التي سببت لي ازاي.
فهي التي نشفت موارد الخزينة الرئيسية. كان السودان في السابق ومنذ القدم يصدر الحيوان وريش النعام والصمغ والقطن والذرة والسمسم والجلود والبهارات والامباز والزيوت وزاد عليه في الازمنة الاخيرة السكر والبترول وبعض المنتوجات الصناعية. وكانت موارد الدولة تعتمد علي هذه الصادرات وعلي الجمارك وعلي الشركات التجارية التي تاسست منذ العهد الاستعماري مثل مايو للتجارة وعلي السكة الحديد وعلي الخطوط البحرية والجوية وبعض المصالح الحكومية مثل البوستة والتلغراف ومصانع الحلج ومصانع السكر والملبوسات والحلويات والمنتجات الزراعية..
فاين هذه المنشئات اليوم؟؟
اين المصانع العملاقة؟!
اين مصانع السكر؟!
البعض منها تلاشي وعلي ما فيه خير استولي عليه لصوص الانقاذ.
لقد جففت الانقاذ كل موارد  الدولة التاريخية.
لقد دمرت السكة حديد ومشروع الجزيرة والقاش وبركة وجبال النوبة, دمرت الخطوط البحرية والجوية وحولت شركات القطاع العام الي مصلحة العصابة الحاكمة.
وانها بسياستها الاجرامية التي تتبعها حيال الجنوب ستمنع الثروة الحيوانية الموجودة في حزام السافنا من مراعيها في الجنوب التي اعتادت عليها منذ القدم, ومن المعروف ان الثروة الحيوانية تتوافر في تلك المنطقة وانها ترحل شمالا وجنوبا حسب نزول الامطار, والواضح ان المراعي زمن الجفاف تقع ضمن اراضي الجنوب.
انها تدمر بيدها موارد البترول.
انها ترفض بغباء مرور بترول دولة الجنوب عبر اراضينا الا حسب شروطها تمليها هي, وهي التي تريد مشاركة الجنوب في بتروله بنسبة تكاد تصل الي 40%. لماذا لا تلتزم الانقاذ بممارسات دول العالم الاخري في هذا المجال؟!
ان كان الجنوب يصدر ال500.000 برميل من نفطه يوميا ورضينا – علي سبيل المثال - ب5 – 8 دولار عن كل برميل لكان الدخل اليومي يفوق 3.5 مليون دولار والسنوي يفوق المليار, ولما كنا نواجه الكارثة الاقتصادية التي نعاني منها في الشمال والجنوب. الا ان الانقاذ طمعت وتريد ما يقارب المناصفة وتقودنا بهذا للدمار.
لقد جففت الانقاذ الخدمة المدنية والعسكرية من خيرة عقولها واتت بناس الولاء السياسي البسطاء الذين تنقصهم الخبرة والدراية في ادارة امور لا علم لهم فيها بشئون. الدولة الحديثة, الا انهم لم ينسوا كيف ينهبون ويثرون علي حساب هذا الشعب.
فكان ان قادونا لهذا الدمار الذي نعاني منه الان.
ان شعبنا لا يدري الي اين تذهب 70% من موارده, لكن يقال انها تذهب الي جهاز الأمن والقوات المسلحة والشرطة والقطاع السيادي؟!!
يا الهي .. شعب يعاني من الفقر والمرض والجوع والجهل وموارده تصرف علي الحروب!
لقد انهكت الانقاذ شعبنا الكادح بحروب نحن في غني عنها. سمته هي بحروب جهادية وقرعت لها الطبول وقادت لها الطلاب والتلاميذ لنيل الشهادة بعد وهمهم بالجنة وبالحور والعين.
لقد فهمت الانقاذ روح الاسلام فهما خطأ. حين جاء العرب بالاسلام لاول مرة ووجدوا مقاومة عنيفة من الممالك المسيحية السودانية رضوا بالتوقيع معهم علي معاهدة ترضي الطرفين, وقالوا انهم ناس هداية وان الدين الاسلامي هو دين المحبة والاخاء والمساواة ولا يفضل العربي علي العجمي. حينها وافقت الممالك السودانية علي نشر الدعوة الاسلامية علي ان يتم بالطرق السلمية. فتوافقت الاطراف علي ذلك وانسحبت الجيوش العربية. وانتشر الاسلام وسط قبائل كثيرة وخاصة في الشمال.
ومنذ قيام دولة السلطنة الزرقاء في الفونج التي قبلت بالدين الاسلامي, صار التآخي والمحبة والود متبادلا بين كل الكيانات القبلية والاعتقادات الدينية والطرق الصوفية المتعددة, لا احد يعلن الجهاد والحرب علي الاطراف الاخري. بل ان حلقات الذكر الصوفية وما يصاحبها من قرع الطبول كان يجذب كل المواطنين بما في ذلك المسيحيين والوثنيين, منهم الشارب ومنهم الواعي, فيتفاودون اليها ويطربون ويتمايلون علي دقات الطبول.
هكذا كان الاسلام الي ان جاءت الانقاذ.
اضافت الانقاذ فهما جديدا لم نكن نمارسه, نظرت فقط الي جوانب متشددة, وحاولت ان تجعل منه دين حرب وقتل وتعذيب واغتصاب وسرقة ودمار وابادة بشرية شملت حتي المسلمين في جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور والشرق والشمال, ومارست تحت مظلته الاستعلاء العنصري البغيض, واهانت واذلت كل الاثنيات التي لا يسيل فيها دم عربي كما يتوهمون واضطهدت المعتقدات والاديان الاخري وشرعت في تدمير الكنائس. شنوا الحروب شمالا وشرقا وجنوبا وأراقوا دماء الابرياء. صرفوا موارد الدولة الكحيانة علي هذه الحروب حتي صارت الدولة تترنح, ولا زالوا هم في غيهم تائهون, وهم بطبيعة الحال لا يفهمون. يدقون طبول الحرب ويريدون المزيد والمزيد من الدمار, بينما المواطنون يعانون من الغلاء الفاحش وضيق المعيشة.
قالوا يطبقون شرع الله, افلم يسمعوا ان سبحانه وتعالي قال:-
وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ؟!.
وان الضرورات تبيح المحظورات في الشرع الاسلامي؟!.
وان الرسول صلعم يتهادن مع اليهود حين تستدعي الضرورة ذلك؟!
هذا الاسلام السمح  لا يمكن ان تفهمه عصابة الانقاذ, فهم يسعون الي المزيد من الهلاك والدمار, مقابل كنكشتهم علي الحكم. فهم يخشون غضبة الشعب ويوم الانتقام الرهيب.. ان الحركة الجماهيرية من أجل اسقاط النظام لاستعادة الديموقراطية والحريات وحل الضائقة المعيشية، ووقف نيران الحرب وحل كل قضايا الهامش في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والشرق والشمال واقامة العلاقات الاخوية مع دولة الجنوب وتأبيد الطريق لاعادة توحيد الوطن, هذه الحركة قد اشتعلت ولن تتوقف حتي تتم ابادة النظام والرمي به في مزبلة التاريخ.
ونذكر العصابة الحاكمةبما قاله الشاعر الفذ الشابي, لعلهم يرتجفون خوفا:-
إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ                فَلا  بُدَّ  أنْ  يَسْتَجِيبَ   القَـدَر
وَلا بُـدَّ ِلَّليـْلِ أنْ  يَنْجَلِــي                وَلا  بُدَّ  للقَيـــْدِ  أَنْ   يَـنْكَسِـــر



abuamnas@gmail.com

 

آراء