الثابت والمتحول في النظام والمعارضة: نظرية يوسف عبد المجيد تنهض من رماد التاريخ. بقلم: صديق محيسي

 


 

 



في   اغسطس 1964 وفي خلاف ايديولوجي عميق  جري انقسام  داخل صفوف الحزب الشيوعي السوداني  قاده  زعيمان  بارزان  هما الراحلان يوسف عبد المجيد , واحمد شامي مؤسسين اثر ذلك حزبا جديدا اطلقوا عليه الحزب الشيوعي السوداني القيادة الثورية .
جاء ذلك الأنقسام  في ظل صراع ايديولوجي عاصف بين  قطبين شيوعيين حول سبل  إنتصار وتحقيق الأشتراكية , فبيمنا كان السوفييت يرون ان ذلك يمكن تحققه عبر الوسائل السلمية عن طريق التطور البرلماني , كانت المدرسة الصينية تري فيه  سلوكا برجوازيا لايمكن ان يقود الي الاشتراكية وأن السبيل الوحيد  لبناء الاشتراكية هو الثورة الدائمة ضد الإمبريالية العالمية حتي هزيمتها وقيام مجتمع العدالة الاجتماعية .
انعكس هذا الصراع علي كافة الأحزاب الشيوعية في العالمين العربي والأفريقي, وكان نصيب السودان  منه  ظهور التيار الصيني داخل الحزب الشيوعي ,وظهور  حزب العمال والمزارعين بقيادة مختار عبيد  ,ومحمد ابراهيم  حيتكابي  في مواجهة الحزب الشيوعي الأصل بقيادة الراحل عبد الخالق محجوب.
كان التيار الصيني  يري ان عملية التغيير  تبدأ من الريف عبر الكفاح  المسلح  حتي تصل الي المدن  فتحررها من الحكومات البرجوازية وتقييم مكانها  النظام الأشتراكي  الذي قوامه  الفلاحون والعمال, وهكذا اولي  كل من عبد المجيد  واحمد شامي   ومختار عبيد الإهتمام بالريف  باعتباره الحاضنة  الثورية التي ستخرج  منها  الثورة المسلحة والتي ستطيح  بالحكومات الرجعية في الخرطوم, وبالفعل شرعا يعملان بلا كلل  في بث الوعي وسط  الطبقات الفقيرة  كخطوة اولي في طريق الثورة الطويل , وقد  انقطع يوسف عبد المجيد  تحديدا عن المدينة  وأختار مجال عمل حزبه الريف السوداني, فساعد علي بناء اجسام نقابية  للفلاحين والعمال والرعاة, وعلي الضفة الأخري كان الحزب الشيوعي الأم  يعتبرحراك عبد المجيد  وشامي  حراكا طوبايا تحريفيا  لن يحقق الأشتراكية ,وإن التجربة الصينية الماوية هي تجربة تحمل خصائص المجتمع الصيني وإذا نجحت هناك فليس  بالضرورة ان تنجح  في السودان ذي الخصائص  المختلفة  عن الصين او اي قطر اخر, كان عبد المجديد وشامي يؤمنان ايمانا عميقا  بنظرية  ان الريف هو الذي يصنع  الثورة وليس المدينة, وان العمل  الثوري الحقيقي يجب ان يبدأ من الريف وان تكون المدينة مكملة له , كما لم ينكر الاثنان دورالنقابات في العمل الثوري, ولكنهما كانا يريانها عاملا مساعدا  لتحقيق شعار الثورة, والان وبعد مضي ما يقارب النصف قرن تعصف التحولات العميقة في السودان بقيم سياسية قديمة لتحل محلها  قيما جديدة انتجها  الزلزال العنيف الذي اصاب مفهوم الثورة  كأداة للتغيير, والأن ايضا علينا  قراءة افكار عبد المجيد  وشامي وعبيد قراءة جديدة استنادا الي المتغيرات السياسية الكبري في السودان فى ظل النظام الأسلاموي الذي احدث هزة في تركيبة المجتمع القديم .  
كانت ثورة اكتوبر الشعبية التي اطاحت اول حكم عسكري في السودان هي بداية  مقدمات الوعي الريفي بالمظالم  التي لحقت به جراء  ممارسات الطائفية السياسية فيما يتعلق  بالتنمية غير المتوازنة بين الريف والمدينة, فقد  كانت هذه الاحزاب ولاتزال تنظر الي الريف  باعتباره  مصنعا  كبيرا لأنتاج الناس للتأييد في مواسم الانتخابات, وبدلا من بث الوعي السياسي الحقيقي بين جماهيره كانت هذه الاحزاب  ولاتزال تبث الجهل المتمثل في استخدام الدين كأداة  للولاء  وتزرع في اذهانهم بأن الزعماء الطائفيين ذوي الكرامات هم  الذي يوصلونهم الي الجنات العلا  بينما هذه الاحزاب تمارس السخرة باعتبارهم عبيدا يعملون في مشاريعها من اجل الربح وجني المال ,انظر لأتاوات التمر التي  كانت تفرض علي مزارعي الشمالية   وترسل الي بيت الميرغني والي مشاريع النيل الأبيض الخاصة ببيت المهدي  حيث كان البسطاء يكتفون بالدعوات  لهم بالفلاح في الاخره قبل الدنيا, ثم انظر ايضا الي مأساة  عنبر جودة  فبراير56 9 1 عند ما مات عشرات المزارعين إختناقا في ظل اول حكومة وطنية لأنهم طالبوا بحقوقهم .
دشنت ثورة اكتوبر الشعبية كما ذكرنا  بداية  لوعي كبير تمثل في قيادات  شابة جديدة   ظهرت علي الساحة السياسية مثل  جبهة نهضة دارفور ,اتحاد ابناء جبال النوبة ,وجبهة البجة التي  دخل ممثلوها  البرلمان  لأول مرة وصاروا يثيرون قضايا مناطقهم في تسليط للضوء علي التخلف الذي  يعيشه الريف, ثم حدثت نقلة نوعية اخري  عندما ظهرت في ستينات القرن منظمة سوني فأعلنت عن نفسها  في اول منشور سياسي  اثار ضجة في الاوساط  السياسية ,كانت سوني هي اول ارهاص  سيقود لاحقا  الي العمل المسلح  في دارفور ضد سلطة المركز المستعربة  ,غير ان هذه السلطة  لم  تقرا جيدا  دلالات  العصابات المسلحة  التي كانت تقطع  الطرق  في غرب السودان  فأكتفت  بتسميتها النهب المسلح  ولم تدرس  فكريا  اسباب هذا النهب.الذي تحول فيما بعد  الي ثورة مسلحة .
في غمرة  هذه  التطورات  التي تراكمت  في عقل الريف نكتشف تراجع دور المركز  في صنع  الأحداث   ونكتشف إختفاء دور النقابات والإتحادات المهنية  كمرجعيات  تقليدية  رئيسة في تغيير الأنظمة الديكتاتورية  وقد كان الحزب الشيوعي  هو اول الأحزاب العقائدية  التي إهتمت طبقيا بهذه الكيانات  النقابية, اسهم  في قيامها , وداوم علي رعايتها  وربطها  بشعاراته المستمدة من فلسفته ,وطوال سنوات ما قبل وبعد الأستقلال نجح الحزب الشيوعي في جعل  هذه النقابات والإتحادات ادوات سياسية  في صراعاته  مع الحكومات التقليدية والعسكرية , وفي مسعي متصل رفد  الحزب هذه النقابات والإتحادات بثقافة نقابية تجلت في  اعتراف الحكومات  المتداولة دائما بين حزبي الأمة . والوطني الاتحادى , وحزب الشعب الديمقراطي  بها  ,والي ذلك كانت هذه الكيانات  تعبيرا حقيقيا عن مراحل الخمسينات والستينات والسبيعينات وفق بيئة العمل التقليدية حينذاك.
بمجيء عام  1969  تاريخ الأنقلاب العسكري الثاني اسهمت الحركة النقابية  بجميع اشكالها العمالية والفلاحية والطلابية  في دعم النظام العسكري الجديد  بتأثيرات  من الحزب الشيوعي وحركة اليسار عموما  بأعتبار ان النظام الثوري المنقلب علي الديمقراطية  الليبرالية  سيطبق  ديمقراطية اخري  هي الديمقراطية  الشعبية التي  تنزع  السلطة من يد "الرجعية "لتسلمها  الي" قوي الثورة "وكانت تلك بدايات  التحول الي نظام الحزب الواحد  الأتحاد الاشتراكي  التجربة السياسية المنقولة من  نظام الرئيس جمال عبد الناصر, وبالرغم  من الخلاف العميق  بين الحزب الشيوعي ونظام النميري  الذي كان يطالب الشيوعيين بحل حزبهم والانخراط في تنظيم الاتحاد الاشتراكي, فأن الحركة النقابية  ساندت النظام  لسنوات, ثم عادت وانقلبت عليه  في ابريل  مطيحة به كأداة فعالة انهت  خمسة عشر عاما  من  الديكتاتورية, اذن علينا  القول بان النقابات العمالية والمهنية والإتحادات الطلابية والمزارعية  كانت ادوات تقليدية تلجأ  اليها  قوي التغيير كلما  قررت  ازالة  نظام  شمولي  . ومابين الواقع الجديد الذي انتجته حكومة "الانقاذ " ونظرية يوسف عبد المجيد بأن التغيير سوف يجيء من الريف  نسعي لإثبات ذلك عبر المتغيرات  العميقة التي احدثها نظام الانقاذ  في التركيبة السكانية  للمدن والارياف, ومن ثم  طرح السؤال الجوهري  وهو من  الذي يصنع الاحداث  حاليا ؟, المركز ام الاطراف؟  النقابات  ام  الحركات  المسلحة؟  الطبقة الوسطي المضمحلة,  ام فقراء الريف  في معسكرات  النزوح ؟ .  
من واقع المشهد  السياسي  علينا الإقرار  بأن  سلطة الإنقاذ  سعت اول  ماسعت  الي تعطيل هذه الادوات  وابدلتها بصيغة جديدة  تتمثل في قانون نقابات  يشارك فيه  المخدم  والمستخدم معا ولأول مرة يصل الي قيادة الاتحاد  شخص  يحمل درجة  البروفسور ليس من صفوف العمال , وانما جيء به  للسيطرة علي الحركة العمالية  ولإجهاض مضمونها ,ومن المفارقات العجيبة في تاريخ الحركة النقابية  ان يكون مسئولا عن ادارتها  برجوازي اسلاموي لايعيش هموم العمال  ولايحس بالامهم وهو يغرق  في حياة مخملية  لم تعرف الشقاء والحرمان ,ومن المفارقات ايضا ان يقود الحركة العمالية  لسنوات  طويله   رموز  مثل محمد السيد سلام  والشفيع احمد الشيخ , والحاج عبد الرحمن ,ومحمد  الحسن عبد الله  ,وهاشم السعيد خرجوا من داخل الورش والمصانع , فيما يخرج رئيسها الان من  صفوف بارونات  الجبهة الاسلامية.

عملت  الإنقاذ علي السيطرة علي الاتحادات المختلفة وساندتها ماليا ,  ولإحاطة  نفسها بأكبر قد من الأمن لنظامها تفقت ذهنيتها  عن خطة شيطانية  وهي  ضرب مشروعات  زراعية تاريخية  مثل مشروع  وغيره وتحطيم البني التحتية  لها  ثم بيع مصانع  كبري لشركات اجنبية حتي لا تكون هذه المشاريع  والمصانع  حاضنات عمالية تعمل في المستقبل ضدها  وهي الان تحت إدارة  مخدم جديد.
ومع  الدوافع  الاقتصادية المضطربة  لهذه  الإجراءات  إلا   ان  الدوافع السياسية كانت هي المحرك الآساس  ,  ولمزيد  من الأمن  والأمان لنظامها  فتحت الإنقاذ بابا واسعا لهجرة العقول سودانية  وهو ما اثر في جهاز الدولة  , لكنها  اي الانقاذ نظرت الي هذه العقول بأعتبارها قوي معارضة مستنيرة  يجب التخلص منها , وإحلال قوي بديله محلها, انظر تركيبة العاصمة والمدن  الكبري الاخري  وكيف  غلبت عليها قوي الريف ومهاجري  دول الجوار الافريقي  ,وتلك اجندة سرية  كان الهدف منها  تغيير الوسط الشعبي القديم بأخر جديد يستغرق كل وقته في ملاحقة لقمة العيش ,وبالفعل نجح  النظام  في ترييف المدن  وإرجاعها   الي عصر الأربعينات ,ويحتاج  وسط  شعبي كهذا اولا الي محو اميتة  قبل  توعيته  من اجل الثورة علي واقعه , وهكذا ضمن النظام  سلامته من ان  تهدده قوي تعي اسباب بؤسها  وتعمل علي تغييره .  ولربط كل  الذي ذكرنا بعضه ببعض  علينا قراءة اعلان  وزارة  تنمية الموارد  البشرية  والعمل والذي اكدت  فيه  مغادرة أكثر من 91 الف سوداني البلاد خلال العام الماضي فقط معظمهم من الفئات المنتجة.  وبينهم كوادر طبية ودرجات علمية رفيعة واوضحت ان اعداد المهاجرين الي المملكة العربية السعودية وحدها بلغ 988 استاذ جامعي من جملة 1002 خلال العام 2012م، مقابل 21 استاذاً في العام 2008م فيما بلغ عدد المهاجرين في مهنة الزراعة والرعي وتربية الحيوان والصيد 44.242 تلاها الفنيين  16331
ادي كل ذلك مجتمعا  الي مزيد من  ضعف الحركة النقابية  الأداة  التقليدية لإسقاط الأنظمة العسكرية ,كما ان  ان معظم رموزالإنقاذ هم من جيلي ثورتا اكتوبر  وابريل  ويعرفون جيدا   دور النقابات والاتحادات الطلابية والزراعية  في اسقاط الأنظمة الإستبدادية  فعملوا علي تعطيلها.
اذن ما العمل ازاء وضع شائك كهذا؟, ما البديل لتلك الادوات التي عطلها  نظام نوعي مثل نظام الإنقاذ ؟, يري الشيوعيون ان المعركة الان هي معركة إستعادة النقابات وتحريرها من قبضة المؤتمرالوطني ,وهم منهمكون منذ ان ظهروا الي العلن في هذه المهمة, وبالقدر نفسه يراقب الإنقاذيون تحركات الشيوعيين عبر إجهزة امنهم المتعددة وهم الأخطر مدنيا بالنسبة لهم من الأحزاب التقليدية   التي  لاتهتم كثيرا  بالعمل النقابي ,ولأول مرة يجترح الأمن الإنقاذي ادارة متخصصة   لمراقبة النقابيين والحركة والنقابية  في موازاة  زرع عملاء  ومصادر داخلها .
بعد اكثر من اربعين عاما وصولا للراهن الحالي لابد من مراجعة  نظرية يوسف عبد المجيد التي بدأنا بها هذ المحاولة وهي النظرية التي  تؤمن بثورة الريف  الدائمة التي  رسم ايد لوجيتها ماوتسي تونغ القائد السياسي والعسكري الصيني عندما قاد حوالي اربعين الف فلاح في مسيرة  كبري قطعت   ثمانية الاف ميل عبر الانهار والمستنقعات وداخل السهول الواسعة المتجمدة للإنتصار علي قوات تشان كاي تشيك  والوصول الي حكم الصين.
راجت نظرية ماو في العالم الثالث  واعاد تجربتها  في عام 58 فيديل كاسترو  وجيفارا عندما  تحركا  من جبال السيرا ماستيرا وتمكنا من دخول  العاصمة هافانا في يناير 1959 على رأس ثلاثمائة مقاتل  ليبدأ عهد جديد في حياة كوبا بعد انتصار الثورة وإطاحتها بحكم الديكتاتور "باتيستا".
ثمة من يعترض علي ما طرحناه من  رؤي بأعتبارها  افكارا دوغمائية  مضي عليها الزمن , وثمة من يري ان دور المركز  لايزال  قائما وان ادوات العمل النقابي يمكن احياؤها  من جديد  لتكون  نواة الثورة  عبر الأضراب السياسي ثم العصيان المدني, ولكن من جانب اخر  ثمة من يري  ان تغييرا عميقا وكبيرا طرأ علي مفهوم  طبيعة"العامل"  نفسه في المصنع والورشة  في ظل الأنفجار التكنولوجي الكبير الحادث في حياة الناس, ولم يعد منطقيا مقارنة "عامل" الخمسينات والستينات الذي كان يلبس "الابرول الازرق المتسخ بالزيوت  وفو ق  رأ سه شعار المطرقة والمنجل ويستمع للراديو كوسيلة  ترفيهية وحيدة بعامل اليوم
فالعامل الان مرتبط بالأقمار الصناعية عبر الأطباق اللاقطة ,وينتقل بالرموت كنترول من فضائية الي اخري,. صحيح ان ذلك لن غير من وضعه المادي , بل يزداد سوءا يوما بعد يوم ,ولكن رخاوة  طبقية ما  اصابت كيانه   جراء المؤثرات الثقافية  الجديدة  التي  دخلت حياته , وكذا ينطبق الحال علي  بقايا  حطام الطبقة الوسطي ,وعلاوة علي كل ذلك  اجبرت  الظروف الأقتصادية  الصعبة  الجميع علي ممارسة  نظرية الخلاص الفردي , فصار كل فرد من افراد المجتمع  يسعي  لحلول مشاكله الخاصة بكل الوسائل  الشرعية وغير الشرعية بعيدا عن الاخرين, وتكونت قيما جديدة  تمجد  اللصوص  وتسخر من الشرفاء ,واصبح  يطلق   علي اللص  والمرتشي اسم الشاطر والفهلوي  ولاينظر اليه المجتمع  نظرة رفض وازدراء  بل نظرة اعجاب وتقدير.
من كلية هذا المشهد وفشل الادوات القديمة  في التحرك لإسقاط النظام  ينهض الريف للقيام بهذ الدور وتنهض معه نظرية يوسف عبد المجيد  من رماد الماضي  من ان التغيير يأتي من الريف ,ولن تكون المدينة إلا مستقبلا بكسرالباء لهذا التغيير,, وليس  محتما نقل التجربة الصينية  من اضابير النمط الأسيوي للثورة لإختلاف الظروف والشروط  من بلد الي بلد , ولكن ازاء عجز المعارضة التلقليدية عن فعل  شيء ضمن الأسباب المار ذكرها , وازاء  ايمان النظام  بمنطق الحروب  والخوف من بيده البندقية وجد الهامش  نفسه  مدفوع  دفعا لحمل السلاح , ليس لتحقيق مطالبه الأقليمية  المحدود فقط, وإنما لتغيير النظام كله ونسف الأرضية التي يقف عليها طوال ثلاثة وعشرين عاما من الأستبداد بأسم الدين.  ثمة من يتخوفون  من قرار   الجبهة الثورية إسقاط النظام بالقوة  باعتبار ان من يصل الي السلطة  بالقوة  لن يكون  مستعدا  لإشراك  الاخرين الذين لايحملون السلاح  وسوف يمارس هو نفسه القوة ضد الأكثرية وهو افتراض  يصب  في خدمة النظام  الذي  تتحدث اجهزة إعلامه  علانية وايحاءا بأن ماتقوم  به الجبهة الثورة  مقصود به  العنصر العربي الإسلامي  وتلك بضاعة بائرة يلجا اليها  حاليا بشار الاسد  وتابعة حسن نصر الله  لتحويل الثورة السورية الي حرب طائفية وقد اقتربا من ذلك بمساندة ايرانية, ولايستبعد اي مراقب واع يتمعن تطور الاحداث في السودان ان يسلك الإنقاذيون الطريق نفسه عندما تنهار حصونهم  وترسانتهم  الأمنية ,فهم عملوا منذ ان وصلوا السلطة علي احياء النعرات القبلية  وطبقوا ذلك عمليا في دواوين الدولة  , وأجهزة الأمن والجيش والمليشيا الشعبية. ومثلما  يتجه بشار الأسد  وتابعه حسن نصر الله  في التمهيد لقيام دولة  علوية علي الساحل السوري  لن نستبعد ان يسعي الانقاذيون الي تنفيذ  دولة مثلث حمدي إذا خسروا المعركة.


sedig meheasi [s.meheasi@hotmail.com]
////////////

 

آراء