الحرب الخاسرة
د. عادل العفيف مختار
10 July, 2023
10 July, 2023
حاربت في حربهما
وعندما رأيت كل منهما متهما
خلعت كل منهما
(أمل دنقل)
1 من 2
المتهم الأول الجيش:
لم يعرف عنه في تاريخه الحديث، وهنا أعني حقبة 1989-2023 أن خاض حرباَ وإنتصر فيها دفاعا عن أرض محتلة من دول أجنبية. لم يكن ذلك خوراَ وضعفاَ فقط، بل لأن من يتسنمون دفة قيادته يصلحون لكل شي، عدا القتال ومقارعة الخطوب. إعدادهم لم يكن ليوم كريهة، وإنما كان للفتك بمواطنيهم إذا ما يوما رفعوا صوتهم جهاراَ. تغيير العقيدة القتالية لتلك الكتائب المسماة جيشاَ هو الذي جعل منه جيشاَ بهذا الهوان الذي نشهده الأن. كلما أطلق الضابط فيهم لحيته، كلما تترى الرتب والنياشين. وكلما صاح رافعاَ صوته بكلمة التكبير رافعاَ سبابته في كذب فاضح، كلما صار من أهل الحظوة. جيش أهمل قاعدته الأساسية وهي المشاة وإعتمد على حرب الوكالة، لا شك أن التدريب والتأهيل ومواكبة أحدث المناهج العسكرية هو أمر في غاية الضرورة، لكن جيشنا (الأبي) هذا ركل كل العلوم العسكرية في أرقي الكليات العسكرية التي تعتمد على العلم الحديث وظل قادته يتحدثون بلغة أنهم تعلموا في كلياتهم العسكرية أن باطن أقدامهم يجب أن لا يراها العدو. هذا الهُراء الفارغ لا يمت بصلة إلى تقنيات إستخدام الأسلحة في مواجهة العدو، فقد شاهدنا في حرب الخرطوم هذه أن سلاح الجو الذي ترك( حلايب وشلاتين وأبو رماد) يسرح فيها عدو لي ولهم، وهذا السلاح المتهالك على سوء طائراته، إلا أنه أفلح في تدمير منازل المواطنين، المعلوم بداهة أن إستخدام هذا السلاح في المدن المكتظة لا يهزم عدوا أبدا، وتم إستخدام هذا السلاح بخسة وجبن وحقد دفين على المواطن كونه إقتلعهم في ثورة ديسمبر، لذا كان الإمعان في إستخدامه، وهو أيضا يفضح حقيقة أن الجيش هذا ترك مهامه للدعم السريع ليقاتل عنه بالوكالة، وإنشغل قادة هذا الجيش في بيع اللحوم والعدس و ( الدكوة)، مؤكدا أنه لا يملك مشاة على الأرض.
إذن هذه كلية حربية تنتهج قصائد الحماس وقول الهمباته علما يدرس، شاكلة ( كحلونا بالشطة)، ولا نهرب حتى (لو متنا بالمرة)، وفي ( وجه المدفع رقدوا التقول نايمين). و ( الكاتل جنب الكاتلو بات). أنا هنا لا أقلل من الموروث الثقافي التليد، فهو حكيم كل الحكمة وصالح كان لزمان مضى، كان الرجل فيه يتأبط سلاحا وشرا، ويذهب في طلب رزقه، حيث هناك الغلبة لمن له تلك الجسارة. فالعقيد ركن صاحب ( كحل الشطة) لو كان الأمر هو نزال بالسيوف لكان قوله منطقياَ، والذين رقدوا في وجه المدفع كأنهم نيام، لم ّيجلبوا نصراَ في كرري، بل هزيمة ماحقة، نعم تحدث الإنجليز عن جسارتهم، لكن هذه الجسارة ليست مكانها معركة كانت تتطلب وضع خطط الهجوم والدفاع والإنسحاب. لأن الناتج من تلك المعركة كان إستعمار السودان. وعلى ذكر الإنسحاب فهو إحدى الخطط العسكرية، فهو يستخدم للحفاظ على القوات والعتاد، وقد يستخدم لإستدارج العدو، لكن أن يأتيك مأفون يضع علامة الأركان حرب، وتعني أنه نال درجة علمية في علم الحرب، وينكر، بل ويسخر من مفردة الإنسحاب، ويقول مجاهراَ بجهله ومعاداته للعلم، بل وعدم إعترافه بفرع هام من علوم الحرب، ليقول وهو يتقمص ( روح همباتة) الإبل بأنهم لا يتراجعون ولو أفنوا عن بكرة أبيهم، مثل هذا يُصور ويُنظر إليه أساتذة علوم الحرب بأنه في أحسن الفروض ( بليد) ولا يصلح إلا لقيادة قطعان من الأنعام.
أما عن تحقيق نصر بتكلفة عالية مثل تدمير المنازل والبنى التحتية، وقتل الألاف من الأطفال والنساء بالقصف العشوائي من طائرات متهالكة، وطيارون من شاكلة تلك الكليات العسكرية فلا عجب أن نرى بعد الغارة مباشرة أن الضحايا هم أطفال السودان العراة الحفاة، والنساء والمرضى، ولا نجد فردا واحد من الدعم السريع. إستخدام هذه القوة التدميرية لقتل مجموعة من العدو، كمثل من يقتل ذبابة بسلاح رشاش داخل غرفة تضم أطفالا. إذن تحقيق نصر بتكلفة عالية ما هو إلا هزيمة مجلجلة في واقع الامر، وهذا أيضاَ فرع من علوم العسكرية. . حتى هذه لم يعلموها لهم في كلياتهم العسكرية. هذا هو جيشنا الماثل أمامنا، لم يبق من قادته إلا شاكلة هؤلاء الذين عندما عجزوا عن مقارعة قوات الدعم السريع ناشدوا الشعب الذي يقصفونه أن يحارب في حربهما، ولكن عندما عّلِم أن كل منهم متهماَ، فلا مناص من عزل كل منهما.
هل تّعلم هؤلاء القادة في كلياتهم أنه حين يحتدم الوغى عليهم اللجوء إلى المخابئ، وطلب القتال عنهم بالوكالة؟ هل على الشعب ان يحمي جيشه أم أن مهام الجيش أن يحمي شعبه؟ هذا الجيش يحتاج إلى هيكلة شاملة، تزيل عنه ضباطه الذين قبلتهم الكلية الحربية لا لنبوغ عرفوا به، بل لتوصيات صادرة من التنظيم الذي يدعي الإسلام. جيش من ِضِمن ضباطه العظام رجل مشلول اليمين، يصل وهو بحاله هذا إلى رتبة الفريق أول، أترجي نفعا من هكذا جيش؟
نواصل المتهم الثاني الدعم السريع.
د. عادل العفيف مختار
adilalafif@hotmail.com
وعندما رأيت كل منهما متهما
خلعت كل منهما
(أمل دنقل)
1 من 2
المتهم الأول الجيش:
لم يعرف عنه في تاريخه الحديث، وهنا أعني حقبة 1989-2023 أن خاض حرباَ وإنتصر فيها دفاعا عن أرض محتلة من دول أجنبية. لم يكن ذلك خوراَ وضعفاَ فقط، بل لأن من يتسنمون دفة قيادته يصلحون لكل شي، عدا القتال ومقارعة الخطوب. إعدادهم لم يكن ليوم كريهة، وإنما كان للفتك بمواطنيهم إذا ما يوما رفعوا صوتهم جهاراَ. تغيير العقيدة القتالية لتلك الكتائب المسماة جيشاَ هو الذي جعل منه جيشاَ بهذا الهوان الذي نشهده الأن. كلما أطلق الضابط فيهم لحيته، كلما تترى الرتب والنياشين. وكلما صاح رافعاَ صوته بكلمة التكبير رافعاَ سبابته في كذب فاضح، كلما صار من أهل الحظوة. جيش أهمل قاعدته الأساسية وهي المشاة وإعتمد على حرب الوكالة، لا شك أن التدريب والتأهيل ومواكبة أحدث المناهج العسكرية هو أمر في غاية الضرورة، لكن جيشنا (الأبي) هذا ركل كل العلوم العسكرية في أرقي الكليات العسكرية التي تعتمد على العلم الحديث وظل قادته يتحدثون بلغة أنهم تعلموا في كلياتهم العسكرية أن باطن أقدامهم يجب أن لا يراها العدو. هذا الهُراء الفارغ لا يمت بصلة إلى تقنيات إستخدام الأسلحة في مواجهة العدو، فقد شاهدنا في حرب الخرطوم هذه أن سلاح الجو الذي ترك( حلايب وشلاتين وأبو رماد) يسرح فيها عدو لي ولهم، وهذا السلاح المتهالك على سوء طائراته، إلا أنه أفلح في تدمير منازل المواطنين، المعلوم بداهة أن إستخدام هذا السلاح في المدن المكتظة لا يهزم عدوا أبدا، وتم إستخدام هذا السلاح بخسة وجبن وحقد دفين على المواطن كونه إقتلعهم في ثورة ديسمبر، لذا كان الإمعان في إستخدامه، وهو أيضا يفضح حقيقة أن الجيش هذا ترك مهامه للدعم السريع ليقاتل عنه بالوكالة، وإنشغل قادة هذا الجيش في بيع اللحوم والعدس و ( الدكوة)، مؤكدا أنه لا يملك مشاة على الأرض.
إذن هذه كلية حربية تنتهج قصائد الحماس وقول الهمباته علما يدرس، شاكلة ( كحلونا بالشطة)، ولا نهرب حتى (لو متنا بالمرة)، وفي ( وجه المدفع رقدوا التقول نايمين). و ( الكاتل جنب الكاتلو بات). أنا هنا لا أقلل من الموروث الثقافي التليد، فهو حكيم كل الحكمة وصالح كان لزمان مضى، كان الرجل فيه يتأبط سلاحا وشرا، ويذهب في طلب رزقه، حيث هناك الغلبة لمن له تلك الجسارة. فالعقيد ركن صاحب ( كحل الشطة) لو كان الأمر هو نزال بالسيوف لكان قوله منطقياَ، والذين رقدوا في وجه المدفع كأنهم نيام، لم ّيجلبوا نصراَ في كرري، بل هزيمة ماحقة، نعم تحدث الإنجليز عن جسارتهم، لكن هذه الجسارة ليست مكانها معركة كانت تتطلب وضع خطط الهجوم والدفاع والإنسحاب. لأن الناتج من تلك المعركة كان إستعمار السودان. وعلى ذكر الإنسحاب فهو إحدى الخطط العسكرية، فهو يستخدم للحفاظ على القوات والعتاد، وقد يستخدم لإستدارج العدو، لكن أن يأتيك مأفون يضع علامة الأركان حرب، وتعني أنه نال درجة علمية في علم الحرب، وينكر، بل ويسخر من مفردة الإنسحاب، ويقول مجاهراَ بجهله ومعاداته للعلم، بل وعدم إعترافه بفرع هام من علوم الحرب، ليقول وهو يتقمص ( روح همباتة) الإبل بأنهم لا يتراجعون ولو أفنوا عن بكرة أبيهم، مثل هذا يُصور ويُنظر إليه أساتذة علوم الحرب بأنه في أحسن الفروض ( بليد) ولا يصلح إلا لقيادة قطعان من الأنعام.
أما عن تحقيق نصر بتكلفة عالية مثل تدمير المنازل والبنى التحتية، وقتل الألاف من الأطفال والنساء بالقصف العشوائي من طائرات متهالكة، وطيارون من شاكلة تلك الكليات العسكرية فلا عجب أن نرى بعد الغارة مباشرة أن الضحايا هم أطفال السودان العراة الحفاة، والنساء والمرضى، ولا نجد فردا واحد من الدعم السريع. إستخدام هذه القوة التدميرية لقتل مجموعة من العدو، كمثل من يقتل ذبابة بسلاح رشاش داخل غرفة تضم أطفالا. إذن تحقيق نصر بتكلفة عالية ما هو إلا هزيمة مجلجلة في واقع الامر، وهذا أيضاَ فرع من علوم العسكرية. . حتى هذه لم يعلموها لهم في كلياتهم العسكرية. هذا هو جيشنا الماثل أمامنا، لم يبق من قادته إلا شاكلة هؤلاء الذين عندما عجزوا عن مقارعة قوات الدعم السريع ناشدوا الشعب الذي يقصفونه أن يحارب في حربهما، ولكن عندما عّلِم أن كل منهم متهماَ، فلا مناص من عزل كل منهما.
هل تّعلم هؤلاء القادة في كلياتهم أنه حين يحتدم الوغى عليهم اللجوء إلى المخابئ، وطلب القتال عنهم بالوكالة؟ هل على الشعب ان يحمي جيشه أم أن مهام الجيش أن يحمي شعبه؟ هذا الجيش يحتاج إلى هيكلة شاملة، تزيل عنه ضباطه الذين قبلتهم الكلية الحربية لا لنبوغ عرفوا به، بل لتوصيات صادرة من التنظيم الذي يدعي الإسلام. جيش من ِضِمن ضباطه العظام رجل مشلول اليمين، يصل وهو بحاله هذا إلى رتبة الفريق أول، أترجي نفعا من هكذا جيش؟
نواصل المتهم الثاني الدعم السريع.
د. عادل العفيف مختار
adilalafif@hotmail.com