الحزام الأمني: تقليل تكلفة المراقبة بحفظ المنافع .. تقرير: خالد البلولة ازيرق
لضبط الحدود
"الحدود" مساحة تشكل اكثر من "2000" كيلو متر، الشريط المشترك بين السودان وجنوبه والذي يمثل خمس مساحة السودان، يقطنه حوالي ربع سكان السودان شمالا وجنوبا، حوالي "13" مليون نسمة في الولايات الحدودية العشر في الشمال والجنوب، وبعد ان كان الشريط الحدودي وفقاً لحدود "1956م" منطقة تمازج بين القبائل السودانية ومسرحا لتجارة وتبادل المنافع بين الشمال والجنوب، غدت بفعل الانفصال الذي نتج عن حق تقرير المصير لجنوب السودان في يناير الماضي، حدوداً دولية، وصارت أكبر عقبة تشكل هاجس يؤرق الشمال والجنوب معاً، ليس لجهة ترسيمها الذي اكتمل بنسبة "85%" وانما بسبب ضبطها ومراعاة المصالح المشتركة بها، في ظل تنامي الصراعات وبؤر التوتر التي تخيم علي مشهد العلاقات السودانية الجنوبية.
وظل ترسيم الحدود والقضايا المرتبطة بها تحظي بقدر وافر من التداول في اروقة الشريكين "المؤتمر الوطني والحركة الشعبية" وصارت تمثل حالة اتهام متبادل بين الطرفين خاصة عند حدوث خروقات أو توترات امنية في الجنوب او دارفور، باعتبارها معبراً يستغله المسلحين في الجنوب والشمال. ويصف مراقبون انفصال الجنوب فيما يتعلق بترسيم الحدود أو ضبطها، بانه لا يعدو ان يكون سوي انفصالا سياسياً، وانه لن يكون انفصالا طبيعياً بسبب التداخل والمشتركات التي تربط القبائل علي طول الشريط الحدودي الممتد من الشرق الي الغرب بين الشمال والجنوب، في وقت تبدو فيه المشكلة الامنية الناتجة من تداعيات الانفصال والتوترات الأمنية اليت تشهدها المناطق الحدودية الملتهبة بين الشمال والجنوب خاصة "أبيي والمناطق الحدودية المختلف علي ترسيمها" من اكبر الهواجس التي تؤرق الشمال والجنوب علي طول الحدود المشتركة، بالاضافة لتنامي الصراعات القبلية، وزدياد نشاط الحركات المسحلة المعارضة لحكومة الجنوب ولحكومة الشمال خاصة في دارفور. وهي الهواجس التي دفعت الشريكين في حوارها الذي إلتئم بأديس ابابا لمناقشة القضايا الامنية، بالاتفاق بعد انتهاء الفترة الانتقالية علي تسمية "حزام امني" علي طول الحدود المشتركة بين الدولتين بحسب مصادر تحدثت لـ"الصحافة" التي اشارت الي اتفاق الشريكين في مباحثاتهما علي ان تكون منطقة الشريط الحدوي "الحزام الأمني" خالية من قوات الطرفين، بعرض "5-10" كيلو مترات، تتحرك فيها دوريات مستمرة لمنع التسلل، وافادت المصادر ان النقاش سيستمر فيما يتعلق بالممرات في الحزام الامني ونقاط العبور للمواطنين والمواشي.
ورغم ان "الحزام الأمني" المشار إليه لم ترد حوله تفاصيل ولم يشر الي أنه منطقة منزوعة السلاح علي طول الشريط الحدودي، لكن مراقبون يرون ان تفسير مسألة "الحزام الامني" بان تكون منطقة منزوعة السلاح تجنباً لوقوع حوادث امنية وان لا تشكل معبراً لتمرير السلاح او تسلل اي من الجماعات المسلحة شمالاً او جنوباً، وفي ذات الوقت تسهيل حركة تبادل المنافع بين القبائل المشتركة في الشمال والجنوب، وكذلك حركة التجارة الحدودية بين البلدين. ولكن الدكتور عبد الباسيط سعيد، خبير التخطيط في مجال التنمية الريفية، قال لـ"الصحافة" ان هذا الاتفاق مهم جداً لأنه يقلل تكلفة مراقبة الشريط الحدودي الذي يبلغ عدد سكانه حوالي "13" مليون نسمة، ويمثل خمس مساحة السودان، وقال ان "الحزام الامني" يمثل اتفاق موضوعي ولكنه بهذا الشكل ليس كافياً، لأن المقود منه ان لاتكون هناك حوادث وخروقات منعزلة، فالـ"10" كيلو متر ليست كافية لتنفيذ ذلك، وان الاوفق كما تقدمنا للشريكين سابقاً عمل منطقة عازلة بطول "25- 35" كيلو متر بالتالي اجمالي المساحة يترواح ما بين "50 – 709" كيلو، يصعب علي فيها التعارك بين المواطنين الا اذا كان بمساعدة وحدات عسكرية لان الاسلحة التي يمتلكها المواطنون لا تعبر هذه المساحة، واضاف "لتسهيل مهمة العمل في هذا الحزام يجب ان نقسمه لثلاث قطاعات، القطاع الشرقي، ويضم ولايات "النيل الازرق، وسنار، النيل الابيض، واعالي النيل" والقطاع الاوسط، ويضم " جنوب كردفان، والوحدة، وشمال بحر الغزال، بالاضافة الي ابيي" والقطاع الغربي، الذي يضم ولايات "غرب بحر الغزال، وجنوب دارفور" وقال يجب ان يكون لكل قطاع من القطاعات الثلاث رئاسة فرعية للمراقبة ويكون لديه فهم واضح اتجاه تطوير المصالح حت تسهل عملية المراقبة لوحدات المراقبة، واقترح ان تكون رئاسة المراقبة في القطاع الشرقي بالنيل الابيض، وفي القطاع الوسط في ابيي، وان يجب الاتفاق بين الدولتين علي منطقة تجارية حرة في كل قطاع لتسهيل المنافع يتم اختيارها بين الدولتين لأن هذا يسهل عملية اقتسام التنمية كذلك، ودعا سعيد الدولة الي ان تتجه لتجعل من الشريط الحدودي بين الدولتين والذي ينتج كل البترول والمعادن الاخري، ان تجعل من هذا القطاع موضوع بحث ودراسة، خاصة وانه يحوي "80%" من الموارد النباتية، و "60%" من القطاع الرعوي".
وتوصف قضية الحدود بين الشمال والجنوب من قبل مراقبين بأنها معقدة وتؤثر بشكل مباشر علي ولايات الحدود العشرة التي قطنها حوالي "13" مليون نسمة، كما تكتنفها قضايا تتعلق بالامن وتقاسم الموارد، لذا المسألة ليست مجرد تحديد خط الحدود علي الارض، لأن التحديد في كيفية استدامة هذا الخط في ظل تداخل مجتمعي كبير بين قاطني الحدود والمنافع المتبادلة بين السكان من الجانبين، كما ان الشريط الحدودي يعد منطقة محفوفة بالنزاع والتداخل المجتمعي، وان الوضع الامثل ان تكون هناك حدود مرنة تقر بالعلاقات المتبادلة للمواطنين في الشمال والجنوب، وان الحفاظ علي سلامة الحدود واستمرار حقوق المجتمعات الحدودية التي تشمل الرعي والتجارة والمواطنة يتطلب ارادة لدي الدولتين واهتمام بالاطار التاريخي وتاكيد المنافع المتبادلة. ولكن الدكتور أبينقو أكوك، مدير معهد السلام والتنمية بجامعة جوبا، قال لـ"الصحافة" ليس للشمال او الجنوب الامكانيات للسيطرة علي الحدود المشتركة التي تفوق الـ"2000" كيلو متر، وبالتالي القضية تحتاج لاتفاق سياسي بين "المؤتمر الوطني والحركة الشعبية" لأن الاتفاق السياسي كفيل بتأمين الحدود وجعل الشريط الحدودي خال من التوتر، مشيرا الي ان الحدود بها "موسمين" الجفاف والامطار، وموسم الجفاف يتطلب من الشريكين عمل اتفاق سياسي طويل المدي لتامين تحرك الرعاة من الشمال الب الجنوب بدون قيود، لذا يجب علي حكومة الشمال بصفة خاصىة ان تترك الامور تسير بصورة طبيعية، وان لا طيق النظام الذي يطبق علي الحدود الدولية بين الشمال والجنوب مراعاة لمصالح الشعبيين، واضاف "الحدود تحتاج لاتفاق سياسي بين الشريكين اولاص، ومن ثم يأتي دور السلطات الامنية في حفظ الامن والاستقرار، مشيرا الي ان التحرك البشري بين الشمال والجنوب هو ضمان لمستقبل البلدين، لان السودان يحتاج للجنوب لسوق منتاجته، والجنوب يحتاج لشمال كمصدر منتج للمواد، لذا الشريكين يحتاجان للجلوس بعقول مفتوحه ليرعوا مصالح البلدين بشكل جدي" وحول التخوف من الاشكالات الامنية التي يمكن ان تسببها الحدود للدولتين قال ابنيقو: المطلوب بعد ان ايد الشمال الانفصال عبر الاتفاقية، ان تعمل الحركة الشعبية مع المؤتمر الوطني بدفع حركات دارفور المسلحة للوصول لسلام، هذا هو الذي عزز السلام والاستقرار بين الدولتين".
khalid balola [dolib33@hotmail.com]