لن تعترينى الدهشة اذا ماقرر الرئيس البشير السفر الى مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الامريكية لحضور اجتماعات الدورة ال٧٠ للجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر ولن يصيبنى الذهول لو ان الادارة الامريكية امتنعت عن تنفيذ امر للقبض عليه بموجب قرار المحكمة الجنائية الدولية فى حال وصوله الى أراضيها كما فعلت حكومة جنوب افريقيا فى يونيو المنصرم و وحينها عبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، جيمس ستيوارت، عن خيبة أمله من تمكن البشير من "الفرار"، على حد وصفه، لكنه أكد على أنه لا يرى ما حدث انتكاسة للمحكمة، بل على العكس يبرهن على أن مذكرات الإيقاف الصادرة عن المحكمة تعني شيئا بدليل أن محكمة جنوب أفريقية تبنت هذا الاتجاه.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن الرئيس السوداني قوله "إن قادة الدول الأفريقية يرفضون الوصاية وأنهم أسياد قرارهم وأن المحكمة الجنائية الدولية قد انتهت، وكانت القمة الأفريقية بمثابة مراسم تشييع جنازتها ودفنها". حسبما ذكرت بى بى سى بتاريخ ١٦ الفائت . وما انقضت غزوة جوهانسبيرغ بسلام الا ودعا الرئيس البشير : الا يا خَيل الله اركبى. وحط ركابه فى الاسبوع الاول من هذا الشهر فى الصين فى تحد لمذكرة الاعتقال الدولية فى زيارة رسمية استغرقت ٤ ايام التقى خلالها الرئيس الصيني . وبدا من الواضح ان الغرض من تنقلات البشير تحطيم هيبة المحكمة الدولية وكسب التأبيد الشعبى داخليا اذ ان الشجاعة وعدم الخضوع والخنوع من من اظهر ملامح الشخصية السودانية . وبالحقيقة ان ذلك اوجب فى المواجهة والحرب كما هو اوجب فى البناء و السلام ايضا بل ان الثبات فى الأخير أشد وأكثر طلبا.
ومن الواضح ان الرياح تجرى بقوة فى أشرعة الحكومة اذ ان أوربا مشغولة الان بقضية اللاجئين من سوريا وإفريقيا - من بينهم إعداد مقدرة من السودان- والولايات المتحدة الامريكية تستعد للانتخابات التشريعية والرئاسية العام المقبل والاهم حالة الشراكة مع افريقيا - السودان يصنف فى خانة الدول الافريقية وليس العربية وسط دوائر الحكومة الامريكية .
والشراكة الامريكية الافريقية تشمل السياسة والاقتصاد والأمن وحسب مساعد وزيرالخارجية للشؤون الأفريقية جوني كارسون إن الولايات المتحدة ملتزمة بالاستمرار في توسيع نطاق التبادل التجاري والاستثمار في البلدان الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، وهي المنطقة التي "تمثل الأفق الاقتصادي العالمي المقبل".
بالإضافة إلى استضافة ستة من الاقتصادات العشرة الأسرع نموًا في العالم، أكدت دراسة حديثة لماكينزي أن أفريقيا تدر أعلى نسبة على عائدات الاستثمارات الأجنبية بين المناطق النامية، وقد حققت ذلك منذ بعض الوقت."
وأشار كارسون في شهادته امام الكونجرس فى يوليو من عام ٢٠١٢م إلى أن الإنفاق الاستهلاكي يستمر أيضًا في الارتفاع، وأن لدى نسبة ٤٣ بالمئة من الأفارقة حاليًا دخلاً تقديريًا، أو يمكن اعتبارهم مستهلكين من الطبقة الوسطى. وأوضح كارسون أنه "خلال العقد الماضي، انتشر النمو في أفريقيا عبر قطاعات تشمل تجارة البيع بالجملة وبالتجزئة، والنقل، والاتصالات، والصناعات التحويلية. كما أن الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا شهد نموًا هائلاً". واستطرد كارسون، يقول إن مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا ازدادت بواقع يزيد عن ضعف ما كانت عليه، حيث ارتفعت من ٣٢٩ مشروعًا في عام ٢٠٠٣م إلى ٨٥٧ مشروعًا في عام ٢٠١١م مع ارتفاع حاد للاستثمارات بين البلدان الأفريقية من ٢٧ مشروعًا في عام ٢٠٠٣م إلى ١٤٥ مشروعًا في عام ٢٠١١م .
وأشار كارسون إلى أن هذا النمو المطرد، سوية مع صادرات الموارد الطبيعية التي استمرت في توليد إيرادات كبيرة، قد ساعد أفريقيا على مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية بنجاح أكثر من أي منطقة أخرى في العالم.
وأكد "على أن أفريقيا تُشكِّل وجهة تجارية واستثمارية لا يمكن تجاهلها؛ مضيفا أن القارة تسير بخطى حثيثة، وهناك فرص هائلة أمام الشركات الأميركية للدخول إلى أسواق القارة، وتحقيق الأرباح وخلق فرص العمل لكل من الأميركيين والأفارقة.
وأوضح أن "التبادل التجاري الأكبر بين الولايات المتحدة وأفريقيا يصب في مصلحة كل من الولايات المتحدة وأفريقيا، ونحن مصممون على العمل من أجل تقويته."
وقال إيرل غاست، مساعد مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لأفريقيا، في شهادة أدلى بها بعد كارسون، إن الاستثمار الأجنبي المباشر يقترب من مبلغ ٨٠ بليون دولار سنويًا، وإن أرقام المبادلات التجارية قد تضاعفت ثلاث مرات خلال العقد الماضي.
وأشار غاست إلى أن "هذه الثروة ليست نتيجة الحظ الجيد، بل هي نتيجة سنوات من العمل الشاق والإدارة ونظام الحكم والتدفقات الرأسمالية ومناخ الأعمال الأفضل."
وذكر غاست، بأنه من أجل ترجمة هذا النمو إلى تطور تحولي في خفض مستوى الفقر، كشف الرئيس أوباما مؤخرًا النقاب عن إستراتيجية للمشاركة مع أفريقيا تشجع الفرص والتنمية في حين تحفز النمو الاقتصادي والتجارة والاستثمار.
وأوضح أن قانون النمو والفرص لأفريقيا (أغوا)، سوف يستمر في أن يشكل حجر الزاوية للمشاركة الأميركية مع أفريقيا.
وذكر أنه "منذ عام ٢٠٠١م ازدادت الصادرات بموجب قانون أغوا بأكثر من ٥٠٠ بالمئة، ويقدر التحالف الأفريقي حول التجارة بأن قانون أغوا خلق بصورة غير مباشرة فرص عمل بلغت ١.٣ مليون وظيفة يعتمد عليها أكثر من ١٠ ملايين شخص في القارة". وأضاف أن العديد من هذه الوظائف تشغلها النساء اللواتي يشكلن "كتلة بناء حيوية للتنمية على اعتبار أنه من الأكثر احتمالاً أن تستثمر النساء الأفريقيات مدخولهن من الوظيفة في الأمن الغذائي والصحة والتعليم لأفراد عائلاتهن".
وقالت فلوريزيل لايزر، مساعدة الممثل التجاري الأميركي لأفريقيا إن إستراتيجية أوباما الجديدة تهدف إلى "تشجيع النمو الاقتصادي، وتعزيز التجارة والاستثمار، ودعم المزيد من فرص العمل في الولايات المتحدة، وتساعد في تحقيق الإمكانات الكاملة للشراكة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والبلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى."
كُشف النقاب عن هذه الإستراتيجية في افتتاح منتدى أغوا الذي عقد في واشنطن في ١٤-١٥ يونيو.
جمع منتدى أغوا في عام ٢٠١٢م أكثر من ٦٠٠ مشارك، من بينهم كبار المسؤولين الحكوميين الأميركيين والأفارقة وقادة القطاع الخاص وممثلي المجتمع المدني. وقد سبق عقد المنتدى تقديم برنامج للمجتمع المدني دام يومي ١٣ و ١٤ يونيو في واشنطن، واستُكمل ببرنامج رائدات الأعمال الأفريقيات. استضاف مجلس الشركات لأفريقيا مؤتمر البنية التحتية بين ١٨-٢٠ ونيو في واشنطن، كما عقد مؤتمر شركات الأعمال الأميركية والأفريقية في سينسيناتي فى يونيو.
ويرمي قانون النمو والفرص لأفريقيا (أغوا)، الذي وقعه الرئيس السابق بيل كلينتون في عام ٢٠٠٠م الى تعزيز الروابط التجارية والاستثمارية مع البلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى. ويوفر هذا القانون الأفضليات التجارية إلى ٤٠ بلدًا أفريقيًا مشاركًا من خلال إلغاء جميع الرسوم الجمركية تقريبًا عن صادراتها. وحطم العديد من الحواجز التجارية والجمركية وذلك في محاولة لتحفيز النمو الاقتصادي وتشجيع التكامل الاقتصادي والمساعدة في إدخال البلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى في الاقتصاد العالمي.
وشدد كارسون وغاست ولايزر على أهمية البرنامج المحوري للتنمية الاقتصادية، وقالوا إن استراتيجية أوباما الجديدة حول أفريقيا تحتفظ بقانون أغوا في جوهر المشاركة الأميركية ). انتهى انظر للمزيد موقع وزارة الخارجية الامريكية . اما أمنيا فان الحرب على الارهاب تحتل اولوية قصوى للإدارة الامريكية وستظل عاملا حاسما فى ملف تعاملها مع بقية دول العالم وعلى وجه الخصوص افريقيا.
وفى مقال ل ابتسام عازم نشر فى العربى الجديد فى ال١٠ من هذا الشهر قالت:( ففي كتاب صدر، أخيراً، للصحافي والباحث الأميركي، نك تورس، تحت عنوان "صراعات الغد: حروب أميركا بالوكالة وعملياتها السرية في أفريقيا"، يتحدث الكاتب عن توسّع الولايات المتحدة العسكري، منذ هجمات ١١ سبتمبر وحضورها في القارة الأفريقية وتكتم الإدارة الأميركية على ذلك.ويلفت الكاتب في مقابلة أجراها موقع "هافنغتون بوست" معه، إلى أن القارة الأفريقية قبل أحداث سبتمبر ٢٠٠١ م لم تكن تعرف انتشار التنظيمات المتطرفة على النحو المتواجد بها الآن، وأن "الحرب على الإرهاب" أدت إلى تفريخ "تنظيمات وجماعات إرهابية" في أفريقيا، وازدادت قوتها بعد الحرب التي قادتها دول التحالف لإسقاط نظام العقيد الليبي ومعمر القذافي، وتفكيك الدولة الليبية وانتشار السلاح. ويتوقع تورس أن تُوسّع الولايات المتحدة من عملياتها العسكرية في أفريقيا وحتى دول أخرى: "أعتقد أن التوسّع في العمليات لا يشكل موجة مؤقتة، بل إنه يمتد إلى المستقبل".وتجهل الغالبية العظمى من المواطنين الأميركيين أن لمؤسسات بلدهم العسكرية حضوراً في معظم الدول الأفريقية، ولديها عشرات القواعد والمؤسسات العسكريّة من شرق القارة إلى غربها، وأنها تقوم بعمليات بناء وتدريب وتعاون وعمليات عسكريّة سريّة. ويمكن قياس التضخم في الحضور الأميركي في القارة الأفريقية بمقارنة عدد العمليات التي نُفذّت تحت مظلة القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا "أفريكوم" في عام ٢٠٠٨م وبلغت ١٧٢عملية. لكن، وبحسب تورس، "في العام الماضي قامت "أفريكوم" بـ٦٧٤ مهمة في أفريقيا، أي بمعدل مهمتين في اليوم الواحد". ووفقاً لصاحب كتاب "صراعات الغد: حروب أميركا بالوكالة وعملياتها السرية في أفريقيا"، فإن ارتفاع وتيرة العمليات بمثابة "تطور تصاعدي في السنوات الأخيرة ولا أرى أي دليل على أنهم سيبطئون في أي وقت قريب".وإذا كانت الهجمات التي تشنها جماعات مثل حركة "الشباب" في الصومال وفروع "القاعدة" في أماكن أخرى، هي المبرّر لهذا الوجود العسكري والاستخباراتي الأميركي، وخصوصاً في ظل الغارات من دون طيار التي تحولت إلى أبرز سلاح تستخدمه الإدارة الأميركية لتصفية من تعتقد أنهم يشكلون خطراً عليها، فإن حجم التغلغل العسكري الأميركي في بلاد أخرى ليس مرتبطاً بـ"الإرهاب" والحرب ضده، بل بتموضع الولايات المتحدة الاستراتيجي في هذه القارة المهمّة وبالحفاظ على مصالحها الاستراتيجية بعيدة المدى، وخصوصاً أن الصين [ ودخلت روسيا على الخط موءخرا ] تبسط نفوذها اقتصادياً عن طريق المشاريع والقروض والدعم الذي تقدّمه لكثير من البلدان [وأشير هنا الى السودان بوجه خاص].انتهى - الإشارات بين الأقواس من عندى .
وقد تصاعدت خلال هذا العام درجة دفء العلاقات بين الخرطوم وواشنطن بصورة لافتة لكنها متسقة مع توجهات الادارة الامريكية ومصالح اليانكي كما قدمت وتصب فى صالح الحكومة ولعل ذلك يفسر تصلبها فى تقديم تنازلات تدفع بعملية السلام وتخفف من حالة الاحتفان السياسي التى تمسك بخناق البلاد. وكنت فى مقال سابق نشر فى سودانيل قد قلت ان المعامل الخارجى فى معادلة الحل السياسى ظل رقم اغراء للمعارضة بشقيها ومثل عامل نفور للحكومة تتحسب منه . وقد اعادتنى صورة المشهد برمته الى النكتة التى تقول: الهمبو هو الفأر عند بعض قبائل السودان… ويحكى أن رجلا وقف بجانب جثة فأر قتله ثم قال: مين كتل الهمبو..فزغردت نسبيته وقالت: الأسد الجنبو.
وأرجو ان لا تظن الحكومة انها مثل ذلك الرجل!
وبعد فان السياسة ليست أحزابا فقط بل منظمات مجتمع مدنى ونقابات وجماعات نفوذ وقوى مجتمعية حية وحيوية تتحرك جميعها تنشد لنفسها القيم الحق فى الحرية والكفاية والمساواة لتحقق صيرورتها وتعزز فرص بقاءها وتنال كسبها الذاتوي فى الكرامة الانسانية وهى لب مسالة بلادنا الان وفى كل حين.