الرد على مقال الإسلامي صلاح قاسم أحمد
ushari@outlook.com
لم يفهم الأخ صلاح قاسم خطابي عن لزوم تخلي الحركات المسلحة عن الحرب وسيلة للتغيير. فأصحح المغالطات التي وردت في مقاله في سودانايل.
(1)
يعتمد صلاح أن نظام الإنقاذ له شرعية، ومن ثم يبرر استخدام هذا النظام للعنف القانوني، ويتحدث عن أهمية عدم شيطنة هذا النظام إلخ..
لكن الحقيقة الثابتة هي أن نظام الإنقاذ لا مشروعية سياسية أو أخلاقية له، أصلا. مجموعة من الإسلاميين المتحالفين مع العسكر، لهم مطامح طبقية، سطوا على السلطة بليل، ولأنهم كانوا مدركين رفض السودانيين لبرنامجهم الإسلامي، قرروا خدع أهل السودان بأن أخفوا حقيقة إسلاميتهم، ومن بعد تمكنوا من تركيز سلطانهم، واستخدموا الإجرام بما في ذلك التعذيب وشتى أشكال العنف والقهر وإرهاب الدولة لحماية صناعة الفساد، وكانت هذه الصناعة غرضهم الأساس. ونجحوا في هذه الصناعة وفي حمايتها بالإجرام، وهو فشلهم الذي سيفضي إلى نهايتهم.
ما أن نعتمد هذه الحقائق البسيطة، والثابتة في الأرشيف، حتى ينهار مقال صلاح قاسم.
(2)
عقيدة الحرب لدى نظام الإنقاذ هي العدوان على المدنيين، لحرمان المحاربين من الدعم البشري، ولتسبيب الألم لفل عزيمة المقاتلين. لذا تجد قادة النظام خمسين منهم متهمين بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية. وتاريخ القوات المسلحة، كجيش، هو تاريخ المفظعات الجماعية ضد المدنيين.
وما الجيش السوداني إلا تحالف مليشيات إجرامية، وهو أضاف إلى هذا التاريخ المحلي ارتزاقه الخارجي في اليمن، انظر المظاهرة المليونية لليمنيين قبل أيام ضد العدوان السعودي، وهو عدوان آثم على شعب اليمن يتم بمشاركة المرتزقة من الجيش السوداني.
http://www.theguardian.com/commentisfree/2016/mar/29/the-guardian-view-on-yemens-war-a-year-of-living-shamefully
(3)
حديث صلاح عن العنف في دولة المدينة --قال صلاح إن كلامي عن هذا الموضوع "أزعجه"، لكن الرد عليه هو أنه ما دام الإسلاميون يقدمون دولة المدينة على أنها النموذج الذي يعتمدونه ويستلهمون منه السياسة المعاصرة التي تؤثر علينا في حياتنا، فإن هذا النموذج سيخضع للانتقاد، تماما كما سيخضع القرآن ذاته للانتقاد حين تأتي مجموعة علمانية مثل الإسلاميين، فهم علمانيون من الطراز الأول، بالقرآن منهجا لترتيب الحياة السياسية والاقتصادية.
سيتم دائما نزع القدسية عن النصوص الدينية التي يقدمها الإسلاميون حجة لدعم مواقفهم السياسية الدنيوية. وسيتم التنقيب في تاريخ دولة المدينة وتفكيك معمار الخطاب الإسلامي عن هذه الدولة. وقد فعل د. محمد محمود ذلك بسداد عظيم، وأنهي الخرافة التي ظل الإسلاميون يرهبون بها خصومهم السياسيين.
(4)
أثبتت دولة الإنقاذ أن الدولة الإسلامية لا يمكن أن تكون إلا إجرامية فاسدة، بالضرورة، فقد أتيح لهذه الدولة الإسلامية في السودان من الموارد والقدرات والمساحة والمؤسسات والمال ما لم يتح لأية حركة إسلامية في تاريخ العالم المعاصر، فحتى بعد ربع قرن من التدريب والتسخين والتجريب، ثم بعد ربع قرن من الهيمنة الكاملة على جهاز الدولة، لم تنجح الحركة الإسلامية السودانية إلا في صناعة الفساد محمية الصناعة بالإجرام.
وكما كتبت من قبل، ما الإسلامية إلا ما يطبقه الإسلاميون على الأرض. عليه، تصبح الإسلامية عقيدة شريرة لا مستقبل لها، ولن تقوم لها قائمة إلا بجهاز الأمن وبتعبئة العنف والقهر وإرهاب الدولة والاحتيال على المواطنين.
(5)
في كل مقالاتي عن هذه الموضوعات أفرق بين الإسلام والمسلم العادي، من جهة، والإسلامية والإسلامي، من جهة أخرى. الشق الأول ليس في ذاته موضوع همي، موضوعي الأساس هو الأيديولوجية الإسلامية وسلوكيات الإسلامي في مجال السياسة العامة. هنا يتم نزع القدسية عن كل ما يقدمه هذا الإسلامي من حجج يدعم بها أيديولوجيته الإسلامية وبرامجه وسياسته، وتصبح الإسلامية وجميع أطرها ومصادرها موضوعا للانتقاد بالمحاجة العقلانية على أساس البينات والمنطق، ولا مجال هنا لغيبيات.
...
فنحن مختلفان في الأطر الفلسفية، ولا نتفق في شيء. ولا قيمة للرشوة "عين العقل يا عشاري".
...
عشاري أحمد محمود خليل
ushari@outlook.com