السودانيون والفرصة الاخيرة

 


 

 

يوسف عيسى عبدالكريم

تناقلت الوسائط في الأيام السابقة خبر استئناف المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمنبر جدة بتيسير من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) وحسب ما رشح من معلومات فقد أكد كلا الطرفين عن رغبتهما في إنهاء هذه الحرب المستعرة عبر التفاوض والحل السياسي وعن التزامهما بالذهاب إلى جدة لإيجاد حل للازمة وهذه الجولة تضيع تحديا حقيقي أمام جميع السودانيين في الداخل والخارج في كيفية التقاط القفاز وتحويل هذه الرغبة من قبل الجنرالين المتحاربين في إنهاء هذه الحرب اللعينة إلى واقع سياسي ملموس يفضي إلى تحول إيجابي في مسار الأحداث ويقود إلى اتفاق غير مشروط لإطلاق النار ومن ثم الوصول إلى عملية سلام شامل يوقف هذه الحرب التي دخلت عامها الثاني دون أي مؤشرات واضحة على قدرة أي من طرفي النزاع على الحسم العسكري والانتصار في الميدان حتى اللحظة
أننا اليوم كسودانيين مطالبين بالتقدم تجاه أي حل يعيد الدولة السودانية إلى وضعها قبل 15 أبريل بغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحرب أو الطرف المتسبب فيها. ذلك لأن كل الوقائع الحالية تشير إلى أن السودانيين أصبحوا غير قادرين على تحمل كلفة هذه الحرب كما أنهم ليسوا راغبين في استمرارها أكثر من ذلك- باستثناء أنصار النظام البائد ومن لف لفهم من نافخي الكير وحارقي البخور- أن لسان حال معظم السودانيين في التعاطي مع هذه الحرب منذ بدايتها كان ولا يزال هو قول بني إسرائيل لسيدنا موسى (قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) ظل الجميع قاعدين ومتحملين كلفة تداعيات هذه الحرب منتظرين أن يقضي أحد طرفي النزاع على الآخر وأن يمسك بزمام الأمور وأن تعود الأوضاع إلى طبيعتها دولة يحكمها جنرال. إلا أن الأيام السابقة أثبتت استحالة هذا الأمر. إذا فليتفاوض الطرفان وليوقفا هذه الحرب وهو ما بدأت بوادره الآن تلوح في الأفقي ونتمنى أن يتم على خير.
إن الوضع اليوم يتطلب شجاعة كبيرة منكما أيها الجنرالان. شجاعة أكبر من شجاعة اتخاذكما لقرار إشعال هذ الحرب وأكبر من شجاعة قتالكما في الميدان ويجب أن تعلما أن شجاعتكما هذه المرة ستنقذ هذا الوطن بأكمله.
لذا؛ فلنعمل معا لسكب دلو ماء على هذه النار المشتعلة ولنتقدم بمقترحات تقود إلى إحداث اختراق بين الجنرالين ولنبتعد قدر الإمكان عن الأفكار السالبة والمطالب التعجيزية التي تضيع العربة أمام الحصان لأنها فرصة قد لا تتكرر وهذا الظرف الحرج يتطلب منا اقتناصها اليوم قبل أن نبكي عليها غدا كما بكينا ومازلنا نبكي على حكومة حمدوك وعلى الاتفاق الإطاري ولسان حالنا يقول ضيعناك وضعنا ورآك.
إنها مسؤولية تاريخية أمام كل السودانيين وأمانة إنقاذ وطن في رقبة كل الحاد بين على مصلحة هذا البلد...

yousufeissa79@gmail.com

 

آراء