السودان سلة غذاء العالم – بين اليقظة والاحلام
اكتب هذا المقال تعليقا على هذا الخبر الذي نشر بصحيفة الجريدة:
(دعا وزير المالية والتخطيط الاقتصادي بدر الدين محمود عباس لطرح الدراسة الخاصة بإنفاذ مبادرة الأمن الغذائي العربي وتحديد مشروعات محددة في المجالات الاقتصادية المختلفة تشمل المشاريع الزراعية والصناعية لانفاذ مبادرة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير للأمن الغذائي.
ووقف الوزير على التحضيرات والترتيبات للاجتماع الاستثنائي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي ينعقد في القاهرة في الفترة من 14-18 فبراير 2016م، والذي يشارك فيه السودان بوفد رفيع المستوى برئاسة وزير الدولة بالمالية د.عبدالرحمن ضرار، بجانب وفد على مستوى فني وكبار المسؤولين.
وقال وزير المالية حسب تعميم امس، إن من ضمن الأجندة التي ستتم مناقشتها مبادرة الأمن الغذائي العربي، وابان ان الظروف الحالية اصبحت مواتية، وذلك لتحسن علاقة السودان مع دول الخليج لتمويل مشروعات مبادرة الأمن الغذائي.)
لا جدال في ان العلي القدير الحنان المنان أسبغ على اهل السودان خيرا كثيرا في باطن الأرض وظاهره، يجعل السودان فعلا سلة غذاء العالم، ولكن حتى هذه اللحظة هذه الحقيقة ثروة "كامنة" (Potential)، يستوجب (حصادها) خطة علمية، وجهدا تشترك فيه كل مؤسسات الدولة في بيئة شفافة عادلة، وبمساندة بني تحتية تعمل بمعايير القرن الواحد والعشرين. لذلك اختلف مع السيد الوزير في ابانته:
(وابان ان الظروف الحالية اصبحت مواتية، وذلك لتحسن علاقة السودان مع دول الخليج لتمويل مشروعات مبادرة الأمن الغذائي.)
ليت الامر كان قاصرا على التمويل! فالاستثمار في جعل السودان سلة غذاء العالم العربي لها متطلبات كثيرة ليست متوفرة الآن وبالتالي القول بان (الظروف الحالية أصبحت مواتيه) لا تمت لواقع اليقظة بشيء بل هو حلم نسأل الله ان يعين الشعب السوداني علي تحقيقه.
إذا كان اولو الامر فينا في السودان جادين في تحقيق الامن الغذائي للعالم العربي في السودان، فهذه هي المتطلبات الواجب توفرها:
1. تفعيل المؤسسية كما كانت قبل عام 1989، حتى يأتي المستثمر وهو واثق من ان الإجراءات التي علم بها في سفارات البلاد تطبق وتعين المستثمر على الانتهاء من الإجراءات البيروقراطية في اقل زمن ممكن، دون ان يتعرض للابتزاز والتسويف. ولا اعتقد انني أكون متجنيا لو قلت ان الخدمة المدنية الموجودة اليوم، خدمة مدنية معوقة بغياب المهنية و(حضور) التمكين، كما انها أصيبت بمتلازمات الفساد الشامل مثلها ومثل كل المؤسسات الحكومية.
ما العمل اذن؟!! في راي العبد الفقير الحل في البحث عمن تبقي علي قيد الحياة من أولئك الذين احالهم التمكين للصالح العام والاستعانة بهم لبث الروح من جديد في الخدمة المدنية وتدريب جيل جديد على (ثقافة) الخدمة المدنية التي ورثناها عن الانجليز، وكذلك على المثل و القيم التي كانت سائدة في دواوين الحكومة قبل عام 1989.
2. ضمان استقلال القضاء، وسيادة القانون دون تمييز. (واكتفي بذلك تاركا التفصيل للقارئ ولرجال الدولة – اللهم اكفنا شر ما اهمنا)
3. توفير بيئة نظيفة وصحية لكي يقبل المستثمر ان يعيش في بلادنا وهو آمن على نفسه واسرته. وهذا يستدعي فعالية تدوير النفايات، القضاء على الناموس والذباب، الرقابة الصحية علىالمنتجات الغذائية كلها، التأكد من نظافة المياه في المواسير، والتأكد من قدرة اقسام الصحة الوقائية في درء مخاطر الامراض الوبائية .... الخ الخ
4. توفر السلع الأساسية، ومعينات الحياة اليومية مثل انبوبة الغاز بأسعار معقولة.
5. توفير الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ومواصلات بالقيمةالتي يجعلها في متناول العامل في مصنع او مزرعة المستثمر، وذلك وفق معايير القرن الواحد والعشرين.
6. توفير تسهيلات التكنولوجيا الآمنة التي توفر خدمة الانترنت والخدمات المصرفية الالكترونية والتجارة الالكترونية.
7. ضمان ثبات العملة القومية بالمقارنة مع عملات العالم خصوصا تلك التي تستخدم في التجارة العالمية.
كما تري سيدي الوزير لا يمكن تحقيق هذه المتطلبات في يوم في شهر في سنة، لأنها تحتاج لثورة حقيقية في التخطيط والتنفيذ وتدريب الكوادر، وقبل كل ذلك القضاء على جميع اشكال الفساد.
وهكذا نأتي لهدف هذا المقال، الا وهو: هل يمكن للسودان ان ينتج غذاء العالم العربي دون استبدال النظام بنظام ديمقراطي عادل؟ هذا او فاحلموا وكلوا رز مع الملايكة!!
رب لا نسألك رد القضاء ولكنا نسألك اللطف فيه.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف الخلق والمرسلين.
hussain772003@yahoo.com